ابن
تيمية : صالح البشر افضل من
الملائكة
وأما
العبادة
فقد قالوا إن
الملائكة دائمو العبادة
والتسبيح ومنهم قيام لا
يقعدون وقعود لا يقومون وركوع
لا يسجدون وسجود لا يركعون {
يسبحون الليل والنهار لا
يفترون } .
والجواب
: أن الفضل بنفس
العمل وجودته لا بقدره وكثرته
كما قال تعالى : { إنا جعلنا ما
على الأرض زينة لها لنبلوهم
أيهم أحسن عملا } وقال : { إنا
لا نضيع أجر من أحسن عملا } ورب
تسبيحة من إنسان أفضل من ملء
الأرض من عمل غيره وكان إدريس
يرفع له في اليوم مثل عمل جميع
أهل الأرض ؛ وإن الرجلين
ليكونان في الصف وأجر ما بين
صلاتهما كما بين السماء
والأرض . وقد روي : " { أن
أنين المذنبين أحب إلي من زجل
المسبحين } " . وقد
قالوا : إن
علماء الآدميين مع وجود
المنافي والمضاد أحسن وأفضل .
ثم هم في الحياة الدنيا وفي
الآخرة يلهمون التسبيح كما
يلهمون النفس ؛
وأما النفع المتعدي والنفع
للخلق وتدبير العالم
فقد قالوا هم تجري
أرزاق العباد على أيديهم
وينزلون بالعلوم والوحي
ويحفظون ويمسكون وغير ذلك من
أفعال الملائكة
.
والجواب : أن صالح البشر
لهم مثل ذلك وأكثر منه ويكفيك
من ذلك شفاعة الشافع المشفع
في المذنبين وشفاعته في البشر
كي يحاسبوا وشفاعته في أهل
الجنة حتى يدخلوا الجنة . ثم
بعد ذلك تقع شفاعة الملائكة
وأين هم من قوله : { وما
أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ؟
وأين هم عن الذين : { ويؤثرون
على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة
} ؟ وأين هم ممن يدعون إلى
الهدى ودين الحق ؛ ومن سن سنة
حسنة ؟ وأين هم من قوله صلى
الله عليه وسلم " { إن من
أمتي من يشفع في أكثر من ربيعة
ومضر } "
وأين
هم من الأقطاب ، والأوتاد ،
والأغواث ؛ والابدال ،
والنجباء؟
من كتاب الفتاوي، لابن تيمية، المجلد الرابع، الصفحة 379