لماذا ترفض أمريكا التدخل في سوريا عسكريا؟
مركز الراسات المعاصرة
2012-03-14
دعونا ننطلق من قاعدة أن الخير لا يأتي من أمريكا وحلفائها
أبدا. فأمريكا على طول الخط ضد مصالح الشعوب العربية، والمثال العراقي
والأفغاني والليبي لا زال حاضرا أمامنا، وعليه نرفض أي تدخل لأمريكا
وحلفائها في سوريا، تماما كما رفضناه في ليبيا والعراق وأفغانستان، لأن ما
يهم أمريكا في المقام الأول هو أمن المؤسسة الإسرائيلية، وفي الوقت الراهن
تصب مصلحة المؤسسة الإسرائيلية في بقاء نظام الأسد في السلطة، فهذا النظام
الذي حافظ على أمن المؤسسة الإسرائيلية طيلة ما يزيد عن أربعة عقود من
الزمن هو الضامن الوحيد لعدم استخدام ترسانة تضم أسلحة كيماوية وبيولوجية،
بالإضافة إلى المئات من الصواريخ البالستية ضد المؤسسة الإسرائيلية.
أمريكا لن تتدخل عسكريا في سوريا إلا إذا تأكدت أن النظام
السوري غير قادر على قمع المعارضة والحفاظ على السلاح، فالمطلوب أمريكيًا
هو عدم وصول الترسانة العسكرية إلى يد الشعب السوري الممانع الحقيقي
والداعم الحقيقي للمقاومة الفلسطينية، فأمريكا تعلم علم اليقين أن الشعب
السوري ضد التدخل الأجنبي، وعليه فهي تستنزف هذا الشعب عن طريق فسح المجال
لآلة حرب النظام كي تقتل وتدمر، وذلك لتحقيق أحد هدفين: منح النظام فرصة،
أو تدمير سوريا على غرار ما حدث في العراق. ففي الحالة الأولى تعطي فرصة
للنظام من أجل البقاء، وفي الحالة الثانية فإنه إن لم ينجح النظام في
البقاء فسوف تستغل أمريكا وحلفاؤها دعوات بعض الجهات المحسوبة على المعارضة
من أجل التدخل عسكريا والقضاء على الترسانة العسكرية وتدمير البنى التحتية
في سوريا حتى يبقى الشعب السوري بدون أسنان لكي يستجدي الغرب ولا يفكر في
أية مواجهة مع المؤسسة الإسرائيلية أو حتى دعم المقاومة الفلسطينية.
إن كلام ليبرمان عن أن المؤسسة الإسرائيلية مستعدة لمساعدة الثوار والسكان
في سوريا لا يمكن تفسيره إلا أنه تلميع لنظام الأسد، فالهدف الإسرائيلي
واضح؛ وهو شيطنة المعارضة والجيش الحر، كما حاولت أمريكا شيطنته من خلال
الحديث عن وجود خلايا للقاعدة في صفوفه.
إن ضرب النظام السوري لن يتم إلا إذا فشل في قمع المعارضة، وهذا بات واضحا،
فالهدف الأمريكي هو ضمان عدم وصول سلاح النظام للمعارضة، تماما كما حصل في
السيناريو الليبي، أما الحديث عن أن الولايات المتحدة تخطط لضرب النظام
لأنه نظام ممانعة فهذا وهمٌ يجب أن يختفي من عقول السذج المغرر بهم،
والدليل على ذلك أنه على مدار عقدين من الزمان تنقل سوريا الصواريخ لحزب
الله، ولكن واشنطن وتل أبيب لم تحركا ساكنًا ضد النظام السوري، والسبب في
ذلك واضح ؛ فأمريكا كانت متأكدة أن النظام لم يكن يشكل تهديدا لأمن المؤسسة
الإسرائيلية، وذلك باعتراف رئيس الأركان الاسرائيلي الذي تحدث مرارا من
خلال وسائل الاعلام الاسرائيلية أن سوريا كتابٌ مفتوحٌ، وأمريكا تعلم أن
هذه الحالة ستتغير في حال وصول حكومة وطنية منتخبة إلى سدة الحكم في سوريا
تمثل جميع أقطاب الشعب السوري.
هذا النظام السوري "الممانع" لا يقل سوءا عن قطر والسعودية، فكما أن
الأخيرتين يتهمهما نظام الأسد بأنهما عميلتان للغرب، حوّل الأسد سوريا إلى
دولة ذيل لإيران وروسيا والصين، فقد باع نظام الأسد سندات الخزينة السورية
إلى كل من روسيا والصين وإيران، كما سمح لهذه الدول ببناء قواعد عسكرية
داخل سوريا...، إذا ما هو الفرق بين نظام الأسد والنظامين السعودي
والقطري؟!
إن التدخل الأجنبي في سوريا سيزيد من مأساة الشعب السوري، فنظام الأسد يقتل
يوميا أكثر من مائة شخص، يغتصب النساء ويقتل الأطفال، ولكن التدخل الأجنبي
سيزيد من هذه المعاناة، والدمار سيتضاعف . وعليه فإن الشعب السوري لا
يحتاج قرارا أمميا بالتدخل الأجنبي وإقامة مناطق عازلة، لأنه نجح فعلا في
إقامة مناطق عازلة في عدة مناطق من سوريا، والمطلوب هو تزويد هذا الجيش
بالسلاح من أجل القضاء على هذا النظام الذي يستخدم قطعان جيش المهدي الشيعي
العراقي، والباسيج الإيراني، وقناصة حزب الله، لقتل أبناء شعبه.