تقنين عمل الاستخبارات في المغرب يفجر جدلاً
أيمن بن التهامي من الرباط - إيلاف
2011-10-13 07:59
عُرض على مجلس النواب مؤخرا مشروع قانون
مثير للجدل يمنح لضباط ومدير المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهو
جهاز استخباراتي تأسس منذ 38 عاما يعرف اختصارا بـ (دي إس تي)، صفة ضباط
الشرطة القضائية، التي تعتبر سلطة غير زجرية تتدخل بعد ارتكاب الجرائم من
أجل جمع الأدلة عنها والبحث عن مقترفيها.
صادقت لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين مؤخرا على مشروع القانون
الذي يغير ويتمم قانون المسطرة الجنائية، والذي جاء بمقتضيات من ضمنها منح،
لأول مرة، الصفة الضبطية لضباط المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني
(الاستخبارات الداخلية بالمغرب)، التي ظلت دائما محط الانتقادات، إذ تحمل
دائما مسؤولية "اختطافات أو انتهاكات" ادعى بعض المعتقلين أنهم تعرضوا لها.
ورغم
أن وزير العدل المغربي، محمد الناصري، تعهد بالكشف عن مقرات هذا الجهاز
وإخراجه من "الضبابية"، إلا أن هذا المشروع ما زال محط ردود أفعال متباينة،
تتوزع بين مؤيد ومعارض.
ويرى الفريق المؤيد أن هذا المشروع سيمكن
الجهاز من العمل في إطار الضوابط القانونية، في حين يؤكد المعارضون أن هذه
الهيئة ستمنحها إمكانيات إضافية، دون إخضاعها للمراقبة.
وقال مصطفى
الرميد، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب، إن "هذا
القانون جاء ببعض التعديلات الإيجابية، لكنه كان قد تضمن تعديلا عارضناه
وما زلنا نعارضه بقوة ونعتبره نقطة سوداء في هذا المشروع، ويتعلق الأمر
بإسناد صفة الضبطية القضائية إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني".
وأضاف
مصطفى الرميد، في تصريح لـ "إيلاف"، "نحن نعتقد أن الحكامة الأمنية
الديمقراطية تقتضي أولا طرح مؤسسات ذات اختصاص، ومنحها إمكانية الرقابة
ووسائلها على الأجهزة الأمنية عموما، ومن ضمنها هذه الهيئة"، مشيرا إلى أنه
"بعد ذلك يمكن منحها هذه الصفة، التي تمكنها من إلقاء القبض على المواطنين
المشتبه في ارتكابهم بعض الجرائم والبحث معهم".
ولكن على أن لا يصل
الأمر، يشرح القيادي السياسي في العدالة والتنمية (المعارضة)، إلى حد
"منحها ما منحها هذا المشروع القانوني من صلاحيات تتجاوز ما له علاقة بأمن
الدولة والإرهاب، بحيث أنه أعطاها حق البحث في الجرائم المتعلقة بالإرهاب،
وأمن الدولة، والتزوير، والجرائم الماسة بالصحة العامة، والمخدرات،
والعصابات الإجرامية".
وأكد رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان
في مجلس النواب أن "المشكل اليوم هو أن هذه الهيئة، التي تقوم بدور محمود
على صعيد حماية أمن الدولة والمواطنين، سوف تمنح صلاحيات إضافية، دونما
إمكانية المراقبة الضرورية. ونحن نعتبر أن الدستور في المادة الأولى جاء
بقاعدة أساسية، وهي أن كل سلطة ينبغي أن تخضع للمراقبة والمحاسبة"، مشددا
على ضرورة أن "تكون مؤسسات بمقاييس وشروط جديدة تستجيب للديمقراطية".
من
جهتها، قالت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إنه
"في ظل غياب ضمانات حقيقية للشفافية، ومراقبة المؤسسات التشريعية والشعبية
للشرطة بشكل عام، بما فيه مديرية مراقبة التراب الوطني، ودولة الحق
والقانون، وبرلمان يمثل حقيقة إرادة الشعب، وفصل حقيقي للسلط حتى يتمكن
القضاء من لعب دوره، فإن إعطاء هذه الصلاحيات لهذه المؤسسة، التي هي معروفة
بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي مورست سنوات عديدة، وما زالت
تمارسها، لن يكون إلا شرعنة لهذا النوع من الانتهاكات، يعني أنها ستصبح
تمارسها بالقانون".
وأوضحت خديجة الرياضي، في تصريح لـ "إيلاف"، أن
"هذه المؤسسة يجب أن يراقبها القضاء، كما يجب محاسبة مسؤوليها على
التجاوزات التي يمكن أن يقوموا بها. ويجب أن نعرف أنهم يقومون بها الآن،
ولا أحد سيمنعهم من ذلك في المستقبل في ظل غياب هذه الرقابة".
وأشارت
القيادية الحقوقية إلى أن "وجود الرقابة يقتضي معرفة المسؤولين، وأماكن
الاعتقال، وتمكن الهيئات من مراقبة تلك المقرات، كما يجب على الهيئة
الحقوقية أن تقوم بدورها برقابتها، إلى جانب اللجان الأممية"، وزادت موضحة
"نحن بعيدين عن ذلك، خاصة أن هذا يتطلب قضاء مستقل ولديه سلطة".
واحتل
المدير العام لإدارة مراقة التراب الوطني، في مشروع القانون رقم 11. 35
الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 01. 22 المتعلق بالمسطرة الجنائية،
الرتبة الأولى إلى جانب ولاة الأمن والمراقبين العامين للشرطة وعمداء
الشرطة وضباطها بمديرية الأمن الوطني.
وشمل تخصصهم الجرائم المنصوص
عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، التي تتعلق بالتقاط
المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد، والتي تجري وفق
القانون نفسه بأمر كتابي من قاضي التحقيق، أو بملتمس كتابي من الوكيل العام
إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، أو للوكيل العام في حالة الاستعجال
القصوى.
ويأتي إصدار أمر التقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات
المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها، إذا كانت
الجريمة موضوع البحث تمس بأمن الدولة، أو جريمة إرهابية، أو تتعلق
بالعصابات الإجرامية، أو بالقتل والتسميم، أو بالاختطاف، وأخذ الرهائن.