لنتسائل بداية حول بنية السرد الرقمي هاته ، فماذا أصبحنا نرى اليوم !؟
تشظي .. أزمة الوحدة .. إهمال
أوبالأحرى إزدراء لبعض القواعد التي كنا نعتقد بثباتها سابقا ؛ كل هذا
يجعلنا نشعربمرارة بأن فعل الحكي Raconter لم يعد يسيرا أوممكنا .
فمنذ بداية القرن العشرين تمت إعادة طرح الأسئلة حول العديد من البنى :
الزمن .. دورالهوية الشخصية..أهمية المرئيات .. أدوات الحبكة السردية كما
يقول بول ريكور.
إن إدراكنا هذا للتاريخ ورؤيتنا الجديدة له صاريجد أيضا ملاءمة في طريقة
الحكي لدينا . ومن دون شك
فإن أنماط السرد اليوم صارت تفصح عن طريقة أخرى لرؤية وفهم العالم .. إنها
أنماط سردية قد تمت
خلخلتها عبرتدفق وثائق الأرشيفات وإمكانيات تخزين كل شئ وعدم ترك أي معلومة
لصدفة النسيان ــ الحضورالمتعدد لمصادرالمعلومات والإرساليات البصرية ــ
الكتابة والصور.
إن مانراه مثلا في أعمال ( ديدي أوبيرمان ) يختلط في نظرنا بما يهمنا من
جهة العمل الرقمي : طريقة الأرشفة أوالنسخ / التلصيق copier-coller
أوالشهادات الحية ، كل هذا يؤكد لنا إلى أي حد يطمح
الكاتب اليوم إلى أن يكون مرآة تاريخية أكثرمن كونه مبدعا أدبيا بالدرجة
الأولى ، بمعنى إنه يردم الحدود الهشة التي توجد بين مختلف أشكال السرد
والمعلومات : وثائقيات ، أعمال خيالية ، جرائد ، إشهار، مسرح ، روايات ،
شهادات ..إلخ
هكذا بتنا نرى أن الزمن قد تقلص ، وصرنا نستثمرسرودا من الماضي ونقحمها في
الحاضرمن دون أن
نضع فروقا بينها ، هناك خلل ما إذن ، ثغرة .. آلة نقدية .. نظرية التاريخ ؟
فالمعلومة تحضرفي يومنا بدرجة تغيرشيئا فشيئا من وظيفة الحكي ، وما يهمنا
من خلالها هوالعمل وما نراه في العمل .
فهذا الفعل ــ الحكي ــ لم يعد في الهامش بل صار في عمق الحدث ، في المدينة
، في الميترو في الباصات على اللوحات الإشهارية ...إلخ .
إن مايهمنا في العمل الرقمي يتأسس على مانراه : محاولة إعادة التفكيروإعادة
كتابة التاريخ ؛ فطريقة
(نسخ / تلصيق ) Copier/coller ، والنشوء الممنهج للشاهد عيان ، شيئا كان
أم حكيا يمكن أن يفسركفعل يبادرمن أجل إعادة صياغة التاريخ وإعادة تنظيمه
كما لوأنه لدينا القدرة على تغييرما تم تحقيقه بالثورة المعرفية وأيضا
تغيير كل ما أسهم كثيرا في تشكيل شخصياتنا ...
هناك نية واستعداد إذن لأعادة ترتيب ماسلف بناؤه من طرف الإنسانية : إسراف
في إنتاج الأفلام والوثائقيات بأقل رؤية إبداعية خيالية تحاول أن تعطينا
رؤية حول قبولنا النسبي بها .
وإجمالا نلاحظ أن هناك في الكتابات الجديدة اليوم خاصيتين واضحتين : فمن
جهة إضطراب على مستوى
الشكل الذي يتزيى به السرد والحبكة ، ومن جهة أخرى هناك محاولة من أجل
إعادة كتابة الحكاية باستثمارالأرشيفات التي لم يسبق للكثيرين إقتحام
مخازنها المرصودة .
وأخيرا كما بدأنا بتساؤل نطرح تساؤلا أخيرا ألم تسهم هذه الثورة في السرد
الرقمي في تعطيل آلة النقد أمام آليات لاتنتمي للحكاية ولاللخيال ثم أليس
الحقل الإبداعي الرقمي في حاجة إلى نظريـــة نقديـــة
رقمية جديدة !!؟
الجمعة يونيو 25, 2010 2:40 pm من طرف بن عبد الله