" اقتلوا من لا غيرة له"
عبد الرحيم العلام
الاثنين 02 يوليوز 2012 - 22:57
ربما
المقولة الحقيقة التي قالها فيلسوف الحرية فرانسوا ماري أرويه الملقب ب
"فولتير"هي الأنسب في التضامن مع مختار الغزيوي، المقولة: "أنا أمقت ما
تكتب، ولكنني على استعداد تام لأن أضحي بحياتي من أجل أن تستمر في
الكتابة" بدل العبارة المنسوبة إليه التي تقول" قد أختلف معك في الرأي
ولكنني على استعداد أن أموت دفاعاً عن حقك في أن تقول رأيك". نعم على كل
من يناضل من أجل الحرية والتحرر، عليه أن ينتفض ضد دعوات القتل التي أصبحت
توجه ضد حرية الضمير.
فأن تسمع شخص يدعي الفقه وإتباع سنة النبي
(ص) يتهم مواطنا لمجرد تعبيره عن رأيه ويصفه بأقبح النعوت بل ويدعو إلى
قتله، أقول عندما تسمع ذلك لابد وان تصاب بشيء من الارتباك وخوف من
المستقبل وتوجس من أمثال هذا " الداعية". يضاف إلى كل هذا، أن " الداعية"
استشهد على دعوة القتل بمقولة نسبها إلى الرسول زورا وبهتانا.
لقد
قال " الداعية" نسبة إلى الرسول " اقتلوا من لا غيرة له"، واهما الناس بأن
الحديث صحيح عن الرسول، في الوقت الذي، لو حرك " الداعية" فأرة الحاسوب
وحرك معها عقله المتزمت، لعلم أن هذه المقولة ليست حديثا ولم ترد على لسان
الرسول ولا احد من أصحابه، بل العكس هو الصحيح، لقد نهى الرسول عن قتل من
لا غيرة له، حيث جاء في كتب " البخاري" و " مسلم" وغيرهما أن الرسول لما
بلغه قول سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف، قال الرسول
(ص): أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَ الله لأَنَا أَغْيَرُ
مِنْهُ ، وَالله أَغْيَرُ مِنّي ، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ الله حَرّمَ
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ
مِنَ الله ، وَلاَ شَخْصَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ الله ، مِنْ
أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثُ الله الْمُرْسَلِينَ مُبَشّرِينَ وَمُنْذِرِينَ
وَلاَ شَخْصَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ الله ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ
وَعَدَ الله الْجَنّة .
كما أن " الداعية" النهاري، استشهد
بنقاش دار بين الرسول وأحد الصحابة، عندما أنكر الرسول على محدثه القبول
بالزنا بطريقة مؤدبة وحضارية، ولم يأمر أحدا بضرب عنق الرجل لأنه ديوث أو
ما شبه، فلماذا لم يتسنن " الداعية" النهاري بسنة النبي محمد و يجاريه في
طريقة حواره وأدبه، وأن لا يتهم مختار الغزيوي بكونه ديوثا ويأمر بقتله؟
لابد
أن يفعل القانون مع أي شخص كان وكيفما كانت ظروفه وسلطته، ولابد لوزارة
العدل من أن تحرك فصول المتابعة ضد هذا " الداعية" الذي يأمر بالقتل في
واضحة النهار، إذ كنا سنتسامح مع النهاري لو انه أقتصر في رده على الغزيوي
على النقاش الفكري ومناطحة الحجج كما فعل النبي. لقد أحجمت شخصيا عن
الدخول في النقاش في ما يتعلق بمسألة الحرية الجنسية لمجموعة من الأسباب.
أهمها أن الموضوع جانبي ويصرف الناس عن الهموم الحقيقية والمواضيع
العميقة، إلا أن الدعوة للقتل والمجاهرة بذلك لا يمكن السكوت عنها أو غض
الطرف، لأن من شأن تكفير الناس وكبت الآراء والتضييق عن حرية الضمير، أن
يعيدنا إلى قرون قد خلت قتل فيها الناس لمجرد مخالفتهم للرأي السائد أو
للمذهب السائد.
يجب علينا أن نتعلم مما حصل مع التوراة و
الإنجيل، فلم يهمش التوراة إلا التلمود ولم يحرف الإنجيل إلا القساوسة،
أخشى أن أقول لم يقتل الإسلام إلا الفقه، لذلك سأقول، مع القائل، لم يدمر
المعبد إلا الكاهن، ولا يكون الفرد مسلماً بجعله في قلب المسجد، وإنما
بجعله في قلب الإنسانية. هم الله عباده وليس عبادته.. الله يصب الأنبياء،
والناس تشرب الفقهاء... الله لا يريد معبداً يعبد به، وإنما يريد إنساناً
يحرر به.