الجزيرة الراعي الرسمي لأولمبياد الربيع العربي ومشجع رياضي سيحطم عظام من يسيئون للبلد
بسام البدارين
2011-09-20
لأول
مرة أسمع بإسم محطة فضائية جديدة إسمها (سوريا الشعب) الأسبوع الماضي فقد
إتصل بي زميل مفترض مستفسرا عن ما نشرته في أحد التقارير عن حوار طريف دار
بين السفير السوري في عمان الجنرال سليمان بهجت (ضابط متقاعد) وبين شخصيات
أردنية على مائدة السفير السعودي حيث طرح السفير بهجت صيغة (إذا سقطنا
ستسقطون).
الزميل المتصل سألني: هل حقا تحدث سفير دمشق بهذا الأمر؟..
أجبت: بالنسبة لي نعم تحدث فوجه الزميل السؤال الثاني: ما هي مصادرك في هذا
الخبر؟.. هنا ألقيت محاضرة مهنية على مسامع الزميل وقلت له: هذا سؤال لا
يطرحه صحفي وإبن كار على صحفي وهو سؤال تطرحه أجهزة المخابرات بالعادة.
..
صاحبنا سمع كلمة مخابرات فإعتذر وأنهى المكالمة وبصراحة شككت لأول وهلة
بأنه يتبع فعلا أحد الأجهزة المتكاثرة حولنا لولا أني إكتشفت لاحقا بأنه
وعلى نحو مباغت ومفاجئ أصبح في عمان محطة تلفزيونية فعلا إسمها سوريا الشعب
وتبث من العاصمة الأردنية وهي مناصرة لثورة الشعب السوري.
وهذه خطوة
ستغضب حقا الجنرال سليمان فقد كان الدبلوماسي الوحيد الذي حضر مأدبة سفير
الرياض الرمضانية محاطا بثلاثة أشخاص من الطراز الوسيم الذي يظهر مع
الشخصيات المهمة في الأفلام الأمريكية.
وليس غريبا أن المحطة الوليدة ما
زالت خداجا وتحبو على الأرض لكن المثير أنها تفرخت من ذلك التحالف الخفي
والطازج بين الأردن ومحطة الجزيرة وقد تكون تلك معلومة تكشف للقاريء لأول
مرة لإن محطة ثورة الشعب السوري التي نرحب بها بكل الأحوال ونتمنى لها
التوفيق مستقبلا تحظى برعاية لوجستيه وفنية من محطة الجزيرة الراعي الرسمي
لأولمبياد الربيع العربي.
الحرية للفضاء السعودي
وذلك بحد
ذاته من الأخبار التي تستحق زغرودة من النوع الطويل والمتتابع على الطريقة
الشامية فالجزيرة بدأت تفرخ بعض الصيصان الجديدة على شكل محطات فضائية لدعم
الشعوب المقهورة، الأمر الذي يسعدنا دوما وبكل الأحوال ويدفعنا للدعاء إلى
العزيز القدير بأن يبقي علينا فضل الدجاجة الأم التي تفرخ لنا إعلاما يدعم
ثورات الشعوب العربية.
ونأمل من أعماق القلب أن تتمتع دجاجتنا الأم في
الدوحة بالصحة والعافية والقدرة الدائمة على الحبل والإنجاب حتى نراها تفرخ
لنا مستقبلا محطة بإسم إذاعة السعودية الحرة مثلا أو محطة الثورة الكويتية
أو تلفزيون المحار الذي يبث من الشارقة على طراز المنار ولا يوجد ما يمنع
مشاهدة الفراخ الفضائية في كل مكان من المحيط إلى الخليج .
وعلى ذكر
صديقنا السفير الجنرال بهجت من الواضح أنه لا يستطيع إغلاق محطة سوريا
الشعب والخيارات هنا ضيقة أمامه وتنحصر في إحضار الشبيحة و(.. بالشوم أدغدغ
المحطة دي على رأي عادل إمام).
لكن نحسب أننا سنتوقف عن إزعاج سعادة
السفير الذي لجأ إلى صيغة ملتوية جدا في إحدى الصحف الإلكترونية المحلية في
عمان ليقول بدون ذكر إسمه طبعا حفاظا على الهيبة بأن ما نشرته القدس
العربي أخرج من سياقه ونشر بشكل مجتزأ وهي الصيغة التي تتدرب عليها بصراحة
إدارات العلاقات العامة في ورش العمل عندما نعلم كوادرها كيفية الهروب من
تأكيد الحقيقة والواقع.
عموما وزير الأوقاف الأردني الشيخ عبد الرحيم
العكور وهو من النوع الذي لا يؤمن أصلا بالدبلوماسية ولا يراوغ وفي نفس
الصحيفة العمانية أكد رواية القدس العربي لسبب بسيط فقد جلس الرجل إلى نفس
الطاولة وسمع كلام السفير الجنرال عندما قال للأردنيين ما صيغته: إذا سقطنا
ستسقطون معنا.
وللتنكيد أكثرعلى السفير الجنرال سنروي الحكاية التالية
:.. أحدهم سأل السفير السعودي صاحب الدعوة ما هي الدلالات السياسية لدعوتك
لسفير سوريا رغم ما بين البلدين من تباين في الموقف؟..رد الرجل: لا أستطيع
تجاهل دعوته فقد وجهت الدعوة لجميع الزملاء العرب وبصراحة أرسلت الدعوة
للسفارة السورية متأخرة جدا على أمل ان يلتقطها الرجل ويرفض تلبية الدعوة
أو يقاطعنا لكنه خيب أملنا وأصرعلى الحضور.
وثمة دليل على أن السعودي
كان يفضل عدم حضور زميله السوري رواه أحد الشهود عندما لاحظ بأن الإفطار
بدأ فعليا وصلى القوم صلاة المغرب ولم يكن سفير دمشق موجودا مما إضطر مسؤول
البرتوكول في سفارة السعودية لإستخدام المقعد .. لذلك عندما حضر الجنرال
سليمان لم يجد كرسيا يجلس عليه فتم تدبيره بسرعة على طاولة الشخصيات
الأردنية.
إنتصرنا على الصين
مباشرة بعد الإنتصار الكروي
الأردني المدوي على الصين وقف المراسل الرياضي الأشهر في عمان محمد قدري
حسن أمام الكاميرا في تغطية مباشرة للفضائية الأردنية ليسأل أحد المواطنين
المتحمسين في المدرجات:ما هي مشاعرك بعد هذا الفوز الكبير على عملاق آسيا؟.
..
المواطن وبدون إهداء الفوز لأي جهة أو شخص كما يحصل في العادة وقف متشنجا
أمام الكاميرا وقال العبارة التالية: هذا الفوز عبارة عن رسالة منا نحن
الأردنيين .. نقولها بوضوح سنقطع ألسنة وسنكسر عظام كل من يتجرأ على المساس
ببلدنا وقيادتنا .
طبعا لم يحدد الأخ المتحمس من يقصد بالتهديد ونسي
تماما أن المسألة تتعلق بمباراة كرة قدم وبرنامج ومراسل رياضي والأهم لم
يوضح للمشاهد البليد (من طرازي) العلاقة بين الرسالة المفترضة للشعب
الأردني وهؤلاء الأوغاد الذين يحاولون التجرؤ على البلد والقيادة، وبكل
الأحوال لم يوضح صاحبنا ما إذا كان قصده الأخوة الأشقاء من الصين الذين
حضورا ضيوفا وغلبناهم على أرضنا وبين جمهورنا؟ .. على حد علمي لا تحتاج
الصين لرسالة أردنية من هذا الطراز ولم يسبق لها أن حاولت المساس بأي
أردني.
لكن الحماسة لم تقف عند هذه الحدود ويبدو أن الموقف السياسي
المعلن للمشجع الوفي فرض نفسه على إيقاع المحلل الكروي والرياض عزت حمزة
الذي كان ضيفا في أستديو التحليل .
وزميلنا أقصد عزت حمزة - وهو مدرب
كروي سابق ومخضرم يظهر بشدة على الفضائيات العربية ومنها الجزيرة الرياضية
الثانية ترك من جانبه الجزئية الرياضية وأرض الملعب ليتحدث هو الأخر
بالسياسة ردا ضمنيا على المشجع المتحمس فصرف للمشاهدين وهم الشعب الأردني
على الأغلب فقط للأـ الفضائية الحكومية لا يشاهدها إلا الأردنيون مضطرين -
العبارة التالية: منتخبنا الوطني اليوم وحد الشعب الأردني من ورائه.
يعني
ذلك على الأقل برأي الأخ حمزة بأن الشعب الأردني لم يكن موحدا في الواقع
وأن الوحدة الوطنية أنقذتها مباراة منتخب النشامى مع الصين .. هنا أيضا
كلام لا لزوم له في السياسة بمناسبة غير سياسية فكلام المدرب المحلل
والمشجع المتحمس موجه عمليا للحراك الذي يطالب بالإصلاح في الشارع فالثاني
يريد قطع ألسنة وتفتيت عظام من ينتقدون الدولة والأول يوحي بأن الوضع
الداخلي هش لدرجة أنه يحتاج للفوز بمباريات كرة قدم لسد عورات الوحدة
الوطنية.
وذلك لا يدلل فقط على كمية التسييس التي تستوطن دماء الأردنيين
بقدر ما يدلل على رواج ظاهرة النفاق اللفظية خصوصا أمام الفضائيات التي
تعج بما لا ينفع الناس أحيانا.