هكمت المهكمة حضوريا بإعدام زرّ الرئيس مرسي!
أحمد عمر
November 6, 2013
ماذا نسمي فيلم المحاكمة المقتبس من مجازات رواية كافكا بعد مزجها بروايات عزيز نسين في الفضائيات المصرية، ‘قضاء آخر زمن’، أم نسميه ‘القضاء الشائخ’ أم ‘القضاء الشاخخ’ أم ‘القضاء الفاسخ’، أم ‘القضاء الناكح’ أم نسميه فيلم ‘الحيلولة’، ام نسميه ‘شفافية الانقلاب والنقاب’، فقد حيل بين الرئيس الشرعي المنتخب وكل شيء إلا بدلة التوت، و سمحوا له- لله درهم – بارتداء ثيابه الرسمية وأن يزررها وأملهم ، ومنى أعينهم ، أن يظهر عاريا مثل طرزان!
كان مرسي يطيل الخطابات، و’البلاغة الايجاز′ عند العرب، وها هم يرشّدونه ويسكتون صوته تماما.
ثلاثون ثانية ينشغل بها اعلام العربي والعالمي مقابل 7000 سنة من حكم الفراعنة واللاوعنة. 70 محاميا لمبارك وثلاثة لمرسي.. إلى آخر المفارقات الرقمية.. كان مرسي يعاني من عوز الكاريزما المكتسب، ثم هاهو يتحول بفضلهم، وبرمية من غير رام ، إلى أسطورة أو تكاد، لكن مخرجا ما انتحاريا – إن لم تسرب رصد شيئا- قد يخرج فيلما عن جبل الجليد تحت الماء، فيتخيل الحوارات والعناقات التي تمت بين الإخوان في القفص وينقل لنا صلاة الجماعة التي أمّها مرسي، وعن دموع البلتاجي على اسماء ورابعة العدوية.. أو ربما تكون هناك كاميرا خفية تسرب لنا ما جرى في القفص. ذريعة الطمس على العيون والآذان هي الحرص على ‘الأمن القومي’ المصري الرقيق، الواهي، الأوهى من خيوط العنكبوت.. سليمان جودة ممثل جبهة الانقاذ التي حولت المحاكمة، ومعها فضائيات
مصر الى ‘جيتو’ يكرر في مقابلاته: المهم المضمون. وهو مثل أميرة العدلي يعتقد أن المحكمة معصومة! أيها القارئ أدر الكاميرا من وراء ظهر مرسي ترى الحقيقة وهي أن المحكمة في القفص!
الارجواز الموظف
انعطف الاعلام المصر ي والعربي، بالمحاكمة، بعد أن كان ‘البرنامج’ هو بطل الشاشة والترسو. انشغل الاعلام العربي والمصري بباسم يوسف – وتعطيل حلقة من برنامجه، مع أنه ‘من أهلها، لأنه يمس ابناء الأكرمين ، بل أنه اهم ابطال ‘ثورة ‘الثلاثين من يوليو، وتلك قاسمة الظهر، ومفارقة هائلة! تبين، أن زمّة فيم المستشار عدلي منصور مضحكة من غير اشارة موسيقة كوميدية، أو شارة مونتاج، أو مقطع موزا من توم وجيري. وان ّ سكاكر السيسي قد تثير غيرة الكوميديان الانكليزي ‘المستر بين’.
المحاكمة هي محاولة لخلط صورة المهرج بصورة السلطان فقد تربصت الكاميرات العوراء بمرسي لصيد لحظة ضعف فلم تجد سوى زر جاكيت الرئيس القاسي. ثلاثون ثانية قضاها الرئيس الشرعي لمصر، وهو يعقد زفاف زره على عروتها، بينما مصر ترقص على صفيح ساخن، وتتهادى السفن في قناة السويس في رقصة فالس مع
اسرائيل آمنة مطمئة!
الصورة تريد أن تقول ان الرئيس عاجز عن عقد زر جاكيته، فكيف يعقد على أم الدنيا التي تزوجها السيسي سفاحا. الزر يقول أشياء أخرى: ان هذه الدنيا لا تساوي زرا وتقول: انتظروني يا قراقوشات مصر، وتقول ان للزر عطر، ودوي، وأطياف، وتقول: ان اصل الكاريزما وجرثومتها هي قوة الارادة. يمشي مرسي.. مرفوع الرأس.. لقد دفعت كاميرات الانقلاب الماكرة بمرسي إلى مجازات الغيب، والغيب واستعاراته وتورياته من عناصر ومواد الاساطير والميثولوجيا.
جو تيوب
ان تنشغل مصر والعرب بحلقة من باسم يوسف فهذا يغني أنّ مصر ليست وحدها من تعرضت لانقلاب. ففي الربيع تزهر ورود وأشواك. وكان يمكن لبرنامج ‘جو تيوب’، التي بثت ‘مصر مباشر’ بعض حلقاته، أن ينافس البرنامج ويتفوق عليه، لكن جو تيوب يفتقد الى التوظيف السياسي، والفروق النوعية كثيرة: انّ باسم يوسف يمثل الهجّاء الفرد، الأوحد، البطل. وفي عصور الانحطاط العربي الاسلامي كان المهرج هو البطل.
لباسم يوسف، استدويو ضخم، وفرق موسيقية، وملحنون يعيدون توزيع أوبريت ‘بلدي حبيبي’ الى ‘قطري حبيبي’، وتمويل خارجي وداخلي، وظاهري وباطني، وفضائية، وفريق عمل كبير يجمع له الفواكه البصرية السياسية والأخبارية ويتذكرها ويكبرها ويحدبها ويقعرها ويطبخها على نيران مختلفة السعار واللهب.. باسم يجلس وراء منضدة سحرية تخفي في جواريرها وسائد وباقات ملوخية وفيلة وأرانب وفلوس، انه موظف في منصب ‘تقويض الشرعية’، باسم يوسف هو بطل اسقاط الشرعية، لكنه يسمح لمساعدين وسيدة، مثل السيدة السخيفة ‘جماهير’. بينما يوسف حسين واحمد الذكيري شابان، مصريان من العامة، متطوعان، يعتمدان على الموهبة، وعلى نوافذ الانترنت و’اليوتيوب’، التي لا تتاح مثل التلفزيون في كل بيت عربي. يمتد باسم يوسف على ساعتين بينهما ساعة من الاعلانات التجارية.. والشغل يحب الخفية.
وكان برنامج زمام المبادرة قد غطى نشاط مجموعة من شباب الاردن الذين تطوعوا لتعريب مصطلحات الانترنت، فصار اسمه بعد التعريب الشبكة، واسم الماوس اصبح المؤشر، اما اسم الانقلاب فلا يزال في مصر التي بها كثير من المضحكات هو ‘الثورة’، ويمكن ان يعرب لاحقا الى ‘الانكلاب’.
نعود الى المقارنة: كما ان حركات باسم يوسف الذي فرّ مثل البرادعي الى
الامارات، باتت؛ رتيبة، متواترة، متشابهة كان من الممكن لباسم الذي اخذ برنامجه عن جون ستيورات في فضائيات
امريكا المستقرة سياسيا؛ ان يشيخ بسرعة، فالمطلوب دوما ان يكون موضوعه الدكتاتور. باسم بات خائفا فثمة مظاهرات مدفوعة الأجر تشتمه شتائم جارحة، ومن أعان ظالما سلطه الله عليه. ومن فقه الصورة المقارنة أن مبارك الذي خرج بريئا بعد ثلاثين سنة استبداد وعشرات الضحايا الابرياء في السجون بأحكام القضاء الشائخ، الفاسخ، دخل القفص على بساط ريح ارضي، اما مرسي فدخله واقفا. وأن وائل قنديل يتوقع ان تتهافت كل التهم ضد مرسي، فلا تبقى سوى جريمة سحل الضحية المسكين حمادة صابر، وقد اضيفت اليها صفع سيدة مصرية عجوز عاشقة للكازنوفا السيسي! فقد وضح ان ثمانية من اصل عشرة من ضحايا الاتحادية هم من انصار الشرعية. وبات لهم رابطة تكافح في سبيل استحصال حقوقهم. لقد فك السيسي ازرار مصر كلها، وتحتاج الى زر وحيد لإصلاحها ومرسي يقوم بعقد مهرجان الزر.
روح الافعى
اقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم. يبدو قدري جميل سعيدا بتحوله الى معارض حقيقي بعد اقالته من وظيفته، ربما يرى نفسه مضطهدا ومظلوما، لكنه يهرب من سؤال موسى العمر عن عدد افراد حزبه! ما ضرّ لو قال أنا الحزب والحزب أنا، والديمقراطية كم والسياسة نوع في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا.. الذي كان حرجا دوما. أما ناصر قنديل ورفيق نصر الله فبعد مئات الوعود بانتهاء الازمة ها هم يبشرون العالم بأن رئيسهم بشار بات رئيسا للعالم!
اما ضرب اسرائيل لسورية فمحاولة لجرها عن معركة الوجود في الداخل الى معركة الحدود في الخارج.
روح الافعى ليست في رأسها ولا ذيلها، أنها في الكرسي. و’باس وورد’ الزر مع مرسي.