** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
ما قالته فرجينيا وولف I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 ما قالته فرجينيا وولف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هذا الكتاب
فريق العمـــــل *****
هذا الكتاب


عدد الرسائل : 1296

الموقع : لب الكلمة
تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

ما قالته فرجينيا وولف Empty
08112011
مُساهمةما قالته فرجينيا وولف

ما قالته فرجينيا وولف Virginia_Woolf_Painting

نجم والي






عندما ينتحر إنسان ما، يبدأ الآخرون بالنظر لسيرة حياته بطريقة
أخرى، ويُسلط ضوء خاص جداً على كل ما تركه وراءه من آثار، وبصورة خاصة على
أيامه الأخيرة التي عاشها. كل حركة وكل كلمة تُستعاد وتُحلل من جديد. في 12
آذار 1942 يزور الزوجان فرجينيا وليونارد وولف صديقتهما المشتركة دورا
كارينغتون، التي كما يبدو لم تستطع حتى تلك اللحظة نسيان موت حبيبها لايتون
ستراشي: «كم بدت خائفة، أن تفعل شيئاً ما، بصورة خاطئة، مثل طفل يخاف
التأنيب. رافقتنا إلى الأسفل، حتى باب البيت. قبلتني مرات عديدة. قلت لها:
إذن ستأتين لزيارتنا في الأسبوع القادم؟ نعم، سآتي، أو ربما لن آتي، قالت.
ثم قبلتني مرة أخرى وقالت، «أديو»، وداعاً. ثم دلفت إلى داخل البيت؛ التفتت
ولوّحت لها، فرأيتها ما زالت تنظر إلينا. لوحت مجيبة، وأكثر من مرة، ثم
اختفت».
كان ذلك آخر ما عرفته العائلة وولف عن تلك الصديقة. في اليوم
التالي أخذت دورا بندقية صيد وأطلقت على نفسها الرصاص. مشهد الوداع الممطوط
هذا، تكرار التلويح باليد دائماً، والالتفاتات غير العادية، مرات ومرات؛
الحدس السيئ هذا، بأن شيئاً ما يحمل معه النذير، كم يصبح، لاحقاً، حقيقة
ملموسة في كل شيء، ويشكل الصوت الرئيسي للخلفية التي تعتمد اليوميات التي
كتبتها فرجينيا وولف بين العام 1931 حتى العام 1935، الصادرة حديثاً
بترجمتها الألمانية التي نعتمدها هنا. هذا الصوت يتغلغل بصورة خاصة في وصف
الطبيعة والرحلات ويمنحها نبرة عالية من شفافية مؤلمة، ويجعلنا ندرك أن كل
ما يبدو ممتعاً للوهلة الأولى يحمل في داخله الكثير من الوجد والحزن: جمال
فرنسا فارغ من البشر، جمال اليونان فارغ من التاريخ، وكأن فرنسا واليونان
مجرد جغرافية مرمية هناك أمام عيني الكاتبة، التي لا ترى غير أفق ممتد تسرح
فيه. «ثم تابعنا رحلتنا باتجاه البحر ـ كم هي جميلة شفة البحر الصافية،
عندما تلحس الشاطئ المتوحش؛ وفي خلفية المشهد تتمدد التلال والسهول الخضراء
والأفق البعيد والصخور الخضراء والحمراء... وهناك في البعيد القريب باخرة
تنزلق ببطء...».
هناك مشاهد عديدة مثل هذا المشهد، والتي تظهر فيها
الألوان بصورة خاصة، ناصعة دائماً، مثل قيم نظيفة تعوض عن كل ما هو مثير
للألم، كما لو كان هذا الأنا الذي يصفها، لن يدخل بأي احتكاك لاحق معها،
كما لو أنها لوحة من أشياء لن تتكرر رؤيتها، تُرى بعين شخص يحتضر. إنها
مفارقة أيضاً، أن نعرف أن العين «المحتضرة» هذه، هي عين فرجينيا وولف التي
بلغت للتو الخمسين من عمرها، والتي وصلت حينها إلى قمة مجدها الأدبي. رغم
ذلك، يبدو أن الحظ (إذا جاز لنا استخدام هذه الكلمة!) لم يشأ لها، أن
تستمتع بنجاحها هذا بصورة صافية. إذ، وهذا ما تقوله لنا اليوميات، لم يكن
لايتون ودورا الوحيدين اللذين يموتان، إنما حصد الموت آخرين: كان الموت
يدور مثل شبح في حلقة الأصدقاء؛ في النهاية تموت حتى «بينكا»، كلبة العائلة
المحبوبة. بالتوازي مع ذلك، وكأنه خلفية موسيقية حادة لخلفية المشهد
المأسوي هذا، يبدأ الوضع السياسي العالمي بالتدهور تدريجياً، بعد تسلم
الحزب النازي للحكم في ألمانيا، وصعود هتلر للسلطة، ليصبح شبح الحرب في
العام 1935 قضية جدية تهدد البشرية.
ولكن رغم كل شيء، ورغم هذا الصوت
الحزين، المبثوث بين السطور، كانت فرجينيا وولف تتحدث دائماً عن سعادتها في
هذه السنوات. كيف يمكن أن تكون سعيدة، وماذا يعني ذلك؟ للإجابة على هذا
السؤال، يختلف الناشر الإنكليزي لليوميات والناشر الألماني. فإذا كان الأول
يقول إن «فرجينيا وولف كانت ـ كما هو معروف بشكل ثابت ـ امرأة سعيدة،
ولديها موهبة لأن تكون سعيدة، موهبة التمتع بالحياة والتعبير عن سعادتها
تلك في حياتها»، فإن الثاني يكتب، «غالباً ما تبرز كلمة سعيدة بصورة مثيرة
للشك. والأمر يبدو مثل قَسَمٍ مكرر لإبعاد تهمة أخرى، أو لطرد الشك، وعادة
عندما يكون المرء سعيداً بالفعل، لا يحتاج إلى كل هذا التأكيد، لأنه يثير
الشبهة، وكأن فرجينيا وولف تقول إنها تشكر هذه السعادة، بمواجهة حياة جامدة
مليئة بالروتين، والألم الجاف الذي يسبب أولاً نشافاً في اللعاب».
اليوميات
تتحدث جوهرياً عن الحياة الجامدة هذه، ويُفرغ داخلها، مباشرة وبصورة
مستقيمة، حتى إن القارئ يعيش مع الكاتبة، ويصاحبها في مجرى مشاغلها
اليومية، بكل ما تفعله: عند الحلاق، عند تاجر التحفيات، في حلقة المعارف
والأصدقاء، في وسطها الاجتماعي. وأغلب ما تكتبه هنا، ليس فيه ما يُفرح.
ربما هو الملل أيضاً، الذي يجعلها تتطرف في وصفها جلسات شرب الشاي في أوقات
العصر أو في الزيارات المتبادلة. فهي تأخذ كل هذه الجلسات بحذافيرها،
تُقشرها من كل الجوانب، ولا تترك وصفاً لا تستخدمه عند وصفها الآخرين، ولا
تبخل في قاموسها: «يا إلهي: كم هو ممل لوغان هذا، إنه دودة قلقة، تبحث عن
مديح!»، «هذه المرأة بالنسبة لي مثل سمكة»، «هذا الوجه الشاحب، الخالي من
اللحم»، «هذه المرأة ليس فيها شيء حقيقي». وفي بعض الأحيان لا تكفي كلمة
«زنبور»، يجب أن يكون هناك الكثير من «الزنابير»، أو «طماع إلى حد يشبه
ثعلب ومبتذل مثل سلك مزدحم بطيور الكناري»، أو «أيتيل جاءت عندنا لشرب
الشاي، أمس، وبدأت بالحديث نشطة مثل بومة». أيتيل هي المؤلفة التي ارتبطت
معها بصداقة حميمة! أما الشاعر الإنكليزي ت.س. إليوت، فتصفه على النحو
التالي: «إنه قوي ولماع مثل خشب خالص». نعم فرجينيا وولف تكتب عن أصدقائها
كل ما لا تستطيع أن تقوله لهم بالوجه مباشرة: «إليوت يوسخ في الأكل
كثيراً».
الكتاب طريف في التفاصيل التي يخبرنا إياها، لكنه بالمحصلة
متعب أيضاً، إذ من الصعب على المرء قراءة كل الملاحظات والهوامش التي
ذيلتها وولف عند بعض اليوميات: من عنده علاقة مع من، ومتى، ولماذا هذا
الشخص لا يُطاق، ولماذا ذاك، أو أي مرض يعاني منه: «دونكان مريض جداً
بالبواسير... بصراحة لا أستطيع مواساته بسبب هذا المرض، رغم أن الألم الذي
يعاني منه يثير الرعب. لا أستطيع تجنب الضحك».
ربما هي محقة في الكتابة
عن مجتمعها، رغم أنها استثنت نفسها من النقد، إذ كما يبدو كان مجتمعاً يعيش
على الغيبة والنميمة، ليس غير، لأنه، كما تصفه، مثل النحل: يا لنحل يهجم
فجأة وبنشاط، وكأنه في لدغه، يرمي بما يشبه سهام الرغبة: متوحش وجنسي؛
الهواء مملوء بالاهتزاز، بالجمال وبهذه الرغبة المشتعلة القاتلة؛ وأنا أشعر
دائماً بهذا الاهتزاز لأكياس النحل المترجرجة مثل رمز حسي وجنسي مبتذل».
ربما
يشكل هذا المقطع أجمل مقاطع اليوميات، لأننا نعثر فيه على «المؤلفة»
المختفية خلف السطور والتي تتحدث عن هذا الرمز المهم بالنسبة إليها: الطاقة
الإيروسية، التي تحسّ بها بقوة، وتراها أمام عينيها، كما لو أنها تأتي من
جوهر مقدس، وكأن هؤلاء الجالسين أمامها مثل «نحل» يتزاحم، يبحث عن مكانه،
يشبك خيوطه، يدافع عن نفسه؛ الآخرون نحلات عاملات، وهي تجلس مثل ملكة
«النحل» في الوسط.
أما ما يتعلق بالقضية النسوية فلا يجد المرء في
اليوميات إشارات كثيرة، ربما لأن مساواة الجنسين فرضت نفسها كما يبدو في
حلقة «النحل» المحيطة بفرجينيا وولف، ولم تعد تشكل مشكلة. بل إنها، بما
يتعلق بهذا الموضوع، تذهب إلى أبعد من ذلك، عندما نعرف أن زوجها ليونارد
يتسلم دور المرأة التقليدي: التي تبدو هي فيه تواسي وتقف في خلفية المشهد.
فرجينيا تترك له بين الوقت والآخر كلمة تعبيراً عن شكرها، بعض الكلمات
الطيبة لما تطلق عليه «طيبته الإلهية».
ولكن من جانب آخر، تظهر في
اليوميات قضية اجتماعية أخرى وبأكثر حدة، عندما تحاول المؤلفة أن تبدو
لطيفة، مثلاً، بما يتعلق بالخدم وعندما تتحدث بالحرف الواحد عن «مشكلة
الخدم». «أمر مسلم به، أن يكون عند المرء خدم؛ لكن لماذا يسببون دائماً
مشاكل بلا نهاية»، و»لماذا هناك دائماً هذا النوع من العلاقة بين السيد
والخادم؟ نعم، لماذا المشاكل فقط؟ مثلاً: أمس في المساء، كان الآيس كريم
صلباً جداً وقررنا أن نطرد خادمتنا مابل. إنها غير منظمة، تلبس حذاءها بشكل
أعوج وتلبس جوارب سوداء طويلة». ولا يسع المرء عند قراءته هذا المقطع، أن
يتساءل: هل يشكل هذا سبباً لطرد إنسان وجعله بلا عمل؟
بهذا الشكل يتعرف
المرء على كل ضيق أفق الطبقة التي تنتمي إليها فرجينيا وولف، ومن الصعب
عليه أن يكتم شعور «الغاضب» الإنساني المتضامن. وعندما يضع المرء اليوميات،
على الطاولة، بعد الانتهاء منها، يكون استحوذ عليه شعور متناقض، فيتمنى:
ربما أن إنساناً رقيقاً مثل فرجينيا وولف، كان من المفروض أن يكون أقل
سوءاً (شراً)، أو: أن إنساناً بهذا السوء (الشر) مثل فرجينيا، كان من
المفروض أن يكون أقل حساسية. لكن ما يعقد الأمر أو يجعل القضية صعبة
التحمل، هو أن يجد المرء الإثنين موحدين في موهبة واحدة، أسمها فرجينيا
وولف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

ما قالته فرجينيا وولف :: تعاليق

avatar
رد: ما قالته فرجينيا وولف
مُساهمة الإثنين أكتوبر 22, 2012 3:40 pm من طرف سوسية
.
 

ما قالته فرجينيا وولف

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» «غرفة» فرجينيا وولف منافيستو النقد النسائي
» فرجينيا وولف/ ترجمة: خضير اللامي سخاء الطبيعة والمهمة الشاقة

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: