د.أنور عبد الحليم |
06-07-2011 01:40 كثيرا
ما لمت نفسي على أن كلامي يتأخر عما يجول بما في خاطري من أفكار. حتى إذا
كان كلامي - بعد ما صار ما كنت قد استبصرت به واقعا – غير ذي جدوى لذت
بالصمت. لكني قررت أن أتكلم فأن تصل متأخرا خير من ألا تأتي نهائيا.
في
منتصف القرن الماضي أجرى عالم تركي أمريكي من مؤسسي علم النفس الاجتماعي
يدعى مظفر شريف و آخرون تجربة على مجموعة من الأولاد في معسكر صيفي كلهم
في سن الثانية عشرة و ينتمون إلى نفس الخلفية الدينية و الاجتماعية و
قسموهم إلى مجموعتين كل مجموعة في البداية كانت منفصلة و غير واعية بوجود
الأخرى بعد فترة قصيرة صار لكل مجموعة منهم نسقا هرميا و اسما و علما.
بدا
المنظمون يعرضوا المجموعتين لبعضهم البعض و نظموا لهم أنشطة تنافسية, في
البداية أهانت كل مجموعة الأخرى بعد فترة قليلة تطور الأمر للعنف و خلال
أسبوعين من بداية التجربة تحول الأولاد المؤدبين حسني التربية إلى عصابتين
يسعيان للإنتقام من بعضهما.
حاول مظفر في البداية وقف العنف بينهما
بوقف الأنشطة التنافسية و جمعهم في مناسبات اجتماعية للغداء أو مشاهدة
الأفلام أو الإحتفال فازداد الأمر سوءا و أصبح اجتماعهم هذا فرصة لتبادل
الأعمال العدوانية.
في الجزء الثالث من التجربة وضع منظمي التجربة
أهدافا عليا لا يمكن تحقيقها إلا بتعاون المجموعتين و بدأوا في خلق
المشاكل التي لا يمكن حلها إلا إذا عمل الفريقين سويا و بنهاية الرحلة لم
تتحقق فقط الأهداف العليا الموضوعة بل توقف العنف و الإهانات المتبادلة و
سادت روح الود والتفهم بين أعضاء المجموعتين.
ما حدث في الجزء
الثالث من التجربة يفسر ميدان التحرير و الجزء الأول والثاني يفسر ما قبل
الثورة و ما بعدها و يفسر ما حدث يوم الاستفتاء بفعل فاعل و ما حدث يوم 27
مايو بحماقة القيادات السياسية من كل الأطراف. كما يفسر جزئيا العنف
البيني و الإحتقان بين أفراد الشعب المصري قبل ثورة يناير.
فوحدة الهدف والإحساس بالمساواة والعدالة بين أفراده هي الوسيلة الوحيدة لتحقق أي مجتمع و نجاحه و سلامه الاجتماعي.
هذا
ليس أوان التنافس الوقت مبكر جدا عليه هذا وقت إرساء قواعد لعبة التنافس
العادل الشريف بين كل الأطراف....الصراع بين قوى الإصلاح لن يستفيد منه
إلا رجال الصف الثاني و الثالث من النظام القديم الذين ما زالوا يسيطرون
على كل مراكز السلطة في الدولة و مفاصلها.
إذا كنت من أنصار
الدستور أولا أقول لك إن مشكلة مصر لم تكن يوما فيما هو مكتوب من دستور أو
قوانين بل في غياب الإرادة في تنفيذ هذه القوانين و عدم وجود آليات
لتنفيذها .... فانظر كم من الأحكام صدرت من المحاكم في مصر و لم يتم
تنفيذها أظن لو أن أحدهم أحصى عدد الأحكام التي صدرت من المحكمة الدستورية
وغيرها من المحاكم و لم تنفذ لوجدها بعشرات الألوف. و تذكر أننا كمصريين
بداخل كل منا كائن صغير لطيف و أحيانا سخيف قادر على الإلتفاف و المرور من
خلال أي قاعدة أو قانون و الفارق أن بعضنا يستخدم هذا الكائن طوال الوقت و
البعض الآخر يستخدمه عند اللزوم فقط.
وإذا كنت من أنصار المظاهرات
أولا فأرجو أن تتذكر 6 إبريل و نظراؤها أنهم كانوا شرارة اشتعال الثورة و
لكن وقودها كان طاقة الغضب الكامنة عند الشعب المصري ولكن هذه الطاقة نفدت
الآن أو ربما هي موجهة نحوكم. فمهما حاولت إدارة العربة فلن تسير كما سارت
من قبل فهي بلا وقود. و ستلصق بك التهم و ربما يستغلها الأمن الوطني و
غيره لاستعادة كامل السيطرة أو تعطيل التحول الديموقراطي.
إذا كنت
من أنصار الانتخابات البرلمانية أولا دعني أسألك إذا كانوا الإخوان لا
يريدون سوى ثلث مقاعد البرلمان فقط فإلى من تظن ستذهب باقي المقاعد. لا
تخدع نفسك و تقول أن قوى إصلاحية أخرى قادرة على ذلك.
ليس مؤهلا
للحصول على هذه المقاعد سوى الصف الثاني و الثالث من النظام البائد الذي
يتحين الفرصة ليتمكن من الحصول على ما لم يتمكن من الحصول عليه في وجود
الصف الأول.
مرة أخرى لا تخدع نفسك و تقع في شرك الإنكار الذي و قع فيه مبارك من قبل.
واعلم
ايها الإسلامي أن الشعب المصري لو خير بين أن أن تكون الشمس و القمر بين
يديه و بين الإسلام لاختار الإسلام لكنه ممكن أن يجبر على غيره ...لذا
فليس هناك اخطر على الإسلام في مصر من الدكتاتورية وكبت الحريات.
فليكن
أولا ما يكون...........الأهم هو أن تجتمع قوى الإصلاح على خطة واحدة
مفصلة لاستكمال عملية الإنتقال الديموقراطي و يخرجوا من الشرك الذي نصب
لهم.
وإلا فليس وراءكم إلا الطوفان.
اللهم قد بلغت.... اللهم فاشهد.