عكش «الفراعين» في القمة بدل القذافي… وكيري يرد على طالبة إيرانية بالعربية
مالك العثامنة:
March 31, 2015
طوال عقود، كان الخيال الشعبي الجماهيري العربي في مواسم القمم العربية يستنفر إلى أقصى حدوده بسبب معمر القذافي، والذي كان حضوره «القممي» فاكهة القمة، وعرض ترفيه جماهيري يكسر رتابة الرسميات وينتظره المشاهدون من المحيط إلى الخليج ليجعل من مؤسسة القمة بكل وقارها المصطنع برنامج ترفيه من عالم الواقع يتفوق على برنامج «البرنامج» لباسم يوسف مثلا.
الربيع العربي وثماره الدموية حرمتنا من أهم إنتاج برامجي ترفيهي بعد مصرع القذافي فصارت القمم العربية بلا لون ولا طعم ولا رائحة تعمل على تلهية الناس والتسرية عنهم.
لكن، قيض الله للأمة العربية نجما فكاهيا ليس بمستوى القذافي لكنه استطاع إلى حد ما ملء الفراغ الناشيء عن رحيله بشيء من الفكاهة والطرافة التي تسلي عباد الله، وصار في القمم العربية ما يجذب الانتباه ويعيدها إلى سباق برامج الترفيه بتنافس عالي المستوى.
النجم هو توفيق عكاشة ما غيره، ومعه بدور «السنيد» المفكرة القومية العظيمة وأوقيانوس المعرفة حياة الدرديري.
في قمة شرم الشيخ الأخيرة والتي كانت مفارقتها أنها لم تعقد في عاصمة عربية، بل على ضفاف منتجع يرمز نسبيا إلى مرحلة ما قبل الربيع العربي، كان عكاشة وعبر لقطات محدودة لكنها كافية يتجول في أروقتها ويسعى جاهدا لمصافحة المسؤولين العرب وخصوصا مسؤولي دول الخليج العربي.
باختصار… كان عكاشة عنوان القمة التي حاولت جاهدة أن تكون «عاصفة الحزم» عنوانا لها، لكن عواصف عكاشة بحضوره الفكاهي في القمة وعبر تعليقاته في قناته «الفراعينية» عنوانا جماهيريا.
هل ينكر أحد أنه كان أكثر نجومية من نبيل العربي نفسه؟
إرث الأردن…
الخبر كما تناقلته الصحف يقول عنوانه: إحياء ذكرى «الشهداء الأتراك» في السلط.
وبالتفاصيل أن مندوبين عن الأردن من مدنيين وعسكريين شاركوا باحتفال بذكرى «الشهداء» الأتراك الذين توفوا في الحرب العالمية الأولى!
رغم استغرابي للخبر الذي يناقض مفهوم وأساس الدولة الأردنية، إلا أن استغرابي كان أكبر أمام الصمت الإعلامي ناهيك عن الرسمي إزاء الحدث نفسه! فالدولة الأردنية التي قامت على أسس الثورة العربية الكبرى المناهضة للوجود العثماني كان الأجدى بها إحياء ذكرى من قضوا في مدينة السلط وباقي المدن الأردنية في مواجهات مع السلطة العثمانية.
نخبة من الشباب الأردنيين القائمين على مشروع واعد اسمه «إرث الأردن» فقط تصدوا بالمعلومات والمعرفة لهذا الخبر عبر نشرهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كمية من المعلومات التي توضخ ما يغيب عن الأردنيين من تاريخ هو إرثهم.
ويتساءلون وهنا أقتبس (… أين النصب التذكاري لضحايانا وقد قصفت مدننا بالحرب العالمية الأولى وسقط منا قتلى وجرحى في اربد والسلط ومادبا والكرك وغيرها؟ فللتنويه عرفت سنة 1916 بسنة «الفلة» عندما استجار سكان هذه المدن والقرى بالأقطار المجاورة فمنهم من بعث عائلته الى العراق ومنهم من بعث عائلته الى فلسطين.
… أليس ضحايانا على أرضنا من الأبرياء الذين لم تكن لهم لا ناقة ولا جمل بحرب عالمية، أليسوا أولى بتذكرهم أم سيبقون مطموسين لأن التاريخ لا ينصف من لا يريد انصاف نفسه، أفليس من الأولى انصاف أنفسنا أولاً قبل اللحاق بالتركي وترديد روايته للتاريخ وأين، على أرضنا؟).
حزمة من التساؤلات المشروعة أثارها خبر صغير كان يجب ألا يمر مرور الكرام، ونحمد الله على نعمة الثورة المعلوماتية التي قيضت لنا معرفة ما نجهل.
الشيخ كيري
أما أطرف ما أوردته الأخبار هذا الأسبوع فهو خبر كيري الذي كان يتسوق في سويسرا على هامش المفاوضات مع إيران، فصادفته طالبة إيرانية وسألته إن كان هناك أمل باتفاق مع إيران، فأجابها جون كيري بالعربية «إن شاء الله».
هذا الخبر جعلني أفكر مليا في بعض جنرالات الهلوسة الفضائية الذين قذف بهم الربيع العربي في وجوهنا كمحللين، مثل ذلك المعارض السوري «الجهبذ» الذي أكد في إحدى الفضائيات على أن «باراك حسين أوباما» شيعي مذهبيا، بحكم انتماء والده المذهبي ونشأته في كينيا.
أتخيل البيت الأبيض حوزة أو حسينية وأن كيري تأثر بها فوردت أمنيته المقرونة بمشيئة الله على لسانه الذي ينطق عن هوى واشنطن.
وهل يمكن توقع خروج الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض بعد حين وهو يحوقل ويبسمل قبل حديثه ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إن امتعض من سؤال لا يعجبه.
وإذا سرحنا مع سيل مزاعم المعارض السوري فهل تنتقل ولاية الفقيه إلى واشنطن، لتكون المعادل الموضوعي المواجه لخلافة أبو بكر البغدادي؟
تراشق إعلامي عربي عربي
بعض الفضائيات التي تحتفل بعاصفة الحزم، تحاول جاهدة إعادة إنتاج المد القومي في فترة الستينات وبعض السبعينات من خلال أغان وطنية مسلوقة على عجل، تستنهض فيها الهمم، والهمم واهنة منذ آخر القمم العربية في بغداد مطلع التسعينات.
كواليس عاصفة الحزم أشبه ببرامج عثرات وأخطاء، فمن جهة نشهد تراشقا إعلاميا مصريا – سعوديا ينتهي بأحدهم من إعلاميي السعودية بقوله أن إعلام مصر هو إعلام نظام! وشخصيا لا أراه تجنى كثيرا في الوصف فالإعلام العربي عموما إعلام أنظمة وهذا لا يستثني الإعلام السعودي والذي لا أخاله إعلاما يدعي أن حريته سقفها قد وصل سدرة المنتهى مثلا!
أمام هذا التجييش الفضائي المعقد والملتبس، أجدني مرة أخرى متسمرا باستمتاع أمام قناة فتافيت… وشعار المرحلة الواقعي هو «لا صوت يعلو على صوت الطنجرة».
كاتب أردني