بن عبد الله مراقب
التوقيع :
عدد الرسائل : 1537
الموقع : في قلب الامة تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | بناء مستقبل على العِلم(*) يقوم عالم الأعصاب البرازيلي <L.A.M.نيكوليلِس> بالتنصت | |
بناء مستقبل على العِلم (*) يقوم عالم الأعصاب البرازيلي بالتنصت على إشارات العصبونات لتتحرك وفقها أعضاء صنعية إنسالية(1). ويأمل اليوم استغلال إمكانات مواطني بلده لإنشاء شبكة من «مدن العلوم».
مفاهيم مفتاحية خطة عالم الأعصاب لتأسيس معاهد علمية رفيعة المستوى في جميع أنحاء البرازيل هي في الوقت نفسه تجربة اجتماعية رائدة لتوزيع ثمار العِلم الفكرية والاقتصادية.
التشبيك الشامل والتمويل المختلط والتوقيت السياسي المناسب، كل ذلك أتاح تقدم المشروع تقدما سريعا.
يأمل العلماء المغتربون الذين وضعوا المشروع، المساعدة على تكوين أمة منافسة يتمكن مواطنوها الصاعدون من التفوق من دون أن يضطروا إلى الاغتراب.
محررو ساينتفيك أمريكان
|
في غرفة نظيفة معتمة في حرم جامعة ديوك يراقب باستحسان، البيانات التي يستعرضها طالبان على شاشتي حاسوبيهما، حيث تعكس الخطوط والذرا الملونة النشاط الآني لدماغ قردة المَكاك(2) المسماة «كليمنتين»، التي تمشي متمهلة على سير(3) متحرك في الغرفة المجاورة. أما أصوات الفرقعة التي تأتي من مكبر الصوت المثبت على جدار خلفي، فهي الصوت المضخَّم لقدح أحد عصبونات هذه القردة. ويعلن <نيكوليلس> مبتسما: «هذه أجمل موسيقى يمكن أن تسمعها من الدماغ.» وما هذه التجربة سوى تحضير للعرض الكبير لأعمال <نيكوليلس> وفريقه الهادفة إلى إنتاج أعضاء صنعية للبشر يتحكم فيها العقل. وقد احتلت أنباء هذا العرض الصحف العالمية أول مرة في عام 2003؛ ذلك أن المجموعة بيّنت حينذاك أنها تمكنت من التنصت على إشارات الدماغ التي يولّدها قرد أثناء استخدامه مقوَد لعبة الکيديو وترجمة ذلك الكود البيولوجي إلى أوامر تنصاع لها ذراع ميكانيكية فتقوم بالحركات نفسها. وتنوي المجموعة حاليا صنع أرجل إنسالية(4) تتحرك بإمرة القشرة الدماغية المحركة(5) لقرد يمشي مثلما تفعل «كليمنتين». ويريد العلماء هذه المرة أن يغذّوا دماغ القرد أيضا ببيانات المحسّ الموجود في قدم الإنسالة بحيث «يشعر» بخطوات الرِّجل الميكانيكية كما لو كانت خطواته. ولرفع سقف الرهان أكثر سيكون القرد في ديوك بكارولينا الشمالية، أما الأرجل الإنسالية فستكون في النصف الآخر من العالم في معهد أبحاث الاتصالات الدولي بكيوتو في اليابان. يسلم <نيكوليلس> بأن تعقيد التجربة يمثل عقبات كامنة، لكن التأخير الناتج من إرسال الإشارات عن طريق الأقمار الصنعية من اليابان وإليها لم يعد من بينها. فقد وجد أحد الشبان الموجودين في الغرفة، ، طريقة لجعل فترة تأخر وصول الإشارات مهملة، نحو التأخير إلى 120 ملّيثانية. ويقول <نيكوليلس>: «إن هذا الشاب مازال طالبا جامعيا.» يقول ذلك وهو مسرور لتوضيح نقطة مفضلة لديه في هذا الصدد ـ وهي أنك لست بحاجة إلى دكتوراه للمشاركة الفعالة في العلم. والتلميح هنا موجه إلى فلسفة شخصية أوسع كانت تقود مساعي عالم الأعصاب البالغ من العمر 46 عاما أثناء السنوات الخمس الماضية في نوع مختلف جدا من الطموح، الذي ربما كان مساويا لطموحه تحميل الدماغ البشري بالأحاسيس. ف<نيكوليلس> مقتنع بأن العلم وسيلة قادرة على إطلاق الإرادة البشرية الكامنة متجاوزة التراتبية(6) الأكاديمية الجامدة ـ وخارج المعاقل العلمية التقليدية في أمريكا الشمالية وأوروبا ـ لم يكن مشروعه الكبير الآخر أقل من السعي إلى تغيير الطريقة التي يجري بها البحث في وطنه البرازيل. وفي سيرورة ذلك، يعتقد أن بإمكان العلم أن يقوم أيضا بتحويل اقتصادي واجتماعي في البلاد كلها. وجوهر رؤية <نيكوليلس> هو سلسلة من «مدن العلوم» مقامة في مناطق البرازيل الأشد فقرا، مركز كل منها معهد أبحاث ذو مستوى عالمي متخصص في مجال مختلف من العلم أو التقانة. وسوف تشمل شبكة من البرامج التعليمية والاجتماعية بصورة أساسية المجتمعات المحيطة بكل من هذه المعاهد، وتحسّن في الوقت نفسه البنية التحتية المحلية ونوعية الحياة في هذه المجتمعات. ويمكن أن يؤدي وجود واحات المعرفة هذه إلى ما يشبه وادي السيليكون(7) Silicon Valley من تجمع مؤسسات علمية تجارية حولها ونمو المنطقة نموا سريعا. و<نيكوليلس> معتاد على التشكيك الذي تثيره ضخامة المشروع حتى من قبل نظرائه. ويقول: «حتى قبل عدة أشهر كان العلميون البرازيليون أكبر المشككين.» في حين يعترف الآن، العديدُ من المراقبين في البرازيل وخارجها بأن الزخم الذي بلغته خطة <نيكوليلس> في وقت قصير يوحي أنه ربما كان في طريقه إلى تحقيق شيء ما.
العلم في ترتيب جديد:
|
(S> (2.روبييرو> [المدير العلمي للمعهد IINN] يراقب نشاط دماغ أحد القوارض. |
(1) مركز الأبحاث التابع لمعهد ناتال الدولي لعلوم الأعصاب (IINN) في مدينة ناتال. |
(4) أهل منطقة ماكائيبا. |
(3) الطلبة يبنون إلكترونيات في مدرسة ماكائيبا التابعة للمعهد IINN. | (6) [عالم الأعصاب] عند مدخل المعهد IINN في ماكائيبا. | (5) مدخل العيادة الصحية التابعة للمعهد IINN في ماكائيبا. | | فكرة تصبح واقعا ملموسا(**) في الشهر 8/2007، جمعت المؤسسة اللاربحية التي أسسها <نيكوليلس> وشركاؤه عام 2003 لبناء معهد لعلوم الأعصاب، في شمال شرق البرازيل، كدليل على صحة فكرته، مبلغ 25 مليون دولار كان معظمها هبة من أرملة البليونير . وقد استُكملت أيضا في موقع فوق التلال مساحته 100 هكتار في المدينة الزراعية الساحلية ماكائيبا، ثلاثةُ مبان أساسية من «الحرم الجامعي للدماغ» campus of the brain. وتضم الأبنية البيضاء الناصعة مبنى فيه 25 مختبر بحث وعيادة مجانية متخصصة في صحة الأم والطفل ومدرسة سوف تقدم مرتين في الأسبوع دروسا في العلوم والفنون لـ 400 طفل تتراوح أعمارهم بين 11 و 15 عاما، وذلك في الربع الأول من عام 2008. وفي المدينة الساحلية الأكبر ناتال الواقعة على بعد 20 كيلومترا، أُنشئت مدرسة علوم أخرى وهي تعمل منذ الشهر2/2007 وفيها نحو 600 طالب، إضافة إلى مجموعة مختبرات مجهزة لإجراء أبحاث <نيكوليلس> حول مرض پاركنسون باستخدام فئران محورة وراثيا. وهناك مختبر علوم أعصاب ثالث تُشَغله مجموعة <نيكوليلس> وقد أُسس في المستشفى السوري ـ اللبناني بمدينة ساو پاولو الجنوبية وذلك مقابل رعاية المستشفى لعيادة ماكائيبا، وهو يركز على التطبيقات الطبية لأبحاث الأطراف الصنعية.
عززت الأرض في ماكائيبا، الممنوحة لإنشاء «الحرم الجامعي للدماغ» عليها، عرضا تقدمت به الحكومة وجامعة ريو كرانده دو نورتو الفدرالية لاستضافة معهد علوم الأعصاب التابع للجمعية AASDAP في منطقة ناتال. |
إن موقع ماكائيبا نفسه كان هدية من حكومة ولاية ريو كرانده دو نورته، ولايزال تنقصه طريق معبدة تصل إليه. لكن لدى المؤسسة خطط لمدرسة تستوعب 5000 طالب ولمختبر إضافي ومركز صحي أكبر ومرافق رياضية وحديقة بيئية لإكمال ما سيكون عليه الحرم الرئيسي للمعهد الدولي لعلوم الأعصاب في ناتال (IINN)(8). وقد تعهدت الحكومة البرازيلية الفدرالية بدفع 25 مليون دولار لإنهاء المجمع بعد أن زار الرئيس <لولا دا سيلکا> الحرم في الشهر 8/2007 يصحبة رئيس وزرائه ووزير التعليم. وكان <نيكوليلس> قد قدم ما اعتبره «أهم محاضرة في حياته المهنية» إلى الرئيس، المعروف عالميا باسم «لُولا»، قبل ذلك بأسابيع قليلة.
منطقة مهملة
ناتل هي عاصمة ريو كرانده دو نورتو، الولاية المتخلفة التي تسهم بأقل من 1% في الناتج المحلي الإجمالي (GDP)
السكان ناتال: 789 896 (منطقة العاصمة: 2.7 مليون) البرازيل: 186.8مليون نسمة وفيات الأطفال (لكل 1000 ولادة) ناتال: 36.1 البرازيل: 23.1 الأمية فوق سن 15 ناتال: %21.5 البرازيل: %11 متوسط العمر المتوقع ناتال: 70.1 ساو پاولو: 73.09 مساهمة الولاية في الناتج المحلي الإجمالي الوطني ريو كرانده دو نورتو: %0.9 ساو پاولو: %30.9
المصدر: Brazilian Instituteof Geographyand Statistics
|
ويتذكر <نيكوليلس>، وهو في مكتبه الفسيح المطل على حرم جامعة ديوك الوارف الظلال، تلك المقابلة الأولى ويشعر كما لو أنها كانت غير واقعية بعض الشيء، ويقول: «كما تعلمين، إنني ألقي محاضرات باستمرار، ولكنني وجدت نفسي فجأة أتحدث إلى الشخص الذي باستطاعته أن يغير الكثير. واللطيف في الأمر أننا كنا نتحدث عن العلم ـ ولم نكن نتحدث عن بناء جسر أو طريق. كنا نتحدث حول كيف يمكن تعليم الأطفال بصورة جماعية في بلد مثل بلدنا باستخدام العلم قوة محركة.» وبعد زيارة <لولا> بدأت مجموعة نيكوليلس النقاش مع وزير التعليم في البرازيل حول وضع منهاج علوم لعدد من المدارس التقنية الجديدة يبلغ 354 مدرسة. ويقول <نيكوليلس> بحماس: «إذا نجح ذلك فسيكون عندنا نحو مليون طالب في مدى عامين.» إن العناصر الاجتماعية لخطط <نيكوليلس>، التي تتشكل إلى جانب المنشآت العلمية، هي في نظره جزء لا يتجزأ من هدف المعهد: «ما اتخذناه [بالنسبة إلى ناتال] ليس مجرد فكرة العمل العلمي على مستوى عالمي، كما نفعل هنا [في ديوك] وإنما أن ندع ذلك يصبح جزءا من مدرسة ومن عيادة نسائية وأن ندمج المؤسسة العلمية في المجتمع.» وهو متحمس للبحث العلمي في المعهد IINN مع التركيز على الطريقة التي يتعلم بها الدماغ مثلا، بحيث يمكن إدخال أفكار جديدة في طرائق التعليم في المدارس. ونظرا لأهمية تطور الدماغ، في المراحل المبكرة فسوف توافر العيادة أيضا مصرفا (بنكا) للحليب البشري للأمهات الحديثات اللواتي لا يستطعن إنتاج حليبهن الخاص، وهذا سوف يلبي حاجة غير مسبوقة إلى العلاج العصبي للأطفال في المنطقة. ويوضح قائلا «وعلى هذا فهي تجربة هائلة تربط علم الأعصاب بالتعليم وبالخدمات الصحية.»
لمحة سريعة حول العلم(***) يتركز العلم والصناعة البرازيليان في الأقاليم الجنوبية، حيث يُنفق معظم التمويل الفدرالي المخصص للعلم والتقانة. ويقدم عدد قليل من الولايات في البرازيل البالغ عددها 26 ولاية، وبخاصة ولاية ساو پاولو، دعما بحثيا ذا شأن. ويبين المخطط أدناه الإنفاق الإجمالي على البحث والتطوير في كل من الأقاليم مقدرا بالدولار الأمريكي وبالريال البرازيلي.
|
لقد استمرت الخطة في التطور منذ أن تخيلها <نيكوليلس> بالاشتراك مع عالمين برازيليين آخرين في ديوك كطريقة للارتقاء بمستوى العلم في البرازيل. ويقول <نيكوليلس> عن الفكرة التي كانت لديه ولدى زميليه و عام 2002 لتأسيس معهد لعلوم الأعصاب عالمي المستوى في البرازيل: «كانت حول إعادة الناس إلى الوطن وعكس اتجاه هجرة الأدمغة، لكننا كنا نعرف أيضا أنها يجب أن تكون القوة المحركة للتغيير الاجتماعي ولبيان أنه، مع توافر الظروف الملائمة، ستكون للموهبة أينما حلّت فرصة للنجاح.» وقد أطلقوا على المؤسسة اللاربحية التي أسسوها لتنفيذ خطتهم اسم جمعية ألبرتو سانتوس ـ دومونت لدعم البحث(9) (AASDAP)، باسم البرازيلي الذي ذهب إلى باريس في تسعينات القرن التاسع عشر لتحقيق حلمه في الطيران ونجح في ذلك. تحقيق المعايير العالمية(****) في عام 1989 حين غادر <نيكوليلس> وزوجته البرازيل لمتابعة دراسة علم الأعصاب كان كل منهما حائزا شهادات علمية في الطب من جامعة ساو باولو الموجودة في كبرى مدن البرازيل، وكان <نيكوليلس> قد حصل على الدكتوراه في الجامعة نفسها تحت إشراف باحث الأمراض الشهير . لكن البلاد كانت قد خرجت لتوها من حكم نظام بيروقراطي عسكري استمر عقدين من الزمن فكان تمويل الأبحاث ضئيلا، ولم يكن أمام العلميين الشباب سوى آفاق قليلة للعمل. وساورت <نيكوليلس> أيضا، بعد أن أصبح في الولايات المتحدة، شكوك حول القيمة التي يمكن أن تكون لعالم برازيلي متمرس. ويقول إنه كثيرا ما سئل في مقابلات تتعلق بعمله «ماذا قدمت جامعة ساو باولو ومن تخرج فيها وكان ذا شأن؟» وسرعان ما أصبح <نيكوليلس>، بعد أن بدأ في جامعة هاهنيمان بکيلادلکيا، رائدا في تقنيات التنصت على مئات العصبونات دفعة واحدة في محاولة لفك كود لغة الدماغ الأساسية. وهو معروف اليوم عالميا بوصفه واحدا من رواد علم الأعصاب، وهو يعزو نجاحه المهني إلى إيمانه بأنه لا ينبغي للعلميين الشباب الواعدين أن يغادروا البرازيل لتحقيق إمكاناتهم كاملة. وفي أثناء غيابه تحسنت الظروف بالنسبة إلى العلميين البرازيليين، مع أن التمويل العام والصناعي المخصص في عام 2006 للبحث والتطوير البالغ 14.5 بليون دولار لايزال أقل كثيرا من المبالغ التي تخصصها عدة اقتصادات ناشئة أخرى والتي تقارَن البرازيل عادة بها [انظر الجانب الأيمن للصفحة 8]. وقد صادق <لولا> على أن العلم والتقانة هما طريق تطور البرازيل وأعلن مؤخرا عن دعم مقداره 23 بليون دولار لميزانية البحث للسنوات الثلاث القادمة.
حقائق سريعة يتضمن شعار الجمعية AASDAP رسم الطائرة 14-bis التي حلّق بها الطيار الرائد ألبرتو سانتوس ـ ديمونت عام 1906 بالقرب من باريس، وفاز بجائزتين أوروبيتين لأول طيران بطائرة أثقل من الهواء ذات محرك. وتهدف الجمعية من هذا الشعار تحفيز البرازيليين على «التحليق» في وطنهم ذاته. | | يقول الفيزيائي دي أليفيرا> [مدير معهد الدراسات المتقدمة في ساو كارلوس]: «إن ظهور بعض الثمار الحديثة الرفيعة المستوى للإنفاق على الأبحاث هو ما شجع الرئيس على اعتناق العلم.» ويثني <ماسكارينهاس> على الشركة الوطنية للأبحاث الزراعية، إيمبراپا، بصورة خاصة بسبب ريادتها في تطوير الإيثانول والمحروقات البيولوجية (الحيوية) الأخرى، وكذلك بسبب دعمها ماليا للتقانة البيولوجية الزراعية الاستوائية باعتباره مجالا يمكن أن تؤسس فيه البلاد خبرة. وفي عام 2000، أنتج اتحاد من نحو 30 مختبرا برازيليا سلسلة جينومية(10) للطفيلية Xylella fastidiosa، وهي طفيلية مهمة بالنسبة إلى محصول الحمضيات. وهناك عدة مشاريع أُخرى لسَلْسَلة نباتات المحاصيل، مثل قصب السكر. ويقول <ماسكارينهاس> «تقوم الشركة إيمبرابا بتحويل سلع صادرات [بلدنا] من مواد خام إلى علم تطبيقي. لكن البرازيل مازالت لا تعرف كيف تحول البحث من الجامعة إلى منتجات و«رأسمال مخاطرة(11)» وهو يلقي اللوم جزئيا على ثقافة البرج العاجي لدى مجتمع الباحثين العلميين في البرازيل المعتمد بصورة واسعة على الجامعات.
يضم مخطط المكونات التي لم تبنَ بعد من «الحرم الجامعي للدماغ» في ماكائيبا مركزا صحيا كبيرا، ومكانا مخصصا للإدارة ومختبرات المعهد IINN وسكنا للطلبة والعلماء الزائرين، ومدرسة بدوام كامل تتسع لعدد من الطلبة يبلغ 5000 طالب، ومركزا رياضيا. وقد خُطِط لتأسيس مركز للتقانة البيولوجية (الحيوية) مجاور للحرم الجامعي للدماغ سوف يبنى في المستقبل. |
ليس من المستغرب إذن أن بعضا من هؤلاء العلميين كان يشكك في مشروع ناتال، كما يتذكر <ماسكارينهاس>. وتصور <نيكوليلس> حول شبكة مراكز أبحاث مستقلة المستوحى من معاهد ماكس پلانك المهيبة في ألمانيا ليس مألوفا في البرازيل. ويلاحظ <ماسكارينهاس> أن شعار المعهد AASDAP: «مستقبل العلم في البرازيل يبدأ هنا» لم يكن بالتأكيد عاملا مساعدا. وإذا كانت هذه المقاربة قد استمالت بعض العلميين البرازيلين، فإن القرار المتخذ بشأن إنشاء المعهد الأول في منطقة ناتال النائية الفقيرة أوقع الكثيرين منهم في حيرة. ويعتقد <نيكوليلس> أن التأثيرين الاجتماعي والاقتصادي سيكونان باديين للعيان أكثر في المجتمعات التي تحيط بناتال وماكائيبا، وأن تلك بالضبط المنطقة التي هي أكثر ما تكون بحاجة إلى مثل هذا التحول.
الهدف الشامل
تعلق الأمم ذات الاقتصاد الانتقالي transitionaleconomies الشبيه بالاقتصاد البرازيلي آمالها في التطور على العلم والتقانة، ويستثمر بعضها نسبا أكبر من الموارد الوطنية.
الإنفاق الإجمالي على البحث والتطوير في عام 2004 (ببلايين الدولارات الأمريكية/ كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي GDP)
البرازيل: %0.91 / 13.5$ الصين: %1.23 / 95.5$ الهند: %0.69 / 23.7$ سنغافورة: %2.23 / 2.6$ كوريا الجنوبية: %2.85 / 28.3$ تايوان: %2.38 / 15$
المصدر: Organization forEconomic Co-operationand Deveopment
|
وعدا ذلك فالميناء البحري والمطار الذي يستقبل رحلات مباشرة من أوروبا ينبغي أن يجعلا الموقع مكانا واعدا للعلم التجاري، وذلك على حد قول <ماسكارينهاس>. وقد أعلنت الحكومة الفدرالية المنطقة منطقة مشاريع حرة. وتفاوض هيئة المعهد AASDAP حاليا حول إنشاء مجمع تقانة بيولوجية مساحته تتراوح ما بين 1000 و 2000 هكتار، ويتوقع <نيكوليلس> أنه سوف يجذب أعمالا تركز على منتجات للتصدير مثل المواد الدوائية والمحروقات البيولوجية. وفي الوقت ذاته يجري <نيكوليلس> محادثات مع ولايات أخرى مهتمة باستضافة المعاهد الثلاثة، التي سوف تكون مجالات اختصاصها على الأغلب الطاقة البيولوجية bioenergy والإلكترونيات الميكروية microelectronics وعلم البيئة. مدينة العلوم الجديدة(*****) إن استراتيجية تجميع أعمال تتعلق بالتقانة المتقدمة حول معاهد أبحاث رئيسية بأمل تحفيز الابتكار، كوسيلة لدفع عجلة التطور الاقتصادي الإقليمي، لم تكن قط أكثر شيوعا منها اليوم. فالحكومات المحلية والوطنية، وبخاصة في القارة الآسيوية، تنفق البلايين لبناء مثل «حدائق العلوم» science parks و«مدنها» هذه، وهي تعلق أهدافها التنموية على العلم. في عام 2006، أعلنت الصين خطتها لبناء 30 مدينة علوم جديدة، كما أعلنت أنها سوف ترفع إنفاقها السنوي على البحث إلى أكثر من 100 بليون دولار بحلول عام 2020. وعند ذلك تتوقع الحكومة أن يكون 60 في المئة من النمو الاقتصادي في البلاد أساسه العلم والتقانة. والهند أيضا، وهي التي أصبح عدد صغير من الجامعات المرموقة فيها محاور لتجمعات التطوير التقاني، كما هي الحال في بنكالور، تُراهن على ازدهار تقاني مستمر. ومع أن مقاربات هذه الدول مختلفة، فإن الشيء المشترك بينها هو هدفها الواضح الرامي إلى تحفيز العلماء المشتتين الذين تدربوا في الغرب على العودة بخبراتهم إلى أوطانهم، كما تقول المديرة التنفيذية لمعهد المستقبل(12) (IFTF)، وهو مركز تنظيري في پالو ألتو Palo Alto بكاليفورنيا. وتقول <كوربيس>: «إن المثال الذي كثيرا ما يُستشهد به هو تايوان، حيث تعتمد صناعة أشباه الموصلات كلية على الخبراء الذين أقاموا هنا في وادي السيليكون مدة 20 عاما ثم عادوا إلى وطنهم الأصلي تايوان. ونحن نرى هذا يحدث في الصين أيضا، فالأكاديميون يعودون ويؤسسون مختبراتهم ويجتذبون طلبتهم وصلاتهم العلمية. وربما كان <نيكوليلس> أحد بضعة علماء برازيليين يتمتعون بمكانة تؤهلهم للقيام بالدور نفسه في بلادهم.» وقد اشتركت <كوربيس> مع [مدير البحث في المعهد IFTF] في إدارة مشروع مدته عام كامل لإجراء المسح دلتا Delta Scan، وهو تحليل واسع وتنبؤ بتوجهات العلم والتقانة، وذلك بتكليف من الحكومة البريطانية. وفي تقريرهما أشارا إلى البرازيل بوصفها رائدا علميا عالميا محتملا بحلول عام 2025، وإلى المبادرة ناتال كمثال على الاتجاه الذي ينبغي أن تأخذه البلاد لكي تصل إلى هذا الهدف. ويشكل البحث المتعدد الاختصاصات ضمن المعاهد AASDAP وفيما بينها ميزة مهمة وفقا لرأي <كوربيس>. ويتضمن تأكيد <نيكوليلس> نفسه على التعاون بين مختبره في ديوك والمواقع IINN والشركاء الدوليين أسلوبا مترابطا ترابطا شاملا للعمل اعتبره مؤلفو «المسح دلتا» أساسيا بالنسبة إلى مقدرة البرازيل على إنتاج أبحاث عالمية المستوى. ويرى <پانگ> أيضا أن إطلاق المعهد IINN، الذي أُقيم في البداية بفضل منح دولية، هو الشكل الذي ينبغي أن تجري الأمور وفقه في الأمكنة الأخرى. ويلاحظ: «أن الأمر المهم الآخر هو ازدياد الرأسمال الخاص الذي يدعم مثل هذه المراكز، ودعم ما نعتبره عادة أنه مشاريع عِلم كبير.» ويضيف <پانگ> بأن التطور التالي في التنمية المقامة على العِلم هو «نطاق ابتكار» أقل بنيوية وأقل توجيه حكومي إنما ينشأ بفضل الجهود المشتركة لأصحاب المشاريع، والمتبرعين والباحثين العلميين.
صف (حصة دراسية) الإلكترونيات هو من بين الصفوف المقررة مرتين أسبوعيا في المدرسة التابعة للمعهد IINN في ماكائيبا بالمشاركة مع المدارس النظامية المحلية. وكذلك تشكل صفوف الكيمياء والفيزياء والبيولوجيا والإنساليات robotics والحواسيب والفن جزءا من البرنامج في المدرستين التابعتين للمعهد IINN في ماكائيبا وناتال اللتين تضمان معا 1000 من الطلبة. |
حصاد الإمكانات البشرية(******) يبقى أن نرى إذا كان باستطاعة النموذج ناتال أن يساعد البرازيل على اللحاق بالبلدان التي تخصص أضعافا مضاعفة من مواردها للعلم والتقانة. ولطالما وُصفت البرازيل بأنها «بلاد المستقبل»، نظرا لأنها خامس أكبر بلد في العالم من حيث مساحة الأراضي ولأنها بلد غني بصورة استثنائية بالموارد الطبيعية المتنوعة، وهي تمتلك جميع المقومات اللازمة لتصبح قوة اقتصادية فاعلة. ويعتقد معظم المحللين أن أنظمة البلد القانونية نفسها هي أحد أكبر المعوقات أمام وصول البرازيل إلى تحقيق إمكاناتها كاملة. وتُعد البيروقراطية والضرائب المرهقة والتنفيذ الضعيف لقوانين منع الاحتكار ولقوانين حماية الملكية الفكرية هي المسؤولة عن خنق الدينامية الطبيعية للسكان في تصميم المشاريع وتنفيذها. كما أن نظام المدارس الرديء ومعدلات الأمية المرتفعة هي المعوقات الأخرى الرئيسية أمام التقدم والتي كثيرا ما تُذكر. وفي ضوء ذلك، فإن السمة غير التقليدية لمشروع ناتال يمكن أن تكون هي قوته الأكبر؛ إذ لم يسبق قط أن رُبط شيء، مثل الجهد التعليمي في المستوى الذي يتصوره <نيكوليلس>، بمبادرة لإقامة مدينة علوم. ويقول <پانگ> «يعطيه القليلون دعما ظاهريا، ولكن حتى عند ذلك تجدهم يتحدثون عن تعليم في المستوى الجامعي.» وحسب رأي <نيكوليلس>، فإن التأثير في أطفال دون سن المرحلة الجامعية بكثير أمر ذو أهمية حاسمة. وهو يعتقد أن تعليم العلوم يقوّي مهارات التفكير النقدي بصورة عامة، وهو يخطط لاستخدام التحسن في أداء الأطفال في المدارس النظامية معيارا لمدى فعالية الصفوف الإضافية لتدريس العلوم. فإذا أصبح بعض الأطفال مهتمين بمتابعة التحصيل في المهن المتعلقة بالعلم والتقانة فسوف يجدون الكثير من الفرص في الاقتصاد المعتمد على المعرفة. ويؤكد أن «تسعة وتسعين في المئة من العمل العلمي لا يتطلب الحصول على دكتوراه.» لكنه حريص على توضيح أنه لا يحاول تكوين أمة من العلماء. ويقول «نحن نحاول تكوين جيل من المواطنين قادر على قيادة البرازيل. فهؤلاء الأطفال لديهم الأمل وما يحتاجون إليه الآن هو الأدوات.» وسواء أراد الأطفال أن يصبحوا أطباء أو مهندسين أو طيارين أو رؤساء جمهورية، فإن <نيكوليلس> متأكد من أن الخبرة المباشرة في الاستقصاء العلمي العملي يمكن أن تغرس فيهم شعورا بالثقة بالنفس سوف يحملونه حتى يصبحوا راشدين، وسوف يستخدمونه للانتقال ببلدهم إلى المستقبل الذي طال انتظاره. | |
|