سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3149
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | واخيراً .. لا مفرّ من الدم ..!! رسالة الى البرادعى والنخبة المصرية: | |
واخيراً .. لا مفرّ من الدم ..!! رسالة الى البرادعى والنخبة المصرية: أحمد صبحى منصور 2010 / 12 / 17 (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)(الرعد 11 ) أولا : ـ الأستعمار الغربي والمحتل المحلي 1 ـ انتصر غاندي على انجلترة التي لم تكن تغيب عنها الشمس ، أنتصرعليها سلميا بدون سلاح ، لأنه خاطب الضمير الأنجليزي المتحضّر فاضطر المستعمر الإنجليزي إلى أن يخفي انيابه ويخجل من نفسه ، وغادر الهند التي كانت درة في التاج البريطاني .غاندى تعلم من المصريين وثورة 19 وليبراليتها المدنية المنفتحة على الغرب . إختلف الحال فى مصر بعد أن ركبها الحكم العسكرى منذ 1952. تخيل لو ظهر غاندي بدعوته السلمية النبيلة الآن في حكم الرئيس حسني مبارك .. كانوا سيغتصبونه وينفخونه ويلقون بجثته في النيل ..! على طريق غاندي سار القس الأمريكي الأسود مارتن لوثر كينج يطالب بالحقوق المدنية للامريكان السود ملتزما بالقيم الأمريكية واللا عنف، وانتصر لأنه خاطب الضمير الأمريكي المتحضّر .وبنفس الحال تقريبا نجح نيلسون مانديلا مع الرجل الأبيض المتحكم في جنوب أفريقيا ؛خاطبه مانديلا من داخل الثقافة الغربية العلمانية وضميرها الأخلاقي ونجح .أترك لك عزيزي القارئ أن تتخيل ماذا سيكون مصير مارتن لوثر كينج ونيلسون مانديلا لو ظهرا في عصر حسني مبارك ، حيث تبلد ضمير النظام وأصبح يفاخر بالتعذيب ويقنن التزوير ويمارسه علنا على الملأ أمام أعين العالم ، ويؤيده شيوخ الدين الأرضى السّنى ليستمر فى القهر والتعذيب والفساد والاستبداد. 2 ـ عندما ظهرت حركة الجيش وحكمت شعبا مطيعا هلّل لها وكبّر ردت التحية بما هو أسوأ ؛ إذ دمرت حكم القانون وأحلّت محله حكم اللاقانون أو الحكم العسكرى الذى يوجه سلاحه الى الشعب المصرى الأعزل ، ثم يجد تبريرات وطنية وقومية فى العهد الناصرى ، ثم تضاف اليها تبريرات سلفية وهابية فى عصر السادات ، ثم يأتى حكم مبارك بحكم بوليسى بجح لا يعرف الخجل. هذا يجعلنا نتساءل عن مصير حركة البرادعي في نهاية عصر حسني مبارك . ثانيا : بين البرادعي والسنهوري كلاهما رجل قانون محترم وإن كان السنهوري أعلى قامة وأعظم هامة ، وكلاهما واجه الحكم العسكري . السنهوري أيد الأنقلاب العسكري وكان يأمل في في ان تكون حركة أصلاحية ،وسرعان ما اختلف مع الضباط الشبان المتحكمين فى مصر، وانحسم الخلاف بين ممثل القانون وحكم العسكر بسهولة مخزية ومحزنة ، إذ ذهبت فرقة من الجند إلى مكتب السنهوري فحطموه وضربوه علقة سخنة أضاعوا فيها تاريخه وكرامته ومكانته ، وأعلنوا بها مبكرا إنتهاء دولة القانون فى مصر و تأسيس حكم الغاب ،أو اللاقانون . مبكرا جدا انتهي دور السنهوري وانتهى معه حكم القانون وهيبة القانون ، ودخلت مصر منذ عهد عبدالناصر وحتى الآن فى حكم قانون الغاب ، حيث الأحكام العرفية الإستثنائية وقانون الطوارئ، وأصبح قانون الغاب جزءاً من الثفافة المصرية تجذر في نفوس المصريين منذ عام 1952 وحتى الآن . وتراجع الأحساس بالكرامة والعزة وحل محلها ثقافة العبيد من المحكوم وثقافة الأستعباد من طرف الحاكم .وفي عصر مبارك 1981 إلى الآن تسيد التعذيب والفساد وشراسة الدولة البوليسية التي لا تأبه بأي انتقادات دولية في موضوعات حقوق الإنسان. في اواخر عصر مبارك 2010 تحول الأمر إلى صرع وجود يدافع فيه مبارك عن نفسه وأسرته واتباعه المرتبطين به ، ولهذا يتعامل مع الرأى المخالف والمظاهرات السلمية ومحاولات الاعتصام المدنى بأقسى درجات العنف رافضا أى احتجاج دولى ، كمن يتصرف مع قطيع من الأنعام يملكه ويرى أن من حقه أن يتعامل معه كيف يشاء ، لذا يغضب لو تدخل أحد فى شئونه الخاصة وكيفية تعامله مع ممتلكاته . فى ضوء إزدياد المعارضة أصبح مبارك يتعامل مع المصريين طبقا للمثل الشعبي القائل :" إما قاتل وإما مقتول ". ولأنه القاتل الذى يحتكر القوة ، ولأن الشعب المصري هو الضحية فلا مجال للنخبة الوطنية المدافعة عن الشعب المصرى المسكين إلا أن تواجه بصدرها العارى قوات مبارك المسلحة فى استعداد كامل للموت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصر وشعبها ومكانتها وما يليق بها .مواجهة هذا الحكم لا تكون إلا بالاستعداد التام لبذل الدم الفورى ، لأنه لا يعرف سوى لغة القوة وقد إستمرأ استعمالها ضد الشعب الأعزل وأدمن تعذيب الأبرياء دون وازع من إحساس أو ضمير أو دين. البذل الفورى للقليل من الدماء الآن ينقذ مصر من حرب أهلية وانهار دم فى الغد القريب . لقد ظللنا ـ دون جدوى ـ ندعو الى الاصلاح السلمى ونحذّر من اللجوء للعنف ونراهن على وجود مسحة من تحضر وبقية من ضمير ،فإتضح لنا الآن أن رهاننا كاذب ، وأن لا مفر من بذل القليل من الدماء فى مواجهة محسوبة تفاديا ـ وقبل ـ أن تنزلق مصر الى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس . هذه هى الحقيقة التى يجب أن تعيها أذن واعية حتى لا نظل نتوه فى أمنيات فارغة وأحلام ضائعة ، فالعلاج السليم للمرض يتأسس على التشخيص الحقيقى للمرض ؛ والمرض هنا هو حكم عسكرى يحكم بالقوة وقانون الغاب شعبا وديعا مسالما حوالى 60 عاما فأوصله للحضيض. تخيل ان السنهوري صحا من قبره ورأي حالنا اليوم وهو أفظع وأضل سبيلا من عام 1953 .. ماذا سيفعل السنهوري ؟ كان سيعود سريعا إلى قبره .تخيل ماذا كان سيقوله للسنهوري لتلميذه المتأخر المعاصر محمد البرادعى . كان سيقول له تعالى معي يا برادعي وأدخل معي القبر ، فلا مكان لنا ولا مكان للقانون في بلد يحكمه قانون الغاب ، ولا مجال للنضال السلمي الواهن في نظام لا يعترف إلا بقوة السلاح ولا يعيش إلا على مص الدم وسفك الدم ،ولا يعرف من أنواع الدماء التي يسفكها إلى دماء الشعب المصري، فلم يحدث له أن انتصر إلا على الشعب المصري منذ عام 1952 .. ثالثا :لا بد من التغيير الذاتى وإلا فالفشل حتمى:(إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ) (أ ) سيفشل البرادعي إن لم يقم بتغيير نفسه : لو ظل على نفس منهجه سيفشل ، ولن يمضي لنهاية الطريق للأسباب التالية : 1/1 : لأنه رجل محترم ينتمي لأصحاب الياقات البيضاء ، ولم يسبق له أن تعرض للبهدلة في السجون مثل سعد الدين ابراهيم وكاتب هذا المقال ونخبة أخرى من المناضلين أمثال أيمن نور وحمدين صباحي وبعض قيادات الأخوان . 1 / 2 :ولأنه رجل قانون نظرى ومحترف للعمل المكتبى البيروقراطى فمن المستبعد ان يدخل في مواجهة فعلية حقيقية مع النظام فى الشارع ، فالذى عرف طيلة عمره الوظيفى التعامل المتحضر مع النخبة القانونية المثقفة فى العالم كيف له أن يتعامل مع اللاقانون فى الشارع حيث الغلبة لبلطجية الحزب الوطنى وفتوات رجال الأعمال الجدد وجنود الأمن المركزى ؟ ومن سينتصر فى هذه المواجهة ؟ومن الذى سيتعرض للاهانة والبهدلة والضرب واحتمال القتل فى المعمعة فيضيع دمه بين القبائل؟ .هذا يجعله مترددا فى خوض تجربة لم يعرفها من قبل ولم يتأهل بعد لخوضها. 2 : ويرجح هذا أنه فى تصريحاته ومواقفه يبدو مترددا غير محدد إلا فى اشتراطه أن يقوم مبارك بتغيير الدستور مسبقا ، مع حرصه على الغياب عن مصر حين يكون وجوده ضروريا ، وكل ذلك كى يتجنب الصدام المباشر مع النظام ، مكتفيا ببيانات مكتبية بيروقراطية ، ولقاءات هامشية مع النخبة مبتعدا عن مناضلى الشارع الحقيقيين ، أو الذين يمكنهم أن يكونوا حقيقيين لو وجدوا فيه الشخص الملهم المستعد للتضحية بأن يتقدمهم فى المواجهة فى الشارع . يرجح هذا أيضا أنه دخل الموضوع عرضاً بعد خروجه على المعاش ووجود وقت فراغ لديه يريد ان يستغله فيما ينفع الناس . وهذا التردد يوحى بأنه سييتراجع عندما يزداد الضعط عليه. هذا يستلزم من البرادعى ان يقوم بتغيير نفسه ، لو أراد أن يقوم هو بالتغيير وفق شعار التغيير الذى يرفعه . (ب ) ـ وهناك أسباب ترجع للشعب المصري : 1 : فالشعب المصري أصبح بعد حوالي 60 عاما من القهر جثة هامدة نصف حية لا تتحرك إيجابيا إلا لمتطلبات الحياة الأساس مثل رغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز او لاستجداءعلاوة أجتماعية . وقد وصل السقف الأعلى لأهتمامه السياسي إلى الحدود الدنيا لمتطلبات الحياة اليومية. 2 ـ وهو حين يتحرك فلا يثور وإنما يستجدي ويتسول من الحاكم الظالم سبب المصائب ، ، ويتمنى السلامة خلف حيطان بيته وشعاره هو ( استر يا رب ) 3 ـ شعب وصل إلى هذه الدرجة من الخضوع والسلبية لا يتصور أن يواجه بصدره العاري نظام حكم عسكري مستبد بوليسي لا يعرف سوى لغة القوة وقد تعود على سفك دماء شعبه دون أي ذرة من ضمير 4 ـ الشعب المصري بحالته الراهنة لن يستجيب للبرادعي ولن يتحرك من أجله ، إلا إذا أصبح البرادعى له ملهما ثوريا يبعث فى داخل هذا الشعب نخوة ضائعة وكرامة منسية . عندها فقط يهب ثائرا ، مدافعا عن قائد يمثل قيما عليا يستحق أن يضحى الشعب من أجلها ، خصوصا إذا تنازل هذا القائد عن الراحة و النعيم وغامر بحياته فى خريف العمر من أجل الوطن وكرامة الشعب المهان . هذا يستلزم من البرادعى ان يقوم بتغيير نفسه ، ليتغير الشعب وليكون الشعب المصرى حائطا صلدا يحميه . هذا لو أراد البرادعى أن يقوم هو بالتغيير وفق شعار التغيير الذى يرفعه. ( ج ) وهناك أسباب ترجع الى النخبة المناضلة .. هى نخبة من الشعب ، ومثله فهى أيضا ضحية لقهر دام أكثر من نصف قرن ، ونحن هنا لا نلومها فاللوم يوجه للظالم الطاغية و ليس للضحية . على أننا نقول إنه بالرغم من وجود كفاءات مخلصة وزعامات معطاءة إلا إن الأغلب هو العناصر السلبية فى المعارضة المصرية الحزبية منها مثلا: عدوى الاستبداد والانفراد بالسلطة والتمسك بالقيادة و حجب القيادات الشابة الواعدة ، والرضى بأن تعطى صدقية للحكم العسكرى البوليسى بأن ترضى أن تلعب له له دورا فى الديكور الديمقراطى الذى يحاول به إخفاء عورة الاستبداد ، وبعضهم أثبت أنه يمكن للنظام أن يشتريه بثمن بخس ولنتذكر كيف أفتخر بعض المناضلين بأختيارهم التعيين في مجلس الشعب القائم على التزوير، وكيف عمل مناضل قديم مثل رفعت السعيد في خدمة امن الدولة ،وكيف ينافق مناضل قديم مثل صلاح عيسى وزير الثقافة . ثم هم أخوة متشاكسون من قوميين وسلفيين وعلمانيين وشباب وشيوخ ، وبعضهم لا يزال أسيرا للثقافة القومية و السلفية، لا يزال يردد شعارات العداء للغرب ورفض التدخل الأجنبي السلمي لأرغام مبارك على الرحيل ، مع انهم لا يقدرون على مواجهة واحد على الف من قوة مبارك العسكرية والبوليسية ، ولقد كتبنا كثيرا ندعو للتدخل الأجنبى السياسى لحل الأزمة المصرية ولإجبار مبارك على الرحيل سالما مع أسرته وليستمتع بما سرق من دماء الشعب مقابل ترك مصر للتحول الديمقراطى السلمى ، ولم يلتفت لنا أحد سوى بالاتهام بالعمالة للغرب . والآن بدأ بعضهم يدعو على استحياء للجوء الى المجتمع الدولى بعد أن فاض الكيل وانعدم الأمل . فأولئك لا يفهمون إلا متأخرا. ولقد رفض زعماء الأحزاب دعوة البرادعي لمقاطعة الأنتخابات وفهموها أخيرا عندما أسقطهم النظام في الأنتخابات فقاطعوها ، ولو تعطّف عليهم أحمد عزّ ببعض المقاعد لتركوا البرادعى يأوى الى الظّل .! آن الأوان لهذه النخبة أن تتغير الى الأفضل ، وأن تدرك أن فى عنقها مسئولية شعب مقهور ، وعليها تحريره من الظلم والاستبداد ، ولن يتحقق هذا إلا بالتنافس ـ ليس على المغانم ـ ولكن على التضحية.!. ( د ) : الأمل الحقيقى هو فى الشباب: كلهم (جيل مبارك ) الذى ولد ونشأ و تعلم أثناء حكم حسنى مبارك ،وهم بثورتهم عليه يقدمون دليلا عمليا على فشله طيلة حكمه. هذا الشباب تراه فى الشارع وفى الانترنت معا . هو مبتدع المعارضة على الانترنت وربطها بالشارع المصرى ، هو صاحب ذلك الزخم والضجيج على الأنترنت ، ولقد استطاع هذا الضجيج والصخب في العالم الأفتراضي أن يفضح نظام مبارك ، وأن ينقذ الكثيرين من آلة التعذيب ، وأن يجعل العالم يتابع ما يحدث في شوارع القاهرة والمحلة والأسكندرية وكفر الدوار وكفر الزيات وحلوان والزقازيق والصعيد .. هذا الشباب محتاج الى قيادة مجاهدة مناضلة باخلاص تصعد به درجات أعلى فى سلم التضحية والفداء. هذا الشباب محتاج الى قدوة تتفوق عليه فى التضحية والفداء لا أن تتخلف عنه وتقعد تتناقش بلا نهاية خلف أبواب مغلقة . هذا الشباب يعطى لتلك النخبة الغارقة العالقة درسا يحتم عليها أن تتغير وتتأسى بأبنائها الشبان حتى تنهض لتقود الشباب فى الشارع مستعدة لبذل القليل من الدم لانقاذ مصر من بحر دماء قادم . رابعا : وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق لن يتزعزع نظام مبارك إلاّ ببذل كمية كبيرة من الدماء مرة واحدة فى مواجهة شجاعة. 1 ـ إستفزّ نظام مبارك العالم كله بما يرتكبه فى حق المصريين من تعذيب وتزوير إلى درجة لم تحتملها دولة تنزانيا الشقيقة ..!..الى هذا الحضيض وصل مبارك بمصر.!. هذا النظام مضطر لأن يدافع عن نفسه الى النهاية وهو يدخل مرحلة السقوط . لذا أدار جيشه مؤخرته لاسرائيل موجها كل سلاحه وعتاده الى الشعب المصرى الأعزل . مبارك يجهز للدفاع عنه قوات مسلحة تزيد عن المليون بالإضافة لنفس العدد من البوليس من ضباط وامناء شرطة ومخبرين ،بالإضافة إلى عصابات بلطجية تعمل عند اللزوم، وميلشيات مسلحة تتبع رجال الأعمال الذين يخدمون أسرة مبارك .. هذا النظام لم يستخدم من قواته تلك سوى أقل من واحد في المائة، وهو يحتفظ باغلب قواته عند اللزوم ، ولم يات هذ " اللزوم " بعد . 2 ـ سياسة هذا النظام مختلفة عن نظام السادات ، وأكثر منه وحشية ومكرا . كان السادات يتبع سياسة الصدمة والمفاجآت ، منها مثلا رفع سعر رغيف الخبز الذى ترتب عليه ثورة الفقراء فى 18 و 19 يناير والتى سماها السادات ثورة الحرامية . تعلم حسنى مبارك منها تجنب سياسة الصدمة ، فأصبحت الأسعار ترتفع بهدوء واستمرار شيئا فشيئا ـ ومثلها أيضا الأمراض تنتشر شيئا فشيئا ، والسرقات تتمدد شيئا فشيئا ، وبالتالى يموت المصريون موتا بطيئا دون ثورة عارمة . وفى آخر تجلياته الابداعية فى سياسة الصدمة قرر السادات فى لحظة درامية أعتقال كل القوى الوطنية الفاعلة في مصر من محمد حسنين هيكل إلى فؤاد سراج الدين إلى زعماء الأخوان وشباب الأحزاب .. جمعهم في ليلة واحدة في 5 سبتمبر 1981، وكانت النتيجة مقتل السادات فى 6 اكتوبر بعدها فى حادث المنصّة . تعلم مبارك ألآّ تكون هناك منصّة وألاّ يكون هناك عرض عسكرى ، وألاّ يكون هناك نائب لرئيس الجمهورية أو مجلس للأمن القومى ،وألا يعتقل المعارضة كلها مرة واحدة مع فرض قانون الطوارىء الذى يتيح له ويبيح له ان يعتقل الشعب كله لو شاء. يستطيع حسني مبارك أن يعتقل كل المعارضة بكل سهولة، وحين يفعل هذا لن يستخدم سوى الواحد في المائة من العاملين فعلا في قهر وتعذيب الشعب المصري، وهو لا تأخذه فى التعذيب لومة لائم . النظام لم يستخدم كل طاقاته في العنف مستعملا أقصى درجات العنف مع شعب أعزل مسالم قليل الحيلة، ولكن لا يتبع سياسة الصدمة الساداتية ، ولكن يرتكبها بالتقسيط ،فعلى عكس السادات الذي اعتقل الجميع مرة واحدة في ليلة واحدة فإن نظام مبارك يعتقل الجميع ولكن على فترات ، يعتقل هذا الفصيل ليرضي ذلك الفصيل ويطلق سراح هؤلاء ليستخدمهم عملاء ضد هؤلاء. وفي كل الأحوال لا يزال يحتفظ بالأحتياطي من قواته ، وهي أكثر من 99 في المائة .. على سبيل المثال يمكن لنظام مبارك عمل الآتى : 1 ـ ضرب البرادعي علقة ساخنة كما حدث من قبل مع السنهورى، بل قتل البرادعى عند اللزوم .. ولا يحتاج النظام لقيام أمن الدولة بالتدبير أوالتنفيذ ، فهناك عصابات أجرامية متحالفة مع النظام يسرها ان تقدم هذه الخدمة للنظام. وقتل البرادعي سيثير عاصفة من الأحتجاج العالمي ،ولكن ستنتهى الى لا شيئ طالما : 1/ 1 :ظل الشعب فى خاملا فى سباته لا هو بالحى ولا هو بالميت. 1/ 2 ": ظلت النخبة فى تشتتها وتهرؤها وهزالها وشجارها حول مصالحها ورعبها المزمن من النظام. 1 / 3 : ظل الشباب المناضل يسير بلا قيادة من جيل أسبق وأكثر حنكة وإخلاصا و قدرة على التضحية . العالم الخارجى لا يتحرك فى إيجابية ونبل إلاّ إذا تحرك الشعب المقهور المظلوم وثار وقدّم التضحية من دمائه . أما أن يظل الشعب ساكنا ساكتا وظلت النخبة ضائعة ضالعة مع المستبد فلن يتحرك المجتمع الدولى إلا ببعض البيانات الاحتجاجية .. 2 ـ بنفس الطريقة يستطيع النظام سجن بل قتل كل زعماء المعارضة من علمانيين وأخوان جزاءاً وفاقا على نضالهم السلمي وتحركاتهم السياسية البعيدة عن العنف ، ومن السهل أن تضيع دماؤهم بين القبائل ولا يعرف احد شخصية الجاني الحقيقي .ونفس الحال تصدر احتجاجات فى الخارج والداخل ، وقد تعقد مؤتمرات للصياح والتنديد والاستنكار يتم بها تفريغ الغضب ، ويتم بها فى النهاية نسيان الجريمة . ولا لوم على المجتمع الدولى لأن صاحب الشأن لم ينهض محتجا مطالبا بحقه فى الثأر مستعدا لبذل الدم . لو فعل لوجد العالم كله يؤيده ويحترمه دون أن يشفق عليه أو يرثى لحاله . 3 ـ هذه الأجراءات وغيرها يمكن أن يقوم بها النظام عند اللزوم .واللزوم هنا عندما ينجح البرادعي في حشد الجماهير خلفه في إعتصام ممتد طويل الأجل وممتد جغرافيا ليشمل مصر كلها .. عندها سيضطر النظام لتحريك العنصر الفاعل في قوات النظام المسلحة ويضرب ضربته وتسيل الدماء غزيرة . هنا فقط يمكن تدمير النظام لو : 3 / 1 : أمكن للبرادعى أن يغيّر نفسه، 3/2 : وأن تتغير النخبة والشعب معه. 4 ـ التغير المطلوب هو الاستعداد النفسى للموت ، إيمانا بأن الموت هو مصير كل حى إن آجلا أو عاجلا ، وكل منا محكوم عليه بالموت ،أو بالاعدام . ولكن هناك من يموت على فراشه بعد حياة حافلة بالذل ومن يموت واقفا بشجاعة ضد الظلم . هذا التغيير إختيار فردى يجب أن يقتنع به كل مصرى حرّ ، عليه أن يختار بين الذّل والكرامة ، وبين مصر الأبية الشامخة التى تعبر عن شعب أبىّ ومصر مبارك التى تعبر عن شخص مبارك ، وكلنا يعلم من هو مبارك وما ألحقه بمصر والمصريين . مطلوب تغيير إيجابى به يستعد الجميع لتقديم صدورهم عارية أمام قوات مبارك المسلحة . ستطلق تلك القوات النار وستقتل عشرات وستصيب المئات ، ولكن الشعب الذى قام بتغيير نفسه وتحول الى التمسك بالكرامة و الشجاعة والتضحية والفداء سيواصل الصدام ، وقد تقتل قوات مبارك المسلحة عشرات أو مئات آخرين ، ولكن سريعا ستدرك الخيانة العظمى والعار العظيم وهى تقتل شعبها ، وأنها تنتمى لهذا الشعب وأن مهمتها المقدسة هى حماية هذا الشعب وليس خوض حرب حقيرة ضده ، وأن الذى أوقعهم فى هذه الحقارة وتلك الخيانة العظمى هو خائن لشعبه اسمه محمد حسنى مبارك الذى يجب قتله وقتل كل أنصاره . عندها سيحول ميزان القوة للشعب ويتحول الجيش من جيش مبارك الى جيش مصر وتتحول القوات المسلحة من قوات مبارك الى قوات الشعب المصرى . 5 ـ يحتاج انقاذ مصر الى مجزرة تمتد يوما فأكثر يمكن فعلا بها سقوط النظام ، فالجنود المصريون من الأمن المركزي سينفذون الأوامر ويطلقون النار على أهاليهم المصرييين المسالمين المعتصمين، وقد يتكرر ذلك مرة أخرى ،ولكن في المرة الثالثة أوالرابعة سيلقون أسلحتهم ويوجهونه لقلب النظام الخائن .. وعندها سيركب مبارك أقرب طائرة ليلحق بتحويشة العمر في الخارج . هذا التحول لن يتم إلا بإراقة الدماء ، بالمواجهة بين جيش تم إفساده ليخدم الطاغية وشعب أعزل يسلط عليه الطاغية ذلك الجيش . هذه المواجهة الجماعية الدامية ستجعل الجيش يفوق من إغمائه وينتبه من غفلته ويتطهر من خطيئته ويلتفت الى حقيقة مهمته ، وهى حماية الشعب وليس قتل وقتال وقهر وتعذيب الشعب . 6ـ هذا التحول يحتاج لأن يقوم البرادعي بتغيير نفسه بعد سن الخامسة والستين ويتحول من مناضل سلمي محترم إلى مناضل ثورى يلتحم بالناس في الشارع مستعد للتضحية بنفسه، وأن يعلن أنه سيتوجه يوم كذا لميدان التحرير أو أمام دار القضاء العالي او مجلس الشعب ويطلب من الناس أن يتبعوه وان يفعلوا مثله في كل مدينة مصرية في اعلان كامل وشامل للأعتصام العام في كل مصر حتى يرحل مبارك من مصر ، ثم يتوجه البرادعى ماشيا من بيته مستعدا للموت ،وليحدث ما يحدث . 7 ـ سيكون مبارك بين إختيارين : لو ترك مبارك البرادعى سينتصر البرادعى ، لو قتله مبارك فسيصبح البرادعى أيقونة للتضحية ورمزا للفداء وسيهب الشعب للثأر له من مبارك وكلاب حراسته، إذ سيعطى البرادعى الدرس للنخبة وللشعب فقد رأوا زعيما حقيقيا لا بد أن يقتدوا به ويتأروا له ولأنفسهم من ظلم فاق الحدود .، وسيكسب البرادعى حين ينهى حياته بأشرف وأرفع ما ينتهى اليه إنسان ، ينهى حياته مضحيا بنفسه مخلدا نفسه وسط زعماء التاريخ، بنفس القدر الذى سينتهى به مبارك الى زبالة التاريخ . أخيرا لابد من الدم .. إما دم بالتقسيط .. كما يحدث في عهد مبارك منذ 1981 قتل مستمر وتعذيب مستمر تحولت به مصر لبركة آسنة من الدماء العفنة ، وتحول بها المصريون إلى جثة هامدة نصف حية ينخر في عظامها الدود لا تموت ولا تحيا ..وإما مواجهة حاسمة وسريعة يكون أبطالها من المصريين العزل من السلاح يواجهون بصدورهم العارية اسلحة الأمن المركزي مستعدين للقتل ، ويموت العشرات والمئات منهم . وبعدها سريعا يسقط المجرم وعائلته وأتباعه .. لا مفر من الدم .. والمطلوب هنا دم قليل ولكن في معركة فاصلة ونهائية تقوم مقام العملية الجراحية للتخلص من ورم خبيث ، هو ذلك الخنوع الذى مكّن شخصا مثل مبارك لأن يقهر مصر والمصريين حوالى ثلاثين عاما ، بدون هذه العملية الجراحية الحتمية فالقادم أسوأ ،حين تقوم حرب اهلية ينقسم فيها النظام على نفسه ويحارب بعضه بعضا وتتحول مصر الى بحيرة من الدماء . لا مفر من الدم العاجل القليل أو الآجل الغزير، فهذا ما وصلت إليه مصر بسياسة مبارك .. وسنعرض فى مقال قادم لسيناريو أشد بشاعة أن لم ينهض المصريون لتغيير أنفسهم ومواجهة جيش مبارك بصدورهم العارية | |
|