إن استعمال خلاصات أوراق الجنكو في الطب الصيني التقليدي يعود إلى مئات السنين.
واليوم ربما يشكل الجنكو بايلوبا العلاج العشبي الأكثر استخداما لغرض تعزيز
الوظائف المعرفية cognitive
functions، بمعنى تحسين الذاكرة والتعلم واليقظة
والمزاج... وهلم جرا. وانتشر الجنكو بشكل خاص في أوروبا، حتى إن الأقرباذينيين
officials في ألمانيا صادقوا حديثا على استعمال خلاصته لمعالجة الخَرَف
dementia. ويقوم المعهد الوطني للشيخوخة في الولايات المتحدة حاليا بتمويل
تجربة سريرية لتقييم فعالية الجنكو في معالجة أعراض داء ألزايمر.
يُظهر هذا الرسم المأخوذ من كتاب الفلورا اليابانية Flora Japonica الأوراق المروحية الشكل لشجرة الجنكو. وقد قام بتأليف هذا الكتاب الطبيب الألماني فرانز> في القرن التاسع عشر. ويعد المستخلص المأخوذ من هذه الأوراق (انظر الشكل في الصفحة المقابلة) واحدا من أكثر المستخلصات الواسعة الانتشار والمستعملة في العلاجات العشبية لتحسين الذاكرة. |
ولكن، هل يوجد أي دليل على أن الجنكو بايلوبا يستطيع حقا أن يحسن الوظائف
المعرفية؟ إن المعلومات الراهنة حول معظم الإضافات الغذائية
dietary supplements تبنى إلى حد بعيد على الحكايات الشعبية (الفولكلور) أكثر منها على
النتائج التجريبية. ونظرا إلى أن إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة لا
ترعى العلاجات العشبية، فلا يطلب إلى أصحاب المصانع اختبار فعالية منتجاتهم
وسلامتها. وهناك ما يبرر المزيد من الانتباه للإضافات الغذائية، مثل الجنكو
بايلوبا. فحتى لو كانت هذه المنتجات لا تسبب مشكلات طبية فقد تكون غالية الثمن،
وربما تمنع المرضى من البحث عن علاجات أكثر واقعية. وفي محاولة لسد الثغرة في
معرفتنا، راجعنا الأدلة التجريبية المؤيدة والمعارضة لفائدة الجنكو بايلوبا في
تحسين الوظائف الدماغية.
تأثيرات الجنكو في
الدماغ
(**) لا يستطيع الباحثون أن يقولوا يقينا إن كان «الجنكو بايلوبا» قادرا على تحسين الوظائف المعرفية، ولكنهم وجدوا أن خلاصته تستطيع أن تؤثر في الدماغ بعدة طرق:
في الدورة الدموية circulatory
▪ تستحث توسيع الأوعية الدموية، مفضية بذلك إلى زيادة تدفق الدم نحو الدماغ وإلى انخفاض في الضغط الدموي (وربما تقلل من مخاطر السكتة الدماغية).
▪ تقلل من مستويات الكولستيرول في الدم (علما أن الكولستيرول المفرط يتصاحب مع زيادة مخاطر الإصابة بداء ألزايمر).
▪ تثبط تجمع الصفيحات الدموية وتكوين الجلطات. وهذا بدوره يمكن أن يخفض مخاطر السكتة الانسدادية (التي تسببها جلطة تسد وعاء دمويا في الدماغ)، ولكنه يزيد فرصة حدوث سكتة نزفية (يسببها النزف الدموي في الدماغ).
مضادة للأكسدة antioxidant
▪ تكبح تكون الجذور الحرة، التي هي جزيئات أكسجين شديدة التفاعل قد تؤذي العصبونات وتسبب في الدماغ تغيرات مرتبطة بالشيخوخة.
▪ تخفف تأثيرات نقص التروية المخي cerebral ischemia (نقصان تدفق الدم نحو الدماغ) عن طريق تثبيط إنتاج الجذور الحرة السامة عقب واقعة نقص التروية.
في استهلاك الگلوكوز glucose utilization
▪ تزيد امتصاص الگلوكوز (الذي هو الوقود الرئيسي للجسم) في القشرة المخية الجبهية والجدارية، وهما الباحتان الدماغيتان المهمتان لمعالجة المعلومات الحسية ولتخطيط الأفعال المعقدة.
▪ تزيد كذلك امتصاص الگلوكوز في النواة المتكئة nucleus accumbens وفي المخيخ (وهما منطقتان دماغيتان معنيتان بالشعور بالسرور بالنسبة إلى النواة المتكئة وبضبط الحركات بالنسبة إلى المخيخ).
في منظومات النواقل العصبية neurotransmitter systems
▪ على ما يظهر فإن العصبونات الموجودة في الدماغ الأمامي تساعد على امتصاص المادة المغذية «الكولين» choline من الدم. ونشير هنا إلى أن الكولين هو أحد مكونات الأسيتايل كولين، الذي هو بدوره مادة كيماوية دماغية تنقل الإشارات بين عصبونات معينة.
▪ تبطئ استنزاف المستقبلات العصبونية التي توجه الاستجابة للسيروتونين serotonine الذي هو ناقل عصبي يقلل الإجهاد والقلق.
▪ تعزز إطلاق حمض البيوتيريك الأميني gamma-amino butyric acid (اختصارا الگابا GABA) الذي هو ناقل عصبي آخر يستطيع تفريج القلق. وقد يؤدي تقليل الإجهاد إلى خفض مستوى الهرمونات الگلوكوكورتيكويدية(1) glucocorticoid في الدم، وهذا بدوره يمكن أن يحمي الحُصَيْن hippocampus، الذي هو بنية دماغية مهمة في عملية التعلم السوي.
▪ تزيد إنتاج النورإپينفرين norepinephrine، الذي هو أيضا ناقل عصبي. وقد تبين أن تنشيط منظومة النورإپينفرين بفعل بعض مضادات اكتئاب معينة يقلل من أعراض الاكتئاب.
|
دراسات عديدة وأجوبة قليلة
(***) تقدر الجرعة اليومية النموذجية من الجنكو بايلوبا (وهي الجرعة المستعملة في
العديد من التجارب الموصوفة في هذه المقالة) ب120 مليغراما من الخلاصة المجففة
مقسمة إلى جرعتين فمويتين أو ثلاث. وتحتوي الخلاصة على العديد من الفلاڤونُوِيْدات
flavonoids، وهي مجموعة كبيرة من المنتجات النباتية الطبيعية تتصف بتركيب
كيميائي نوعي يحتوي على سلسلة من الحلقات الكربونية. وكذلك تحتوي خلاصة الجنكو
على بيفلاڤونويدات biflavonoids تمثِّل مجموعة مركبات مقاربة، وعلى نمطين
مختلفين من الترپينات terpenes التي تمثل طائفة من كيماويات طبيعية تتضمن
المكونات الفعالة في النعناع البري
(2) catnip والماريجوانا.
لقد تفحَّصَتْ عشرات الأبحاث حتى الآن التأثيرات المعرفية (الإدراكية) للجنكو
على البشر، ولكن الكثير من التقارير البحثية ورد في نشرات غير مدونة باللغة
الإنكليزية أو في مجلات ذات انتشار محدود جدا، مما يجعل تقييم النتائج أمرا
صعبا. وقد تناول معظم الدراسات أفرادا ذوي اختلالات عقلية تراوح بين الخفيفة
والمتوسطة وتشكل في العادة تشخيصا للمصابين بداء ألزايمر في مراحله المبكرة. إن
معظم التجارب التي تظهر أدلة على تحسن معرفي لدى مرضى ألزايمر هي التي استُعملت
فيها خلاصة عيارية standardized من الجنكو عرفت باسم (EGb
761).
عادة ما استعمل باحثو الجنكو اختبارات التعلم والذاكرة. ولم تحظ الوظائف
الذهنية الأخرى ـ مثل الانتباه والدافعية motivation والقلق ـ إلا بقليل من
الاهتمام. إضافة إلى ذلك، ونظرا إلى أن معظم الباحثين أخضعوا المفحوصين لهذه
الاختبارات بعد استعمال طويل الأمد للجنكو بايلوبا (بلغ بضعة أشهر عادة)، فمن
الصعب تحديد أي القدرات المعرفية هي التي تأثرت. فعلى سبيل المثال، إن الدرجات
العالية التي حصل عليها المفحوصون في اختبارات الذاكرة والتعلم ربما نجمت عن
إيلاء المفحوصين الذين استخدموا الجنكو انتباها أفضل للتوجيهات الأولية. ولكي
يتوصل الباحثون إلى بيانات أكثر تحديدا عن تأثيرات الجنكو، فإنهم بحاجة إلى
تطبيق الاختبارات قبل تناول المفحوصين لهذه الإضافة الغذائية (الجنكو) وبعده.
وبسبب تباين الدراسات إلى حد كبير فيما يخص أعداد المفحوصين والتحكم في الشروط
التجريبية، فإنه من المفيد التركيز فقط على أكثر الأبحاث (الاستقصاءات) دقة.
ففي عام 1998 استعرض
[من جامعة العلوم الصحية في أوريگون]
وزملاؤه أكثر من 50 دراسة تناولت أفرادا مصابين باختلالات عقلية، وانتقوا منها
أربع دراسات لبَّت تشكيلة محافظة من المعايير، بما في ذلك توصيف كاف لتشخيص داء
ألزايمر واستخدام خلاصة عيارية من الجنكو، إلى جانب علاج غفل(3) متحكم فيه ضمن
خطة التعمية المزدوجة(4)، حيث لا يعرف وفقها الباحثون ولا المريض إن كان هذا
يتناول الخلاصة أم العلاج الغفل إلا عند نهاية التجربة. وقد أظهر كل من هذه
الدراسات أن مرضى ألزايمر الذين تناولوا الجنكو كان أداؤهم أفضل في اختبارات
معرفية متباينة مقارنة بالمرضى الذين تناولوا العلاج الغفل. وكان التحسن واضحا
في الاختبارات العيارية التي تقيس الانتباه والذاكرة القصيرة الأمد وزمن
الارتكاس reaction time، وقد بلغ متوسط التحسن الناجم عن المعالجة بالجنكو ما
نسبته 10 إلى 20 في المئة.
تُبنى المعلومات حول
معظم الإضافات الغذائية على الفولكلور
(الموروث الشعبي) أكثر منها على النتائج
التجريبية.
لقد ذكر <أوكين> وزملاؤه أن تأثير الجنكو مشابه لتأثير العقار دونيپيزيل
donepezil، الذي يعد الآن العلاج المفضل لمرضى ألزايمر. فالدونيپيزيل يُحسن
نشاط الدماغ من خلال تثبيطه عملية تفكيك الأسيتايل كولين acetylcholine الذي هو
مادة كيماوية دماغية تنقل الإشارات signals بين عصبونات معينة. ومع أن هذه
النتائج تبدو مشجعة، فإن تجربة أخرى حديثة وكبيرة وجيدة الضبط لاختبار الخلاصة
EGb 761 ذكرت عدم وجود تأثير ذي دلالة علاجية للجنكو في أي من الاختبارات
المعرفية المستخدمة (وكان الذي موّل هذه الدراسة الشركة الصانعة للخلاصة ـ
ويلمار شواب فارماسيوتيكالز في كارلسروه بألمانيا، وشملت مرضى يعانون مراحل
خفيفة أو متوسطة من الخَرَف).
هناك سؤال حاسم حول ما إذا كان العلاج بالجنكو، في الدراسات التي أظهرت تأثيرات
إيجابية، قد حسَّن بالفعل القدرات المعرفية لدى مرضى داء ألزايمر، أم أن هذا
العلاج أدى إلى إبطاء وتيرة تدهور حالتهم فحسب. وقد جاءت إجابتان مختلفتان عن
هذا السؤال الجوهري من بحث نُشر عام 1997 تحت إشراف [من معهد
نيويورك للأبحاث الطبية]. ففي هذه الدراسة، التي كانت واحدة من الدراسات الأربع
التي قام <أوكين> بتحليلها، تفاوتت النتائج تبعا للاختبار المعرفي الذي تم
استخدامه. فباستعمال المقياس المعرفي الفرعي cognitive
subscale، وهو من
المقاييس المدرجة الخاصة بتقييم داء ألزايمر Alzheimer's
Disease Assessment
Scale، يتبين أن كفاءة أداء المرضى الذين عولجوا بالدواء الغفل (المادة غير
الفعالة) قد تدهورت بشكل بطيء على مدار عام، في حين بقي أداء المرضى الذين
عولجوا بالجنكو مستقرا ثابتا. ولكن وفقا لاختبار ثان (يتمثل في تقييم الشيخوخة
geriatric evaluation بوساطة أداة تقدير عن طريق الأقارب
relative's rating
instrument) فإن تحسن الأفراد الذين عولجوا بالجنكو كان مساويا لمقدار التدهور
الذي أصاب الأفراد الذين عولجوا بالدواء الغفل.
وفضلا عن ذلك، فقد أشارت دراسة واحدة على الأقل إلى تأثيرات إيجابية لدى أفراد
ذوي اختلالات عقلية عقب علاجهم بالجنكو مرة واحدة. فقد أعطى [من
جامعة هوت بريتاني في Rennes بفرنسا] جرعة واحدة عالية من الجنكو (320 أو 600
مليغرام) لمجموعة صغيرة من أناس مسنين مصابين باختلال بسيط في الذاكرة ذي علاقة
بتقدم العمر. وبعد مضي ساعة واحدة من تناولهم العلاج، اختبر <أليان> ذاكرة
هؤلاء الأفراد عبر عرض سريع لقوائم قصيرة من الكلمات أو الرسوم ومن ثم الطلب
إليهم تذكّر هذه القوائم فورا. فلاحظ أن قدرتهم على تذكر المادة المعروضة عليهم
سريعا ازدادت بشكل كبير بعد تناولهم الجنكو. وتثير هذه النتيجة إمكانية أن تهيئ
الأفعال البيولوجية القصيرة الأمد (وليس الطويلة الأمد) أساس تأثيرات الجنكو في
القدرات المعرفية cognition.
ينبغي التنويه إلى أنه تبين أن الجنكو يضعف الأداء أيضا. فعلى سبيل المثال، وجد
[من مستشفى وتنگتون في لندن] ومجموعته، في دراسة محدودة على مسنين
مصابين بضعف خفيف أو متوسط في الذاكرة، أن المرضى الذين تناولوا الجنكو لم
يستطيعوا، بعد 24 أسبوعا من المعالجة، أن يتذكروا الأرقام بالدرجة نفسها التي
أبداها المرضى الذين تناولوا المادة الغفل.
هل تُعين الأصحاء؟(****)
لسوء الحظ، فإن القليل جدا من الأبحاث تفحص التأثيرات
المعرفية للجنكو بايلوبا في البالغين الشباب الأصحاء. ففي دراسة صغيرة تمت في
أواسط الثمانينات من القرن المنصرم، أخضع [من جامعة ليدز في
إنكلترا] ثمانية أصحاء (تراوحت أعمارهم بين 25 و 40 سنة) إلى مجموعة متكاملة من
الاختبارات بعد أن تناولوا خلاصة الجنكو EGb
761. وقد ذكر <هندمارش> أن الجرعة
القصوى المختبرة (600 مليغرام) قد حسنت الأداء في اختبار الذاكرة القصيرة الأمد
short-term
memory فقط. وحديثا جدا قدم تقريران من مختبر الأبحاث الدوائية
المعرفية Cognitive Drug
Research في ريدنگ بإنكلترا دعما ثانويا لوجهة النظر
القائلة بأن الجنكو يمكن أن يحسن الوظائف المعرفية لدى الشباب. فقد ذكر أحد
التقريرين أن الأفراد الذين تناولوا جرعة من الجنكو أحرزوا أداء أفضل في
التمارين التي تقيِّم الانتباه مقارنة بالأفراد الذين تناولوا المادة الغفل؛
أما الدراسة الأخرى فقد أظهرت تحسنا في الذاكرة لدى الأفراد المتوسطي العمر
(بين 38 و 66 سنة) الذين عولجوا بمزيج من الجنكو والجنسنگ
ginseng الذي هو دواء
عشبي آخر يوصف لتحسين الذاكرة. ولكن التأثيرات التي شوهدت في الدراسة الأخيرة
قد لا تُعزى للجنكو بمفرده، كما أنها لم تَزْدَدْ بازدياد الجرعة، الأمر الذي
يتوقع من مادة فعالة بحق.
المعززات الأخرى
للذاكرة(*****)
مكدانيل> ـ ـ
يبدي البالغون الكبار اهتماما قويا «بالمعززات الدماغية» brain boosters التي لا تتطلب وصفة من طبيب والتي يتم تسويق العديد منها بادعاءات تسهب في سرد فوائدها. وهناك مسوغات كيميائية حيوية سليمة لتوقع نجاعة بعض هذه المغذيات. ففي مراجعة للأبحاث المنشورة في هذا الصدد، وجدنا دراسات تبين أن بعض هذه المواد حسنت الذاكرة بقوة لدى حيوانات المختبر، كما أثمرت في بعض الأحيان تحسينات كبيرة لدى البشر. ومع ذلك، هناك أسئلة كثيرة حول حجم العينات المستخدمة في هذه الدراسات وحول شمولية النتائج من خلال اختبارات الذاكرة والجماعات السكانية المختلفة، ونواح أخرى تتعلق بالإجراءات والبيانات. وهذه الإشكالات، المصحوبة بقصور عام في الأبحاث التي تثبت إمكانية تكرار هذه النتائج، قللت الحماسة حول جدوى هذه المغذيات في إيقاف فقدان الذاكرة أو عكسه. وإليكم فيما يلي ملخصا وجيزا لنتائج ستة أصناف من مركبات لا تشترط وصفة الطبيب، ويُزْعم أنها معززات للذاكرة، ومعالجات لتراجع الذاكرة المرتبط بتقدم العمر.
الفسفاتيدايلسيرين Phosphatidylserine PS اختصارا
وهو ليپيد lipid يوجد طبيعيا، تبين أنه يخفف الكثير من تبعات الشيخوخة على العصبونات لدى الجرذان والفئران المسنة، وأنه يعيد إليها ذاكرتها الطبيعية في تشكيلة منوعة من تمارين الاختبار. أما الأبحاث حول تأثيره في البشر فهي محدودة. فبالنسبة إلى البالغين المسنين المصابين بأضرار متوسطة في القدرات المعرفية، أحدث هذا المركب زيادات بسيطة في تذكر قوائم الكلمات. ولم يتواتر ذكر تأثيرات إيجابية بشكل متوافق فيما يخص الاختبارات الأخرى للذاكرة.
مركبات الكولين Choline compounds
لم تثبت فعالية الفسفاتيدايلكولين phosphatidylcholine، الذي يقدم تحت اسم ليسيتين lecithin، في تحسين ذاكرة المرضى المحتمل إصابتهم بداء ألزايمر. فالأبحاث على السيتيكولين citicholine تكاد تكون معدومة، ولكن إحدى الدراسات أشارت إلى تحسن قوي في تذكر القصص لدى عينة صغيرة من البالغين الأسوياء المتقدمين بالعمر.
الپيراسيتام Piracetam
تم تطويره عام 1967 ولم يحظ بمصادقة إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة، ولكنه يباع في أوروبا والمكسيك تحت مسميات مختلفة (تتضمن النوتروپيل والپيروكسيل). وتوحي الدراسات على الحيوانات أن هذا الدواء يمكن أن يحسن النقل العصبي والنشاط المِشبكي(5)، كما أنه يقاوم تدهور أغشية الخلايا العصبية المرتبط بتقدم السن. ولكن لا توجد أي إشارة واضحة لأي فوائد معرفية تخص المرضى المحتمل إصابتهم بداء ألزايمر أو البالغين المصابين بضرر في الذاكرة يصحب الشيخوخة.
ڤينپوسيتين Vinpocetine
قلواني alkaloid (مستخلص من نبات الونكة periwinkle) يزيد الدوران الدموي في الدماغ. وفي ثلاث دراسات على بالغين مسنين مصابين بمشكلات في الذاكرة مصحوبة بدوران دموي دماغي فقير، أو أمراض مرتبطة بالخرف حقق الڤينپوسيتين تحسينات في الأداء في اختبارات معرفية تقيس الانتباه والتركيز الذهني والذاكرة.
أسيتايل-ل-كارنيتين Acetyl-L-Carnitine ALC
حمض أميني يدخل في تركيب بعض الإضافات الغذائية الخاصة «بالطاقة الدماغية» brain power والتي تباع في دكاكين الأغذية الصحية. ويشارك المركب ALC في توليد الطاقة الخلوية، الأمر الذي يعد سيرورة في غاية الأهمية للعصبونات بشكل خاص. وتبين الدراسات على الحيوانات أن المركب ALC يعكس reverses ما يحدث من تناقص في عدد الجزيئات المستقبِلة الموجودة على الأغشية العصبونية والمرتبطة بالشيخوخة. ولكن الدراسات على المصابين بداء ألزايمر المحتمل لم تذكر إلا مميزات ضئيلة لهذا المركب (ACL) في عدد من اختبارات الذاكرة.
مضادات الأكسدة Antioxidants
تفيد مضادات الأكسدة (مثل الڤيتامينين E و C) في تعديل (تحييد) الجذور الحرة free radicals المخربة للنسج، والتي يزداد انتشارها بتقدم العمر. ولكن الدراسات وجدت أن الڤيتامين E لا يقدم فوائد مهمة لمرضى داء ألزايمر ومرضى داء پاركنسون المبكر. ونشير هنا إلى أن دمج الڤيتامينين E و C لم يحسن أداء طلبة الكليات في بضعة اختبارات معرفية.
ملحوظة: ظهر عرض أكثر تفصيلا عن هذه المقالة في مجلة Psychological Science in the “Public Interest” (عدد الشهر5/2002) بعنوان: «مغذيات نوعية دماغية: علاج للذاكرة»؟ مكدانيل> ـ ـ آينشتاين>.
تنبيه للمشترين: لم يجد الباحثون دليلا مقنعا على أن الإضافات الغذائية تستطيع تحسين الذاكرة. | |
وفيما يخص معظم المستحضرات الصيدلانية، يُجري الباحثون عددا كبيرا من الدراسات
على حيوانات المختبر قبل أن يجربوا العقاقير على البشر. صحيح إن هذه التجارب قد
تكون مفيدة في تحديد سلامة العقار وفعاليته، ولكن بما أنه لم يتم اعتماد الجنكو
عقارا بين العقاقير، فإنه لم يُطلب إلى القائمين على صناعته إجراء اختبارات على
الحيوانات. ونتيجة لذلك، لا نشاهد إلا القليل من التقارير البحثية في المجلات
المحكَّمة يتفحص نجاعة الجنكو في تحسين التعلم والذاكرة لدى الحيوانات. ولعل
أبرز مثال هو ما يتمثل في تلك الدراسة التي تمت عام 1991 على فئران بالغة فتية
young adult
mice كانت قد دُرِّبت على الضغط على رافعة من أجل تلقي الطعام. وفي
هذه الدراسة، تعلمت الفئران المعالجة بالجنكو مدة 4-8 أسابيع أداء هذه المهمة
بسرعة تفوق سرعة أداء فئران المجموعة الضابطة (الشاهدة) control. وكما هي الحال
لدى البشر، فإنه يصعب التأكد مما إذا كان الجنكو يحسن سيرورة التعلّم فعليا، أم
أنه يمتلك تأثيرات أخرى تحسن أداء الحيوانات في مهمة نوعية معينة. فمثلا، ذكر
الباحثون أن التناول المتكرر للجنكو يقلل الإجهاد (الكرب)
stress لدى الجرذان،
وأن استجابات الإجهاد المتبدلة يمكن أن يكون لها ـ في حد ذاتها ـ تأثير كبير في
التعلم والذاكرة.
هل يحسّن الجنكو بايلوبا الوظيفة المعرفية حقا؟
إن الدليل ضعيف حتى على تحقيقه فائدة محدودة.
إذا كان الجنكو يستطيع حقا أن يحسن السيرورات العقلية، فكيف يعمل؟ لقد أشارت
الدراسات على البشر وحيوانات المختبر إلى عدة مجموعات من التأثيرات البيولوجية
يمكن أن تسهم في التحسن المعتقد للوظائف المعرفية بفضل الجنكو [انظر الإطار في
الصفحة 20]. ومهما كانت تأثيرات الجنكو، فإنه ـ على ما يبدو ـ يثير القليل من
المخاطر الصحية، وبخاصة عند تناول الجرعات النموذجية بين 120 و 240 مليغراما
يوميا. فقد لوحظ بعض مضاعفات تتضمن تجمعات دموية تحت الأم الجافية
subdural hematomas (جلطات بين عظم الجمجمة والدماغ) ومشكلات مَعِدية معوية. وكما هي
الحال مع معظم الخلاصات والأدوية النباتية، فإن تناول الجنكو يُصاحَب أحيانا
بغثيان وإقياء. يضاف إلى ذلك أن بعض مستخدمي الجنكو يعانون زيادة في إفراز
اللعاب ونقصا في الشهية وصداعا ودوارا وطنينًا في الأذن وطفحا جلديا. أما
الجرعات الكبيرة فإنها قد تفضي إلى هبوط ضغط انتصابي orthostatic
hypotension،
وهو حالة هبوط لضغط الدم تشاهد أحيانا بعد التغيرات المفاجئة في وضعية الجسم
posture، مثل النهوض منتصبا بعد أن يكون المرء جالسا. ومع ذلك، يبقى الانطباع
العام بأن حدوث عواقب ضارة جدية بعد تناول الجنكو هو احتمال ضعيف جدا. وكذلك
يمكن إنقاص هذه التأثيرات أكثر فأكثر حينما تحدد وصفات مثلى لجرعات الأفراد من
الجنكو.
ولكن دعونا نرجع إلى سؤالنا الأصلي، هل يحسن الجنكو بايلوبا الوظيفة المعرفية
حقا؟ بوجه عام تعد التأثيرات المدونة حول هذا الأمر ضئيلة إلى حد ما، مثلما هو
كذلك عدد التجارب. كما أن هذه التجارب تتفاوت في جودتها بحيث لا يمكن إثبات
وجود فائدة ولو بسيطة. وفي حالة البشر، يمكن أن يبطئ الجنكو التراجع المعرفي
خلال الخرف. ومن الممكن أن تبرز التأثيرات الرئيسية للجنكو في الذاكرة بعد
تناول جرعة واحدة وأن تستمر لمدة قصيرة نسبيا، ولكن الأبحاث التي تناولت هذا
الموضوع محدودة، بحيث لا يمكن تقييم الكتابات المهمة في هذا الشأن (من أمثال
هذه المقالة) بطريقة مناسبة في الوقت الحاضر.
النتيجة النهائية(******)
وإذا أخذنا الأدلة المتاحة بعين الاعتبار، نتساءل إن كان الجنكو بايلوبا هو
العلاج الأفضل لتحسين الذاكرة؟ لقد وجدت إضافات أخرى تؤثر في الوظيفة المعرفية
لدى البشر وحيوانات المختبر [انظر الإطار في الصفحة 22]. فالمستحضرات
الصيدلانية من أمثال الدونيپيزيل donepezil يمكن أن تحسن التعلم والذاكرة بقوة
لدى القوارض، كما يمكن أن تحقق تحسينات بسيطة ولكنها مهمة لدى البشر. ولكن توجد
مداخلات بسيطة نسبيا تستطيع أن تفضي إلى بعض النتائج المشابهة. على سبيل
المثال، إن سماع قصة مثيرة يتسبب في إطلاق هرمون الإپينفرين
epinephrine من
الغدتين الكظريتين إلى الدورة الدموية، فيعزز بذلك ذاكرة المرء من دون تناول
أية عقاقير البتة. وإحدى الآليات التي يمكن للإپينفرين بوساطتها أن يعزز
الذاكرة تتمثل في تحرير الگلوكوز من مستودعاته في الكبد، فيزيد بذلك كلوكوز
الدورة الدموية المتاح للدماغ.
يمكن أن يحسن تناول السكر ذاكرة المرء. فهناك أدلة مهمة تشير إلى أن الگلوكوز
المتناول جهازيا (بالاغتذاء عن طريق الفم بالنسبة إلى البشر أو عن طريق الحقن
بالنسبة إلى القوارض) يحسن الأداء المعرفي لدى الجرذان والفئران الفتية
والمسنة؛ وكذلك لدى البشر، بمن في ذلك المصابون بداء ألزايمر. وعلى غرار معظم
المعالجات التي تحسن الذاكرة، فإن تأثيرات الگلوكوز تتبع منحنى الاستجابة
والجرعة dose-response
curve الذي يأخذ شكل حرف U مقلوب، بحيث إن الجرعات
الوسطية (البينية) فقط هي التي تحسن الذاكرة، في حين تكون الجرعات المنخفضة غير
فعالة والجرعات العالية قد تُضعف الذاكرة.
وبسبب الاختلافات في تصميم التجارب المستخدمة في اختبار الجنكو والمعالجات
الأخرى، فإنه يصعب إجراء مقارنات مباشرة للفعالية. فعلى سبيل المثال، حسَّن الگلوكوز
الأداء لدى أفراد بالغين أصحاء من صغار السن وكبارهم بمقدار 30 إلى 40 في المئة
في اختبار يتضمن تذكر قصة قصيرة. أما لدى الأشخاص المصابين بداء ألزايمر، فقد
قارب مدى التحسن (عند إجراء اختبار مشابه للذاكرة) 100 في المئة مقابل تحسُّنات
أقل من ذلك عند إجراء اختبارات أخرى. وقد كانت نسبة التحسن في هذه التجارب أكبر
بكثير من نسبة ال10 إلى 20 في المئة التي سُجلت عند استخدام الجنكو. ولكن معظم
التجارب التي تختبر تأثيرات الگلوكوز استخدمت المعالجات القصيرة الأمد
short-term
treatments وقارنت الأداء قبل التجربة وبعدها، في حين إن معظم
التجارب التي اختبرت الجنكو استخدمت المعالجات الطويلة الأمد وقارنت الأفراد
المعالجين بالجنكو مع مجموعة ضابطة (شاهدة) control
group.
يُعد عقد مقارنات مباشرة للفعالية أمرا أساسيا لتحديد أي المعالجات تكون الأقوى
في تحسين القدرات المعرفية cognition. ويعد هذا واحدة من الحالات العديدة التي
يكون فيها إجراء المزيد من الدراسات على القوارض أمرا مفيدا بسبب مقدرة
الباحثين على التحكم في جميع المتغيرات variables في التجربة. وهناك دراسة
وحيدة قارنت بشكل مباشر تأثيرات الجنكو بتأثيرات العلاجات الأخرى. وقد أظهرت
هذه الدراسة أن ذروة التحسن المشاهد باستخدام الجنكو قد بلغت نحو نصف التحسن
الذي شوهد باستخدام العقاقير الأخرى. ومن الواضح أننا نحتاج إلى مزيد من
المقارنات المباشرة عند البشر وعند حيوانات المختبر كليهما.
لقد بدأنا فحصنا وتقييمنا لما كُتِب من أبحاث في هذا الصدد بارتياب، ولكن مع
تعهدنا بتجنب الحكم المسبق على النتائج، فوجدنا أدلة تدعم وجهة النظر القائلة
بأن الجنكو يحسِّن الوظائف المعرفية، ولو بدرجة ضعيفة تحت بعض الظروف. ولكن
يبقى انطباعُنا المسيطر هو أننا لا نملك معلومات تكفي للقول بشكل قطعي إن كان
الجنكو يحسِّن القدرة المعرفية أو لا. فعدد التجارب أقل من أن يسمح بوضع توصيات
واضحة، كما أن معظم الدراسات التي أكدت فوائد للجنكو قد شملت أعدادا قليلة جدا
من الأفراد.
ولكن ثمة عددا كافيا من النتائج الإيجابية، ربما بالقدر الذي يكفي على الأقل
لدعم توجهنا بإجراء المزيد من الأبحاث على الجنكو. لقد أوضحت الخبرة الطويلة
بالأبحاث في مجال العقاقير الجديدة أن النتائج الإيجابية الأولية المتأتية من
دراسات تتناول عددا صغيرا من الأفراد تميل إلى التلاشي حينما تُختبر هذه
العقاقير على أعداد كبيرة من أفراد ينتمون إلى جماعات سكانية متنوعة. وهكذا فإن
الاختبار الحقيقي لكفاءة الجنكو مازال أمامنا.