حمادي فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1631
تاريخ التسجيل : 07/12/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | البعد المشهدي في الخطاب السياسي ـ ترجمة : عبد القادر ملوك | |
[b class="ja-thumbnailwrap thumb-right" style="margin: 0px 0px 10px 15px; padding: 0px; border: 0px; float: right; color: rgb(0, 0, 0); font-family: Arial, 'MS Sans Serif', Fixedsys, Tahoma, Helvetica, sans-serif; font-size: 15px; font-weight: bold; line-height: 18px; background-color: rgb(255, 255, 255); width: 250px;"][/b][b class="itp-fshare-floating" style="margin: 0px; padding: 0px 0px 5px; border: 1px solid rgb(204, 204, 204); background-color: rgb(255, 255, 255); width: 80px; color: rgb(0, 0, 0); font-family: Arial, 'MS Sans Serif', Fixedsys, Tahoma, Helvetica, sans-serif; font-size: 15px; font-weight: bold; line-height: 18px; text-align: center !important;"] 0inShare Share on Tumblr
[/b] [b style="margin-top: 15px; margin-bottom: 15px; border: 0px; color: rgb(0, 0, 0); font-family: Arial, 'MS Sans Serif', Fixedsys, Tahoma, Helvetica, sans-serif; font-size: 15px; font-weight: bold; line-height: 18px; background-color: rgb(255, 255, 255); text-align: right;"]باستطاعة الحس المشترك أن يلاحظ بسهولة أن الخطابات السياسية الراهنة، و التي من جملتها تلك السجالات السياسية التي تطل علينا موسميا في فترة الانتخابات، يطغى عليها الطابع المشهدي/الفرجوي. فقد استبدلت إجراءات و تقنيات كلاسيكية كثيرة، اليوم، بعناصر أخرى تمت إعارتها من فن المشهد/الفرجة art du spectacle، و من تقنية التلفزيون الذي يمتلك تأثيرا كبيرا على المشاهد العالمي. هكذا فعلى السؤال البلاغي: "لكن أين هو ثلج الامس؟" سوف نجيب بأن ثلج الامس قد تعرض للانهيار لأن الظروف المناخية تغيرت ! العالم بأسره تغير، إمكانات الحديث مع الاخرين أضحت متعددة، إشكال المسافة لم يعد قائما بفعل إمكانية الاتصال المباشر التي ساهمت فيها التقنية المابعد حداثية، الاذواق بدورها اختلفت. لهذه الاسباب، كان من اللازم أن تتغير شروط فن القول كذلك. لقد كان لاضفاء البعد المشهدي على فن القول في المجال السياسي انعكاسات مهمة على الثلاثي البلاغي القديم: الايتوس ethos الباتوس pathos و اللغوس logos . فمن زاوية نظر الإتوس (الخطيب و ميزاته) نستطيع ان نلاحظ بأن الادوار قد اختلفت جذريا. فقد بات الظهور العمومي (أمام الجمهور) لشخصيات سياسية خاضعا لإخراج mise en scène حقيقي حيث يتكلف شخص معين (ذلك الذي يسهر على تنظيم المشهد الخطابي) بتوضيب كل المشهد، كل الحركات، كل المواقف و بعبارة أخرى إنه يتدخل في كل أشواط "حضور" الشخصية الرئيسية (الشخصية التي ستتحدث). ارتباطا بهذه النقطة، نجد انفسنا ملزمين بطرح السؤال التالي: ، أ لازال الخطيب، اليوم، هو سيد مميزاته، سيد فنه، و سيد سلطته في القول؟ أ لازال هو المسؤول عن ما يفعله في وضعية خطابية ما و عن النتائج التي تتمخض عن هذه الوضعية، بل و عن الاخطاء التي يمكن أن تنجم في سياق خطابي ما؟ في الخطابة القديمة، أي خطأ جسيم في إطلالة عمومية كان بإمكانه أن يدمر مسارا سياسيا بشكل تام. أ لايزال، هذا الامر، واردا اليوم؟ من زاوية نظر الباتوس (الجمهور و مشاكل الاستقبال و التلقي) نلفي أنفسنا امام تغيرات عديدة. فالبعد المشهدي اليوم يضع الجمهور في وضعية مأزقية: ما هو الشيء الاكثر أهمية في السياسة: البعد المشهدي أم الرسالة التي تسعى الى تمريرها؟ في الخطابة القديمة كانت وظيفة توابع résidus البعد المشهدي المرافق للخطاب البلاغي (الحركات، نبرة الصوت، الايماءات) تقتصر على رفع درجة مفهومية الرسالةليس إلا. أ لاتزال هذه الوظيفة قائمة كذلك في المشهد الخطابي المخرَج mis en scène في أيامنا الراهنة في المجال السياسي؟ من الصعب تقديم إجابة إيجابية على هذا السؤال. من جهة أخرى، في الخطابة القديمة كان هناك انشغال دائم للخطيب بالتنسيق بين الافكار التي يتضمنها الخطاب، الحركات/التشوير، نبرة الصوت و بين المواقف التي ترافق التدخل الخطابي. فقد كانت القاعدة، المتعلقة بهذه النقطة، على الشكل التالي: الافكار الاكثر أهمية ينبغي ان تكون مصحوبة بتشوير عفوي، على العكس تماما من الافكار الاقل أهمية. على أيامنا، لاسيما في المواجهات السياسية، نجد أن المواضيع و الاشكالات المبتذلة، تكون مصحوبة بشحنات عاطفية مبالغ فيها، مما يجعل الخطاب السياسي ينطوي على تفاوت واضح بين التشوير و الفكرة. لماذا؟ إحدى الاجوبة الممكنة على هذا السؤال هي: أن الخطاب السياسي يروم في الغالب خداع الجمهور ! أخيرا، على مستوى اللوغوس ( اللغة التي يتأجرأ داخلها الخطاب) التغيرات همت مستويات مختلفة. لكن لنعد قبلا الى الخطابة القديمة، حيث كان الخطاب ينتمي، بكل تأكيد، الى الخطيب. هذا الاخير كان يقوًم، و كان الحكم على قدراته يتم بناء على النتيجة التي يخلفها خطابه. هل بإمكاننا أن نلمح في الخطاب السياسي اليوم ذكاء و مواقف و قدرات الخطيب؟ في أغلب الحالات، الجواب سيكون من دون شك سلبيا. من جهة أخرى، يبدو ان عملية بناء الخطاب السياسي اليوم لا تخضع فقط لضرورة تمرير فكرة ما لجمهور ما و لكن أيضا للمشهدية التي نستشعر وجودها دائما في الممارسة السياسية. كيف يمكننا، و الحالة هذه، تفسير حضور البعد المشهدي في العلاقة بين الخطابة و السياسة اليوم؟ عوامل عدة تسهم في ذلك: الاول: هوس الصورة الذي يمثل الشغل الشاغل لرجال السياسة سواء كانوا رؤساء دول، برلمانيين، أو مرشحين بمقامات مختلفة، كلهم أصبحوا منهجسين بتسويق صورة إيجابية عن أنفسهم لدى الرأي العام. و الحال انه ليس هناك، لتشييد صورة إيجابية، أفضل من مشهد يتم توضيبه بشكل يدمج داخله رجل السياسة و خطابه معا. لذلك فكل مناسبة يكون مرحبا بها: حرب العراق، الهجمات الارهابية، تخليد بعض الاحداث التاريخية...الخ الثاني: يكمن في كون المشهد يمثل، بالنسبة لكل متلقي (مستقبل الخطاب) عقبة في طريق النسيان. فالجمهور إذا لم يتمكن من نسيانك يسهل مراقبته، و إخضاعه. و من المؤكد ان كل السياسيين يرغبون في ألا يطويهم النسيان ! إن المشهد الجيد هو ذكرى تظل قائمة في وعي الجمهور. و قد عمل جاك ديريدا على تقديم تأطير نظري، في مؤلفه De la grammatologie، لمفهوم النسيان في ارتباطه بمفهوم الاثر عند حديثه عن مفهوم الكتابة.لكن إذا كان القدماء قد احتاجوا الى الكتابة في صراعهم ضد النسيان، فإن مما يبدو راجحا أن الانسان المعاصر في حاجة للمشهدية لتحقيق ذات الهدف. الثالث: يتمثل في كون المشهد بات ينظر اليه كتجسيد للسلطة، للحظوة و لقيمة رجل السياسة بصفة عامة. لكن رغم ان رجال السياسة يتصدون في خطاباتهم للمشاكل الاكثر أهمية التي تعاني منها الانسانية، الوطن او الجماعة وبكلمة واحدة القيم الكبرى للانسانية فإنهم يظلون مع ذلك أناسا و لا شيء مما يهم الانسانية يمكن أن يكون غريبا عليهم. إن الحظوة و المجد و السلطة و الاعجاب لا ينبغي، مهما كان الامر، ان تجعل الكائن الانساني لامباليا و غير مكترث.[/b] | |
|