الرئيس مرسي مبارك واكلة دولية اسمها الشعب السوري المسقوف!
أحمد عمر
2012-09-19
بات
اسم الفيلم عربيا 'الفيلم المسيء' وليس الفيلم المجرم أو الفيلم الرجيم أو
الفيلم الأعور الدجال... اسم الفيلم ناعم ويناقض مضمونه المجرم، وقد سمّي
على سبيل السخرية أو الإغراء متوسلا التضاد الفكري. صفة 'المسيء' رقيقة
وعقوبتها الدولية هي رفع اليدين ورجل واحدة أمام اللوح لمدة خمس دقائق أو
غرامة قدرها عشرة شيكل! أما كلينتون فقد كرّت على المتظاهرين ووصفتهم
'بالغوغاء' وظهر في خطابها حنين مذموم ومدحور للطغاة الذين كانوا يحمون
السفارات والعمارات. الصندوق الانتخابي أهم اختراع سياسي بشري لأنه اقل
الأسلحة إلى العروش دما ودموعا وابتسامة لكن الصندوق الانتخابي الأمريكي
مكلف ودموي وغالبا ما تدفع الشعوب الإسلامية ثمنه، مثال ذلك أفغانستان
والعراق وفلسطين.
قالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَتْ قُرَيْشٌ إنَّمَا
تُسمي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُذمَمًا،
ثُمَّ يَسُبُّونَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يقول: 'أَلا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ؟ يَسُبُّونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ
مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ'.
فضائية الجزيرة استضافت الشيخ
القرضاوي في حصة ' الشريعة والحياة'. موضوع الساعة كان حدث الإساءة إلى
الرسول عليه الصلاة والسلام. دعا القرضاوي إلى تسخير الفن السينمائي في
التعريف بسيرة النبي عليه الصلاة والسلام بينما يرى كاتب هذه السطور أن
المشكلة ليست في سوء ترويج العقيدة وانما في البائع. المشكلة هي أن
المسلمين مسلمون بالاسم أو هم مسلمون من غير إسلام كما في عبارة شهيرة تعزى
لمحمد عبده. وكانت فضائية فرانكشتاين قد بدأت تعيب على 'مفتي الناتو' -
واللقب هو لكاتب سعيد جدا وغاضب جدا ويساري جدا يكتب في الأخبار اللبنانية -
تحريمه مهاجمة السفارات الأمريكية، ولا اعتقد أن مفتيا أو كيانا أو جهازا
مسلما غير القاعدة يجرؤ على الفتوى بإباحة الهجوم على السفارات الغربية
والأمريكية. حتى السفارات الغربية الخالية في دمشق محرمة ومصانة ولا يجرؤ
مفتي الجمهورية احمد حسون أو رئيس اتحاد علماء بلاد الشام محمد سعيد رمضان
البوطي على الإفتاء بحرقها، فهي سفارات عهد ومواثيق. الطريف في الأمر أن
اضعف المسيرات المنددة ب الفيلم 'المسئ' كانت في قلب الفارسية النابض،
فالعدد محدود وهم ليسوا 'بغوغاء ' بدليل عدم حرقهم أو قتلهم أحدا، ولا ندري
هل كانوا في مسيرة تأييد أو مظاهرة تنديد!
ركزت معظم التحليلات في
الفضائيات على ضرورة ترشيد الغضب الإسلامي الذي لا بد منه، من غير أن تعود
إلى أسباب قديمة للغضب مثل حماية الاحتلال الإسرائيلي ببرنامج اسمه 'انتي
سامية' والاحتلال الأمريكي للعراق وفلم 'فتنة' والرسوم الكاريكاتورية ..
الفيلم في الفضائيات
فضائية
العربية والفرانس 24 والبي بي سي كانت 'مهنية' أربع عشرين قيراط فالنبي هو
محمد (حتى لا نخلط بينه وبين النبي جورج بوش الذي كان الوحي يهبط عليه في
البيت الأبيض بالايميل) أو الرسول الكريم ( في فضائية العربية المستعربة).
البي بي سي قالت أن المتظاهرين الذين دمروا السفارة الأمريكية في ليبيا
واليمن رفعوا 'أعلاما سوداء' ولو كنا في عصر الإذاعة لظننا ظن السوء فالعلم
اسود لكنه يحمل عبارة التوحيد، والأسود لون سيد وليس سبة ومنقصة. فضائية
الجديد عرضت مقدار دقيقة أو أكثر من الفيلم الدجال، أما مذيعة قناة
الميادين فأجرت مقابلة مع مديرها صاحب القناة غسان بن جدو عن 'الظهور
الإعجازي' للسيد حسن نصر الله وتقول: يبدو أن البعض لا يدرك حجم الإساءة
التي تعرض لها الرسول وقد حذر بن جدو من عرض الفيلم كاملا! الحد المسوح به
هو أربع عشرة دقيقة لا أكثر!
اضعف الردود هي الرد السعودي الذي ندد
بالفيلم الذي عزي إلى فئة قليلة. بينما سعت فضائية كايرو في موقع الدفاع
والتبشير في المؤمنين إلى استذكار أقوال الزعماء والأعلام مثل تولستوي
وتوماس كارليل وغاندي في مدح الرسول، وعبقريته .. فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ
شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً.
جدار بوتين
'انكسر
حاجز الخوف' عبارة جرت على السنة إعلاميين سوريين كثيرين مقيمين في
الخارج، آمنين من الخوف. لكن الحاجز بين الشعب السوري والحرية كبير جدا ـ
الحاجز أعلى من سد ذو القرنين، وجدار برلين، وجدار بوتين أو جدار الفيتو،
فلا تزال الشهادات السورية ملثمة، ولا تزال فضائيات فرانكشتاين محرمة إلا
على المعارضين الوطنيين أمثال قدري جميل وعلي حيدر وشريف شحادة! كان الشعب
يريد إسقاط النظام لكن يبدو أن النظام نجح في إسقاط الشعب الذي نزح ونزف من
الأوطان والديار إلى ما وراء الحدود والجنود. 'العنف المؤسس' - وهو مصطلح
للمفكر والبحث ريينه جيرار - ثقيل ومكلف. يمكن أن نسمي الشعب السوري 'الشعب
السوري المسقوف' الذي بات أكلة دولية.
عزف منكسر على الريموت كونترول
مساوئ
الثورة السورية: أظهرت إسرائيل عدوا عاقلا، لطيفا، وهذا ما يغري الدول
العظمى باستمرار الوضع الحالي حتى تزداد إسرائيل بريقا ولمعانا وطيبة.
سورية تحولت من لاعب إقليمي إلى ملعوب إقليمي. عفوا يمكن أن نسميها
'مضاعفات الثورة السورية'، أو آلام الولادة الجديدة.
مظاهرة حزب الله
ونعم الوكيل نقلتها الجزيرة مباشر وإخبارية. لا موجبات لعلامة تعجب في آخر
السطر. لا شك عندي في حب حزب الله لرسول الله، القاعدة أيضا تحبه. ومن الحب
.. ما قتل.
كلمات غير متقاطعة: كانكان العوام الذي عاش مرتين (تأليف
جورج آمادو)، عيسى العوام (إخراج يوسف شاهين)، تامر العوام (إخراج الشعب
السوري).
اشتكى موسى أبو مرزوق من تدمير أنفاق غزة إلى مصر كلها، ورثى
مبارك الذي كان يترك بعضها، لن نسمي الرئيس المصري المنتخب 'محمد مرسي ..
مبارك'، فالعشم أن يدمر السور الفولاذي.. ويفتح أبواب غزة هاشم.
نزار قباني يرد على الفيلم المسيء
لم تعرض أي فضائية قصيدة نزار قباني المجهولة، الذي عرف بشاعر المرأة، في مدح الرسول، وهذه بعضها:
عزّ الورودُ.. وطال فيك أوام
وأرقت وحدي.. والأنام نيام
ورد الجميع ومن سناك تزودوا
وطردت عن نبع السنى وأقاموا
ومنعت حتى أن أحوم.. ولم أكد
وتقطعت نفسي عليك .. وحاموا
قصدوك وامتدحوا ودوني اغلقت
أبواب مدحك.. فالحروف عقام
حوربت لم تخضع ولم تخش العدى
من يحمه الرحمن كيف يضام
وملأت هذا الكون نورا فأختفت
صور الظلام.. وقوضت أصنام
الحزن يملأ يا حبيب جوارحي
فالمسلمون عن الطريق تعاموا
والذل خيم فالنفوس كئيبة
وعلى الكبار تطاول الأقزام
* كاتب من كوكب الأرض