| |
هنالك، وفق السَّرْدِيات الدينية، علامات لقيام الساعة، لسنا هنا بصدد التَّطرق لها، فعلامات انحطاط الحضارة، أي حضارتنا البشرية، أولى بالدرس والتمحيص، ومن تلك العلامات أنَّ مُهَرِّجيها، من ممثلين ومطربين، أَكْثَرُ شعبية وتأثيراً من شعرائها، وأنَّ شعراءها، بالعموم، يتعاملون مع اللغة كأداةٍ كما لو أنَّها حمار جَرٍّ ورفع، وأنَّ فلاسفتها، بمعظمهم، يزعمون قول الحقيقة في حين أنَّهم يسيرون دوماً باتجاه معاكسٍ لها، وأنَّ كُتَّابَها متفقون على إهمال الشكل لمصلحة المضمون ويسمون ذلك التزاماً وصرامةً علميةً. فما هو المهم في الكتابة المظهر أمْ الجوهر؟ ولماذا نكتب أصلاً ولمن؟ أليست الكتابة شكلاً من أشكال التواصل أيضاً؟ وما الهدف من وراء كل ذلك؟ أليس ملء الفراغ والتحايل على الشعور بالعدم واللاجدوى وتفادي الإحساس بالملل، أمْ إنَّ الغاية مماثَلة الخالق بعمله أي الخلق والإنشاء؟ وثمة دروب عدة، على سبيل المثل، منها ما يسلكها طالبو العلم، كلها لا طائل منها كذلك، لأنَّها تشتركُ مع ما ذكرناه آنفاً بسمة أساسية وهي الهروب، أي تفادي العدم، بدلاً من اختباره والسقوط فيه. فالعدم هو الموجود الأول والأبديّ ولا سبيل لمعرفته واختباره إلّا بالاستسلام له وليس مقاومته والفرار من مواجهته