** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 السيميائيات وإستراتيجية وبناء المعنى ـ د. نصر الدين لعياضي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نابغة
فريق العمـــــل *****
نابغة


التوقيع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة

عدد الرسائل : 1497

الموقع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة
تعاليق : نبئتَ زرعة َ ، والسفاهة ُ كاسمها = ، يُهْدي إليّ غَرائِبَ الأشْعارِ
فحلفتُ ، يا زرعَ بن عمروٍ ، أنني = مِمَا يَشُقّ، على العدوّ، ضِرارِي

تاريخ التسجيل : 05/11/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

السيميائيات وإستراتيجية وبناء المعنى ـ د. نصر الدين لعياضي Empty
25102013
مُساهمةالسيميائيات وإستراتيجية وبناء المعنى ـ د. نصر الدين لعياضي

السيميائيات وإستراتيجية وبناء المعنى ـ د. نصر الدين لعياضي Evettes-anfasse_250_250

0inShare
Share on Tumblr

المقدمة:
بدأت السيمولوجيا تفرض نفسها على الدراسات الأدبية والثقافية والإعلامية والفنية منذ السبعينيات من القرن الماضي. وشكلت تيارات مختلفة تنوعت حسب مواضيع الدراسة  مثل: السرد الأدبي والصحفي، الشريط المرسوم، الكاريكاتير، الإشهار، المسرح، السينما، الفنون التشكيلية،  الصورة، التلفزيون، المرئيات، المودة واللباس، الفن التشكيلي، الإعلام الجديد والتفاعلية، والثقافة
يرى بعض المختصين  أن البنيوية والسيميائيات تقعان في حالة تشابك نظري. فالحفاوة التي حظيت بها البنيوية في الأوساط الفكرية والأكاديمية، في الستينيات من القرن الماضي، تعود لكونها تستطيع أن تضفي طابعا علميا على العلوم الاجتماعية. لذا لا غرو أن تجد السيميولوجيا، كعلم ناشئ، شرعيتها في ظلال علم مرموق وقديم  مثل اللسانيات. لذا اتجهت إلى دراسة المواضيع الجديدة وفق نموذجه.
يرجع البعض هذا الاشتباك النظري إلى اشتراك السيميائية في استخدام جل المفاهيم التي تستخدمها البنيوية. وقد رأى بعض السيمائيين، مثل الباحث فيرو إليسيو Véron Elíseo ، منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، في هذا الاشتباك سببا لما أسماه بـ" الانحراف البنيوي" للسيمياء". لقد كان يعتقد أن الإفلات من هذا الانحراف  مرهون بالتخلص من بعض المفاهيم الأساسية في الفكر البنيوي مثل: العلامة، والمدونة.  ويبدو أن سيمولوجيا السينما بقيادة متس كرستيان   Metz  Christian   قد ابتعدت قليلا عن بعض مفاهيم البنيوية، بل رأت أنها غير ملائمة لموضوعها، حيث يصعب ترحيلها من السياق اللساني إلى السياق السينمائي. فالدال في السينما يكون في علاقة تشابه مع المدلول. ويستحيل أن تتماهى السينما في اللسانيات، خاصة في جانبها اللساني الذي يشدد على  التمفصل  Articulation. فخلافا للسانيات لا تملك السينما تمفصلا مزدوجا. بمعنى أنه يصعب تقطيع الصورة إلى وحدات صغرى في المبنى وأخرى في المعنى، أي يصعب اعتبار الصورة كلمة، والمشهد السينمائي جملة لأن الصورة السينمائية قد تعادل جملة أو العديد من الجمل مرة واحدة. أما المشهد السينمائي فيشكل قطعة معقدة من الخطابات نظرا لتعددية مدوناته: اللسان، الصوت، الحركة، التجسيم، الألوان، زوايا التصوير، اللقطات، موقعه في عملية المونتاج.  
يمكن أن نختصر إشكالية هذا البحث النظري في التساؤلين التاليين: هل أن المفاهيم التي تستخدمها السيمائيات تملك المعاني ذاتها في البنيوية؟ وإذا كان استجلاء المعنى من السلوك البشري والظواهر الاجتماعية والمنتج الثقافي والإعلامي هو ضالة السيمائيات والبنيوية، فهل الآليات  المستخدمة للوصول إلى المعنى تختلف في السيمائيات عن البنيوية؟
إذا يروم هذا البحث الكشف عن آليات إنتاج المعنى في السيمائيات، والاقتراب من رهاناتها الابستمولوجية والفكرية مع محاولة اسقاطها على بعض الجزئيات من التراث الثقافي العربي.
إن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب تفكيك العدة المفاهيمة التي ولدت من رحم البنيوية وعملت السيمائيات على تطويرها وإخضاعها إلى منطقها واستراتجياتها في بناء المعنى.
حقيقة إن السيمائيات تستخدم جل العدّة المفاهيمة التي تستخدمها البنيوية. لكن الاستخام لهذه العدة لا يدل قط على تطابق السيمائيات والبنيوية، لأن الأمر يتجاوز تشغيل المفاهيم،  ويتعلق بالمحتوى الذي يعطى لكل مفهوم، أي الواقع الذي يغطيه كل مفهوم. وموقع هذا الأخير في سلم قراءة الظواهر الاجتماعية والثقافية.
اللسان ثم اللسان:
يفضل البنيويون الكلام على اللسان لأن اللسان مؤسسة اجتماعية ونظام من القيم لا  يستطيع الإنسان بمفرده خلقها ولا تغيرها، بينما الكلام فعل فردي. واللسان لا يستطيع أن يكون كاملا وشاملا في كلام هذا الشخص أو ذاك مهما بلغ من المقدرة على التعبير، وامتلك من ثراء القاموس اللساني. فاللسان يتضمن القواعد والمعايير التي تبيّن مختلف الاستعمالات. وليس الكلام/ الفعل الفردي هو الذي يقوم  بذلك. إن العلاقة بين اللسان والكلام علاقة تبادل واعتماد، فلا يوجد لسان بدون كلام ولا يوجد كلام بدون لسان. فاللسان هو كنز أنشأته ممارسات الكلام للناطقين به.                                   
يولي السيمائيون أهمية إلى الكلام مقارنة باللسان. فرولان بارث Roland Barthes في دراسته المرجعية " عناصر من السيمسولوجيا " يؤكد أولوية دراسة الكلام بالنسبة للسان، وذلك لأن أحداث الكلام تسبق تاريخيا أحداث اللسان، بمعنى أن اللسان يتطور بفعل الكلام.
كما أنهم يعتبرون أن الكلام، كممارسة فردية، تقود إلى معنى التلفظ. وذلك لأن المعنى لا يأتي من اللسان في حالته الثابتة، بل في وضعه المتحرك، أي من خلال الاستعمال الذي يفتح المجال للعديد من القراءات. بمعنى أننا نستخدم الكلمات ذاتها الموجودة في قاموس لسان معين، لكن المعنى المستخلص من هذا الاستخدام يكون مختلفا من متكلم إلى أخر. إذا، المعنى ليس واحدا وثابتا، بل متحركا ومتغيرا حسب قصد المتكلمين، ومن سياق إلى أخر، ومن عصر إلى أخر.
إن القراءة لدى السيميائيين هي البحث في الكلام الذي يأخذ شكل نص لبناء المعاني من داخله. البحث المتناغم الذي يبعث على الانسجام الدلالي. لقد يميز بول عطا الله، بقوة، السيميائيات عن البنيوية بالقول أن البنيوية تركز على المعنى بدون فاعل، والسيمائية تركز على الفاعل الذي يبحث عن المعنى.
لا تزامن بدون تعاقب.
إذا كان البنيويون يهتمون بالتزامن على حساب التعاقب انطلاقا من تصور بأن اللسان لا يكشف عن قواعده، أي بنيته، عبر تاريخه، أي عبر تعاقبه، بل انطلاقا من وضعه الراهن: من خلال موقع الكلمات وعلاقاتها ببعضها البعض ضمن البنية الكلية للسان. فإن السيميائيين لا يرون تعارضا بين ثنائية التعاقب والتزامن. فالانشغال بالمعنى يدفع للتفكير في ماضي العلامات اللسانية ووضعها الحالي. ومحاولة القبض على ما يدل عليه المدلول في صيغته الراهنة، واستعماله الفردي لا يمنع أبدا الرجوع إلى التغيرات التي عاشها. إن هذا الربط بين التزامني والتعاقبي يثري دلالة العلامة سواء كانت لسانية أو غير لسانية  ويحدد، أكثر، مساهمتها في تشكيل بنية المعنى. لتوضيح هذه الأمر، عرض رولان بارث مثالا بعيدا عن عالم اللسانيات، إذ أكد بأن علم الفلك تزامني، أي يدرس النجوم في وضعها الحالي علما بأنها متحولة ومتحركة. بينما الجيولوجيا هي علم تعاقبي، أي تهتم بتشكيل طبقات الأرض عبر الحقب التاريخية، لكننا نستطيع التوقف لدراسة لوحات صخرية راهنة.
إن ثنائية التعاقب والتزامن تحيلنا إلى التفكير في المرجع والعلامة. فالسيميائيون لا يلغون دور المرجع أصلا في تشكيل الدلالة رغم قناعتهم بالعلاقة الاعتباطية التي تجمع العلامة بالمرجع. والسبب في ذلك يعود إلى تصورهم للمرجع. إذ لا يرونه في صورة ثابتة، لأنه متغير، ومتبدل، يترك ظلاله في ديناميكيته على تشكيل الدلالة.
رهانات المدلول:
تقبل السيميائيون تعريف دو سوسير للعلامة وعمموها على كل المجالات غير اللسانية، لكنهم نظروا إلى وجهتيها؛ أي الدال والمدلول، من زاوية  تختلف عن الزاوية التي رأي منها البنيويون الذين  يعتبرون الدال أولى بالاهتمام من المدلول لأنه هو الأصل، والمدلول تابع له. والدال الثابت يستطيع أن يساهم، كعنصر في تشكل البنية. بينما يميل السيمائيون إلى تفضيل المدلول لأنه ليس سجين معنى واحد ووحيد، ومنفتح على التأويل والقراءات المتعددة. إن هذا التفضيل يجد مبرره في إيمانهم بأن المعنى ليس معطا منتهي البناء، وفي حالته المنجزة، وإفرازا وظيفيا للبنية، وإنما هو نتيجة  اجتهاد فردي، وترجمة لاستقلالية الفاعل. فبدون مدلول يستحيل، في نظر السيميائيين، بناء المعنى، وتنتفي غائية الفاعل المتمثلة في الكشف عما تبوح به المدلولات أو ما يعتقد أن مراودتها تبوح به.
إن أولوية المدلول بالنسبة للدال تحيلنا إلى الثنائية المذكورة أعلاه والمرتبطة بالعلاقة بين اللسان والكلام. فاللسان هو جملة من تراكيب الدوال، بينما الكلام يطمح إلى تجاوز نقل الدوال قصد طرح مجموعة من الدلالات التي تعبر عن تجارب فردية وجماعية، وفلسفة، ورؤية تتغير بتغير السياقات والأزمة. هذه الحقيقة لا تثير الكثير من الجدل على مستوى العلامات غير اللسانية.  فالسيميائي الفرنسي، رولان بارث،  يؤكد هذه الحقيقة بالقول أن اللباس يستخدم لستر أجسامنا، والطعام وجد لتغذية أجسامنا، لكن هذا لم يمنعهما من حمل قيم دلالية. إنهما يفصحان عن ثقافة ما، ونمط معيشة معين، ومكانة اجتماعية، وانتماء جغرافي، وعقيدة دينية، وحتى تصور عن وضع الرجل والمرأة في المجتمع. فإهمال المدلول والاكتفاء بالدال فقط هو البقاء في حالة الوصف للأشياء والظواهر، وذلك لأن الدال ليس سوى وسيطا لتوصيل المعنى. فهل يمكن الاكتفاء بالوسيط للقبض على المعنى؟
إن انشغال البنيويين  بسر الفهم المشترك للسان أدى بهم إلى الإيمان بالمعنى الجماهيري والوحيد للمعنى. وهذا يتعارض مع المعاني المتشذرة والمتحركة لدى السيميائيين. والناتجة  عن جملة من الممارسات للتحكم في المدلول أو تأطيره عبر الثقافات.
لكن كيف يولد المعنى في نظر السيميائيين؟
ترتكز آليات بناء المعنى في نظر السيميائيين على  المفهوم المركزي لـ" السيموزيس" semiosis.   فالسيميائي إليسيو فرو  Eliseo Veron   يرى إن العالم الذي تحيل إليه  العلامات عالم ينمو ويكبر ويضمحل داخل نسيج السميوزيس. إن هذا التأكيد ينطلق من المقاربة البنائية التي ترى أولوية الإدراك على الواقع، حيث أن الإدراك هو الذي يوجه فهمنا واستيعابنا للواقع، وليس العكس؛ أي أن الواقع لا يسبق إدراكنا له. 
ٍيعد سارل سندس برس Charles S. Peirce أول من استخدم مفهوم Semiosis   في نصه المعنون:  Pragmatism" في سنة 1907، أي قبل صدور كتاب دو سوسير المذكور بتسع سنوات. ويقصد به " حركة العلامة في تقدمها من أجل بروز علامة جديدة. فهذا التقدم يبدو بدون نهاية.  إذا السيموزيس هو عملية تشكيل العلامة ذاتها أو فعل  الدلالة.  إنه استدلال بواسطة العلامات. فمضمون السيموزيس يدل على عدم تنبؤ العلامة، وديناميكيتها، وطابعها التوليدي.

يوضح سعيد بنكراد مفهوم السميوزيس، بشكل أكثر تبسيطا، بالقول أنه مسار متحرك لإنتاج الدلالة وتداولها واستهلاكها، والذي ينتهي إلى الذوبان في التقاليد وأشكال السلوك، ويتحول مع الزمن إلى عادة لدى الفرد، وقانونا داخل المجتمع.
يملك هذا المفهوم بعدين: البعد التركيبي syntagmatic  ويقصد به العلاقة بين العلامات، أي  المعنى الذي تنتجه هذه العلاقة، والبعد التداولي Pragmatic ، والمقصود به طريقة استخدام العلامات وتأويلها.
يشكل هذان البعدان في    السيموزس جسرا للانتقال من الواقع إلى الحقيقة والذي يتم بفضل المدونات الثقافية Cultural Codes. فكل مجتمع يملك القدرة على التعبير عن وجوده الاجتماعي بشكل رمزي بفضل جملة من العلامات. وغني عن القول أن هذه العلامات تختلف من ثقافة إلى أخرى.
يمكن التسليم بأن العلاقة بين الدال والمرجع علاقة تعسفية، لكن العلاقة بين الدال والمدلول تحتاج إلى توضيح قد يزيحها قليلا عن قدرية العلاقة التعسفية. بمعنى أن المدلول يكون، في الغالب، نتيجة نوع من الإجماع الضمني الذي يمنحه معنى محددا. وبالاستعمال يتخلى المدلول عن معانيه الأولى ليكسب معاني أخرى، تظل رهن استقرار العلاقة بين الدال والمدلول. هذا الاستقرار الذي تدل عليه الممارسة الدالة، والتي يمكن أن نسميها من باب الاستعارة خطابا.
فإذا تغيرت هذه العلاقة تخلى المدلول عن المعاني السابقة واستبدلها بمعان أخرى، فالأمر لا يتم بدون وعي مستخدمي الدوال، بل يتم نتيجة اتفاق ضمني تجسده الممارسة الدالة، ويبقى المدلول، بدونه، محتفظا بمعناه " الأصلي". هذا الاتفاق يتم في الغالب نتيجة ميزان قوى اجتماعي وثقافي لترجيح المعنى.                                                                                               المثال البسيط الذي يستشهد به أساتذة السيمياء في منطقة المغرب العربي، والذي أصبح تاريخيا، يتمثل في اسم  فاطمة. أي اسم علم لابنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وزوجة رابع الخلفاء الراشدين الإمام علي بن أبي طالب. لكن مدلوله لدى أسر المعمرين الفرنسيين في الجزائر تحول إلى " الشغالة". فعندما تقول إحدى زوجات المعمرين لجارتها لم تأت فاطمتي، فمعناه أن خادمتها لم تأت. لأن معظم الخادمات في بيوت المعمرين كانوا من النساء الجزائريات اللواتي يشتركن في حمل اسم فاطمة. فهذا التضمين لاسم فاطمة فرضه ميزان قوى زال بزواله، أي بالقضاء على الاستعمار.
إذا، إن تطوير اللسان بفضل التجربة الشخصية والاستخدام الشخصي لا يتم على مستوى توليد الكلمات وإثراء القاموس اللساني بكلمات دخيلة أوأجنبية أو مشتقة أو مبتكرة فحسب، بل يتم أيضا على مستوى المدلولات، أي أن الكلمات ذاتها تكتسب معاني جديدة من خلال العلاقة الجديدة التي يقيمها المدلول والدال.
إذا المعنى لدى السيميائيين يتوقف على الفاعل الاجتماعي وعلى التجربة الذاتية، بينما البنيوية تزيح البعد الذاتي في إنتاج المعنى. فالبنيويون ينطلقون من البنية للوصول إلى المعنى غير الذاتي، والسيميائيون ينطلقون من الفاعل للوصول إلى المعنى غير البنيوي.
تضمين التضمين:
يعتمد السيمائيون في بناء المعنى على التمييز بين الثنائية التالية: التعيين Denotation و التضمين Connotation. فالمعنى لا يوجد على مستوى التعيين، كما هو معروف، بل يكمن في مستوى التضمين. وهذه حقيقة تكاد أن تكون من المسلمات لدى السيميائيين. إنها واضحة ولا غبار عليها وإن كانت تستفز بوضوحها وتحث على التساؤل عن العُدّة المفاهيمية في ترحيلها من الاتصال اللفظي إلى الاتصال غير اللفظي، وما يترتب عنها، وتكشف عن لعبة المعنى لدى السيميائيين، مما يدفعنا إلى التوغل في التساؤل على مستويين اثنين:
هل يمكن الفصل، بكل يسر وسهولة، بين التعيين والتضمين على مستوى اللسان والكلام؟ وهل يمكن تعميمه على كل مجالات تطبيق السيميائيات؟ إن التعيين في معناه البسيط والواسع هو المعنى الحرفي والثابت للعلامة، و يعّترف بمراعاته للسجل القاموسي،  بينما التضمين يحيل إلى المعنى المشترك في الاستخدام بين المتصلين. هذا المعنى هو نتيجة تعاقد ضمني أقل ثباتا واستقرارا.
لا ينفي أحد رواد مدرسة الدراسات الثقافية، ستيورت  Stuart Hall يسر الفصل بين التعيين والتضمين فقط، بل يشكك حتى في وجود التعيين في " حالة الصفر"، على حد تعبير رولان بارث. إذ يقول: ( إن الأمثلة التي تبّين العلامات المنظمة في خطاب، والتي تملك حصريا معنى حرفياLateral ، أي توافقي، بشكل يكاد يكون كونيا، نادرة جدا في العالم الواقعي. ففي الخطاب الواقعي تجمع  جل العلامات الجوانب التعينية والتضمينية.)                                                              
إذا كانت الدلالة هي عقد Convention  يجمع الدال والمدلول، فالسيميائيون يرون أن هذه الدلالة لا يمكن أن تغطي كل الحقل الدلالي في الاتصال. بمعنى أن فعل الدلالة لا يتوقف عند حد معين إلا توقفا ظرفيا، وبالتالي لا يستنفذ. وهذا ما يؤكد بأن التضمين ليس شيئا مغلقا لأن المدلول منفتح على التأويل. فالمدلول يمكن أن يعتبر، وفق هذا الطرح  وفي مستوى معين، دالا يبحث عن مدلول، وهكذا دولك إلى درجة أن المدلول يفقد كل معنى. كذلك الأمر بالنسبة للتضمين. لقد سبق وأن أوضحنا كيف أن بعض المختصين شككوا في وجود جدار فاصل بين التعيين والتضمين، خاصة في مجال الاتصال المرئي. واعتقدوا أن التشكيك في وجود التضمين في حالة انغلاق على مضمونه مشروع أيضا. وفي هذه الحالة ينتقل الحديث من التضمين إلى " تضمين التضمين"، متخذا شكلا دائريا لا يتوقف إلا ليستأنف من جديد! فإذا سلمنا بهذا الأمر، فإن بناء المعنى لدى السيميائيين يتحول إلى مجرد " لعبة" تستند إلى  منطق بناء المعنى الذي يكون، في أخر المطاف، صنيعة المؤول، أي الذي يؤول التضمين، ومهاراته. إن غرض هذه اللعبة يتعدى بناء المعنى أو تشكيله. فالباحث البريطاني هول ستورت يرى أن التعيين والتضمين مجرد أدوات تستخدم في سياق محدد ليس للإقرار بحضور الإيديولوجيا أو غيابها في اللغة، بل للتمييز بين مختلف المستويات التي تلتقي فيها الإيديولوجيا والخطاب.
من باب تشخيص الفروق بين البنيوية والسيمائية في استجلاء المعنى يمكن القول أن السيمائيات لا تؤمن بوجود المعنى كمعطى جاهز ومكتمل وكامن في البُنى،  بل تعمل على تحرير الفكر والتصور لبنائه. هذا البناء لا يتحقق بدون ممارسة دالة.  فالثقافة ليست مجموعة من البنى كما تؤكد البنيوية، بل جملة من الممارسات. بمعنى أن البحث البنيوي يسعى للوصول إلى البُنى العميقة التي تتشكل منها الثقافة، بينما تسعى السيمائيات إلى الكشف عن دلالات الممارسات في الحقل الثقافي والفني.  وعلى هذا الأساس يثرى المعنى ويتجدّد.
إن المعنى حسب السيميائيين يوجد في التجارب الخاصة، ويتشكل نتيجة الفعل الذاتي، فهو يتوقف على الفاعل وتجربته الاجتماعية والثقافية،  بينما ترى البنيوية أن التجربة الشخصية، أو نشاط الفاعل يتوقف على البنية.
على الصعيد الملموس، عندما يدرس السيمائيون فيلما سينمائيا، أو سردا صحفيا لا يستخرجون البُنى التي تنظم عناصره، وتشرح دلالاته؛ أي البُنى العامة الحاضرة في كل المنتجات السينمائية أو الصحفية، بل يسعون إلى بناء المعنى من عناصر النص ( الفيلم أو السرد الصحفي)، فيكشفون عن خصائص النص، وسماته: أسلوبه، أشكال تعبيره، طريقة تلفظه،  وما يميزه عن بقية النصوص المشابهة.
السيمائيات ونصنصة الإعلام والثقافة.
إن المنبت اللساني للسيمائيات جعلها تنظر إلى كل الممارسات الدالة على أنها نصوص؛ أي نصنصة   Textualization كل ما تصادفه من ظواهر وإنتاج ثقافي أو فني أوإعلامي. بمعنى اعتبارها مجموعة من الدوال التي تظل دلالتها مفتوحة.
تكتسي النصنصة قيمة جوهرية لدى كل المهتمين بالدرس السيميائي، فالباحث السيمائي هلمسيف Hjelmslev أوحى بأنه لا يوجد أي شيء  يفلت من تشكيله كنص. فالنص يشكل موضوعا للسيمائيات وحدا لها...
إن البنيويين يجدون البنية حاضرة في كل شيء بعد أن رؤوا أن السلوك البشري، والظواهر الاجتماعية، والمنتجات الثقافية، والسرديات تحاكي اللسان في منطق تنظيمه وقواعده ، بينما يرى السيمائيون في كل شيء نصا لاعتقادهم  بمحاكاة  المنتجات الثقافية والإعلامية والجمالية للنص. 
لئن كانت رؤية الظواهر الثقافية أو الممارسة الدالة من زاوية النصنصة أو النصوصية، التي يحبذها عبد الله الغذامي،  تخدم غاية أساسية هو التأكيد على لا محدودية المعنى، فتعميم النص على مختلف الظواهر الثقافية والإنتاج الإعلامي والفني يطرح الكثير من التساؤلات، ويثير الكثير من التحفظات،  بعضها  أثاره الباحث بول عطا الله من خلال تأويله للنصنصة، حيث رأى أن السيمائيات لم تقطع صلتها بالأدب. فالنصنصة مستوحاة من النص، الذي يرتبط بالأدب. إن المنتج الثقافي والإعلامي والفني هو نتاج مؤسسة. لكن مفهوم المؤسسة في الأدب مفهوم غامض إذا لم يشر إلى التقاليد الأدبية، خلافا لمفهوم المؤسسة الإعلامية التي يتداخل فيها الصناعي والثقافي، الإعلامي والسياسي، الإداري والمهني. إن الاستقلالية التي يعاني منها الأدب، حتى وإن كانت نسبية تجاه السوق، لا يمكن أن تقارن بالاكراهات المفروضة على إنتاج الأخبار، والبرامج التلفزيونية، والأفلام، والمسلسلات، والمسرحيات، ناهيك عن مساواتها.
بصرف النظر عن الضغط الذي يمارسه الإعلان أو المجموعات الضاغطة المختلفة ( بدءا من القوى السياسية المتدافعة للحصول على السلطة، وصولا إلى التكتلات المهنية، بما فيها الصحافيين)  على المؤسسات الإعلامية والذي يترك بصماته على منتجاتها، إن هذه الأخيرة ليست نظاما مستقلا بذاته، ومغلقا على ما يملكه من عناصر داخلية، إنها منفتحة على العالم الخارجي وتحولاته، وتتموقع ضمن منظومة إعلامية. وتأخذ موقفا معارضا أو مكملا لوسائل إعلام أخرى. ولصحافييها علاقات مع بقية الصحافيين قد تتوحد حول أحداث  وقضايا ومواقف و تتباين، تكون لها تبعات على مستوى مضمون الكتابة الصحفية وشكلها. إن الفاعل الاجتماعي في النص الأدبي غير الفاعل في الإنتاج الثقافي والفني.
تطرح الإحالة إلى الأدب إشكالا إضافيا في البيئة الثقافية العربية. فمفهوم الأدب في الثقافة العربية الإسلامية ينفرد بكونه يرتبط بالآداب؛ أي الأخلاق والفضائل، وعلى النسق الذي يجب مراعاته في المعاملات مع الغير. فغائية الأدب بهذا المعنى غير غائية وسائل الإعلام المعاصرة التي أصبحت تتنافس من أجل الإعلام، والترفيه، والإشهار، والفرجة. وهذا ما يؤدي بنا إلى البحث عن معنى النص.
قد يبدو من أول وهلة أن الجميع يتفق على معنى مفهوم النص، لأنه يحظى بإجماع واسع، لكن هذا الاعتقاد يتبدد بمجرد الاستماع إلى الإجابة على السؤال البسيط التالي: ما هو النص؟  ينبهنا الناقد عبد الفتاح كيليطو إلى الدلالة النسبية لهذا المفهوم. فما يُعّد نصا في هذه الثقافة لا يعتبر كذلك في ثقافة أخرى،  لأن الثقافة  تزودنا بجملة من المفاتيح الموضوعية والذاتية التي تسمح لنا بالتعامل معه كنص و فهمه. ووجود النص يفترض وجود اللا نص.   
لا يشير هذا الافتراض إلى الصمت أو عدم إنتاج الكلام، بل يحيلنا إلى البحث عن المنطق الذي يصنف منتجات الاتصال إلى نص ولا نص.  يتفق المشتغلون في حقل الأدب على مجموعة من الآليات التي تعطى شرعية لهذا المنتج وتعتبره نصا، وتستبعد ذاك، وتتعامل معه على أساس أنه مجرد قول، أو لا نص. يمكن القول، من هذا المنطلق، أن الكثير مما تنشره وسائل الإعلام يندرج في خانة اللا نص في نظرهم. فالنص في وسائل الإعلام يرتبط بقيمته السياسية المضافة أكثر من قيمته الثقافية، خاصة في المنطقة العربية، وذلك لأنه يُعّد من الحوامل النشيطة لسلطة القول، على حد تعبير عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو Pierre Bourdieu. لتأكيد هذه الفكرة يمكن القول أن الأحداث المتنوعة، والتي يطلق عليها الفرنسيون مسمى "Faits divers ": جرائم القتل، السرقة، الاغتصاب، وغيرها لا تتحول إلى مادة صحفية في العديد من عناوين الصحافة العربية إلا إذا وظفت سياسيا. ولا يهتم بها إذا لم تسمح بهذا التوظيف رغم قيمتها السردية والثقافية المضافة.
فالقول او السرد في التراث العربي الاسلامي لا يرتق إلى مستوى النص إلا إذا جسد مضمونه الأدب بالمعنى الذي حددناه أعلاه، أي إذا نطق بالحِكَم والعبر أو انتمى إلى عيون البلاغة والبيان، بينما يصعب على منتجات وسائل الإعلام أن تفي بهذه الشروط لأنها تلاحق الأحداث والقضايا اليومية المختلفة وتنقلها بلغة مباشرة  وملموسية، هي أقرب إلي لغة عامة الناس. فهل أن هذه المنتجات ليست نصوصا؟
إن قراءة النص سيميائيا  تفترض الأخذ بعين الاعتبار، بشكل علني أو ضمني، الأشكال التعبيرية السائدة. وتقتضي بناء معناه انطلاقا من مكتسبات الكتابة الأدبية أو ما يتجاوزها أو يخالفها. فما هي حدود قراءة الفيلم السينمائي أو المسلسل التلفزيوني كنص؟  ألا تكتفي بملاحقة العلامات والرموز التي يفيض بها النص/ الفيلم / المسلسل التلفزيوني؟ ألا تستبعد ظروف إنتاجه، وتغّيب العوامل المؤثرة في محتواه، وأطر توزيعه، والإكراهات المالية والإدارية والتقنية التي تتحكم في مسار إنتاجه وبثه.
إن علاقة العلامة بالمرجع في الأدب تختلف عنها في الإنتاج الإعلامي، والتعاطي مع الخطاب الإخباري كأنه نص أدبي، معناه عمليا تجاهل طبيعة العلاقة التي يقيمها كلاهما بالواقع. فالخطاب الإخباري يقيم علاقة بالمرجع – الواقع الأمبريقي-  تكاد تكون شفافة، بينما علاقة النص الأدبي بمرجعه تتسم بالغموض، بصرف النظر عن درجة واقعيتها أو مستوى تخيلها.                                         إن التحليل السيميائي هو تحليل محايث يحاول القبض على شروط تكوين الدلالة بإقصاء كل ما تحيل إليه خارج النص: ظروف إنتاج النص، كاتب النص، سياق تلقي النص.. فالمعنى يظل حبيس منطق شبكة العلاقات التي تقيمها العناصر المكونة للنص. 
إن النصنصة Textualization  تستبعد، عن قصد، الأخذ بعين الاعتبار السياق. إن القراءة السيميائية للنص الأدبي تغفل سياقه في خضم انخراطها في تفكيك النص وإعادة تركيبه بشكل يساهم في تجليات المعنى. فالمعنى لدى السيميائيين ينطلق من النص، ويستخلص منه.  والتعامل مع منتجات وسائل الإعلام والثقافة كأنها نصوص يسقط في الحسبان عاملا مؤثرا وحاسما في تشكيل المعنى، وهو عامل السياق. إن الحدود بين النص Text والسياق Context غير محددة بدقة، ومتداخلة. ومن الصعب الفصل بين المادة الإخبارية وسياقها، لأن عنصري الزمان والمكان، على سبيل المثال، كمحددان للسياق يعدان من الأركان الأساسية المشكلة للمادة الخبرية. وغني عن القول أن دراسة المادة الإعلامية خارج سياقها يفقدها معناها.
إن مفهوم التسييق .Contextualization قد حظي باهتمام بالغ من قبل علم الاجتماع الألسني، واثنوغرافية الاتصال، وغيرها، وبرز كمفهوم أساسي في إنتاج المعنى، هذا رغم التحذير من توظيفه كمرادف لوضع الاتصال، أو لصعوبة تحديده وتشخيصه على صعيد جغرافي حيث يتداخل المحلي والوطني والكوني. فالمعنى لا يستشف من خارج السياق، لأنه يساهم في صقل الدلالات بما هو متبادل في أثناء عملية الاتصال. إنه ثمرة مسار معقد ومتعدد، ووليد عملية بناء مشترك بين أطراف الاتصال ضمن سياق يؤثر بدوره في بنائه.      
إن استخدام السيميائيين المتواتر للنص والنصنصة على حساب الخطاب يؤكد على أن السيمائيات، رغم ثراء ممارساتها وتاريخها، لم تتمكن من إحداث قطيعة معرفية مع المرجعية الأدبية. إن النص، كما هو معلوم، ينتمي إلى المجال اللغوي، بينما ينتمي الخطاب إلى المجال الاجتماعي.
هل إحلال النص بدل الخطاب  في القسم الأكبر من الدراسات السيميائية يمكن تفسيره بأن رولان بارث لم يتطرق إلى الخطاب في كتابه المرجعي: محاضرات عامة في اللسانيات؟
حقيقة إن مفهوم الخطاب لم يستقر على حقيقة واحدة، وينطبق على واقع شاسع وممتد، لكونه  يستعمل للدلالة على أفعال ومنتجات لسانية وغير لسانية. بل أن البعض يراه مرادفا للسان، و البعض الأخر يراه رديفا الملفوظات، ومطابقا لمفهوم النص، كما هو الأمر بالنسبة للباحث في اللسانيات، هلمسيف لويس  وأتباعه. فالخطاب، في نظر أدم جون ميشال، على سبيل المثال، هو ملفوظ يمكن تمييّزه بخصائص نصية، بكل تأكيد، لكن يمكن أن نميزه، أيضا، كفعل منجز في وضع محدد: ( مشاركون، مؤسسات، مكان، زمان). ويرى الفيلسوف الفرنسي ريكور بول Ricoeur Paul أن استخدام مفهوم الخطاب بدل الكلام يأتي من باب التمييز بين السيمياء وعلم الدلالة.  ما يهمنا من الإشارة إلى عدم استقرار مفهوم الخطاب هو اعتباره "كنوع خاص من الملفوظات". والقصد من صفة خاص هو التأكيد على ما ذهب إليه الفيلسوف الفرنسي، ميشال فوكو، الذي رأى الخطاب في أشكال الحياة الثقافية وتصنيفاتها،  لأن الخطاب أو القول لا يدرك لذاته، كما يرى السيمائيون، بل في علاقته بالأقوال الأخرى وخطابات الغير.
هكذا نرى أن مفهوم النص لا يستوعب خصوصية المادة الإعلامية لأنها اقرب إلى الخطاب. فمفهوم الخطاب الصحفي أو الإعلامي يتعدى النص، كمنتج مفرد مكتفي بذاته، بل يدل على حزمة من النصوص التي تلتقي في الرؤية والتوجهات وتستند إلى القصدية ذاتها، وتشترك في طريقة التلفظ. فالخطاب يتعدى، مجازا، ما يتضمنه النص الصحفي الواحد بكل العناصر التي تشكله، ويتعدى الجمع البسيط للعديد من النصوص. فدراسة الخطاب لا تتعلق بتراكيبه ونحوه وصرفه، بل تتمركز حول ظروف إنتاج ملفوظاته.
بجانب النصنصة، اتجه البحث السيميائي إلى استخدام مفهوم السرد Narration في دراسة المنتجات الصحفية: التغطيات الصحفية، والصور الصحفية، والريبورتاجات الصحفية، والأفلام، والمسلسلات، والبرامج التلفزيونية والإذاعية، وغيرها. وتوطد هذا الاستخدام ليتحول إلى مقاربة تحليلية " للنصوص" الإعلامية.   
استلهمت مختلف استخدامات السرد Narration من رولان بارث الذي اعتقد بأن السرد ليس سوى جمعا للأحداث التي لا يمكن الحديث عنها سوى بالعودة إلى فن الحاكي أو الراوي ( الكاتب) ومهارته وعبقرية، أو اقتسام  بنية سهلة التحليل والدراسة مع السرديات الأخرى... فحامل السرد يمكن أن يكون لسانا، بصيغته الشفاهية أو المكتوبة، وصورة ثابتة أو متحركة، وإيماءات. وقد استنتج الباحث السيمائي  ألجرداس جوليان غريماص Algirdas Julien  Greimasمن هذا القول مقدرة السيميائيات على دراسة كل المنتجات الثقافية والأدبية من منطلق أنها اشكال سردية.     
نعتقد أن التعامل مع الظواهر الثقافية والمنتجات الإعلامية والفنية من منظور السرد، يعيدها إلى نطاق الأدب ويخضعها لمنطقه الذي يختلف عن منطق الإعلام.  
رغم التأكيد على الفصل المعرفي بين مفهوم الخطاب والسرد، وذلك بالاعتماد على عنصرين أساسيين، وهما: عنصر الزمن واستعمال صيغة الماضي في السرد الشفاهي أو المكتوب مما يؤكد بأن السرد هو الانتقال من أوضاع متتالية من الما قبل والما بعد، وانمحاء المخاطب في السرد  ليترك الأحداث تتكلم عن ذاتها، إلا أن الممارسة النقدية للمنتجات الأدبية والثقافية دكت الحدود بين الخطاب والسرد، وهذا ما يتجلى من خلال التعريف المقدم للسرديات بأنها مظهر تتابع الحالات والتحولات المسجلة في الخطاب، وضامن لإنتاج المعنى.   وهذا ما يؤكده تطور تحليل الخطاب على الصعيد النظري وفي مرجعياته ومنهجياته. لقد كان مرتكزا على الخطاب السياسي بمعناه المؤسساتي: أحزاب، مؤتمرات، صحافة، ثم امتد إلى السرديات الشفاهية والمرئية: السرد الصحفي، الحملات الانتخابية المتلفزة، التوك شو Talk show المتلفز، وغيره.
يتفق الكثير من الباحثين على ضرورة قراءة المادة الإعلامية والاتصالية ضمن التناص،  Intertextuality. وإن كان تطور وسائل الاتصال الحديثة قد ذهب بالتناص إلى أبعد حدوده نتيجة البروز الاستعراضي لأشكال تعبيرية جديدة: المودنات الإلكترونية ( Blogs) ، والفيس بوك Face book ، وماي سبيس My space ،  وغيرها، من شبكات الاتصال الجديد.  فالخطاب الصحفي هو تجسيد للتناص قبل ظهور هذا الإعلام، كما سنوضح ذلك لاحقا.
استخدمت الباحثة كرستيفا جوليا Julia Kristeva مفهوم التناص لأول مرة في المجلة الأدبية الفرنسية  المسماة" تال كال" Tel Quel  في 1969. وكانت تقصد به أن كل نص يبنى كفسيفساء من الاستشهادات والاقتباسات، فهو ابتلاع لنص أخر وتحويله.  وبعد خمس سنوات أعطى رولان بارث مشروعية لاستخدام التناص في النقد الأدبي، بتعريفه للنص على أنه تناص. لعل هذا التعريف هو الأقرب إلى حقيقة المادة الإعلامية. فالمادة الأولية التي تتشكل منها الصحفية هي عبارة عن مجموعة من النصوص تتجسد عبر سلسلة من الاقتباسات من مصادر مختلفة، وإعادة صياغة بيانات من مؤسسات مختلفة، ومقابلات صحفية. فالمادة التي تقدمها المصادر تعاد صياغتها وتدمج في النص الصحفي. هذا دون أن ننسى ما تقوم به الصحف ووسائل الإعلام المختلفة من نقل عن بعضها البعض.
على هذا الأساس من الصعب أن نتعاطى مع الظواهر الثقافية انطلاقا من فهمنا لها على أنها نص، فالمادة الصحفية هي المجال الذي يتجلى فيه العمل الجماعي، وتتقاطع فيه النصوص وتتفاعل. كيف؟
إن المساهمين في بناء النص الصحفي: مصادر إخبارية، خبراء، فاعلون اجتماعيون... لا يعملون على إنتاج خطابهم فقط، بل يعملون على التأثير على الخطاب الذي تنقله المادة الصحفية، التي تتموقع ضمن خطابها السابق، والخطابات المتواجدة في الفضاء العمومي. فما يُقال، وما يجب ألا يقال في المادة الإعلامية، وشكل القول الإعلامي، لا يخضع للعناصر الداخلية التي تتشكل منها فقط، مثل قوانين للكتابة الإعلامية، وطبيعة موضوع الكتابة، وتقاليد العمل الصحفي التي تحولت إلى معايير نمطية، بل يخضع أيضا لطبيعة الجمهور، والقوى الاجتماعية والاقتصادية التي تتحكم في توجهات المؤسسة الإعلامية. 
تأسيسا على ما سبق، يبدو أن التحليل السيميائي يظل قاصرا لأنه يعتبر المادة الإعلامية نصا وليس تناصا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنه يحاول أن يستنبط المعنى من داخل النص دون التساؤل عن امتدادات التناص ودوافعه.
يستند الفعل الاتصالي أو الإعلامي إلى جمهور كما يتصوره الفاعل أو يبنيه في ذهنه. وهناك فرق بين الجمهور المُتصوّر أو المأمول والجمهور الفعلي. هذه الحقيقة البسيطة تقفز عليها السيميائيات لأنها تتحدث باسم الجمهور. وتؤول ما تريد تأويله نيابة عنه.
رغم أن السيمائيات تؤكد على تعددية دلالة العلامة، إلا أن تحليلها للنص الصحفي يزيح هذه التعددية      ويتشبث بأحادية المعنى المبنى على نوع من القراءة البارعة والممنهجة للكتابة الصحفية.
إن المراجعة البسيطة للخبرة المكتسبة في تحليل النصوص سيميائيا تكشف ذاك البون الشاسع بين الجمهور النموذجي، ذي الوعي السيميائي الذي تتحدث السيمائيات باسمه، والجمهور الذي يتحدث عنه علماء الاجتماع من منظور الاستخدامات. 
يصعب على كل دراسة سيميائية جادة لأي نص إعلاني أن تتجاهل طريقة رولان بارث في تحليل الصورة الإشهارية  لمادة " السباغيتي " spaghetti" " من ماركة بنزاني " Panzani". لكن هل يستطيع أي قارئ لهذه الصورة الإعلانية أن يستخلص ما استخلصه رولان بارث؟ لقد كشف هذا الأخير كيف أن هذه الصورة تعبر عن الروح أو النزعة الإيطالية، من خلال استقراء ألوان المواد الموجودة في الصورة. فماذا يحدث إذا لم يصل القارئ إلى المعنى الذي بناءه الطرف الثالث؛ المحلل السيميائي؛ أي  الوسيط الضروري والمؤول الثقافي النهائي لكل فعل اتصالي؟ هل ينتفي الاتصال؟ هل يصبح المعنى ضربا من تخمين السيميائي، حتى وإن كان موفقا؟  هل تُشرّع السيمائيات وجود الاتصال أو الإعلام الذي يركض وراء المعنى بعيدا عن الجمهور؟ هل نتهم الجمهور بالغباء والعجز عن كشف المعنى الذي توصل إليه السيميائي؟ ثم ألا يحاول التحليل السيميائي أن يكتشف ملامح الإيديولوجيا في النص الإعلامي انطلاقا من قناعة بأن هذا النص يمثل مرآة الإيديولوجيا المستشرية في المجتمع، والتي تهيمن على منتج النص ومتلقيه بدون وعيهما. 
ألا يقوم الفعل الاتصالي على مفهوم " عقد القراءة"  Reading Convention  الذي يجمع المرسل مع المتلقي؟ ألا تخضع عملية الاتصال إلى الحقل الدلالي الذي يجمع أطراف عملية الاتصال. لماذا تكتفي  السيميائيات باستنباط الحقل الدلالي للمرسل أو المُتصل من إيحاءات دلالات النص فقط و لا تتساءل عن موقع المتلقي في هذا الحقل الذي من المفروض أن يكون مشتركا؟
إذا، تتوقف مسألة استنباط المعنى على "شطارة" الباحث السيميائي انطلاقا من تأويله للنص، علما أن المعنى المستنبط يتحمل استقراءات جديدة للوصول إلى معنى المعنى. إن عملية توليد المعنى بدون توقف تعد معطى تكوينيا للسيمائيات، مما يدفعها لتكون ضربا من ميتا اتصال  Meta Communication أو لغة شارحة للاتصال؟ ما يعطي شرّعية لهذا السؤال ليس لأن السيمياء تُعّد لغةً تضّم العديد من اللغات، بل لأن المعنى الأولى المستنبط من التحليل السيميائي يحتمل أن يتضمن معنى أخر، فالمعنى يولد معنى، وهكذا دواليك. 
يمكن في هذه الحالة أن يعيش الاتصال حالة من التمزق أو الضياع  إذا ثبت أن المعنى الذي توصل إليه السيميائي غير ذاك الذي قصده المرسل، ويختلف عما فهمه الجمهور. فنظرا لمرجعيتها الأدبية فإن السميائيات تنطلق مما يسمى القارئ الضمني؛ الذي يعرفه الناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو بالقارئ الذي يتخيله الكاتب عندما يكتب، والذي تظهر خصائصه من خلال النص وليس من خارجه. إن هامش وجود هذا القارئ ضيق في الكتابة الصحفية، وذلك بحكم اختلاط الصحافي بالقراء وتفاعله معهم. 
إن السيمائيات كضرب من الميتا اتصال  تدفع جزءا من الجمهور ليعيش حالة من الانفصام. لقد قامت مدرسة بالو ألتو Palo Alto   الأمريكية بمعالجة هذا المرض باعتباره يجسد خللا اتصاليا ويعبر عن حالة من ضياع الشخص في فوضى الاتصال، لأنه  يكون عاجزا عن الفصل بين الاتصال والميتا اتصال؟   
رغم أن السيميائيات تركز على عملية بناء المعنى من النص، إلا أنها تسعى، عمليا، للاقتراب من تأثير النص على المتلقي، انطلاقا من قوته المحايثة. فماذا فعل بارث في مجمل نصوصه التي جمعها في كتابه الموسوم: مثيولوجيا" والذي صدر في 1958؟ ألم يتصدى إلى تفكيك المثيولوجيا الحديثة التي تصنعها المواد الإعلامية والثقافية والطقوس الاجتماعية  من خلال الكشف عن  تذويب الايديولوجيا البرجوازية في الممارسة الاجتماعية اليومية، وتحولها إلى شيء  طبيعي؟ ألا يعد هذا التذويب تجسيدا لسلطة النص؟ أليس مفهوم " سلطة النص"  تعبيرا مجازيا عن تأثيره البديهي؟
لقد أكد رولان بارث مبكرا بأن البحث السيميائي يشترط القبول منذ البداية بمبدأ تحديدي... الإقرار بوصف الأحداث المُجمعة من وجهة نظر واحدة، وبالتالي عدم الأخذ من الأحداث غير المتجانسة سوى تلك التي تهم وجهة نظر هذه.
إن ارتهان الفكر المعاصر إلى العقل الأداتي دفع  مؤسسات التسويق المادي أو الرمزي إلى الاستعانة بما توصلت إليه السيميائية من عُدّة منهجية، ومقاربة نظرية، وذلك لترسيخ الاتصال النفعي أو الآداتي في المجتمع.
إن استثمار الإرث السيميائي في دراسات التلقي يتطلب عدم الاكتفاء بدراسة رسائل الاتصال  من منظور الشفرات الخاصة بالمرسلين، والقيام بتحليل مضمونها انطلاقا من الشفرات الخاصة بالجمهور. فالتلقي يجري على مستويين متمايزين: ففي المستوى الأول تجري عملية فك الشفرات من قبل المتلقي، والمستوى الثاني يمتد إلى التفاعل مع المضامين، بشكل امبريقي وليس من باب تخميني.
لعل ما سبق تحليله يكشف عن الاختلاف الجوهري بين البنيوية والسيمائية، مما يوحي بأن كل محاولة التوفيق بينهما تبدو صعبة أن لم تكن مستحلية، لاختلاف أسسهما الفلسفية. هذا لم يمنع قيام بعض المحاولات الجادة، ضمن أفق ورؤى جديدة، تحت لافتة عريضة وهي: " السيميائية البنيوية".
إذا كان البعض يطلق مسمى البنيوية السيميائية تجاوزا للتأكيد على مرجعها اللساني، وتوظيفها للإرث المفاهيمي الدو سوسري ( نسبة إلى دوسوسير).  فإن القليل من استخدمها ضمن أفق نظري مختلف. ففي هذا الإطار تأتي مساهمة الباحث السيميائي ، غريمس  ألغيرداس جوليان  Algirdas Julien  Greimas ، الذي سعى في كتابه المعنون: " السيميائية البنيوية: بحث عن منهج"، في 1966 إلى البحث عن الوحدات الصغرى المُشكّلة للمعنى. واقترح تحليل عالم الدوال من الداخل مع الاستعانة بالمساهمات الخارجية التي تتدخل في ميلاد المعنى، وتساعد في استجلاء  رؤية النص للعالم. هذه الرؤية ليست إسقاطا للمحتويات الخاصة التي تلوّن العالم المدرك. إنها عبارة عن شبكة للقراءة، ومبدأ تنظيمي ذي بعد عام، والذي يتشكل من خلاله العالم فينتج المعنى. إن هذه الشبكة تهيكل الرؤية للواقع وتظهره كعالم دال يجعل من العالم والحياة " استعراضا صغيرا" Show  Small  يُعاد إنتاجه بملايين النسخ.  
قدمت البنيوية السيميائية الكثير من المفاهيم التي طورت الدرس السيميائي لاحقا، مثل: العامل Actant، والتشاكل أو النظير Isotopy ، والعقد  Contract، و الخطاب Discourse  وأثرت مسيرة البحث عن المعنى. لكنها لم ترسخ، في اعتقدنا، لتفرض تيارا متكاملا ومتجذرا  في مجال دراسة العلامات والرموز المختلفة يخرج الدرس السيميائي من اعتكافه على النص والاستعانة بالعوامل الخارجية التي تساهم في تشكيل المعنى. بمعنى أن ما جاء به الباحث السيميائي " غريمس"  لم يستطع أن يربط بين البنائية والبنيوية،  كما هو الأمر بالنسبة لعلم الاجتماع. فالبنائية البنيوية التي ساهم عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو في ترسيخها ترتكز على ضرورة الربط بين الموضوعي والذاتي. فالموضوعي يتمثل في البنى القائمة في الواقع الاجتماعي بمعزل عن إرادة ووعي الأشخاص والتي توجه أو تعارض أنشطتهم. أما الذاتي فيتمثل في حركة الأفراد الواعية في بناء الواقع. وقد تبلور هذا الربط في صياغة مفهوم " Habitus الذي يدل على حضور البنية الاجتماعية  غير الواعية  بالنسبة للفرد والمحددة بالمبادلات بين الأشخاص.
الخاتمــة:
رغم أن السيميائية قدمت إنارة جديدة لفهم المنتجات الإعلامية والثقافية والفنية إلا أن البحوث العلمية في مجال علوم الإعلام والاتصال في المنطقة العربية لم تنفتح ، كثيرا، على الدرس السيميائي.  
ففي هذا الإطار تبيّن متابعة ما كتب عن السيميائيات  وتطبيقاتها في المجلات التي اهتمت بها ، مثل: الفكر المعاصر (الكويت)، وفصول ( مصر)، وعلامات ( المغرب)  و علامات في النقد ( السعودية) أو في شبكة الانترنت، إن قسما كبيرا منها هو عبارة عن ترجمة لكتابات المختصين في السيمائيات من لغات أجنبية: الفرنسية، والانجليزية، والاسبانية. والبقية هي نتاج نقاد وأساتذة الأدب. أما مساهمة أستاذة الاتصال والإعلام فهي جد متواضعة. إن المهتمين بالأدب هم الذين انشغلوا، أكثر، بالدراسات السيميائية للإعلانات، والصورة الثابتة والمتحركة، والمسرح، والخطاب، والتمثلات الثقافية، والدعاية السياسية، والاتصال، ولازالوا مهتمين بما تطرح من إشكاليات نظرية وتساؤلات منهجية.
إن القسم الأكبر من الدراسات الإعلامية في المنطقة العربية مازال رهين الرؤية البرسلونية ( نسبة إلى عالم الاجتماع الأمريكي، برنارد برسلون   B.Bereslon )  للمحتوى الظاهر التي سجنته في تكميم العلامات والرموز دون مساءلة أبعادها الضمنية. والبحوث الإعلامية  القليلة التي حاولت أن تنفلت من الحصر الكمي للمحتوى، وتقدم قراءة جادة للسرد الصحفي والخطاب المرئي مازالت تبحث عن شرعية علمية في المنطقة العربية، وفي فضاء أكاديمي لم يتمكن بعد من مقاربة الظاهرة الإعلامية من منظور المعنى وليس التأثير، لأنه البنائية كمنهج وتصور لم تتبلور بعد في الدراسات الإعلامية العربية.
إن التعامل مع وسائل الإعلام من زاوية التلقي في المنطقة العربية يتطلب الإطلاع على القضايا والإشكاليات التي تطرحها البنيوية والسيمائية في استجلاء المعنى، وتوظيفها لتوسيع الأفق المعرفي لعلوم الإعلام والاتصال.
أخيرا، نتمنا أن يساهم هذا البحث في فتح النقاش العلمي في المنطقة العربية عن وسائل الإعلام ضمن أفق جديد يستثمر المكتسبات العلمية في مجل إنتاج المعنى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السيميائيات وإستراتيجية وبناء المعنى ـ د. نصر الدين لعياضي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

السيميائيات وإستراتيجية وبناء المعنى ـ د. نصر الدين لعياضي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الدين وإنتاج المعنى
»  حول الدين والمستقبل 13 يناير 2014 بقلم عبد الجواد ياسين قسم: الدراسات الدينية تحميل الملف حجم الخط -18+ للنشر: حول الدين والمستقبل[1] محاور الدراسة: - حول الدين والمستقبل: ماذا يعني السؤال، الآن، عن مستقبل الدين؟ - السياق الأول: أو الدين في موقع الدف
» الدين الأخلاقي في مقابل الدين التاريخي (دراسة في فلسفة الدين عند كانط)
» المشروع السياسي العربي وبناء الدولة
» الدين والسينما، الدين في السينما ! (2/1) الأربعاء 13 حزيران (يونيو) 2012 بقلم: الصحبي العلاني

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: