حجم الخط: ماهر أبو طير
ليس مستبعدا التدخل البري في سوريا نهاية المطاف، فهذا التدخل حصل اساسا منذ فترة طويلة وليس جديدا، كما يحاول البعض تصويره هذه الايام، وان كان لم يصل الى سقفه الاعلى.
بماذا نسمي وجود القوات الإيرانية والروسية وقوات حزب الله في لبنان، أليس وجود هذه القوات العسكرية، يعتبر تدخلا بريا، حتى لو تم بموافقة دمشق الرسمية، وهذا يضاف اساسا الى التدخل الفعلي في الساحة السورية، برا وجوا، من خلال عمليات القصف التي ينفذها الروس وقبلهم تحالف واشنطن ومن معهم؟!.
بماذا نسمي تدخل عشرات الاجهزة الامنية والعواصم، ودخولها على خط الثورة السورية، ودعمها للمقاتلين وتدفق المقاتلين العرب والاجانب الى سوريا، وهذا شكل اخطر بكثير من شكل التدخل البري المباشر.
معنى الكلام ان احتمال حدوث تدخل عسكري بري يوما ما، من قوى عسكرية وتحالفات أمر ممكن، عبر اي حدود لسوريا، فالامر ليس مستحيلا، حتى بمعنى القانون الدولي الذي لا يأبه كثيرون بمحرماته.
اي كلام عن تدخل بري ضد داعش، سوف يفهمه هذا المعسكر بأنه مجرد تغطية على الهدف الأساس، اي السعي لتحطيم واضعاف المعسكر السوري الايراني الروسي الممتد، ومثل دمشق لا يمكن لها ان تصدق ان القصة قصة داعش، بل سوف تفهم المشهد باعتباره تحطيما للنظام، وسعيا للتقسيم في سوريا وتحجيما للروس ومن الاهم من عرب ومسلمين.
تحذيرات دمشق الرسمية وطهران من التدخل البري امرمفهوم، فهم يقبلون تدخلا يكون مضمونا في سياق مصالحهم، لكن حين يأتي عنوة، وخارج ارادتهم يصير موجها اليهم فقط.
في كل الحالات يبدو واضحا ان سوريا تختطف العالم باتجاه حرب كبرى، تفوق الذي نراه حاليا، كما ان التدخل البري في حال وقوعه، سيؤدي الى مواجهة اشمل واعم واخطر بين دول العالم، وبحيث تتحول سوريا هنا الى سبب لتفجير حرب عالمية ثالثة، دون أي مبالغات، لأن صراع القوى سوف يتكثف على ارضها.
مهما حاولت اطراف كثيرة الترويج لتسوية سياسية، بشأن الملف السوري، فإن الواقع الميداني معقد جدا، ويأخذ كل المنطقة نهاية المطاف، الى حرب برية في سوريا، لحسم الصراع، وداعش هنا، مجرد حلقة صغيرة، تستدرج المنطقة الى هذه الحرب، لكن اسباب الحرب ودوافعها، اكبر بكثير من داعش.
كل الاطراف تحاول تجنب حرب برية مؤلمة في نتائجها الدموية، وهي حرب اذا وقعت ستكون خسائرها، غير محتملة، اقلها تورط عواصم في مخاضات سورية الدموية، فوق مقتل اعداد كبيرة، لكن سوريا لا تترك لأحد اي خيار، اما الحرب البرية التي يتصارع عبرها العالم، واما الاستسلام والإعتذار للرئيس الاسد، ومن معه؟