2014-03-13 مصارعة المصارع : رد ابن سينا على الشهرستاني
|
| |
وأما قوله : " إن الشهرستاني من أشد المتعصبين على الإمامية " .
فليس كذلك ، بل يميل كثيرا إلى أشياء من أمورهم ، بل يذكر أحيانا أشياء أشياء : ساقطة من ( ب ) . من كلام الإسماعيلية الباطنية منهم ويوجهه ن : وبوجهه ، ب : وتوجيهه . . ولهذا اتهمه بعض الناس [ بأنه ] بأنه : ساقطة من ( ن ) ، ( م ) . من الإسماعيلية ، وإن لم يكن الأمر كذلك ، وقد ذكر من اتهمه شواهد من كلامه وسيرته . وقد يقال : هو مع الشيعة بوجه ، ومع أصحاب الأشعري بوجه .
[ ص: 306 ] وقد وقع في هذا كثير من أهل الكلام والوعاظ ، وكانوا يدعون بالأدعية المأثورة في صحيفة علي بن الحسين ، وإن كان أكثرها كذبا على علي بن الحسين .
وبالجملة فالشهرستاني يظهر الميل إلى الشيعة ، إما بباطنه وإما مداهنة لهم ، فإن هذا الكتاب - كتاب " الملل والنحل " صنفه لرئيس من رؤسائهم ، وكانت له ولاية ديوانيه . وكان للشهرستاني مقصود في استعطافه له . وكذلك ن : ولذلك . صنف له كتاب " المصارعة " بينه وبين ابن سينا وهو كتاب " مصارعة الفلاسفة " ، الذي حققته الدكتورة سهير محمد مختار ط . القاهرة ، 1396 1976 وجاء في أوله ص 13 أن الشهرستاني ألفه لأبي القاسم علي بن جعفر الموسوي ، وذكرت الدكتورة سهير أن الشهرستاني ألف كتاب " الملل والنحل " أيضا له ، وليس للوزير نصير الدين ، الذي كان يتولى وزارة السلطان سنجر عام 521 كما ذكر الدكتور محمد بن فتح الله بدران في الطبعة الأولى من كتاب الملل والنحل 1 \ 3 - 5 ونقلت الدكتورة سهير في مقدمة كتاب المصارعة ( ص 29 ) عن صدر الدين الشيرازي في كتابه الأسفار الأربعة 2 \ 275 قوله : وقد ألف هذا الكتاب لمجد الدين أبي القاسم علي بن جعفر الموسوي ، وهو ضد ابن سينا في حوالي عام 540 ولم أجد ترجمة لعلي بن جعفر فيما بين يدي من مراجع ، وذكرت الدكتورة سهير أنه علي بن جعفر بن علي ويمتد نسبه إلى موسى الكاظم ، وقد تولى علي بن جعفر حكم ترمذ ، ودعا العلماء إليه من شتى مدن إقليم خراسان ومنهم الشهرستاني الذي ألف له الملل والنحل ثم مصارعة الفلاسفة . ، لميله إلى التشيع والفلسفة . وأحسن أحواله أن يكون من الشيعة ، إن لم يكن من الإسماعيلية ، أعني المصنف له . ولهذا تحامل فيه للشيعة في م : الشيعة ، وهو تحريف . تحاملا بينا .
[ ص: 307 ] وإذا كان في غير ذلك من كتبه يبطل مذهب الإمامية ، فهذا يدل على المداهنة لهم في هذا الكتاب لأجل من صنفه له .
وأيضا فهذه الشبهة التي حكاها الشهرستاني في أول كتاب " الملل والنحل " عن إبليس في مناظرته للملائكة لا تعلم إلا بالنقل ، وهو لم يذكر لها إسنادا ، بل لا إسناد لها أصلا . فإن هذه لم تنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة ولا عن أئمة المسلمين المشهورين ، ولا هي أيضا مما هو معلوم عند أهل الكتاب انظر هذه المناظرة في الملل والنحل 1 \ 23 - 25 وقال الشهرستاني في أولها ( ص 24 ) قال كما نقل عنه : إني سلمت أن الباري تعالى إلهي وإله الخلق عالم قادر ، ولا يسأل عن قدرته ومشيئته ، وأنه مهما أراد شيئا قال له : كن فيكون ، وهو حكيم ، إلا أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة ، قالت الملائكة : ما هي ؟ وكم هي ؟ قال لعنه الله : سبع . ثم أورد الشهرستاني سبعة أسئلة على لسان إبليس ( ص 24 - 25 ) وذكر في آخرها ( ص 25 ) : قال شارح الإنجيل : فأوحى الله تعالى إلى الملائكة عليهم السلام : قولوا له : إنك في تسليمك الأول . . . . إلخ . .
وهذه لا تعلم إلا بالنقل عن الأنبياء ، وإنما توجد في شيء من كتب المقالات وبعض كتب النصارى .
والشهرستاني أكثر ما ينقله من المقالات من كتب المعتزلة ، وهم يكذبون بالقدر . فيشبه - والله أعلم - أن يكون بعض المكذبين بالقدر وضع هذه الحكاية ليجعلها حجة على المثبتين للقدر ، كما يضعون شعرا على لسان يهودي وغير ذلك ، فإنا رأينا كثيرا من القدرية يضعون على لسان الكفار ما فيه حجة على الله ، ومقصودهم بذلك التكذيب بالقدر ، [ ص: 308 ] وأن من صدق به فقد جعل للخلق حجة على الخالق ، كما وجدنا كثيرا من الشيعة يضع حججا لهم على لسان بعض اليهود ، ليقال لأهل السنة : أجيبوا هذا اليهودي ، ويخاطب بذلك من لا يحسن أن يبين فساد تلك الحجة من جهال العامة