بهروز بهبودي
العدول عن أهداف الثورة الإيرانية وهيمنة رجال الدين وتهميش
باقي المجموعات التي شاركت في انتصار الثورة مهّد لوصول حكم شمولي ينمو
بشكل أعوج من الأساس لكنه قائم على أكتاف العسكر الذي لم يدخر جهداً في قمع
المعارضين.
وفي هذه الأثناء يدعي خامنئي أن كل شيء يسير بشكل طبيعي، ولم يواجه البلد
أي طارئ. ورغم أن الوضع مؤلم لكنه علامة جيدة لقرب سقوط الديكتاتور في
البلد، لكنه في غفلة من مصيره ويجد في الأوهام وسيلة للهروب من المصائب
التي تحل بالبلد، وتراه يحذر دائماً من مؤامرات العدو، وفات عليه أن العدو
الذي يتحدث عنه هو في الحقيقة الجهل الذي يهيمن على صناع القرار في إيران،
ولم يجرؤ أحد على الاحتجاج لأنه يضفي القدسية على حكمه ويربطه في السماء.
مرشد الجمهورية الإيرانية يعيش حالة
النشوة عندما يرى حشوداً كبيرة تستقبله في الشوارع ليرددوا معه الشعارات
التي يبني على أساسها مواقفه المختلفة، لكنه لم يعرف أن معظمهم يصطفون
أمامه خشية قطع المصالح التي يحصلون عليها مقابل الولاء له.
استفتاء شعبي نزيه وحده الذي يكشف مدى قبول الشعب الإيراني للمواقف
والشعارات التي يعلنها مرشد الجمهورية الذي يعتبر نفسه خليفة الله في
الأرض.
وفي هذه الأثناء تتوافر الأرضية لمجموعة من الانتهازيين الذين یقومون بنهب
الثروات الوطنية باسم الدين دون أي مساءلة ويرددون دائماً شعار "مواجهة
القوى المتغطرسة" للهروب من المسؤولية، حيث يجلبون لمرشد الجمهورية بين
فترة وأخرى مجموعات موالية ليرددوا شعارات رنانة أمامه.
خامنئي اعترف مؤخراً بوجود غلاء في البلاد، لكن تكبّره منعه من قبول الواقع
الأليم حيث عاد وقال: "لا توجد أي قضية يعجز المسؤولون في الجمهورية
الإسلامية عن حلها". لكنه لا يريد قبول هذا الواقع بأن المشكلة تكمن فيه
وقراراته التي جلبت الويلات للبلاد.
معروف أن جنكيز خان المغولي عندما غزا منطقة بخارى في آسيا الوسطى أمر بحرق
كل ما كان أمامه، وبينما كان أحد سكان المدينة يفرّ من هول ما حل بالمدينة
سأله أحدهم: ماذا حدث؟ فأجابه بكلمات أصبحت مثلاً معروفاً وهي: "جاءوا
وأحرقوا وقتلوا ونهبوا وذهبوا".
لعل هذا أفضل وصف لأداء الجمهورية الإسلامية، لكننا لسنا في تلك الفترة،
حيث إن المحاكم الدولية مستعدة لمطاردة المتورطين بكل المصائب التي جلبوها
للشعب الإيراني، وحينها سيحصي الإيرانيون حجم الدمار الهائل الذي سيخلفه
النظام المستبد.