** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 اللغة الأمازيغية : مقاربة أنثروبولوجية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

اللغة الأمازيغية : مقاربة أنثروبولوجية Empty
23092012
مُساهمةاللغة الأمازيغية : مقاربة أنثروبولوجية

م. بوطقوقة


اللغة الأمازيغية : مقاربة أنثروبولوجية Tamazight5462Elan-300x280

لحسن أمقران

توطئة: لم تتعرض أية لغة من لغات البحر الأبيض المتوسط لما
تعرضت له اللغة الأمازيغية من التجاذب والنقاش بل والازدراء والتقريع
أحيانا، والسبب في ذلك يرجع إلى عوامل تاريخية، لازمت المجتمع الأمازيغي
منذ أن بدأ يتثاقف أو يخضع لمقتضيات الاحتلال والغزو من طرف الأمم الوافدة
التي حملت معها ثقافتها، ولطالما وصفت هذه اللغة بأنها لغة بدائية سوف يتم
اضمحلالها شيئا فشيئا كما اضمحلت اللغات البدائية الأفريقية الأخرى، وهناك
من يصفها بأنها مجرد لهجة متخلفة لا تستطيع أن
ترقى إلى درجة “اللغة” وأحرى أن ترقى إلى درجة اللغات التي تتعايش معها
كالعربية والفرنسية، لأنها تحتاج إلى معيرة وتقعيد في كل جوانبها الصرفية
والمعجمية والتركيبية، وهناك من سولت له نفسه بأن يتخذها لهجة أو فرعا من
اللغات المتوسطية الأخرى كما يحلو لبعض دعاة العروبة حينما يعتقدون أنها
تنتمي إلى اللغة العربية القديمة، وهذه التجاذبات التي لا تبني تصوراتها
على أسس علمية لها ما يبررها عبر التاريخ، ولربما كانت الجزاء الدرامي
لطيبوبة الشعب الأمازيغي وأريحيته وسعة صدره لأنه آوى بين ظهرانيه شعوبا
أخرى سمح لها بأن ترضعه من ثقافتها، ويهون عليها أن تمنع عنه أن يرتضع ثدي
أصالته.. ولكن بموازاة مع كل هذه الادعاءات البعيدة عن المنطق العلمي، نجد
اللغة الأمازيغية تستمر في إثبات وجودها والتمتع بحياتها غير عابئة بما
يحاك ضدها، ونجد ئمازيغن لا زالوا يتواصلون بلغة أجدادهم التي أثبتت
الدراسات اللغوية أنها تعتبر من أقدم اللغات الأفريقية، وقد استطاعت في
الآونة الأخيرة أن تخرج من عنق الزجاجة التي أوقعها فيه الإقصائيون الذين
يسيطرون على مقاليد الحكم في بلاد الأمازيغ أو الشمال الأفريقي، فقد سبق
لنا أن أشرنا إلى أن الغاية الكبرى التي سعى إليها المخزن في المغرب الأقصى
على سبيل المثال بمجرد إعلان ما يسمى بالاستقلال، هي القضاء قضاء مبرما
على ما سموه ب “اللهجات البربرية” وتعريب الحياة العامة للمغاربة، ومن أجل
تحقيق هذه الغاية الشنيعة ما فتئت أقلام القوميين العرب ومن يدور في فلكهم
من الأمازيغ المستلبين والمتشبثين بالفكر العربي، سواء بطابعهم الديني أو
اليساري، يومئون إلى المغاربة في منابرهم بأنه لكي نرتقي سلم الحضارة فيجب
تجاوز هذه المسألة بإقرار اللغة العربية اللغة الرسمية لهذا البلد،
وتنميتها والقضاء على العوالق التي تحول دون تطورها، ومن بينها على كل حال
العوالق اللغوية المحلية التي تكتنفها البدائية والتخلف، وخلال كل هذه
الفترة التي تم فيها رفع شعار الإبادة والإهمال ضد اللغة الأمازيغية، ظل
الأمازيغ متمسكين بأريحيتهم، التي تكاد تكون غباء وغفلة وذلا لا مبرر له،
فقد كانوا هم الحماة الحقيقيون لللغة العربية والذائذون عنها في مواجهة
اللغات الأوروبية، ولا أدل على ذلك من أن غالبية أساتذة اللغة العربية
اليوم بأمهات الجامعات والمدارس المغربية أمازيغ أقحاح، ومن أن غالبية
المدارس العلمية التقليدية التي تدرس اللغة العربية في المناطق التي تتحدث
بالأمازيغية بطلاقة… هذا الوضع الذي سوف يتحول مع ظهور الحركة الأمازيغية
التصحيحية إلى طرح السؤال العريض حول مستقبل لغة صامدة وحية في ضمير
المغاربة، وإذا كان هذا السؤال قد طرح على المستوى السياسي والبيذاغوجي
والثقافي، فإن طرحه الذي سوف يعري كل مسكوت عنه في فضاءات السياسة اللغوية
بالمغرب هو الطرح الأنثروبولوجي، هذا الطرح الذي سينبني على الإجابة
الواضحة على عدة أسئلة ذات طابع إثنوغرافي وإثنولوجي حول المسألة اللغوية
ببلدنا بعيدا عن المزايدات الأيديولوجية، ومن هذه الأسئلة التي يتوجب على
الطلبة تمحيص الأجوبة عنها : أ‌- ما هو مفهوم اللغة، وما الفرق بين هذه
اللفظة وبين الألفاظ الأخرى الشبيهة كاللهجة مثلا، وما هي الحقول العلمية
التي ترتبط بها؟ ب‌- ما هو نصيب اللغة الأمازيغية من الدراسات
الأنثروبولوجية؟ ت‌- ما اللغة الأمازيغية وما هي خصائصها ؟ وما موقعها في
السوق اللغوية الوظنية؟ ث‌- ما هي أهم الإشكاليات التي يعاني منها إدماج
اللغة الأمازيغية؟ 1- تحديد بعض المفاهيم : 1-1: مفهوم اللغة : أ- ما هي
اللغة ؟ إن ما يهمنا هنا الجانب الاصطلاحي لللغة، أما الجانب المعجمي
اللغوي، فلن نناقشه بالنسبة لحصة الدراسات الأمازيغية، وقد عرف الكثير من
الدارسين اللغة وأعطوا لها مفاهيم مختلفة ، ومن بين التعريفات التي أعطيت
لها : + تعريف دائرة المعارف البريطانية الذي يقول : ” اللغة هي نظام من
الرموز والوسائل الصوتية والمفردات والنحو وما إلى ذلك من القواعد التي تعد
أداة للتعبير عن الأفكار والاحاسيس” + تعريف الأنثروبولوجي الأمريكي
إدوارد سابير الذي يقول: “اللغة هي وسيلة للإنسانية تستعمل لتوصيل الأفكار
والانفعالات والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية، أي
أننا نتكلم عندما نرغب أما عندما لا نرغب فلا نتكلم ” + تعريف ستيفن أولمان
إذ يقول : “اللغة نظام من رموز صوتية مخزونة في أذهان أفراد جماعة لغوية،
وهي نظام من الرموز الصوتية الاصطلاحية ” وهكذا نجد أن أغلب الذي عرّفوا
اللغة يتفقون “أنها النظام الصوتي الذي يتم التواصل به داخل مجموعة بشرية” ،
ونضيف لهذه التعريفات أنه لا بد أن يكون هذا النظام الصوتي ذا معيارية
وقواعد من أجل تمييز اللغة الإنسانية عن لغة الحيوان، إذ أن لكل كائن حي
لغته، التي يتواصل بها مع بني جنسه…. ب- ما طبيعة اللغة كممتلك رمزي
للجماعة الإنسانية؟ لللغة أيا كانت مظهران : + مظهر طبيعي عضوي تبدو فيه
أداة لتحريك الأعضاء الصوتية في جسم الإنسان كالشفتين واللسان واللهاة
والفكين والرئتين والحنجرة، فحركة هذه الأجزاء هي التي تخلق الأصوات
المختلفة، وهي التي تميز الإنسان كحيوان ناطق، رغم أنها التي تربط بينه
وبين الحيوانات الأخرى، إذ أن لكل حيوان صوته الذي يميزه.. + مظهر وضعي
ثقافي يظهرها كمجموعة رموز أو إشارات أو ألفاظ متفق على معانيها وقواعدها
بين أفراد مجموعة بشرية للتعبير عن المشاعر والأفكار بحيث أن كل لفظ وكل
عبارة يؤديان معناهما من أجل الحصول على التواصل دون لبس أو غموض.. ومما
سبق أن اللغة كيفما كانت ما هي إلا وسيلة طبيعية وضعها الإنسان بشكل جماعي
من أجل التواصل، وليست هنالك جماعة إنسانية بدون هذه الوسيلة، لأنها
الحاملة للأفكار والمعبرة عن الأحاسيس، علاوة على أنها المحركة للجهاز
الصوتي لدى الإنسان.. جـ- كيف نشأت اللغة ؟ السؤال المطروح هنا هو: هل نشأت
اللغة منذ تواجد الإنسان على الأرض؟ أم أنها نشأت بعد توفر ظروف معينة؟
وكيف تم ذلك في الحالتين معا؟ يرى أفلاطون بأن اللغة هبة من الطبيعة
والإنسان يتلقاها من الطبيعة ثم تطور فتلقاها من الله فسميت بالتوفيقية ،
أما أريسطو فقد قال قولته المشهورة “اللغة من إنشاء المجتمع” ، أما
الفلاسفة المسلمون فقد اختلفوا بعد أن اطلعوا على أفكار اليونانيين، فقال
بعضهم كما قال أفلاطون بأنها توفيقية، مستدلين بالآية : ” وعلم ءادم
الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤوني بأسماء هؤلاء إن كنتم
صادقين ” ، ولكن ابن جني وءاخرين قالوا بأن الاستدلال بهذه الآية في غير
محله لأن معنى “علم” هو “منح القدرة على تعلم الأسماء”، أي أن الأسماء كانت
قلب ذلك، والراجح أن هذا الخلاف لا مبرر له طالما أن اللغة ذات طبيعة
اجتماعية، إذ يمكن الجزم بأن اللغة بطبيعتها الوضعية الدلالية نشأت بنشوء
المجتمع الإنساني، ولا يتصور نشوءها قبل ذلك، وربما بدأت أول ما بدأت
بالإشارات التي نؤديها بالأيدي وقسمات الوجه، هذه الإيماءات التي لا نستطيع
التحرر منها حتى بعد نشوء اللغة الصوتية، كما يمكن القول بأن الحاجة إلى
التواصل بين الإنسان وأخيه هي التي عجلت بنشوء شكلها الصوتي، وبتطور
المجتمع وتطور حاجياته سوف تتطور، وسوف تنشأ لها معني وقواعد جديدة، ولا
يمكن إعطاء الدليل على نشوئها في زمن معين، لأن المستحثات الأثرية لن تجيب
على هذا السؤال بطبيعة الحال، كما لا يمكن إعطاء الدليل على أن هذه اللغة
أو تلك هي التي ظهرت لأول مرة من على سطح الأرض، ولكن العلماء واعتمادا
منهم على وثائق قديمة، ربما توصلوا إلى وصف بعض اللغات بأنها لغات قديمة
بالمقارنة مع لغات أخرى… 1-2: مفهوم علم الإنسان اللغوي : هناك العديد من
المصطلحات القريبة من هذا المصطلح تم طرحها للتحديد، منها مصطلح، ع”علم
اللغة” أو “علم اللغويات” أو “علم اللسنيات” أو “اللسانيات”، قد لا تكون
هذا المصطلحات دقيقة حينما نريد معالجة اللغة من الناحية الأنثروبولوجية،
لذا فإن المصطلح الذي يتعين علينا طرحه لتحديد مفهومه بعد أن تعرفنا على
اللغة كظاهرة إنسانية طبيعية واجتماعية، هو “علم الإنسان اللغوي”، هذا
العلم الذي ينتمي إلى الفرع الثقافي من الأنثروبولوجيا، وهو العلم الذي
يهتم بوصف اللغة ومقارنتها باللغات الإنسانية الأخرى من حيث التاريخ
والمكونات،وحري بنا أن نتحدث أولا عن نشأته ثم عن فروعه: 1-2-1: نشأته :
يقال بأن العقيدة الدينية للهنود هي التي أدت إلى نشوء الاهتمام بعلم اللغة
لأول مرة قبل سنة 2500 سنة قبل الميلاد، إذ حدث أن لاحظوا أن اللغة التي
يستعملونها في شعائرهم تختلف عن تلك التي كتبت بها النصوص المقدسة، فأرادوا
تصحيح هذا الوضع مما أدى إلى مناقشة كيفية تقنين القواعد النحوية لللغة
السنسكريتية حتى يتمكنون من استعمالها في طقوسهم، أما في أوروبا فالأمر
يعود إلى عهد أريسطو الإغريقي الذي اهتم بالعلاقة بين الأشياء والأفعال من
جهة وأسمائها من جهة ثانية من أجل التعرف على القواعد التي تحكم اللغة ثم
صاغ بعد ذلك مبادئ علم النحو، واهتم اليونانيون في القرن الثالث قبل
الميلاد كذلك بالدرس البلاغي فقسموا مفردات اللغة إلى أسماء متعددة الصيغ،
وأفعال تحدث في أزمنة مختلفة، ثم حددوا أشكال الخطاب، أما الرومان فقد
التزموا بما تركه اليونانيون من القواعد النحوية لكنهم توسعوا في الشروح
المميزة للأساليب اللغوية اللاتينية، وبحلول القرن الرابع الميلادي وضع
اللغوي الروماني أليوس دوناتوس صيغ عامة لقواعد النحو اللاتيني، هذه
القواعد التي شرحها بريسكيان وبقيت كذلك إلى الآن، ثم استخدمت كمعايير
قياسية لللغات الأوروبية التي ظهرت فيما بعد، وقد كانت اللاتينية هي اللغة
الأكثر انتشارا في أوروبا إلى نهاية القرن ال17 وبداية القرن 18 حيث بدأت
اللغتان الفرنسية والإنجليزية تحتلان الصدارة وتتحولان إلى لغات عالمية
بفضل اختراع الطباعة وبفضل الحروب والاكتشافات الجغرافية، وبعد ذلك أسس
السير ويليام جونز William Jones علم اللسانيات المقارن في نهاية القرن
الثامن عشر لدراسة وتحليل النصوص المكتوبة في لغات مختلفة لكنها ذات صلة،
وأشار إلى وجود علاقة بين كل من اللغة اللاتينية، واليونانية، والسنسكريتية
توحي بنشوئها من مصدر واحد نتيجة ما لاحظه من تشابه معاني بعض الألفاظ ومن
ذلك على سبيل المثال كلمة frater اللاتينية، وكلمة phrater اليونانية،
وكلمة bhratar في اللغة السنسكريتية التي تعني كلها “أخ” … واهتم علم
اللسانيات بطريقة تشكل كلمات اللغات المختلفة للحصول على معان متشابهة
الشيء الذي أدى بهم إلى تحديد العائلات اللغوية التي من أبرزها: شجرة
اللغات الهندوروبية : وتضم السنسكريتية، واليونانية، واللاتينية،
والإنجليزية، والألمانية، ولغات أوروبية وأسيوية أخرى…. شجرة لغات
الجونكوين Algonquian: لغات سكان أمريكا الشمالية الأصليين . شجرة لغة
البانتو: تضم اللغة السواحيلية، والهوسا، والزولو ولغات أفريقية أخرى .
شجرة اللغات الأفرو أسيوية: كانت تسمى اللغات الحامية السامية وهي العائلة
اللغوية الأساسية السائدة في الشمال الإفريقي والشرق الأوسط،،وتنقسم إلى
خمس عائلات فرعية هي: السامية، والبربرية، والمصرية، والكوشية، والتشادية،
ولكي يتعرف اللسانيون على تاريخ انفصال لغة ما عن عائلتها استعملوا طريقة
الثوابت، أي الأسماء التي تبقى ثابتة في العائلة الواحدة ولا تتغير عبر
مرور الأزمان… 1-2-2: فروع علم الإنسان اللغوي: أولا: علم اللغات الوصفي
De–xx–ive Linguistics : وهو “العلم الذي يهتم بتحليل اللغة في زمن محدد
وذلك بإبراز بنياتها الصرفية والصوتية والتركيبية والدلالية” ومن خلال هذا
التعريف يتبين أن علم اللغة بمفهومه الحديث يدرس بنية اللغة من الجوانب
التالية : 1- الأصوات Phonetics ، ويتعرض لقضية الأصوات وكتابتها ، وأعضاء
النطق وعملية الكلام وتصنيف الأصوات اللغوية إلى صوامت وحركات ومخارج وهمس
وجهر وإطباق كما يتعرض إلى المقاطع والنبر (stress) والتنغيم (intonation) ،
وهذا ما تدرسونه في علم الفونيتيك أو الفونيماتية، الذي تتميز فيه كل لغة
بمواصفات صوتية محددة تجعلها مستقلة عن غيرها أو مشابهة لها أو ضمن أسرتها …
2- بناء الكلمة Morphology ، ويعنى بوسائل تكوين الكلمات من الوحدات
الصرفية المختلفة، ويختص بالوحدات الصرفية الاسمية أو الفعلية أو الحرفية
والتغيرات التي تطرأ على البنية الصرفية لاعتبارات صوتية.. 3- بناء الجملة
Syntax ويدرس كيفية تكوين الجمل من الكلمات المختلفة . وهو مجال النحاة في
علم النحو والبلاغيين في البلاغة، 4- الدلالة Semantics ، وتُعدُّ قضيةُ
الدلالةِ من أقدم قضايا الفكر في حضاراتٍ مختلفة ، إِذ أسهم فيها فلاسفةٌ
ومناطقةٌ ولغويون وبلاغيون وأصوليون… ثانيا: علم أصول اللغات : وهو علم
حديث عرف منذُ نشأتهِ في القرنِ التاسعِ عشر إلي اليوم عدةَ مناهجَ وفروع ,
وأهم هذه الفروع : أ- علم اللغةِ المقارن Comparative Linguistics وهو
يقارن اللغات المنتمية إلى أسرةٍ لغويةٍ واحدةٍ ويهتم بالإستخدام الأقدم في
هذه اللغات للوصول إلى اللغة التي خرجت عنها كل هذه اللغات ، ولذا فهذا
العلم ذو هدف تحليلي….. ب-علم اللغةِ التاريخي Historical Linguistics ،
ويبحث تغيرات اللغة الواحدة عبر القرون . ج- علم اللغةِ التقابلي
Contrastive Linguistics ، وموضوعه المقابلة بين نظامين لغويين مختلفين ،
هما النظام اللغوي للغة الأم ( التي نشأ عليها الفرد ) و النظام اللغوي
للغة الثانية ( ويطلق عليها اللغة المنشودة أو الأجنبية ) د- علمُ اللغةِ
العام، وهو ذو هدف تطبيقي وهو تطويرُ النظريةِ العامةِ للغةِ ووضع الوسائل
الدقيقة لتحليل الأصواتِ و الكلماتِ والجمل والدلالات , كما يهتمُّ ببيانِ
العلاقة بين اللغة والعلوم الإنسانية الأخرى… ومن خلال كل ما سبق نجد أن
علم الإنسان اللغوي يهتم أساسا ب : أولا: بالمقارنة بين اللغات الإنسانية
أثناء دراستها للجماعات البشرية بشكل مقارن، فتوصف لغة هذه الجماعة باللغة
القديمة وتنعت لغة تلك الجماعة باللغة الحديثة مثلا وهكذا.. ثانيا : بوصف
اللغات الإنسانية في كل جماعة بشرية خلال زمن معين.. ثالثا: بإجراء
المقابلات بين الأنظمة الصوتية للجماعات المتقاربة جغرافيا.. رابعا :
بالبحث في تطور لغة جماعة محددة وأوجه تثاقفها مع لغات الجماعات المجاورة
وخلاصة القول أن علم الأنثروبولوجيا يستحضر دائما الجماعة البشرية أثناء
تناوله للغة ما بالبحث والدراسة، ولطالما احتاجت لغتنا الأمازيغية إلى منهج
البحث الأنثروبولوجي لكي نقيها من لفاظات الأبحاث اللغوية المجانية التي
جنت عليها طوال عقود من الزمن…. 2- اللغة الأمازيغية في نظر
الأنثروبولوجيين : إن اللغة الآمازيغية منقوشة في ذاكرة التاريخ القديم
بشهادة أغلب المؤرخين والأنثروبولوجيين، ويقول العلامة ابن خلدون متحدثا عن
الأمازيغ :” … ولغتهم من الرطانة الأعجمية متميزة بنوعها وهي التي اختصوا
من أجلها بهذا الاسم ..”، أما الحسن الوزان الملقب ب “ليون الأفريقي” فقد
قال في كتابه “تاريخ أفريقيا”: ” إن الشعوب الخمسة المنقسمة – يشير الى
شعوب صنهاجا، مصمودا، زناتا، هوارا و غمارا في شمال إفريقيا أو مايسمى
بالأفارقة البيض – الى مئات السلالات وآلاف المساكن، تستعمل لغة واحدة تطلق
عليها إسم « أوال أمازيغ » أي الكلام النبيل، بينما يسميها العرب
البربرية، وهي اللغة الإفريقية الاصيلة والممتازة والمختلفة عن غيرها من
اللغات ” ولقد نالت اللغة الأمازيغية قسطا كبيرا من البحث والدراسة من طرف
الباحث الأجنبي، وكان سالوست أول من تحدث عن لغة أهالي شمال أفريقيا في
كتابه حول “التاريخ”، غير أن هذه اللفتة القديمة وأن كانت لها قيمة
أنثروبولوجية ما، لا ترقى إلى الدراسات العلمية الدقيقة، وسوف ننتظر كثيرا
إلى أن جاء العالم الفرنسي المستمزغ “أنضري باصي” ، لكي نحصل على دراسة
وافية تحمل ذلك الطابع، ونقلا عن الأستاذ محمد شفيق في كتيبه القيم “33
قرنا من تاريخ الأمازيغيين”، نقتبس هذه الفقرة المنقولة عن هذا الباحث
الفرنسي ” لقد كتب » الباحث المتمزغ « Andr é Basset » « في الموضوع ما يلي
: ” ينتقل الباحث من لهجة إلى لهجة دون أن يحس بأنه ينتقل . ” كتب هذا سنة
La langue berb è re, p. IX) 1929 ثم أضاف بعد عشرين عاما من مواصلة
البحث، قائلا : ” إن بنية اللغة الأمازيغية وعناصرها وأشكالها الصرفية تتسم
بالوحدة إلى درجة أنه إن كنت تعرف حق المعرفة لهجة واحدة منها استطعت في
ظرف أسابيع أن تتعلم أية لهجة أخرى، تدلك على ذلك التجربة، إذ اللغة هي
اللغة نفسها . ولقد عجبت لذلك ( « . Revue le Mond e .(…chr é tien, n ° 11
juillet-sept, 1949, p 10 et 11 ) ….. وفي مقال له حول أهم الدراسات التي
تم رصدها بالنسبة لللغة الأمازيغية أورد الأستاذ نجيب رشيد ما يلي: “نظرا
لما تحتضنه الأمازيغية من كنوز لغوية وذخائر لسنية ونفائس ثقافية, فقد لفتت
منذ مدة طويلة أنظار المشتغلين في البحث اللسني وطنيا وعالميا, وإلى حدود
منتصف القرن 19 ظهر في تاريخ علم اللسانيات تخصص جديد يدعى ” البحث في
اللسانيات الأمازيغية “, وهو تخصص أعطى ثماره واضحة في هذا المجال ويعتمد
إما البحث من داخل اللغة الأمازيغية وجذورها, وإما في منهج المقارنة بينها
وبين اللغات الأخرى. ومن بين أهم رواد هذا التخصص الجديد نجد لسانيين
فرنسيين أمثال أندري باصي André Basset الذي أصدر كتابا بعنوان La langue
berbère سنة 1929, وإيميل لاووست Emil Laoust الذي ألف مجموعة من المؤلفات
حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين ومنها Mots et choses berbères سنة 1920
وكتاب Cour de berbère marocain سنة 1939, وليونيل كالان Lionel Galand
الذي أصدر كتابا بعنوان La langue et la culture berbères سنة 1979, وهناك
أيضا الأستاذ بنطوليلا الذي يعمل محاضرا بجامعة السوربون ولا يزال إلى
يومنا هذا يؤطر أبحاثا ودراسات حول اللسانيات الأمازيغية وكل ما يتعلق
باللغة والثقافة الأمازيغيتين, ونجد أن من أهم مؤلفاته في هذا الإطار كتاب
Les classes d’unités significatives en berbère الصادر سنة 1986 ، ومن
هؤلاء الفرنسيين كذلك نجد الكابيتان “روبير أسبينيون” الذي أنجز كتابه
“لنتعلم البربرية” “لهجة تاشلحييت” ” Apprenons le bérbère ” “le dialecte
sheluh” … ومن الباحثين الإسبان نجد كلا من Ibânez و Sarrionanda و
Figueras و Lafuente . ومن الباحثين الأمريكيين نجد كلا من Penchoen و
Applegate و Harrien و Abdelmassih و Greenberg المزداد سنة 1915 والذي
أصدر كتابا تطرق فيه على اللغة الأمازيغية بعنوان Languages of Africa وكان
ذلك سنة 1955, وقد أعاد نشره بمراجعة وتنقيح سنة 1963 حيث صنف فيه اللغات
الإفريقية إلى أربع مجموعات وسمى إحدى تلك المجموعات بالمجموعة الإفريقية
الأسيوية واضعا اللغة الأمازيغية في خانتها. وهناك الباحث السويسري
W.Vycichl الذي ألف كتابا بعنوان Contacts chamito-sémitiques : un seul
groupe ou deux groupes distincts ? . وجدير بالذكر أن كل هؤلاء العلماء
اللسانيين يستفيدون من إمكانيات البحث التي توفرها لهم جامعاتهم ومعاهدهم
في الغرب حيث أن الأمازيغية تدرس في كل كبريات الجامعات الغربية وبالخصوص
في أمريكا وأروبا واليابان وأستراليا وغيرها كثير … أما في مغربنا الكبير,
فقد برز عدة باحثين لهم إسهامات متنوعة في مجال الدراسات اللسانية
الأمازيغية كالجزائريين الدكتور مولود معمري ( 1917-1989 ) مؤلف كتاب
Tajrrumt n tmazight والدكتور سالم شاكر في كتابه Textes en langue berbère
وهو أستاذ كرسي اللغة الأمازيغية بالمعهد الوطني للغات والثقافات الشرقية
المعروف اختصارا بإنالكو والموجود مقره بباريس. ومن المغاربة نجد الدكتور
أحمد بوكوس في مجموعة من كتاباته ودراساته وأساسا منها أطروحته المعنونة ب
Langage et culture populaire au Maroc المنشورة في السبعينيات, والمرحوم
الدكتور قاضي قدور الذي أنجز رسالته لنيل الدكتوراه في موضوع Système
verbal en tamazight سنة 1987. دون إغفال مختلف أعمال الأستاذ العميد محمد
شفيق الذي أصدر مجموعة من الكتب التي تصب في مجال اللغة الأمازيغية, ومن
أهم أعماله في هذا الإطار كتاب ” لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ
الأمازيغيين” سنة 1989 والذي وصل الان الطبعة الرابعة وقد تبنته المندوبية
السامية للأمازيغية بالجزائر وقامت بإعداد وإصدار طبعته الفرنسية, وهناك
كذلك ” المعجم العربي الأمازيغي” الذي يقول عنه الأستاذ شفيق شخصيا ” أملي
أن يكون هذا المعجم مدخلا يدخل منه ميدان تعلم الأمازيغية كل مغربي وكل
عربي وكل مسلم يرغب في الاطلاع على جانب من المعرفة يمثل حيزا مهما من تراث
الشعوب الإسلامية”. وهناك كتاب ” أربعة وأربعون درسا في اللغة الأمازيغية”
الصادر سنة 1991 والذي يتضمن مجموعة من الدروس والقواعد المتعلقة بالنحو
والصرف والتحويل والاشتقاق. وبكل هذه الأعمال والمصنفات الجريئة, ساهم
الأستاذ محمد شفيق في إبراز عبقرية اللغة الأمازيغية التي تعتبر بدون منازع
معلمة ثقافية كبرى ولسانا متكامل العناصر والمحتويات . ” (انتهى مقال
الأستاذ نجيب رشيد) 3- ما هي اللغة الأمازيغية؟ اللغة الأمازيغية هي إحدى
اللغات الأفرو- أسيوية القديمة، وهذه اللغات هي كما سبق لنا أن رأينا وهذه
اللغات خمس لغات و هي : اللغة المصرية القديمة واللغة الكوشية واللغة
السامية واللغة الأمازيغية واللغة التشادية… واللغة الأمازيغية هي ال نظام
ال صوتي الذي ينتشر معجمه ومعياريته في ربوع شمال أفريقيا منذ عشرات الآلاف
من السنين، ويتواصل به الناس حتى الآن في رقعة جغرافية مترامية الأطراف
تمتد من واحة سيوى بمصر شرقا إلى جزر الكناري والمحيط الأطلسي غربا ومن
البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى مشارف الغابة الاستوائية جنوبا، ويتكون هذا
النظام الصوتي الآن من عدد من اللهجات عدها أحد الباحثين بثلاثمائة لهجة،
هذه اللهجات التي يمكن اختزالها في حوالي 11 فرعا كلها تنحدر من اللغة الأم
وتختلف فقط في الجانب الصوتي وبعض الجوانب المعجمية، و أهمها : + فرع
تاتواكَييت : (الطوارقية) وهي اللغة الزناتية ويتحدث بها الأمازيغ الطوارق
بالصحراء الكبرى وتنتشر هذه اللهجة في شمال كل من مالي والنيجر وجنوب
الجزائر وليبيا ومناطق من تشاد وبوركينافاسو .. + فرع تاسوسييت أو تاشلحييت
: وهي لغة مصمودة ولمطة وجزولة وتنتشر في المغرب من خط دمنات – الصويرة
شمالا إلى الصحراء جنوبا ومن المحيط الأطلسي غربا إلى منطقة وارزازات شرقا
.. + فرع تاقبايلييت : و هي لغة كتامة المنتشرة في مناطق القبائل بالأطلس
الساحلي الجزائري … + فرع تامازيغت : ويسميها بعض السوسيين ب “تابرابرييت”،
وهي لغة صنهاجة وتنتشر في شرق الأطلس الكبير وفي الأطلس المتوسط ومناطق
زمور و زايان بالمغرب .. + فرع تاريفييت : وهي لغة كَتامة المنتشرة في جبال
الريف والهضاب التي تليها جنوبا وفي شرق المغرب … + فرع تانفوسييت : وهي
لغة نفوسة وتنتشر في جبال نفوسة ب ليبيا وشرق – جنوب تونس .. + فرع
تاغدامسييت وهي لغة منطقة غدامس الموجودة بالجنوب الغربي بليبيا + فرع
تازواوييت وهي لغة واحة زواوة بالقرب من جبال نفوسة بليبيا + فرع تاسييوييت
: وتنتشر في صحراء جنوب غرب مصر … + فرع تاشاوييت : وتنتشر في جبال
الأوراس ب شمال شرق الجزائر + فرع تامزابيت : المنتشرة في وادي مزاب
بالجبال الصحراوية الجزائر ية ومن المعلوم أن اللغة الأمازيغية قد اضمحلت
في جزر الكناري بسبب الاستعمار الإسباني، رغم اعتزاز أهلها الأصليين
“الغوانش” بأمازيغيتهم، وقد انتقلت الفروع الأمازيغية إلى مختلف بلاد
العالم عن طريق الهجرة فنتج عن ذلك ظهور فئة عريضة من الأمازيغ يسمون اليوم
ب “أمازيغ الشتات” ، كما أحدثت لدراس ا تها كراسي في معظم الجامعات
الأوروبية والأمريكية ، ومما يلاحظ كذلك أن كل فرع من الفروع السالفة الذكر
ينقسم بدوره إلى فروع وأصوات محلية يتعين على الطلبة الباحثين رصدها
وإجلاء مميزاتها ولاسيما بالمحيط السوسيو ثقافي للجامعة…. 1-2: ما هي
خصائصها العامة بالمقارنة مع اللغات المجاورة لها؟ تتميز اللغة الأمازيغية
على العموم بعدة خصائص أهمها: الخاصية الأولى: أنها من بين اللغات القديمة
جدا: والتي ولدت مع اللغات الأفرو – أسيوية منذ ما يزيد عن خمسة آلاف سنة،
ومن المعلوم أن نقاشا ضافيا قد وقع بين الدارسين للغات البحر الأبيض
المتوسط وأفريقيا القدامى والمحدثين، حول الانتماء الحقيقي لللغة
الأمازيغية، وهذا النقاش تحكمه غالبا نزعات أيديولوجية وحسبنا أن نستعرض
بعض الآراء التي تم رصدها في هذا المجال : أ- ال رأي الذي يرى أن
الأمازيغية تنتمي إلى الحزام الأفرو- أسيوي، الذي تشترك اللغات المنتمية
إليه في حوالي ثلاثمائة كلمة، وهذا هو رأي غالبية الدارسين المحدثين الذي
تدعمه الاكتشافات الأنثروبولوجية الأركيولوجية، ويدعم هذا الطرح ذاك ال ا
كتشاف الهام في جنوب المغرب , حيث اكتشفت وبالصدفة مدينة أمازيغية في جنوب
المغرب تعود إ لى خمسة عشر ألف سنة قبل الميلاد كما يرى البعض وعلى رأسهم
أستاذ علم الأثار ” مصطفى أوعشي ” , في حين يرى البعض الآخر أنها تعود إ لى
تسعة آلا ف سنة قبل الميلاد وقد ظهرت مع الإنسان القفصي على أقل التقديرات
… ب- الرأي الذي يرى أنها عربية قديمة، وهذا هو رأي علي فهمي خشيم وهو رأي
هزيل، فهذا الأستاذ يطالعنا دائما بنظرياته في الأصل العربي لكثير من لغات
البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، ورأيه مردود بحكم الاختلافات الجوهرية بين
اللغتين العربية والأمازيغية، خصوصا وأن اللغات السامية التي تنتمي إليها
العربية لغات حديثة العهد إذ ظهرت فقط في الألفية الثالثة قبل الميلاد في
حين أن الأمازيغية ظهرت قبل ذلك بكثير… ج- رأي أخير يرى أن لها علاقة ببعض
اللغات الأوروبية كاللغة الباسكية، وربما كان هذا رأي بعض الأوروبيين الذين
يبحثون عن روابط لغوية تجعل من الأمازيغ أوروبيي الأصل، للدفاع عن
طروحاتهم الاستعمارية، ويسوق بعض هؤلاء دلائل تتعلق وحسب دراسات بيولوجية
بارتباط الأمازيغ بسكان شبه الجزيرة الإبيرية بعلاقات جينية وبوجود توافق
معجمي بين اللغتين الأمازيغية والباسكية، غير أن هؤلاء الباحثين لم يربطوا
بين اللغتين لأنهما تنتميان إلى اللغات الهندو- أوروبية بل لأنهم وجدوا
تباعدا بين اللغة الباسكية وهذه اللغات، أي أن الباسكية لها أصل
أفرو-أسيوي، وبالتالي فإنه لا يستبعد أن يكون هذا الرأي قريبا من الصواب أي
تكون الباسكية متفرعة عن الأمازيغية القديمة… الخاصية الثانية: أنها أكثر
اللغات الأفريقية انتشارا فمساحة تواجدها تشمل الشمال الأفريقي والصحراء
الكبرى وتضم بين ثناياها الآن أكثر من عشرة بلدان من دول المغرب الكبير
والصحراء والساحل، ويضم بلدا المغرب والجزائر اليوم أضخم شريحة سكانية
تتحدث بهذه اللغة…. الخاصية الثالثة: أن لها كتابتها الخاصة بها وهي أبجدية
“تيفي ناغ”، التي تعني باللغة الطوارقية “حروفنا”، وقد ساق الأستاذ
المحفوظ أسمهر الباحث في التاريخ القديم بالمعهد الملكي للثقافة
الأمازيغية، في مداخلة له، عدة دلائل على أن هذه الأبجدية لها أصل محلي، أي
أنها منبثقة من صميم الإبداع الأمازيغي ومن أهم هذه الدلائل: وجود كتابات
أمازيغية على الصخور واللوحات الحجرية في كل ربوع بلاد تامزغا (تعتبر نقيشة
عزيب نكيس بالأطلس الكبير أقدم نقيشة في المغرب)… تواجدها في مناطق لم يصل
إليها التأثير الفينيقي ( الصحراء)…… تميز شكل حروف الكتابة الأمازيغية
وطريقة كتاباتها عن الفينيقية التي يقال انها اشتقت منها، فلو تطورت منها
لابد أن تحتفظ ببعض خصوصياتها…. توفر اللغة الأمازيغية على كلمات أصيلة لها
علاقة بالكتابة وتعلمها ( فعل:” ara ” ومشتقاته، ولفظتي:” taguri ” و
aåmmay ) ذكر هذه الحروف في نصوص تاريخية: وأول نص يرجع على مايبدو إلى
القرن 6 م، وهو لكاتب يدعى: FULGENCE ، أشار فيه إلى أن اللغة الليبية
تتكون من 23 حرفا….أما الثاني فيتعلق بما كتبه الحسن الوزان في كتابه
“تاريخ أفريقيا، ففي معرض حديثه عن الأمازيغ ذكر فيه أن لهؤلاء كتابة خاصة
بهم قبل ألف عام… ومما يستفاد من وثائق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية
حول أبجدية تيفيناغ : + أن منطقة امتداد النقوش التي تتضمن أبجدية “تيفي
ناغ” تتصادف مع مناطق انتشار اللغة الأمازيغية، والبعض منها عثر عليها
مزدوجة ،إما أمازيغية – بونية أو أمازيغية-لاتينية، ولكن أغلبها جاءت
أمازيغية قحة. + وتجدر الإشارة إلى أنه منذ سنة 1960 تم إبداع عدة تنويعات
جديدة لأبجدية تيفيناغ، انطلاقا من تلك المنقوشات القديمة أو من تيفيناغ
الطوارقية الحالية، وكان الهدف من هذه الإبداعات هو منح اللغة الأمازيغية
نظاما أبجديا مقعدا وقابلا للاستعمال لدى الناطقين الحاليين بهذه اللغة… +
وأن هناك مصطلحين مقتبسين من الأدب الأمازيغي عن هذه الكتابة هما : tifinav
و libik ، وقد حدث أن استعملا كمترادفين، ولهذين المصطلحين بدائل أصيلة
تتميز بعدد أحرفها وقيمها الصوتية المختلفة عن حروف أخرى، وبتوزعها
الجغرافي، وهي : – البديل الأول الذي ينتشر في تونس ووشمال – غرب الجزائر –
البديل الغربي المنتشر في المغرب وشرق الجزائر – البديل الصحراوي في جنوب
الجزائر وليبيا وفي مالي والنيجر إن هذا المصطلح المتوارث tifinav أو libik
إذن يبطن أبجدية لها نفس الخصوصيات من هذا الطرف إلى الطرف الآخر من أرض
الأمازيغيين، هذه الأبجدية التي تتميز على وجه الخصوص بما يلي بأنها أبجدية
تحظى فيها الصوامت بالأهمية أثناء الكلام وبأن حروفها مستقلة عن بعضها
أثناء الكتابة… + وأنه على الرغم من أن الكتابة الأمازيغية القديمة لها
تنويعات ثلاثة شرقية وغربية وجنوبية صحراوية، فإن هذه الأخيرة وحدها
وبشكلها المتوارث هي التي بقيت مستمرة في الوجود إذ لا زالت كما أسلفنا
مستعملة لدى الطوارق الذين سموها “تيفيناغ”، أما الأخريان فإنهما وبسبب
عوامل تاريخية قد اضمحلتا في الاستعمال الكتابي وبقيت أثارهما ماثلة في
فنون التزيين كما في الزرابي والوشم وزخارف الحلي..أما “تيفيناغ” الحديثة
وخصوصا منها البديل عن الحرف المنمى من طرف الأكاديمية البربرية بالجزائر
agraw imazivn في نهاية الستينات والتي انتشرت في المغرب وفي القبائل
بالجزائر فهو يضم متغيرات أتت لكي تنمي أو تصحح النقائص التي زايلت
الأبجديات المقتبسة من الصيغ القديمة في عقود ما بعد الستينات… + وأنه
وانطلاقا من هذا الإرث القديم أو حتى الحديث والمخضرم لأبجدية “تيفيناغ”،
استحدث مركز التهيئة اللغوية في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أبجدية
حديثة سماها ب tifinagh ircam على أمل توحيد الخط ومعيرته وتنميطه، تأسيسا
على تحليل علمي للمعطيات اللسنية للأمازيغية المغربية وباقي البدائل التي
عرفتها المناطق التي انتشرت فيها الأمازيغية، وعلى العموم فإن وضع خط
معياري لللغة الأمازيغية يقتضي الإستجابة لهدف مزدوج : – الهدف الأول تثبيث
علاقة وطيدة بين مختلف البدائل المشار إليها سابقا وبين الكتابة المنتشرة
لدى المثقفين الأمازيغيين المحدثين… – الهدف الثاني التوفيق بين الأبجدية
الجديدة وبين قواعد الأمازيغية الموحدة التي تتطلب أحيانا إحداث بعض
التغييرات الضرورية…. وهكذا فإن البدائل التي استعملت بحدة من أجل ترجمة أو
نقل الأصوات الأمازيغية قد اعتمدت بدون تردد، وعلى عكس ذلك فإن غيرها من
التي لا تستجيب للمبادئ والمعايير المعتمدة قد تم التصرف بها وتغييرها ،
أما ابتكار الرموز الجديدة فقد تم تحاشيه إلا للضرورة القصوى ( انتهى
الاستنتاج) الخاصية الرابعة: أنها لغة ساكنية : فهي كما أسلفنا تحظى فيها
الصوامت بأهمية كبيرة وهذه ميزة مهمة تميزها عن اللغة العربية تدحض أية
علاقة بينهما، فقد تتوالى السكنات في الكلمات والجمل والعبارات الأمازيغية
دونما حرج كما في قول الشاعر بن زيدا : Ommrn tnt mddn ä in tnt ur av utnt
على عكس اللغة العربية، كلغة حركية، يستحيل أن يلتقي فيها ساكنان، …
الخاصية الخامسة: أن لها قواعدها النحوية والصرفية الخاصة بها مما يجعلها
من أقدم اللغات المقعدة حسب الدراسات الأنثروبولوجية… الخاصية السادسة:
أنها لغة حية في المجتمع: يتحدث بها في نطاق جغرافي واسع جدا على عكس اللغة
العربية الفصيحة التي لا يتحدث بها إلا نخب من المثقفين، إذ أنها شبه ميتة
في الشارع المغربي، وحتى أغلب اللهجات المسماة عربية قد لا تربطها بها سوى
خاصية المعجم لا غير…. الخاصية السابعة: أنها لغة منفتحة متثاقفة أخذت من
اللغات التي احتكت بها وجاورتها مدة طويلة وخصوصا اللغة العربية، كما أعطت
الشيء الكثير ، فالسيوطي مثلا يعتقد بأن بعض ألفاظ القرآن آتية من اللغة
الأمازيغية، ولا غرو في أن تؤثر هي الأخرى في معجم اللغة العربية الذي يضم
العديد من الألفاظ ذات اللكنة الأمازيغية، ومثل هذا يمكن قوله عن باقي
اللغات التي جاورتها، ومن هنا تتفوق على اللغات الأفريقية المنعزلة التي لم
تستطع مجاراة الغزو القافي الأجنبي فتساقطت سقوط الأوراق عاى مر الزمن…..
الخاصية الثامنة: أنها أبرز اللغات الأفرو-أسيوية صمودا في التاريخ رغم كل
عوامل الغزو الثقافي ويعزي بعض الباحثين صمودها هذا إلى عدة عوامل أهمها : –
العامل الديموغرافي : فتواجدها في أكثر المناطق كثافة في المغرب والجزائر
كفيل بتمنيعها من عوامل التأثير الأجنبي، في حين أن المناطق التي توجد بها
أقليات أمازيغية قد تعرضت لقولبة شاملة في أنظمتها الصوتية كما هو الحال
بالنسبة لتونس وجزر الكناري مثلا.. – العامل الجغرافي الطبيعي: فهي متواجدة
في مناطق جبلية يصعب على الغزاة بلوغه، وهذا ما يفسر انشغال القوميين
العرب وإحساسهم بالخطر الذي يهدد لغتهم بعيد الاستقلال ومناداتهم بالتعريب
المتزامن مع إبادة اللهجات الأمازيغية عن طريق التعليم والإعلام.. – العامل
السياسي : ويتجلى هذا العامل في ظاهرتين: أ- أن أغلب المناطق التي انتشرت
فيها اللغة الأمازيغية بكثافة تعتبر دائما مناطق مستعصية ومناوئة لمراكز
الحكم والدولة، مما جعل الكثير من الدول التي حكمت المغرب تكتفي بالولاء
المقنع من تلك القبائل الأمازيغية وتتركها تنظم شؤونها وفق أعرافها ونظمها…
ب- أنه رغم وجود أنظمة سياسية تبدو غير أمازيغية في بعض الأحيان إلا أن
النظام السياسي السائد في معظم الفترات أمازيغي قح كما في الدول
البورغواطية والمرابطية والموحدية والسعدية أو أو أمازيغي مقنع كما في
الدول الإدريسية والعلوية… 1-3: ما موقعها في السوق اللغوية المغربية؟ :
يتحدث المغاربة الآن بثلاث لغات، اللغة الأمازيغية بفروعها الثلاثة،
واللسان الدارج المغربي، إضافة إلى اللسان الحساني، ويشكل المتحدثون باللغة
الأمازيغية أغلبية كبيرة بين المتحدثين بالدارجة والحسانية، أما اللغات
الأخرى، العربية والفرنسية والإسبانية فإنها عندنا في المغرب لغات النخب
الثقافية فقط، ولا وجود لها كلغة فصيحة داخل الأسرة أوفي الشارع، ولعل
اللغة الأمازيغية هي التي تفرض وجودها أكثر بحكم أن اللسان الدارج المغربي
وإن احتسبه بعض الدارسين كفرع من فروع اللغة العربية إلا أنه لا ينبغي أن
نبالغ في هذا الربط، ذلك أن واقع الأمر يقول عكس ذلك، فرغم أنه يضم معجما
عربيا ملموسا إلا أن جل قواعده وحمولاته الفكرية مأخوذة من اللغة
الأمازيغية وذلك ما سوف يتضح لنا في الأمور الآتية: أولا: في الحمولة
الفكرية للألفاظ والعبارات : أ- فالكثير من الألفاظ رغم أنها عربية في
اشتقاقها إلا أنها تحمل معاني ودلالات ماخوذة عن اللغة الأمازيغية منها على
سبيل المثال : + فعل ” ضْرْبْ ” ، الذي حمّله الفعل الأمازيغي ut معاني
عديدة لا نجدها إلا في اللسان الدارج المغربي ك : ضربو لبرد ( أصابه البرد )
، و : ضرب راسو معا لحيط ( صدم ) ، و : ضرب طريق ( قطع الطريق ) ، و”ضرب
طاجين” (أتي على ما بداخل الطاجين) وغيرها … + فعل ” دار ” الذي يقابل فعل ”
فعل ” العربي، هذا الفعل الذي حمله الفعل الأمازيغي skr العديد من المعاني
كذلك، إلى درجة أن استعماله مع الاسم في العديد من التراكيب يتولد معه
معنى جديد كما يتجلى في هذه النماذج : دار لعرس، ( تزوج )- دار فوق طبلة (
وضع ) ، دار لغدا ( طبخ )….. ب- كما تتجلى هذه الحمولة الفكرية الأمازيغية
في عدد من العبارات الجاهزة منها على سبيل المثال : ( أنا داخل ف سوق راسي –
جمعو بنص ..) وهي عبارات مترجمة حرفيا على كل حال من عبارت أخرى جاهزة في
اللغة الأمازيغية …… ثانيا: في معظم القواعد النحوية المستعملة في اللسان
الدارج المغربي أمازيغية منها على سبيل المثال : + قاعدة التنكير والتعريف :
راجل ( معرفة ) ← واحد راجل ( نكرة ) argaz ← yan urgaz + قاعدة العدد:
واحد راجل ← جوج رجال ← تلاتا درجال ← فاللسان الدارج المغربي لا وجود فيه
للمثني: Yan urgaz ↔sin irgazn ↔kraä irgaz ……. + قاعدة صياغة اسم الحدث :
نجر ← تانجّارت – خرز ← تاخرّازت …. + قاعدة انعدام إعراب آخر الكلمة :
فالمعروف أن أهم القواعد النحوية التي استقلت بها اللغة العربية هي
التغيرات الإعرابية التي تطال أواخر الكلمات، أو ما يسمى بقواعد علامات
الإعراب، وهذه القواعد لا أثر لها في اللسان الدارج الذي اختار طريقة اللغة
الأمازيغية في ترك آخر الكلمة على حالته كما لو كان مفردا: فمثلا نقول:
شتّ رّاجل – عطيت ل رّاجل – جا رّاجل : فلفظة “رّاجل” جاءت ساكنة في
الحالات الثلاث على نحو ما تعامل به نفس الكلمة في اللغة الأمازيغية : Çëix
argaz – fkiv i urgaz – yuckad urgaz 1-4: هل من مميزات لللغة المنتشرة في
المحيط السوسيو- ثقافي للجامعة؟ : كخلاصة عامة حول اللغة في محيط جامعة
ابن زهر، نجد اللغة السوسية أو تاشلحييت ولغة “تامازيغت” هما السائدتان إلى
جانب اللسانين الدارج والحساني، هاتان اللغتان اللتان تمتازان في أصواتهما
بالوضوح، وقد دلت الدراسة ومحاولات التقعيد التي أجراها مركز التهيئة
اللغوية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن هذين الفرعين من اللغة
الأمازيغية : أ- هما الأكثر استجابة لمبادئ الاقتصاد والاستقلالية
والوظيفية والامتداد الجغرافي أثناء المعيرة، حيث أن أغلب الأصوات التي تم
استبعادها من اللغة المعيارية لا ينطق بها السوسيون كالذال والثاء والظاء
مثلا، ب- أنهما منتشرتان في مناطق تمتاز بالكثافة السكانية بالمقارنة مع
مناطق انتشار الفروع الأمازيغية الأخرى.. ج- وفوق ذلك يمكن القول بأن جل
مناطق انتشار هذين الفرعين في الأطلسين الصغير والكبير هي الأكثر بعدا عن
تأثير الثقافات الوافدة، فقد ثبت تاريخيا أن مناطق شاسعة من الأطلس الكبير
الأوسط والغربي لم يدخل إليها أي من الغزاة الذين استعمروا المغرب منذ
القديم، فقد كانت قبائل المصامدة هي التي استعصت على عقبة بن نافع، ولولا
تدخل الصنهاجيين لفشلت حملته، مما جعل سكانها يحتفظون لللغة الأمازيغية
برصانتها ومعجمها الثري بالمقارنة مع معاجم الفروع اللغوية الأمازيغية
الأخرى التي تأثرت باللغات الشمالية والشرقية والجنوبية … د- أن اللغة
السوسية وكما أشار الأستاذ مرزوق الورياشي في إحدى مداخلاته بالجامعة
الصيفية (أعمال الجامعة الصيفية لسنة 1988) ذات سند اقتصادي بشري كبير أدى
إلى انتشارها في مختلف المدن المغربية بفعل انخراط العامل والتاجر السوسي
في قطاع الخدمات أكثر من إخوته الأمازيغيين المنتمين إلى المناطق الأخرى …
وفي مجال البحث الميداني لا زالت هذان الفرعان في حاجة إلى مزيد من التمحيص
والمقارنة بين فروعهما المصغرة، خصوصا وأن هنالك العديد من الآراء حول
تمازج ما هو صنهاجي ومصمودي وجزولي ولمطي في أنظمتها الصوتية، وهذه هي
مسؤولية الطلبة والأساتذة الباحثين، وبوسع الباحث وبشيء من الملاحظة
الدقيقة أن يكتشف بأن لهما لهجات وتلاوين صوتية مجالية يتعين الوقوف عندها
لاستقصاء تجلياتها و مسبباتها أو العوامل المؤثرة فيها، كما يتعين البحث في
تأثيراتهما على كل من الدارجة والحسانية وباقي الألسن الأخرى المحتكة بهما
محليا، ومن المعلوم أن بعض الباحثين الفرنسيين سبق أن قاموا بمحاولة
لتقعيد اللغة السوسية وإبراز خصوصياتها، وكمثال على ذلك تلك المحاولة التي
قام بها العقيد الفرنسي Robert Aspinion حول لغة actukn في كتابه Apprenons
le bérbère ، وهي في الواقع من ضمن المحاولات ذات طبيعة استعمارية، كما
وأن لغة الأطلس قد تمت دراستها من طرف باحثين ءاخرين، وقد آن الأوان لكي
تنبثق من الشباب الأمازيغي فرق للبحث الجاد حول خصوصيات هذا الموروث
الثقافي الأمازيغي …. 1-5: الإشكاليات الكبرى في معيرة اللغة الأمازيغية: (
تهيئة اللغة الأمازيغية ) إن أي لغة يراد إدماجها في الحياة الإدارية
والتربوية للدولة يجب أن يتم تهيئتها لكي تكون مؤهلة للرسوخ في وضعيتها
الجديدة، لذلك فإن الحركة الثقافية الأمازيغية بعد أن تمكنت من إقناع مراكز
اتخاذ القرار في الدولة المغربية بضرورة إنصاف اللغة والثقافة
الأمازيغيتين ما فتئت تعطي لهذه المسألة أهمية كبرى، وقد كان السؤال العريض
الذي انطرح على بساط الدرس والتمحيص منذ إصدار ميثاق أكادير سنة 1991 هو :
كيف سيتم إدماج اللغة الأمازيغية في المرافق الحيوية للمواطن المغربي؟ وما
هي الخطوات العملية القمينة بإنجاح هذا الإدماج؟، فكان لا بد من الاسترشاد
ببعض التجارب التي عاشتها قوميات مختلفة على الصعيد العالمي حينما وصلت
إلى هذه اللحظة الحاسمة، لأن المسألة لا تستسيغ أي نوع من الارتجال، ولأن
أي خطوة غير مستقيمة في هذا الصدد سوف تؤدي إلى الطريق المسدود، فالطرف
الآخر الذي يتحين الفرصة لكي يضع الأمازيغيين أمام الأمر الواقع يجب أن لا
تعطى له الفرصة ليوجه ماسورة بندقيته تجاه الإدماج المحتمل، لذا سارعت نخبة
من المتخصصين منذ سنة 1992 إلى عقد أيام دراسية للحسم في الإشكاليات
الكبرى التي سوف تأتي بعد الاعتراف الرسمي بالحقوق اللغوية والثقافية
للأمازيغيين، كما أن المتخصصين في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وجلهم
من الذين شاركوا في تلك الأيام الدراسية وضعوا نصب أعينهم منذ إنشاء هذه
المؤسسة، الغوص في هذه المسألة الجوهرية، فسارعوا إلى تمحيص كل الإشكاليات
التي سوف تعرقل مسيرة الإدماج ووضع الحلول العلمية الكفيلة بإنجاحه..
1-5-1: لقاء المعمورة لسنة 1992 حول المعيرة والتقعيد: دعت إلى هذا اللقاء
الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي إذ استقطبت للمشاركة في مناقشة
المعضلات الكبرى جملة من المتخصصين اللسنيين والأساتذة الباحثين والأدباء
للحسم فيما يمكن فعله لو أن الدولة المغربية قد حملت مسؤولية معيرة وتقعيد
اللغة الأمازيغية للمجتمع المدني الأمازيغي، وقد طرحت أمام المجتمعين أربع
إشكاليات هي إشكالية الكتابة الأمازيغية وإشكالية الأصوات الأمازيغية
وإشكالية المعجم الأمازيغي…. أولا: معضلة الكتابة : كان من بين أهم من
حضروا هذا اللقاء الأستاذ الباحث محمد شفيق، الذي سارع فور بدء أشغال اليوم
الدراسي إلى طرح تصوره الشامل حول إشكالية الكتابة، هذا التصور الذي يهيب
فيه بالمتخصصين إلى أن يضعوا أمامهم أربع اعتبارات قبل الحسم في أية كتابة
سوف تدرس بها اللغة الأمازيغية : أ- الاعتبار الأول : هو الاعتبار
المستقبلي الذي نجيب فيه على سؤال : ما هي الكتابة التي سوف تستطيع مواكبة
عهد الحاسوب والتيكنولوجيا الحديثة؟، أفلا يمكن القول بأن الكتابة
اللاتينية هي الأقرب إلى المنطق لأنها لا تحتاج إلى كثير من التنميط أثناء
اختيار الأبجدية؟ ولأنها المستعملة اليوم في الأنظمة الإليكترونية على
الصعيد العالمي…؟ ب- الاعتبارالثاني : هو الاعتبار التاريخي الذي نجيب فيه
على سؤال : ما هي أهم الأبجديات التي كتبت بها الأمازيغية عبر التاريخ؟ وفي
هذا الصدد سنجد أن اللغة الأمازيغية كتبت قديما بأبجدية تيفيناغ، ثم كتبت
بعد ذلك بالحروف اللاتينية، وبعد مجيء الإسلام بدأ الأمازيغيون يكتبون
بالأبجد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

اللغة الأمازيغية : مقاربة أنثروبولوجية :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

اللغة الأمازيغية : مقاربة أنثروبولوجية

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الإنسان الرقمي مقاربة أنثروبولوجية
» بث مباشر النسق السياسي العربي بين الفساد والإصلاح: الأسس والمرجعيات- مقاربة سوسيو أنثروبولوجية
» لنص والمنهج - مقاربة مصاحبة لكتاب"القول الشعري و اللغة الرمزية"-
»  [ اللغة كخاصية إنسانية ] [ علاقة اللغة بالواقع ] [ علاقة اللغة بالفكر ] [ الوظائف التواصلية للغة ] [ ماوراء الوظيقة التواصلية للغة ]
» حول 'المحاكم الشعبية الأمازيغية'

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: