التزام قلة من المبدعين بالأدب التجريبي أبقاه في دائرة الأمان التاريخ:
16 أغسطس 2010
قد تكون فترة الستينات من القرن الماضي، هي ذروة
الإبداع الأدبي الغربي، لكن هذا لا يعني أننا لا نزال حبيسي تجربة الرواية
الواقعية، التي كانت سائدة آنذاك، فالعديد من كتاب الأدب لم يتوقفوا عن
ابتكار أنماط أدبية جديدة.
قبل عامين كتبت زادي سميث مقالة في مجلة
«نيويورك ريفيو أوف بوكس» قارنت فيها بين رواية توم مكارثي «البقايا»،
ورواية جوزيف أونيل الشهيرة «هولندا»، التي تدور حول لعبة الكريكيت في
أعقاب هجمات 11 سبتمبر، وحملت المقالة عنوان «طريقان أمام الرواية»، حيث
ركزت فيها سميث على أن هناك تيارين يتنافسان ضمن الأدب الغربي، واعتبرت أن
رواية «هولندا» كانت رواية واقعية غنائية تسير على خطى بلزاك وفلوبيرت،
بينما رواية «البقايا» كانت امتداداً لأعمال روائيي القرن العشرين
التجريبيين، أمثال جيمس جويس وفرانس كافكا ودونالد بارثيلم وويليام غاديس.
وترى
سميث أنه في الأوقات الطبيعية، فإنه يمكن لهذين التيارين الأدبيين
التعايش، لكن الزمن المعاصر الذي نعيش فيه ليس طبيعياً، إذ تم ركن الأدب
التجريبي إلى زاوية آمنة من التاريخ الأدبي، باعتباره حالة من حالات الفشل
الذريع.
وقد مثل موت الروائي الأميركي، ديفيد فوستر والاس عام 2008،
بالنسبة للكثيرين، نقطة النهاية لمشروع كان يتسم بالغموض والملل والتكلف،
حث كانت كتاباته طويلة جداً، وفي بريطانيا، التي تتمتع بوجود طيف حيوي من
الأدب التجريبي يمكن القول إن الأدب التجريبي فيها بخير، وترى سميث أن
الرواية الواقعية المكتوبة بشكل جيد، والمستمدة من إرث القرن التاسع عشر،
هي السائدة حالياً ببريطانيا، حتى لو لم نكن مغرمين بها.
ويمكن القول
أن ديفيد ميشيل، مؤلف رواية «كلاود أكلس»، يكتب بطريقة مختلفة، ولكن من
الصعب تصنيفه أنه أديب طليعي بشكل رسمي، وسيصدر قريباً عملان في بريطانيا
يدلان بشكل كبير على أن الأدب التجريبي في بريطانيا لا يزال بخير، ولا يزال
ممكناً، مثل: رواية توم مكارثي الجديدة «الحرف سيه».
بين الهجر والالتزاملكن
هل هذا صحيح؟ في الواقع أنه يمكن ملاحظة تنوعات أدبية وكتابات تتسم
بالتجريبية في أمكنة كثيرة من العالم، ففي أميركا اللاتينية تنتشر أعمال
كثيرة لا تمت للواقعية بصلة، والكتابة غير الواقعية ليست جديدة هناك،
فروادها امتطوا صهوة التجريبية منذ وقت طويل، وما نجاح أدباء من أمثال
روبرتو بولانو وسيزار إيرا، إلا دليل على ذلك.
وبالنسبة لفرنسا فربما
فقدت بريقها ولم تعد موطن التجديد الأدبي مثلما كانت في السابق، غير أن
أعمالاً طليعية من أمثال كتابات جورج بيريك لا تزال تلقى الكثير من التبجيل
والاحترام.
ستيوارت هوميمكن
القول إن ستيوارت هوم قامة ثقافية متعددة المواهب، حيث إنه فنان ومخرج
سينمائي ومؤلف وناشط، وهو من مواليد لندن عام 1962، وفي عام 1982 قرر أن
يصبح فناناً، لكن الناس يعرفونه كروائي أكثر من أي شيء آخر، وامتازت كتبه
بالجرأة سواء من ناحية المضمون أو الشكل، ومن رواياته «الموت البطيء».
توم مكارثيتزخر
كتابات مكارثي التجريبية بعنصر المفاجأة والمخادعات والأشخاص المخادعين
وتكرار التكرار، وباعتباره فناناً وناقداً، بالإضافة إلى كونه روائياً،
تجده يميل إلى التركيز في كتاباته عن التزييف والتقليد، مثل عمله الأدبي
«بيان مشترك حول الزيف»، وهو عبارة عن خليط ثقافي وأدبي في قالب جديد من
الصعب تصنيفه.
بعد ذلك كتب مكارثي روايته «البقايا»، والتي كان لها
الفضل في صعود نجمه وانتشار اسمه بين القراء، حيث إنها تصدرت قائمة الكتب
الأكثر مبيعاً. وأما كتابه الجديد «الحرف سيه» فهو عبارة عن رحلة في دهاليز
بدايات القرن العشرين.
سيزار أيرايعتبر
سيزار إيرا من أشهر كتاب الأرجنتين المعاصرين، ويمتاز برواياته التجريبية
القصيرة التي لا تتعدى المئة صفحة، ويمتاز أيضاً بكثرة إنتاجه الأدبي، فهو
ينشر في الأسواق أربعة روايات سنوياً، ويعود هذا إلى أن إيرا يحيك قصصه من
واقع حياته اليومية.
ليديا ديفيزتميل
كاتبة القصة القصيرة الأميركية، ليديا ديفيز، في كتاباتها إلى الإيجاز،
فهناك القليل من قصصها ذات الطول التقليدي للقصة القصيرة، أما الباقي
فيتراوح بين صفحة وثلاث صفحات، وهناك العديد من القصص التي لا تزيد عن فقرة
أو حتى جملة واحدة، وبالتالي فأعمالها تميل إلى أن تكون خواطر أكثر منها
قصصاً أدبية. وقد نشرت ديفيز، البالغة من العمر 63 عاماً، أول مجموعة قصصية
لها عام 1976.
وترجمت كثيراً من الأعمال الأدبية الفرنسية إلى
الإنجليزية، لكنها لم تحقق أي نوع من الشهرة في الولايات المتحدة حتى العام
الماضي عندما نشرت مجموعتها القصصية هناك، والتي لاقت الكثير من الاهتمام
من قبل الأدباء والمهتمين، حيث أفرد الكاتب والناقد جيمس وود مساحة كبيرة
في مجلة «نيويوركر» للحديث عنها.
بقلم: ويليام سكيديلسكي ترجمة: يوسف جباعته (عن صحيفة أوبزيرفر