حتى لا يتحول الخلفي إلى "برّاح"
رشيد البلغيتي
الاثنين 22 أكتوبر 2012 - 17:28
"اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس"
جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر
علق رجل الأعمال ميلود الشعبي على استمرار حزب التقدم والاشتراكية -
الذي كان "يناضل" بين صفوفه – في حمل حقيبة وزير الاتصال الناطق الرسمي
بإسم الحكومة بالقول "إن الحزب يرتضي لنفسه لعب دور البراح" ساخرا من تعيين
خالد الناصري وزيرا في حكومة عباس الفاسي، و"البرّاح" كما يعرفه المغاربة
رجل ذو صوت جهوري يكلفه أصحاب السلطة بإذاعة معلومة أو خبر أو توجيه داخل
الأسواق ووسط الدواوير قبل أن تأتي وكالة المغرب العربي للأنباء و محطات
الإذاعة بالرباط و قنوات التلفزة الرسمية التي أصبحت تقوم بهذا الدور على
أكمل وجه.
في تصريح صحافي أدلى به لقناة "ال سي أي" الفرنسية وصف نبيل بن عبد
الله عندما كان وزيرا للإتصال وناطقا رسميا باسم الحكومة الصحافي علي
المرابط بأنه «نمام»، ورفض إطلاق صفة "الصحافي" عليه وأضاف «لقد جاء الى
الصحافة عن طريق الإنزال، بعد أن طرد من وظيفته في وزارة الخارجية منذ
سنوات، وربما بقي يكن حقدا بسبب ذلك" وزاد وزير الاتصال السابق أن "المرابط
ضد تعميق وتجذير الديمقراطية في المغرب، ويشكك بشكل منهجي في كل المكتسبات
الديمقراطية التي تتحقق في البلاد، من خلال طرق غير مقبولة إطلاقا".
هذا التصريح القاسي جدا جاء في وقت حكمت فيه محكمة الاستئناف على
لمرابط بثلاث سنوات سجنا نافذا و غرامة مالية مع تأييد الحكم الابتدائي
القاضي بمنع صدور الأسبوعيتين «دومان» و«دومان مغازين» وتطبيق الفصل 400 من
قانون المسطرة الجنائية الذي يجيز للمحكمة الابتدائية بطلب من النيابة
العامة أن تصدر حكما خاصا مدعما بأسباب تأمر فيه بإيداعه في السجن أو
بإلقاء القبض عليه.
بعد تجربة نبيل بن عبد الله جاءت تجربة خالد الناصري في إطار استمرار
حزب التقدم والاشتراكية في "خدمة الوطن و تحمل مسؤولياته التاريخية" التي
تتجسد في البقاء داخل الحكومات المتعاقبة بغض النظر عن السياق، و تحمل
"المسؤوليات" داخل الوزارات المختلفة التي ظهرت فيها المواهب المتعددة
للأمين العام للحزب الشيوعي الذي يضع "ملاسة" السكنى والتعمير و ينفض عنه
غبار الاسمنت و يطوي تقارير البيوت الآيلة للسقوط ليلبس "بلوزة" الخبير في
الإعلام و يرمم تصدعات "دفاتر التحملات" وبعد الانتهاء من كل هذا يعوض منجل
و مطرقة الاشتراكيين بسبحة في اليد اليمنى و سجادة في اليد اليسرى ويتحول
إلى "وزير حج" يهرول كما فعل دائما بين الصفا والمروى و يطوف بالوفد
الرسمي طواف الإفاضة قبل الوداع.
خالد الناصري عندما كان يشغل وظيفة وزير الاتصال الناطق الرسمي بإسم
الحكومة ظهر على الدوام منفعلا في تصريحاته، مشككا في نوايا "الخصوم"،
يرفع خنصره ذو الخاتم الثقيل في كل مداخلة تلفزيونية و يشير ببنانه اتجاه
الكاميرا حتى استحق على سلوكه هذا لقب "الناصري مول الشاقور"، لقب ألصقه به
عدد من رواد الشبكات الاجتماعية في تشبيه للوزير برجل ظهر نصف عار على
"اليوتوب" يحمل فأسا وهو يتوعد شباب 20 فبراير المعارضين بالويل و الثبور
وعظائم الأمور.
تجاوزت الأمور القول المنفعل الى الفعل المنفعل، فحمل وزير الاتصال
الناطق الرسمي باسم الحكومة الهاتف الذي رن في دبي بالإمارات العربية
المتحدة، فأخبر المسؤولين في قناة "دبي الفضائية" أن جلال المخفي مراسل
القناة بالرباط عضو فاعل في حركة 20 فبراير، ليرد الامارتيون فيما يشبه
التعبير عن عمق التخلف الذي يجمع بين "البلدين الشقيقين" بطرد جلال و معه
أخوه الأكبر عمر الذي اشتغل رئيسا للتحرير داخل القناة لمدة سبع سنوات.
سبب هذا التذكير بمحطات مؤسفة قامت فيها وزارة الاتصال بإخصاء تجارب
صحفية ولود، هو الخوف من أن يتأكد أن "الإخصاء الصحفي" عمل منهجي يستمر وإن
اختلفت أسماء وزراء الإعلام، و يتكلف به الاشتراكي كما الإسلامي حتى يتحول
الصحفيون الى "حراس سرير" يخدمون الحريم ويعزفون الآلات الوترية لتبديد
وحشة الحكام داخل البلاط بدل الإخبار والتحقيق و تنوير الرأي العام على
قاعدة المهنية واحترام الأخلاقيات.
خوف أعبر عنه اليوم للوزير مصطفى الخلفي الذي ظهر غير مقنع بالمرة، وهو
يدافع عن قرار سحب الاعتماد من عمر بروكسي صحفي وكالة الأنباء الفرنسية.
قرار جائر و ظالم لم يستطع الوزير توقيعه منفردا فنسب للحكومة مجتمعة في
ملف تحولت فيه هذه الأخيرة إلى خصم وحكم بتنفيذها لحكم جاء من خارج
أسوارها، كلف وزير الاتصال بلعب دور "البراح" فيه، وهو ما لا يليق بشاب لبق
و ذكي مارس "مهنة المتاعب" قبل الاستوزار ويعلم أن السمعة أهم من منصب
زائل و كرسي سيغادره مباشرة بعد انتهاء زواج المتعة الذي يجمع حزب العدالة
والتنمية بـ"أولي الأمر".