2014-06-19 حفريات المعرفة العربية الإسلامية؛ التعليل الفقهي
|
| |
تقديم سوسن العتيبي
يبدو أن المؤلف متأثر بنظريّة د. الجابري من تقسيم " البرهان – البيان – العرفان "، لذلك كانت ساحة الكتاب هي ( البيان ) ورداً على من قال بتخطي هذه الساحة من قِبل الأصوليين إلى البرهان. والمثير أن الكتاب طُبِع عام 1990 أي بعد عام من طبع كتاب د. طه عبد الرحمن " العمل الديني وتجديد العقل " والذي نقد من خلاله كتاب الجابري، لا من جهة التصريح كما في كتابه " تجديد المنهج " المتأخر بعده بأربع سنوات، إنما من خلال القلب، فكتاب " العمل الديني " مقلوب لتراتبية العقول لدى الجابري، وكما يقول شيخنا د. عبد الله العويسي، أنه مقلوب له فجعل طه العرفان أعلاها وهو أخس مراتب الجابري، وجعل أعلى مراتب الجابري " المجرد " هو أخس مراتب العقل.
بالإضافة إلى أن الأمثلة المطروحة هي ذات الأمثلة التي ناقشها د. طه باعتبارها نماذج مؤثرة في مسار المنطق الإسلامي ( ابن حزم – الغزالي – بن تيمية ) فلا أدري من المتأثر ومن المؤثر : ). في حين أن د. يفوت ذكر نقداً لنظرية حمّو النقاري في رؤيته لمنطق ابن تيمية، لكن من خلال رد د. النقاري إلى البيئة العلمية الفلسفية اللسانية المعاصرة، وتأثره بالنظريات الجديدة التي تسند موقف ابن تيمية!
• كتاب المؤلف يتطلب بالطبع ( عدّة منطقية وعدة أصولية قوية مع خلفية جيّدة عن علم الكلام ).
العرض باختصار:
ابتدأ المؤلف بمقدمة جميلة عن " وحدة حقل التعليل " مبيّنا أن هذه الوحدة هي التي أخرجت علوماً كثيرة انبنت على آلية واحدة متأثرة بالنص القرآني، باستخراج المعقول من المنقول، ومن ضمنها علم النحو المتأثر بذات المنهجية، لكنه علم أقرب لعلم الكلام لرده إلى المحسوس منه إلى التعليل الفقهي. فالتعليل الفقهي وعلوم النحو والكلام وأصول الفقه كلها متأثرة ومؤثرة في بعضها لكنها تطوف حول جامع واحد هو ( التعليل ) وهو البنية ضمن منهج بنيوي يسعى لاستخراجها عبر التحليل المستفيض خلال ثلاثة فصول: فصل ابتدأ بالتعليل الفقهي من جهة قيمة العلّة عند الفقهاء، وتعاريفها، وأقسامها ونظائرها وشروطها. وطعّم الفصل بأهميّة الخلفية الكلامية في التأثير على اعتبار العلّة.
ثم ثنّى بالفصل التالي وهو طرق أو مسالك العلة والتعليل، والاعتراضات على العلل، وهذا أقصر الفصول وأيسرها.
ثم ثلّث بالفصل الثالث والذي وقع فيه الكلام ابتداءً موقع دفع الدعوى بأن الشاطبي جاء بعلم جديد، بل إنما علم الشاطبي هو الوجه الآخر للعلة من جهة أنها ( مصلحة ) فتضخم الأمر ووتفرّع لتأتي المقاصد، وفي هذا الباب ثراء مع شيء من الضعف. وبيّن من خلاله مواقف المخالفين والموافقين والمدخلين للمنطق، في الحاضر والماضي.
وفي النهاية نستنتج أن المنطق الأصولي لا يتجاوز مجال البيان إلى التجريد، ولو كان منطقاً أرسطياً لأنه آلة تتلون ببيئتها البيانة فيغدو من جنسها، وبيّن موقف أرسطو من المنطق الجدلي والمنطق البرهاني.
• من المؤاخذات أن المؤلف – فيما قرأت - لم يتعرض للتفريق بين حقول العلة في مجال أصول الفقه وفي مجال المنطقيات البرهانية – كما تسمى - . وهذا التفريق هو: التفريق بين حقل تزاحم الأدلة أو العلل وبين حقل أستطيع تسميته بحقل الإثبات أو النفي، لا تزاحم فيه بالتالي خياراته أضيق