هند " ثـــــــــــــــــــــــــائــــــــــر "
عدد الرسائل : 245
الموقع : جهنم تاريخ التسجيل : 09/04/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | كيف كبرت أحزاب الإسلام السياسي ؟! ولماذا تعاظم دورها ؟! | |
[b][b][b][b]"جلس مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية وقد أحاطت به جيوش العباسيين، وعلى رأسه خادم قائم، فقال مروان لبعض من يخاطبه: ألا ترى ما نحن فيه ؟ لهفي على أيدٍ ما ذكرت، ونعمٍ ما شكرت، ودولةٍ ما نُصرت، فقال له الخادم: يا أمير المؤمنين: من تَرَك القليل حتى يكثر، والصغير حتى يكبر، والخفي حتى يظهر، وأخّر فعل اليوم إلى الغد، حلَّ به هذا .. وأكثر، فقال له مروان: هذا القول أشدُّ عليّ من فقد الخلافة." بهذه المقدمة بدأ الراحل فرج فوده وصفه لظاهرة نمو وتصاعد حركات الإسلام السياسي خاصة في مصر. فمع بداية الثمانينات بدأت جماعات الإسلام السياسي بالصعود وبشكل لافت، وذلك كنتيجة طبيعية وكرَد فعل متوقع على أمرين: الأول: فشل النخب السياسية التي كانت تمثل الاتجاه الوطني والقومي التقدمي، وتَعَثُّر مشاريعها التي وعدت الجماهير بها، والثاني إستشراء الفساد في مؤسسات الأنظمة العربية على كافة المستويات، وسياساتها التابعة والخاضعة للهيمنة الأمريكية التي تركت أسوأ الآثار على واقع المجتمع، ولأن الطبيعة لا تقبل الفراغ، فقد جاءت هذه القوى لتسد هذا الفراغ، أي أنها لم تأتي لإنقاذ المشروع الوطني المتعثر، أو لاستكماله، أو التعاون معه، بل أنها طرحت نفسها كبديل جذري لكل ما هو قائم، وكمشروع متكامل لا يحتمل الشراكة ولا يحتاجها أصلا، وبالتالي فإن الإسلام السياسي يسعى لنسف تجربة القوى التقدمية على اختلاف مسمياتها، ثم وراثتها، وعلى هذا الأساس دأب يُمنّي الجماهير المسحوقة بالمدينة الفاضلة على الأرض، وبالفردوس الأعلى في السماء. وقد تضخمت قوى الإسلام السياسي وباتت تملك مؤسسات اقتصادية عملاقة، تمثلت في شركات توظيف الأموال والبنوك الإسلامية، بالإضافة إلى العديد من المشاريع الإنتاجية والأنشطة التجارية، وقد وصل رأس مال هذه المؤسسات أرقاما فلكية غير مسبوقة، إلى جانب الجمعيات الخيرية ورياض الأطفال والمدارس والكليات ولجان الزكاة والمستوصفات والمستشفيات، كما أنها لم تغفل الجانب الإعلامي، فباتت تملك محطات تلفزيونية فضائية، وإذاعات ودور نشر وصحف ومجلات، ومواقع على الشبكة العنكبوتية، كما تغلغلت في مؤسسات المجتمع المختلفة كالبلديات والنقابات ومؤسسات الدولة، وفي سلك القضاء والشرطة، وطبعا في البرلمانات، وحتى في الحكومات. بمعنى أن أحزاب الإسلام السياسي ليست ظاهرة عرضية بسيطة في النظام السياسي العربي، بل هي بشكل أو بآخر باتت تمثل دولة موازية، أو حكومة ظل، ولها أتباع من الجماهير العريضة، وميزة هذه القوى أنها تنظيمات حزبية متماسكة ومنظمة، فيها نظام التراتبية والإنضباط والطاعة العمياء، وقد استطاعت أن تفرض قوانينها وتعليماتها بمنتهى الصرامة في العديد من الأحياء والحواري والقرى والمناطق المختلفة في أكثر من بلد عربي، بينما تقف السلطة عاجزة عن التصدي لها، أو حتى محاسبتها. ولكن هذا الإنتشار والشمولية لا تعني أنها نجحت في وضع الحلول لكافة القضايا التي واجهتها في مختلف الميادين التي اخترقتها، فهي تعمل في ظل الدولة - التي تحاربها وتكفرها – وتستفيد من خدماتها وبنيتها التحتية ومن اقتصادها ومن علاقاتها، والأهم من هذا كله أنها تستفيد من أي هامش من الحرية والديموقراطية في البلد الذي تعمل فيه، ولا تتورع عن استخدام الديمقراطية نفسها - التي تعدها من أنظمة الكفر – كسلّم للصعود للسلطة، ولكن باتجاه واحد، فبعد أن تصل لما تريد، لن تتردد في حرق هذا السلم حتى لا تستخدمه قوى أخرى. وفي الحالات التي تتسلم فيها السلطة ستجد نفسها مضطرة للإنقلاب على مبادئها والتهرب من شعاراتها، حيث أن آليات عملها في ظل الدولة كقوى معارضة تختلف كل الاختلاف عن آليات عملها في حال كانت على رأس السلطة، لأن مواجهة العالم الخارجي والتعامل معه يتطلب الاستجابة والتناغم مع نظام هذا العالم، ومن ناحية ثانية فإن الخطابات الرنانة والشعارات البراقة التي كانت تمثل عماد خطابها السياسي لا تفيدها بشئ في مجال حل مشاكل المجتمع المتفاقمة والمتزايدة يوم بعد يوم، كالإسكان والمواصلات والعلاج والتنقل والاتصالات والفقر والبطالة والتضخم والركود والغلاء والصناعة والتطور التكنولوجي والبحث العلمي .. إلخ، وبالتالي ستجد نفسها منغمسة في معالجة مثل هذه القضايا بأساليب وأدوات لا تختلف بشيء عما تفعله الدول الأخرى التي تتهمها بالكفر، وربما بل ومن المؤكد أن تلك الدول متقدمة أكثر منها ومتفوقة عليها في كيفية التعامل مع الإنسان واحتياجاته ومشاكله. إذا نتوصل في النهاية إلى نتيجة بسيطة ولكنها حاسمة، ومفادها أن جميع أحزاب الإسلام السياسي بغض النظر عن شعاراتها إنما تسعى للسلطة، وهذا حق مشروع لها، ولكن ليس من حقها الإدعاء بأنها ليست أحزابا دنيوية، يقودها بشر من طبيعتهم الخطأ والصواب، وأنها أحزاب إلهية تستمد شرعيتها من لدن الله سبحانه، وبالتالي فإن كل ما هو سواها باطل وكافر. وإذا كانت المواجهة مع الجماعات الأصولية المتطرفة والبرنامج السياسي الذي تمثله قد وصلت أوجها، وبلغت قمتها، فلابد لهذه المواجهة أن تنتهي، فإما أن يراجع هذا التيار نفسه ويصحح مساره – فَعَل هذا تنظيم الجهاد في مصر بشكل نسبي – وبالتالي تنعقد المصالحة التاريخية بين المشروعين على أرضية تبادل المصالح المشتركة، وإما أن يبقى هذا التيار في غِيِّهِ ويتمادى في بطشه، وبالتالي ينتهي بالإنكسار. فالغرور الذي تملّك بعض قيادات ورموز هذا التيار، والإحساس بالقوة والتلذذ بالبطش والسيطرة، لا بد أن يبطش بهم أنفسهم في نهاية المطاف، فجرائم التفجير العشوائي والقتل والإغتيال والتهديد والوعيد وحرق المسارح ودور السينما ومحلات الفيديو ومقاهي الإنترنت وتحريم الموسيقى وتجريم الفنون وفرض رؤاهم بالبلطات والمعاول والقنابل وكاتم الصوت ... كل ذلك سينقلب وبالاً عليهم، فها هم يصطدمون بمشاعر الناس ورغباتهم الإنسانية المشروعة ، وها هم يهدّدون أمن المجتمعات، ويعتدون على حق الإنسان الطبيعي في العيش الكريم الحر الآمن، وبذلك فهم يحصدون كراهية الشعب ونفور الناس ومعاداة المثقفين، ويتحولون إلى شياطين بعد أن عاشوا زمنا ظن الناس بأنهم ملائكة. وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح،
[/b][/b][/b][/b] | |
|