أسعى في هذا المقال إلى تتبع الأصول الفكرية لما سأسميه سوسيولوجيا الإسلام الكلاسيكية، بدءًا من أصولها التي تعود إلى الرحلة الاستكشافية لمصر سنة 1798 وحتى الاستقلال الجزائري سنة 1962. إنّني أدافع على أنّه خلال الفترة الممتدة بين ذينك التاريخين، قدم المستشرقون الفرنسيون، والإثنولوجيون، وموظفو الشؤون الأهلية أرشيفا غنيًّا ومتناسقًا يثير الإعجاب فيما يتعلق بالمجتمعات الإسلامية الإفريقية والمتوسطية. وفي الصفحات التالية سأقوم باستكشاف الملامح الرئيسية للتقليد الفرنسي في سوسيولوجيا الإسلام، وأناقش بعض إنجازاته الأساسية، وكذلك أبرزَ ثغراته. وسأسعى جاهدًا إلى التنقيب في أصوله الفكرية المعقدة، من أجل ربطه بالخصائص المتحولة للسياسة الفرنسية، والمجالات الثقافية، متجاوزًا زمن المرحلة التي اشتغلنا عليها بين 1798-1962. وسأؤجل النقاش المثير حول إعادة اكتشاف الدراسات الفرنسية للإسلام والمجتمعات المسلمة منذ 1962 إلى مناسبة أخرى. فهو موضوع مهم في حد ذاته.