** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
نهاية التاريخ أم بداية تداعي الإمبراطورية الأمريكية..؟!  I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 نهاية التاريخ أم بداية تداعي الإمبراطورية الأمريكية..؟!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سبينوزا
فريق العمـــــل *****
سبينوزا


عدد الرسائل : 1432

الموقع : العقل ولاشئ غير العقل
تعاليق : لاشئ يفوق ما يلوكه العقل ، اذ بالعقل نرقى عن غرائزنا ونؤسس لانسانيتنا ..

من اقوالي
تاريخ التسجيل : 18/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 5

نهاية التاريخ أم بداية تداعي الإمبراطورية الأمريكية..؟!  Empty
30102011
مُساهمةنهاية التاريخ أم بداية تداعي الإمبراطورية الأمريكية..؟!

نهاية التاريخ أم بداية تداعي الإمبراطورية الأمريكية..؟!  3_pen-and-paper
ما أشبه الليلة بالبارحة؟ !!

تضمحل الإمبراطوريات وتنحط
الأجناس ويضعف الأقوياء والجمال يتلاشى بين التجعد والشيب. الحياة لا تعطّل
وظيفتها الأزلية، ومع الأسباب التي تقود إلى الشيخوخة تتقاطع طرق الفتوة
نحو مسارها الأعلى. هناك إمبراطوريات عظمى وأجناس شديدة القسوة وأمثلة عليا
وجمال ذو طراوة أصيلة؛ فإلى جانب بالوعة الموت ثمة منابع المنشأ المتواصل
والخصب». للكاتب بينيتو بيريث غالدوس

يقول المؤرخ المغربي الناصري في كتابه الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى: "أن دوام الحال من المحال"

نهاية التاريخ مثل بدايته
شكلتا منظومة فكرية معقدة عند بني البشر في الأزمنة والأمكنة ، لكن في
الآونة الأخيرة بدأت تنهال علينا مخالب النهايات بشكل ملفت للنظر،في زمن
استأسد فيه أهل القوة والجبروت ،وتدججوا بكل الأسلحة ، ولعل أخطرها الأعلام
الذي جسد ما يسمى بنهاية الجغرافيا ، يقول احد المفكرين اليهود :" في عهد
المركانتلية من يملك الذهب يملك العالم وفي العصر الحالي من يملك الإعلام
يملك العالم"، ومن ثم الكلمة التي تثخن الجراح وتجعل الجرح غائرا يقول
Albert camus :" الكلمات أقوى من الطلقات"...

ولكن الإجماع يكاد يكون مطبقا
بين مختلف المفكرين الغربيين حول نهاية التاريخ بدءا من هيجل وكارل ماركس
ورستو ...إلى فرانسيس فوكوياما ؛ تعني نهاية لمرحلة تاريخية سابقة بقديها
وقديدها، وبداية لمرحلة تاريخية أخرى لاحقة أو لعهد جديد "حداثي".

إذن ماهي الأحداث التاريخية
الدافعة والمجسدة لفكرة نهاية التاريخ ؟ لماذا فكرة نهاية التاريخ هل تنم
عن هستيريا وجنون العظمة أم هناك إطارا وسياقا تاريخيا يبرر ذلك ويزكيه؟

من جهة أخرى هل النوازل
والاملاءات التي تتوالى في كل فترة تاريخية ، تحتم على توسيع" المجال
الحيوي "– على حد تعبير أدولف هتلر – لإنهاء التاريخ ، بضربات متلاحقة
وخناجر تسفك دم الأبرياء والراغبين في الندية (توازن الرعب)، من منطلق
التصور الصهيوني الميكافيللي "الغاية تبرر الوسيلة"،

أي أن توسيع مجال النفوذ غاية، ولا يهم الوسائل المتبعة من إبادة جماعية وعمليات الاغتصاب وتدمير للبنى التحتية...

هل بداية انفلاق فجر انحطاط
الإمبراطورية الأمريكية وانقشاع ظلام ظلمها بمشاريع تحاول من خلالها حماية
الطفل المدلل (إسرائيل) باستخدام القوات الرادعة من قوة نفوذها في مجلس
الأمن(الفيتو) والترسانة العسكرية التي يرتاع لها المتملقين والمتزلفين من
الأنظمة التقليدية العربية وحلفائها الاستعماريين النيو- كلاسيكيين
(بريطانيا..)الراغبين في الحصول جزء من كعكة الرجل المريض (العالم العربي
والإسلامي) ...

إن ما يدفع منتقدي النظام
الأمريكي إلى هذا النوع من التكهن، هو استنادهم لعِبر التاريخ الذي تطور
على أساس سقوط الحضارات ونشوء حضارات جديدة محلها. ومن أهم ما يميز
الإمبراطوريات هو أن نهايتها تأتي عندما تبلغ أقصى توسعها، وتعجز عن حمل
عبء هذا التوسع.

مؤخرا، وتحديدا بعد حرب
العراق، بدأت المقارنات بين الإمبراطورية الأمريكية الراهنة، والإمبراطورية
الرومانية التي نشأت في القرن الأول قبل الميلاد واستمرت ألف عام. ولعل
احد أوجه المقارنة هو اعتبار روما إمبراطورية كبيرة جدا، سيطرت على
"العالم" على أساس قوة عسكرية واقتصادية هائلة، ومع ذلك سقطت، ولو على
امتداد مرحلة زمنية طويلة، حتى تحوّلت إلى إقطاعيات منفصلة خاضعة للكنيسة
الكاثوليكية. وكانت روما بحاجة للمستعمرات لاستيراد العبيد، الذين شكّلوا
الأيادي العاملة "الرخيصة" في ذلك الحين. وكان حرمان الإنسان من الحرية
أساس النظام الاقتصادي القديم الذي سُمي بنظام العبودية. كانت هذه وسيلة
الإنتاج الأساسية التي بنت عليها الارستقراطية الرومانية كل ثروتها. فإذا
كان بيل غيتس، صاحب شركة "ميكروسوفت"، يؤسس ثروته على احتكاره للتكنولوجيا
الحديثة واليد العاملة الرخيصة، ففي روما كانت الأرض هي مصدر الثروة
الأساس، وكانت العبودية الطريقة التي تم بها الإنتاج الزراعي. ويجتهد
العلماء لفهم الأسباب التي أدت لسقوط روما، وتمكن كل منهم من اكتشاف جانب
منها. وكذلك للماركسيين تحليلهم الخاص، وهو تحليل جدلي دياليكتيكي، يتم فيه
فهم الحاضر من خلال فهم الماضي. ويرى الماركسيون أن ما يربط روما بأمريكا
هو الطبيعة الاستغلالية للنظام، والسعي للهيمنة على العالم كشرط أساس
لوجوده.

نهاية التاريخ فكرة نيو-كلاسيكية:

فحديث النهايات حديث ذو شجون ،
قد تقلبته العقول وتناولته الأقلام ، تفصيلا إجمالا، مؤذنة بالموت
والنهاية .فكل شيء تقريبا يصير إلى نهايته وموته ؛ نهاية التاريخ مع هيجل
وموت الإله مع نيتشه وموت الإنسان مع فوكو، وصولا إلى النهايات المتلاحقة
في العقدين الأخيرين ؛ للتاريخ مرة ثانية مع فوكوياما والكاتب رولان بارت،
تكر السبحة معلنة نهاية الايديولوجيا والدولة والجغرافيا ..علاوة على موت
المثقف والمؤلف و...(1)

فالنهاية ،حسب علي حرب ،ليست
آذانا بتأبيد اللحظة والراهن أو وصول ذي النهاية ، أيا تكن، إلى اكتماله
وتمامه ، وليست نهاية الأفول والانهيار أو الزوال والاندثار ، بل تعبير عن
انقلاب وجودي وفتح كوني يخضع العالم فيه "لتحولات تنقلب معها القيم
والمفاهيم ، وتتغير المشروعيات والمهمات ، بقدر ما تتجدد القوى والوسائل
والمؤسسات "

وبإطلالة سريعة على سلسلة من
الأحداث التاريخية ، نستخرج منها دُررها ونستحلب دِررها، لكشف الغشاوة
وإماطة اللثام ، ونفض الغبار عن حقب مضت ،نتبين جذور فكرة نهاية التاريخ:

تعود فكرة نهاية التاريخ إلى
حوالي قرنين من الزمان مع الفيلسوف الألماني هيجل الذي حكم على التاريخ
بنهايته عام1806م ، إثر دحر القوات البروسية من قبل نابليون بونابرت وتحقيق
ما يسمى بالمواطنة العالمية.

ثم رأى كارل ماركس ، أشهر من
روجوا فكرة نهاية التاريخ ،:"أن التاريخ سيصل نهايته بتحقيق اليوتوبيا
الشيوعية التي ستحل في النهاية جميع التناقضات السابقة.

فيما رأى عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر :"أن الأخلاق البروتستنتانية هي روح الرأسمالية ، وان الرأسمالية هي نهاية التاريخ"

- في عام 1992، أصدر فرانسيس
فوكوياما (ياباني الأصل وأمريكي الجنسية) كتابا بعنوان "نهاية التاريخ
والإنسان الأخير"، ولقي ذيوعا وانتشارا من طرف الساسة والمثقفين ، وفكرة
الكتاب الجوهرية أن الصراعات الإيديولوجية وما يتبعها من جوانب
اقتصادية(النظام الرأسمالي) واجتماعية وثقافية..في العالم ستتلاشى لصالح
النظام الليبرالي ، وبذاك يبلغ التاريخ نهايته...والسؤال المطروح هل فعلا
وصل التاريخ إلى سقف يستحيل الرجوع به إلى القهقرى أم بداية نكوص هذه
المرحلة والاستعداد لمولود إمبراطوري جديد يمحو آثار المجال الحيوي
الأمريكي كما أقر فوكوياما بنفسه في حديث لجريدة(Le MONDE) الفرنسية؟!

- أهم النظريات المفسرة لصعود وانهيار القوى والحضارات العظمى :

وان تعددت النظريات المفسرة
لنشوء وصعود الامبراطوريات في جميع مناطق العالم بدء من النظرية الحلزونية
للمؤرخ المغربي ابن خلدون الذي شبه عمر الدول في العصر الوسيط بعمر
الانسان (الفتوة، الشباب ثم الشيخوخة) الى نظرية شبنجلر(سقوط الغرب) الى
رستو الذي شبه النمو الاقتصادي للبلدان العظمى بتحركات الطائرة (من الاقلاع
الى التحليق ثم الهبوط)...فإننا سنركز على نظريتين واحدة علمية(رياضية)
وأخرى مستنبطة من الواقع التاريخي:

أ- نظرية التفسير الرياضي(الصعود والنزول)

فإذا ما تدبرنا مسيرة
الحضارات الكبيرة في جميع الحقب التاريخية للبشر (بلاد الرافدين، وادي
النيل، الحضارة الصينية، اليابانية، الهندية، الفارسية، الإغريقية،
الرومانية، الفينيقة، الأوربية الحديثة) تجد أن لها صعوداً إلى القمة ثم
تدحرجا وانهيارا لأسباب عديدة منها داخلية وأخرى خارجية يمكن إجمالها بأنها
سياسية - اقتصادية، خلقية - اجتماعية، وعسكرية.

هذا الصعود والنزول يشبه لحد
كبير المنحنى الطبيعي في علم الإحصاء أو دالة التوزيع الاحتمالي الذي يذكر
بعض العلماء أنه يفسر كل الظواهر حولنا.

ولا يمكن استثناء حالة أو
دولة من هذا القانون صغرت أم كبرت، على مستوى الأفراد في داخل الدولة أم
على مستوى الدول العظمى عبر التاريخ أو ما يعرف بالإمبراطوريات، ولكل أمة
أو إمبراطورية مدة زمنية وأجل محتوم تصعد فيه لتسود وفق شروط عامة وخاصة
ومن ثم تنزل لتعود القهقري فتسود عليها أمة أخرى جاء أجل صعودها لنفس
الأسباب.

ولو أردنا أن نطبق هذا
القانون على كل مراحل التاريخ البشري لوجدناه قانوناً لا يشق له غبار، فها
هي خمسة حضارات عظيمة تنهار في القرن العشرين الميلادي لوحده، وهي
العثمانية، البريطانية، الفرنسية، الألمانية، وأخيراً السوفياتية...

ج- النظرية المعاصرة:
الانهيار الإمبراطوري سببه الحروب: كانت الولايات المتحدة قبل الحرب
العالمية الثانية قوة نامية لكنها لم تكن تتصدر القوى الموجودة على الساحة
آنذاك، فالإمبراطورية البريطانية لم تكن الشمس قد غابت عن مستعمراتها بعد،
وكذلك كانت ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى ترسخ أقدامها كإمبراطورية
أوروبية لها مطامعها التي بلورها بعد ذلك هتلر، وكانت مقاصده ظاهرة من خلال
الحرب العالمية الثانية، أما اليابان فكانت كذلك لها هيمنتها في شرق
الدنيا كإمبراطورية قديمة. وكما قضت الحرب العالمية الأولى على أكثر من
إمبراطورية، مثل الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية النمساوية، فقد قضت
الحرب العالمية الثانية على أكثر من إمبراطورية كذلك، منها الإمبراطورية
اليابانية والبريطانية والمشروع الألماني للهيمنة على العالم، وبرزت كذلك
قوتان جديدتان هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي الذي انهار مع
نهاية الثمانينيات من القرن الماضي كقصر من ورق على حد تعبير عبد الله
العروي، لتبدأ الولايات المتحدة هيمنتها على العالم كقوة وحيدة لا منافس
لها في الوقت الراهن على الأقل. ومن يرجع إلى تاريخ نشوء أو انتهاء القوى
العظمى يجد الحروب دائما تولد من بعدها قوى وتنتهي أخرى، ولعل الحربين
العالميتين اللتين نشبتا خلال القرن الماضي كانتا خير مثال على ذلك، وقد
استطاعت الولايات المتحدة التي لم تشارك في الحرب إلا في نهايتها أن تبني
إمبراطوريتها وقوتها من حيث انتهى الآخرون، فقد تركت القوى التي كانت
منافسة لها آنذاك وهي بريطانيا وألمانيا والاتحاد السوفييتي واليابان
والقوى المتحالفة تبيد بعضها البعض على مدى سنوات الحرب، ولم تعلن الولايات
المتحدة حربها ضد ألمانيا إلا بعد تدمير الأسطول الأميركي في بيرل هاربر
حتى بريطانيا الحليفة القريبة للولايات المتحدة رفض الكونغرس آنذاك أن يقدم
لها أي مساعدات إلا بثمن باهظ تمثل في الموافقة على استبدال خمسين مدمرة
بريطانية بأخرى حديثة، مقابل استئجار قواعد بريطانية في نيوهامبشاير تمتد
إلى تسعة وتسعين عاما. وحين حطمت الحرب القوى الكبرى آنذاك وأنهتها عام
1945 بدأت الولايات المتحدة تجني الثمار في مرحلة جديدة على العالم.

يطرح سؤال من جديد هل
الحروب الاستباقية الطائشة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية بداية
لانهيارها ،بدءا من مستنقع العراق الآسن الذي تعمل جاهدة للخروج منه مرفوعة
الرأس إلى حروب أخرى محتملة مع إيران وسوريا والسعودية (الحليف الرئيس لها
في المنطقة إلى جانب مصر والأردن) ثم كوريا الشمالية ؟ هذا ما ستفصح عنه
الأيام القادمة!!!

الإمبراطوريات التاريخية وحقائق القوة ومؤذنات الانهيار:

شهد التاريخ قيام
إمبراطوريات عظمى، وشهد أيضا انحلالها واضمحلالها وتفككها. فهل سيحمل
المستقبل مشهدا مماثلا بعد أن انفردت الولايات المتحدة الأميركية بالقوة
والهيمنة في عالم ما بعد القرن العشرين؟

بداية يمكن تلمس فكرة المجتمع
البشري ذات الصفة الإمبراطورية أو المظاهر العالمية في الفكر الرواقي في
القرن الثالث قبل الميلاد عبر زعيم هذه المدرسة المفكر زينون zenon ؛ الذي
دعا إلى مدينة عالمية يكون فيها جميع البشر متساوون ، ومواطنون إخوة تجمعهم
حياة واحدة ونظام واحد للأشياء على قاعدة القانون الطبيعي الذي يتسق
ويتآلف مع القواعد والمبادئ الأساسية للعدل والعقل ؛ وتعتبر الرواقية أن
القانون الطبيعي هو فوق القوانين الوضعية وانه يسمو عليها. وفي الواقع
تعتبر الدعوة الرواقية من هذه الوجهة ردة فعل على تفرق المدن اليونانية
وتبعثرها وعدم اتساق علاقاتها في ظل تعدد وتنوع الأنظمة والقوانين التي
كانت تحكمها .

* كانت الإمبراطورية
الرومانية قوة عظمى هيمنت على الحياة الدولية في عصورها.واستعبدت شعوب
المناطق إلي احتلتها مما أدى إلى اندحارها وظهورها في شكل إقطاعات مع
النظام الفيودالي ..

*وقد جاء الإسكندر الأكبر
الذي كان بمثابة الإعصار الذي هز أركان العالم ، ثم انتهى أمره وأمر
الإمبراطورية المقدونية وقامت إمبراطورية فارس .ثم جاء العرب يحملون في
البداية حضارة الإسلام و بنوا إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس إلى أن تضعضع
كيانها مع نهاية العصر العباسي..

وفي القرن السادس عشر عرف العالم صراعا بين ثلاث إمبراطوريات وهي:

-الدولة العثمانية التي كانت
قوة عظمى نجحت في فرض إرادتها على مساحات واسعة من أوروبا.لكن انهيار
الاقتصاد وتضرر المجتمع وتفسخ دعائم الدولة ، أدى إلى التفكك الترابي في
المشرق العربي مع الحركة التي قادها محمد بن عبد الوهاب وحركة محمد علي
،وخلال القرن السابع عشر حققت النمسا والدول المتحالفة معها انتصارات
عسكرية عديدة أدى إلى توقيع اتفاقية كارلوفيتز سنة1699 . و في القرن الثامن
عشر تمكنت روسيا من دحر القوات العثمانية في مواقع عديدة أدى إلى توقيع
اتفاقية كوجك قينارجة سنة1744م مما ساهم في تعاظم التكالب الاستعماري على
الإمبراطورية العثمانية بين فرنسا وانجلترا وروسيا ، ويجسد هذا الوضع
تصريح نيقولا الأول قيصر روسيا للسفير الانجليزي في حفل رسمي سنة
1853:"..نحن أمام رجل مريض جدا...لنتفاهم بيننا لتقاسم تركته. وبكل صراحة
سوف تحدث مصيبة كبرى إذا تمكن هذا الرجل ذات يوم من الإفلات من أيدينا ..."

- والإمبراطوريتين البرتغالية
والاسبانية:التي استفادت من المقومات العسكرية والتقنية والجغرافية
للقيام بحركة الاكتشافات الجغرافية ، من ثم تكوين إمبراطوريات شاسعة في
مناطق العالم الجديد، لكن جشعهما دفع بالبرتغال خاصة إلى خوض مغامرة غير
محسوبة العواقب أدت إلى تلاشيها وانضمامها إلى اسبانيا خاصة إثر هزيمتها
أمام المغرب في عهد السعديين في معركة وادي المخازن سنة 1578م..

لكن ما أن اطل القرن السابع عشر حتى أصبحت فرنسا القوة الأوروبية العظمى، وهي مع نابليون فيما بعد كادت أن توحد أوروبا تحت رايتها.

ولم يطل الأمر حتى برزت
بريطانيا كقوة عظمى منافسة، ثم انتهت لحظة الهيمنة لبريطانيا الفيكتورية
بصعود قوى جديدة ممثلة في ألمانيا والولايات المتحدة واليابان . وكانت
الإمبراطورية البريطانية ممن لا تغيب عن مستعمراتها الشمس ، وكانت مثلا
للجشع الامبريالي في استعباد الشعوب ونهب خيراتها ، فلم يتقبلها احد من
شعوب هذه المستعمرات ولم تحظ بأي احترام خارج حدود الجزر البريطانية ،
حتى وصل الأمر بالايرلنديين على رفض الهيمنة الانجليزية ومقاومة هذه
الهيمنة بقوة السلاح ، ودفع بهذه الإمبراطورية العجوز أن تقوقعت على نفسها ،
لا تملك من أمرها في السياسة الدولية إلا المواقف الذيلية التابعة
للولايات المتحدة الأمريكية ، حيث إن بريطانيا على الصعيد الأوروبي بمثابة
مسمار جحا في القارة الأوروبية تتبع الولايات المتحدة أكثر من كونها جزء من
النسيج السياسي للاتحاد الأوروبي .

وبعد الحرب العالمية الثانية
نشأ وضع ثنائي القطبية تجاذب فيه الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة
النفوذ، وبدأت الحرب البادرة، والتي انتهت بما يشبه الأحادية القطبية مع
مطلع التسعينيات من القرن المنصرم.

وحتى الأمس القريب كان
الاتحاد السوفياتي قريبا من هذه الصورة قبل أن يسقط بالسكتة القلبية،
ويتفكك إلى جمهوريات، والتي بدورها راحت تتشظى إلى دويلات ولا تزال، واليوم
يحتل النفوذ الأميركي المشهد العالمي ويمارس هيمنته وانفراديته بصلافة
وتعال.

إلا أن رياح التسعينيات
وتداعيات السقوط المدوي للاتحاد السوفياتي الذي جر جدار برلين، اظهر أن
الولايات المتحدة قد خرجت منتصرة ومنفردة بقيادة العالم، إلا أن الشك عند
البعض، داخل مراكز الأبحاث الأميركية والغربية عموما، بقي يرخي بظلاله، ذلك
أن هزيمة الخصم لا تعني بالضرورة انتصارا مطلقا، خاصة إذا كانت هزيمة هذا
الخصم ناتجة عن اختلالات بنيوية داخلية حادة كان يعاني منها.ومما زاد في
هذه الشكوك أن الميزانية الأميركية، في عهدي ريغان وبوش الأب، سجلت تراجعا
إذا ما قورنت بحلفائها، وهو تراجع أدى إلى مضاعفة العجز الفيدرالي ثلاث
مرات.

فهل الولايات المتحدة
بقدراتها وإمكانياتها "مؤهلة" لقيادة العالم وإعادة رسم خرائطه وحدوده من
جديد بما يضمن إعادة إنتاج هذه القوة، وإطالة عمر الإمبراطورية الصاعدة؟
والى متى وكيف؟ وهل سيستمر الواقع الدولي الراهن بحيث لا تبدو في المستقبل
المنظور قوى أخرى قادرة على المنافسة أو المشاركة؟ ومن هي هذه القوى
المرشحة للقيام بهذا الأمر ولعب دور قوى المستقبل الصاعدة؟ وما هي
مقوماتها؟ ومتى تبدأ لعبة التنافس الحقيقي وكيف؟ ثم ما الذي ستفعله
الولايات المتحدة الأميركية بقوتها، وما هي صورة العالم الذي تريده؟ فعلى
ضوء إستراتيجيتها وأدائها يطول أو يقصر حلمها الإمبراطوري؟

هذه هي بعض الأسئلة الصعبة
والشائكة التي تتصدى لمناقشتها مراكز الأبحاث الدولية، ومستودعات الأفكار
وبيوت الخبرة الأميركية، وهي أسئلة بات بعضها يؤرق الإدارات الأميركية منذ
ما قبل 11 شتنبر 200.ربما كانت عبارة [كرمويل] شديدة الدلالة حين قال: تسعة
يكرهونني؟ وما هم إذا كنت العاشر الوحيد المسلح. وهي عبارة تستوحي ما قاله
فيلسوف روما قديما: "دعهم يكرهونك ما داموا يخشونك". وهو قول استرشد به
الأباطرة الرومان واستخدموه في المحافظة على هيبة الإمبراطورية، وفي البطش
والإرهاب وإبادة الشعوب، وهو ما حرك ضدها جميع أنواع المقاومة التي أدت في
النهاية إلى تفككها وتضعضعها.

ومع ذلك، بقي القلق كامنا في
الأوساط السياسية والأكاديمية الأميركية فيما يتعلق بحقائق القوة، وبشكل
خاص من منافسيها على المستوى الاقتصادي والتكنولوجي والتي تمثلت بقوى
عالمية صاعدة، وقد عبر عن هذا القلق بوضوح المؤرخ والمفكر الأميركي البارز
"بول كينيدي" في كتابه الضخم الصادر عام 1988 "صعود وسقوط القوى العظمى"،
والذي رأى فيه أن الولايات المتحدة تتراجع على المستوى الاقتصادي مقارنة
بثلاث قوى هي اليابان وأوروبا الغربية والدول الصناعية الجديدة(كوريا
الجنوبية وتايوان هونغ كونغ ، البرازيل، الأرجنتين...)، وان هذا التراجع
إذا ما استمر سينعكس على الأبعاد الأخرى لعناصر القوة الأميركية، وخلص إلى
أن الإنفاق العسكري الكبير، فضلا عن الالتزامات الإنفاقية الواسعة، أصبحت
فوق طاقة الولايات المتحدة، وانتهى إلى التحذير من أن الاتجاه الحالي سيؤدي
إلى أن تواجه أميركا نفس المشكلات والمصير الذي واجهته قوى امبريالية
سابقة.

* الجرد التاريخي لامبريالية امبراطورية العم سام الشرسة:

لم يكن الحلم بأن تصبح
الولايات المتحدة إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس حلما جديدا، بل نستطيع
القول انه حلم سمحت كل القيادات السياسية الأميركية لنفسها أن تحلم به، وقد
قدم الساسة الأميركيون تجربتهم التاريخية على أساس أنها التجربة الأفضل
والأكمل في تاريخ البشرية، وقد تحدث الرئيس الأميركي "توماس جيفرسون" عن
دستور الولايات المتحدة بوصفه الدستور الصالح لتشكيل إمبراطورية عالمية، إذ
يقول: "مقتنع أنا بعدم وجود أي دستور سبق له أن درس بعمق وفصل بشكل جيد
مثل دستورنا ليكون صالحا لإمبراطورية واسعة للحكم الذاتي"

* التطور من قطعة صغيرة من
المستعمرات إلى "إمبراطورية" لا مثيل لها حاليا تكونت الولايات المتحدة حين
تأسيسها عام 1777 بعد انتصارها في معركة ساراتوغا من 13 مستعمرة بريطانية
في الساحل الشرقي. وكانت حينذاك قطعة مستطيلة من الأراضي فقط ولكنها الآن
تمتد في القارة الأمريكية من المحيط الاطلنطى شرقا إلى المحيط الهادئ غربا
ومن البحر الكاريبي جنوبا إلى المحيط المتجمد الشمالي شمالا. ناهيك عن
انتشار تأثيراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية في كل العالم.

وأثناء الحرب الباردة انقسم
العالم إلى ثلاثة أقسام هي : الكتلة الشرقية ، والعالم الغربي ، ودول عدم
الانحياز . وكانت الدعاية الغربية تصف دول الكتلة الشرقية بأنها دول ما
وراء الستار الحديدي ، بالمقابل يصفون عالمهم بأنه العالم الحر ، وأصبح
نُصُب الحرية رمزا لأمريكا . ودار الزمان دورته التاريخية وسقط الاتحاد
السوفياتي وكتلته ، وبرزت أمريكا وحيدة في العالم ، وبشر الرئيس الأسبق بوش
الأب بالنظام العالمي الجديد، وإن صح التعبير" العصر الإمبراطوري
الأمريكي"( أو كما سماها العلماء الغربيون: إمبراطورية كل العالم ). ويعد
هذا المشروع بمثابة المحور الأساس لحركة رؤساء الإدارات الأمريكية منذ
نهاية الحرب العالمية الثانية ،فقول الرئيس السابق جورج بوش الأب في أوائل
التسعينيات "إن القرن القادم ينبغي له أن يكون أمريكيا هو امتداد لقول
الرئيس روزفلت في الأربعينيات إن قدرنا هو أمركة العالم. إنه ببساطة :
صياغة أمريكية للاقتصاد الأمريكي (منظمة التجارة العالمية)واجتماعية
مؤتمرات الأسرة ...، واتسع شعار :"من ليس معنا فهو ضدنا "ليتعدى محاربة
الإرهاب إلى قضايا مثل مسارات خطوط أنابيب النفط ، تعويم العملة الصينية ،
والقيام بمناورات عسكرية في جميع مناطق العالم ، ومحاولة تضييق الخناق على
الدول القوية المنافسة واستمالة الضعيفة رغم أنفها !!!

* وعلى ضوء ذلك ، يقسم، أحد الباحثين الأمريكيين ، تاريخ التوسع-الامبريالي الأمريكي إلى أربع مراحل:

1- مرحلة التوسع في القارة:
استهدفت مرحلة التوسع في القارة التوسع التقليدي في الأراضي، تمتد مرحلة
التوسع في القارة من تأسيس الولايات المتحدة سنة 1776 إلى عشية الحرب
الأمريكية الاسبانية. وفى نهاية القرن ال19 اتسعت الأراضي الأمريكية من
المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ.

2- مرحلة التوسع ما وراء
البحار: تمتد مرحلة التوسع ما وراء البحار من الحرب الأمريكية الاسبانية
إلى انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفى هذه الفترة اتسعت النفوذ الأمريكية
بسرعة من القارة في شمال أمريكا إلى منطقة الباسفيك وشرق آسيا وأمريكا
اللاتينية. وتمتد مرحلة التنازع من اجل الهيمنة في كل العالم من عام 1946
إلى 1991 أي فترة الحرب الباردة.

3- مرحلة التنازع من اجل
الهيمنة في كل العالم : وأصبح التنازع من اجل الهيمنة بين الولايات
المتحدة والاتحاد السوفياتي أو كبح الولايات المتحدة جماح الاتحاد
السوفياتي خاصية رئيسية في هذه الفترة. جعلت الولايات المتحدة أوربا تعتمد
إليها اقتصاديا عن طريق تقديم المساعدات الاقتصادية(مشروع مارشال). وأرسلت
قواتها العسكرية عن طريق إقامة التحالف الاطلنطى لتصبح أوربا شراكة صغيرة
لها. كما أقامت الولايات المتحدة علاقات للتحالف العسكري مع استراليا
ونيوزيلندا وجمهورية كوريا واليابان والفليبين . ثم تنازعت الولايات
المتحدة مع الاتحاد السوفياتي من اجل منطقة النفوذ في الشرق الأوسط
وإفريقيا وأماكن أخرى في كل العالم.

4- مرحلة السيطرة على
العالم:انتهت الحرب الباردة مع انحلال الاتحاد السوفياتي. فاشتد الاستبداد
الأمريكي يوما بعد يوم فتعمل ما يحلو لها. بعد ضجة11 سبتمبر، لقيت نظرية
إقامة القرن الأمريكي والإمبراطورية الجديدة أكثر رواجا. إذ يعتقد هؤلاء
الناس أن إقامة الإمبراطورية الأمريكية مسؤولية لا مفر عنها للولايات
المتحدة.

الانهيار الأمريكي بين الواقع والاستشراف:

* قراءة لبعض الآراء الغربية وخاصة الأمريكية

بدأت التحليلات تتحدث عن
انهيار أمريكي قدمها كتَّابٌ لهم وزنهم عالمياً مثل (بول كينيدي) في كتابه:
(نهوض وسقوط القوى العظمى)، والمحللان الاقتصاديان (هاري فيجي وجيرالد
سوانسون) في كتابهما: (سقوط أمريكا قادم فمن يوقفه). وكذلك (رونالد هوايت
في كتابه: (صعود وهبوط أمريكا كقوة عظمى)، و(بريجنسكي) في كتابه (خارج نطاق
السيطرة أو الانفلات)، والبروفيسور الفرنسي (روجيه غارودي) في كتابه
(أمريكا طليعة الانحطاط) والخبير الفرنسي (إيمانويل تود) في كتابه (ما بعد
الإمبراطورية)؟!..‏ لكن سأركز على موقفين أكثر جاذبية وموضوعية:

يفتتح" إيمانويل تود" كتابه
باستهلال يقول فيه: إن الولايات المتحدة أصبحت مشكلة بالنسبة للعالم، بعد
أن كنا نراها تقدم الحل لمشاكله، وكانت تضمن الحرية السياسية والنظام
الاقتصادي خلال نصف قرن مضى، أما اليوم فقد بدأت تظهر كعامل فوضى.. فهي
تستفز اليوم دولاً كالصين وروسيا، وتحتم على العالم أن يعترف، بأن هناك
دولاً تمثل محوراً للشر، وتضع حلفاءها في موقف حرج باستهدافها المناطق
المجاورة لهم والتي لهم فيها مصالح حيوية كاليابانيين والأوروبيين.‏

وبيَّن (إيمانويل تود) انزعاج
الأوربيين من الولايات المتحدة لكونها تريد بقاء منطقة الشرق الأوسط منطقة
نزاعات حارة وبؤرة توتر، وهذا يجعل الشعب العربي ينظر بعدائية نحو الغرب؛
وهي القادرة على تسوية القضية الفلسطينية ...

ويثير (تود) نقطة بالغة
الأهمية حيث يؤكد أن اهتمام الولايات المتحدة المتزايد بنفط الخليج العربي
والشرق الأوسط ليس ناتجاً عن أغراض استهلاكية رغم حاجتها المتزايدة للنفط
من هذه المنطقة، بل للتحكم بمصادر الطاقة التي تعتمد عليها أوروبا واليابان
بشكل أساسي، التي تمكنها من ممارسة ضغوط عليهما.

- ريتشارد هاس(10 ) كتب في
مقاله الافتتاحي الخاص بعدد تشرين الثاني ـ كانون الأول 2006 ، لمجلة «شؤون
خارجية» (FOREIGN AFFAIRS) الشهيرة، وتحت عنوان: «الشرق الأوسط الجديد»
بشأن «انتهاء الحقبة الأميركية»، حيث أكد فيه بعد استعراض الأهمية
الإستراتيجية لمنطقة «الشرق الأوسط» والحقب السياسية التي مرّ بها بعد أكثر
من قرنين على غزو نابليون لمصر، وبعد حوالي 80 عاماً على زوال
الإمبراطورية العثمانية، و50 عاماً على نهاية الاستعمار، وأقل من 20 عاماً
على انتهاء الحرب الباردة.. «انتهاء الحقبة الأميركية في الشرق الأوسط، وهي
الحقبة الرابعة في تاريخ المنطقة الحديث».

ويعترف هاس بأنه إذا كانت
الحقب الأربع قد تم تحديدها من خلال التفاعل بين القوى الداخلية والخارجية
الطامحة والمتنافسة مع اختلاف قدراتها وتأثيراتها ونفوذها وتوازناتها في
الشرق الأوسط، فإن الحقبة التالية تبشّر بتأثير ضعيف ومتواضع للقوى
الخارجية، مقابل تنامي دور القوى الداخلية، «حيث تصبح عملية تشكيل الشرق
الأوسط الجديد من الخارج أمراً بالغ الصعوبة.. وهو ما يُعَدّ التحدّي
الأكبر لسياسة الولايات المتحدة الخارجية في العقود المقبلة بموازاة
التعامل مع الديناميكية الآسيوية. ‏

كما يعترف هاس بأن من أبرز
أسباب «انتهاء الحقبة الأميركية» قرار إدارة بوش (الابن) غزو العراق عام
2003، واستفحال الفوضى وأشكال العنف المختلفة، والفشل في إقامة الديمقراطية
مسبقة الصنع، إضافة إلى تنامي مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة
وسياساتها في العالم وفي الشرق الأوسط خصوصاً. ‏

من جهة أخرى ،يطرح هاس
توقعاته لكيفية تشكّل الحقبة الخامسة والعوامل المؤثرة فيها، حيث ستواجه
الولايات المتحدة مزيداً من المنافسة من جانب قوى أخرى أبرزها الصين وروسيا
وإيران، في حين أن «إسرائيل» رغم أنها هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي
تملك أسلحة نووية وقوة عسكرية متطورة وكبيرة «سيجب عليها ـ والكلام ما زال
لهاس ـ أن تتحمل تكاليف احتلالها للضفة الغربية، وأن تتعامل مع تحديات
أمنية متعددة الأبعاد على أكثر من جبهة... أما استراتيجياً، فإن «إسرائيل»
اليوم في وضع أضعف مما كانت عليه قبل حربها الأخيرة في لبنان هذا الصيف». ‏

كما يؤكد ريتشارد هاس عدم
جدوى الجهود الأميركية الهادفة إلى فرض إصلاحات خارجية وتغييرات سياسية في
دول المنطقة، لأن ذلك التوجه ثبت فشله، وهو يحتاج إلى عقود عديدة. ‏

«وعلى المدى القصير ـ يقول
هاس ـ فإن على الحكومة الأميركية أن تواصل العمل مع كثير من الحكومات غير
الديمقراطية، إضافة إلى أن الديمقراطية ليست جواباً للإرهاب». ‏

وإذا كان هذا هو رأي ريتشارد
هاس ،وهو مَنْ هو في فريق العمل الرئاسي الأميركي منذ حوالي عشرين
عاماً،فمن الطبيعي أن تكون لمراجعته لتوجهات السياسة الأميركية أصداء واسعة
ودلالات كبيرة، ولاسيّما من خلال ربطها بجملة الانتقادات الجذرية
والقراءات الجديدة الصادرة عن مراكز الدراسات والبحوث السياسية
والإستراتيجية الأميركية وعدد من الشخصيات المعروفة، مثل الرئيس الأميركي
الأسبق جيمي كارتر، وزبغينيو بريجنسكي، ومادلين أولبرايت وغيرهم.. ‏

ومع ذلك كلّه ما زال
«الدونكشوتيون» من بعض السياسيين الضائعين في متاهات «لعبة الأمم» يصرّون
على مواقفهم التابعة والمخزية، رغم بدء معلّميهم الكبار في الاعتراف
بالهزيمة وفشل الخيارات المتبعة في المنطقة، وبحثهم الخفي والعلني عن أفضل
وأنجع السبل للخروج من مأزقهم الخطير!..



* مؤشرات الانحدار الأمريكي:

- فقد كانت الولايات المتحدة
الأولى في الإنفاق العسكري والتكنولوجي والرؤوس النووية والطائرات
المقاتلة في العالم، إلا أنها كانت في الوقت نفسه الثامنة في متوسط عمر
الفرد، والثامنة في الإنفاق على الصحة العامة، والثامنة عشر في معدل وفيات
الأطفال، بل اظهر الفحص الإحصائي بما يتعلق بالكسب واليد العاملة والتعليم
والجريمة، أن الولايات المتحدة تبدو وكأنها تتكون من أمتين منفصلتين (تبين
ذلك بشكل ملموس إثر إعصار كاترينا الذي كشف القناع عن العنصرية المستمرة
بين السود والبيض)..

- ظهور قوى دولية منافسة :
وإذا كانت الولايات المتحدة اللاعب الرئيس على مسرح العالمي –بما يسمح لها
بهذا التوجه الإمبراطوري- فإنه في المقابل ، هناك إخطبوط يعمل في صمت
ودهاء وهو اللاعب الصيني الذي يتأكد كل يوم وجوده الاقتصادي الفاعل على
المسرح العالمي كله، بل إن وجوده العسكري بدأ هو الآخر يتحرك وراء وجوده
الاقتصادي.

والى الشرق من الصين – والى
الغرب من الولايات المتحدة الأمريكية نفسها-يوجد لاعب آخر هو اليابان التي
خرجت من الحرب العالمية الثانية مدمرة اقتصاديا ومعنويا ، وأصبحت الآن بعد
نصف قرن من الزمان قوة اقتصادية جبارة تؤثر في موازين القوى في العالم
تأثيرا غير قليل .

وإذا تركنا الشرق ،واتجهنا
نحو الغرب ، سنجد قوتين أخريين بازغتين : الاتحاد الأوربي الذي يعرف تطورا
متناميا ومذهلا وتزايدا في عدد أعضائه (27 عضو بعد انضمام رومانيا
وبلغاريا في سنة 2007) ،ولعل الإشارة الأكثر وضوحا والتي لا تحتمل المراوغة
ما دعت إليه المستشارة الألمانية ميركل ميرفت ، من ضرورة التفكير في إحداث
جيش أوربي مشترك. وروسيا ، التي بدأت تصحو من جديد .وكل منهما – الاتحاد
الأوربي وروسيا – تمثل قوة اقتصادية وثقافية وعسكرية وأيضا على المسرح
العالمي لا يستهان بها.

وكذلك، على نحو أقل، علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بكثير من دول العالم الثالث.

- أميركا والخشية من إمكانية
الاستمرار: على رغم كل الإمكانات التي تحظى بها الولايات المتحدة اليوم
والتي جعلت منها قطبا أحاديا منفردا يتربع على عرش الكرة الأرضية إلا أنها
مازالت تستشعر أن لديها الكثير من النقص الذي يهدد بقاءها واستمرارها ضمن
هذا الوضع الحالي، وهذا الشك في إمكانات الاستمرار والبقاء السياسي القوي
والفاعل لا يحمله أولئك الذين يكرهون أميركا ويتمنون زوالها فحسب، بل هو
يسري حتى في عروق أولئك الذين ساهموا بكل ثقل في رسم سياسات أميركا على مدى
عقود من الزمن، ففي كتابه "رقعة الشطرنج الكبرى" يفصح زبغنيو بريجنسكي عن
هذا الهاجس الذي يجعل منه لا يرتقي بطموحه لبقاء أميركا حتى لأكثر من جيل
واحد، إذ يقول: "لسوء الحظ كانت الجهود المبذولة من أجل تحديد هدف مركزي
وعالمي جديد للولايات المتحدة، منذ نهاية الحرب الباردة وإلى حد الآن، ذات
بعد واحد. فقد فشلت في ربط الحاجة إلى تحسين الوضع الإنساني بضرورة
المحافظة على مركزية القوة الأميركية في الشئون العالمية

* الإمبراطورية الأمريكية إلى أين؟

يخلص الدكتور يحيى الجمل في مقاله الرائق والماتع " الإمبراطوريات صعودا وسقوطا" إلى احتمالين :

- الاحتمال الأول :انه مع
استمرار التوجه الإمبراطوري سيزداد العالم توترا وعنفا ، وستزداد الكراهية
لأمريكا الدولة في شتى أنحاء المعمورة ,وليس في المنطقة العربية فحسب.

الاحتمال الثاني: فهو أن
تنتصر القوى العاقلة في المجتمع الأمريكي ، وهي قوى موجودة مؤثرة . وسيؤدي
هذا بدوره إلى مزيد من العقلانية والتوازن مع قوى العالم المختلفة ،سواء في
أوربا أو في الشرق الأوسط أو الشرق الأقصى . وعلى هذا الاحتمال تختفي
الضربات الاستباقية ، ويستعيد التنظيم العالمي عافيته، وتعود منظمة الأمم
المتحدة لتؤدي وظيفتها الحقيقية في المجتمع الدولي ، وتخرج عن أن تكون مجرد
أداة في يد أمريكا .. ولا تظل أمريكا شاردة بعيدة عن الاتفاقيات الدولية ،
التي توصل لها العالم من أجل تخفيف حدة التوتر، وتحقيق قدر أكثر من
العدالة الدولية.

وهكذا في الاحتمالين لابد أن
تنتهي "الإمبراطورية" حتى وان اختلفت الطرق و الأساليب : احد الطريقين
يؤدي إلى سقوط الإمبراطورية نتيجة التناطح مع العالم والاستعلاء عليه.
والطريق الآخر يؤدي إلى ذوبان الإمبراطورية لتصبح قطبا من أقطاب متعددة .

وخلاصة القول ، أن أسوأ
الإمبراطوريات في التاريخ البشري كله هي تلك التي تجمع بين قوة العضلات ..
وضعف العقل. ومن هذا المنطلق، فالولايات المتحدة على شفا سقوطٍ مدوٍّ إلى
هاوية التراجع والانعزال، وربما التفكك والانحلال؛ فلماذا نقدم لها
نحن(العرب والمسلمين) طوق النجاة في حرب طائفية غير محسوبة العواقب في
العراق لماذا استعمالنا كدروع بشرية في أفغانستان وفي تضييق الخناق على
إيران ليصفو الجو لإسرائيل وبالتالي تصبح دولة إقليمية قوية في المنطقة؟
ولماذا يتعامل بعض السياسيين معها وكأنها ستظل في كامل قوتها، مع أنها في
أخطر منحنيات ضعفها؟! المصدر مجلة فكر ونقد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

نهاية التاريخ أم بداية تداعي الإمبراطورية الأمريكية..؟! :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

نهاية التاريخ أم بداية تداعي الإمبراطورية الأمريكية..؟!

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: