بن عبد الله مراقب
التوقيع :
عدد الرسائل : 1537
الموقع : في قلب الامة تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | حوار مع إدوارد ألكسندر : يهود يكرهون إسرائيل | |
صدر كتاب " الانقسام اليهوديّ حول إسرائيل: بين المعارضين والمؤيدين"1 وهو مجموعة من المقالات اشترك في جمعها وتحريرها بول بوغدانور وإدوارد ألكسندر أستاذ الإنجليزية في جامعة واشنطن وصاحب عديد المؤلفات منها: The Resonance of Dust: Essays on Holocaust Literature and Jewish Fate. The Jewish Wars: Reflections By one of the Belligerents and Classical Liberalism and The Jewish Tradition. حول الكتاب أجرى جيمي غلازوف من فرونت بيج ماغزين2 الأمريكية حواراً مع إدوارد ألكسندر. ألكسندر، مرحبا بك.شكراً. يسعدني أن أكون هنا.برأيك ما هو السبب الذي جعل عددا كبيرا من اليهود يتحوّلون إلى أعداء للدولة اليهودية؟ متى بدأت هذه الظاهرة بالتحديد؟ وما هي دوافعهم الحقيقية؟افترضَ عدد كبير من المفكّرين اليهود منذ وقت طويل أنّ اليهودية والليبرالية وجهان لعملة واحدة أو أنهم اعتقدوا بأنّ اليهودية تسير على منهج ثابت من السياسات اليمينية إلى السياسات الليبرالية واليسارية في إسرائيل وصولاً إلى الجناح اليساري من الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية. لقد كان معظم الليبراليين اليهود يؤازرون (أو على الأقل يقبلون ضمناً) وجود دولة إسرائيل طالما كان وجودها يتناغم مع مثلهم الليبرالية، سيماً في سنوات ما بعد المحرقة. لكنّ حرب حزيران غيّرت هذا كله. وبات لزاماً على المفكّرين اليهود أن يختاروا بين الإبقاء على " نقاء" مثلهم الليبرالية أو الدفاع عن الدولة اليهودية المطوقة.ما حدث أنّ العرب أثبتوا ذكاءً أكبر في حرب الأفكار منه في حرب البنادق. إذ أسقطوا شعارات شأن تدمير إسرائيل أو تحويلها إلى مجرد أنقاض. كما أعادوا تعريفهم للصراع بين العرب وإسرائيل بحيث بات مطلبهم هو البحث عن وطن للعرب الفلسطينيين المشرّدين. لقد مارس هذا التغيير الجذريّ في خطابهم سحره الكبير على الليبراليين عموماً وعلى الليبراليين اليهود على نحو مخصوص. وكلّما كرّس الرأي العام " التقدّمي" صورة إسرائيل السلبية التي سببتها الأخطاء المزعومة التي ارتكبتها إسرائيل، تاق المفكرون اليهود للهروب من العار الذي لحق بهم جراء اقترانهم بالدولة الإسرائيلية والصهيونية.إن من يقرأ الهجوم الذي يطلقه المفكرون اليهود ضدّ إسرائيل سوف يلاحظ ترديدهم اللافت لعبارتي "العار" أو "الإحراج" اللتين يسمعان على نحو متواصل في حفلات الكوكتيل أو في ردهات الكليات التي يدرّسون فيها. وأما الجبن الشديد من دون ريب هو دافعهم للشعور بالخجل والعار. ثمّة دافع آخر لعدد كبير منهم – وهذا ما يثير دهشتي- حلّله ألفن روزنفيلد على نحو واضح في مقالته " هزيمة المفكّر اليهودي الحديث"3 التي قدّمنا بها كتابنا.يعتمد التأثير الذي أحدثه اليهود المعارضون لإسرائيل بشكل كبير على أنّ معظمهم كيهود جعلوا إسرائيل على صورة شيطان. وبما أنّ الدين والإرث لا يعنيان لهم سوى القليل، فإنّ تحويل إسرائيل إلى صورة شيطان هي التي تجعل منهم يهوداً. فبالنسبة لهم لم يعد القول الذي جاء على لسان حاييم حزاز في عام 1942 " عندما لا يستطيع المرء أن يكون يهودياً، يصبح صهيونياً" صالحاً. إذ تحول عندهم ليصبح:" عندما لا يستطيع المرء أن يكون يهودياً، يصبح معادياً للصهيونية". كما أنهم جهروا معتمدين على خيلائهم الشخصية وإثنيتهم، بمثلهم و" يهوديتهم" النقية من خلال الإعلان عن أنفسهم بأنهم إلى جانب دولة يهودية مسالمة.كيف استطعت أن تحدّد اليهود المعارضين لإسرائيل وتجمعهم في كتابك هذا؟جواب: لم تكن مهمّة سهلة على الإطلاق. فنطاق البحث كان كبيراً جدّاً. ولسوء الحظّ هناك عدد كبير من اليهود المعادين لإسرائيل ممّن يخطبون ويكتبون في هذه الأيام ما يقتضي موسوعة كاملة لتغطيتهم. حاولنا المضيّ خلف أصحاب الأتباع الأكثر والنفوذ الأكبر. فتشومسكي مثلاً يتحكّم بجماهير واسعة ليس بالمئات بل بالآلاف (سيما في أوروبا). وهناك نورمان فينكلشتين ذراعه اليمنى والذي راجت كتاباته في ألمانيا، رغم أنّ العديد من الدارسين بمن فيهم دارسون ألمان، عدّوا كتاباته غير جديرة بالقراءة.لقد قرّرنا بعد تردّد أن نفرد مقالة لإسرائيل شاحاك رغم أنه اليهوديّ الذي حاز على أكبر إعجاب في تاريخ العداء للسامية ولأنه كذلك. وكما يعلم الجميع فالصحافة الإنجليزية تروّج لأعماله، حتى أنّ صحيفة مثل الغارديان وهي المشهورة بعدم تعاطفها مع اليهود تنشر أعماله على حلقات. لا يحتاج المرء إلى المضيّ بعيداً في قراءته لشاحاك ليعرف بأنّ الرجل معتلّ العقل وهو الذي شقّ طريقه من خلال إعادة إنتاج الدعاية النازية عن اليهود واليهودية. وكان لزاما علينا أن نورده في الكتاب بسبب تواتر ذكره على ألسنة معادين متحمّسين ضدّ إسرائيل من أمثال ألكسندر كوكبرن والراحل إدوارد سعيد. وحتى البي بي سي والإن بي إر4 عدّتا أنه من المناسب إبراز حملاته المعادية للصهيونية واليهودية والمحرقة. لكن ورغم كل شيء، أليس هو إسرائيليا، ويهوديا، وناجيا من المحرقة؟أودّ هنا أن أعبّر عن أسفي أنا وبغدانور لأننا أغفلنا ذكر العديد من المعادين لإسرائيل في كتابنا هذا. أو تعلم؟ غالباً ما نتخيّل إحباطهم وهم يفتّشون في الكتاب عن أسمائهم ولا يجدونها. ولهم نقدّم اعتذارنا.ما هو الحيز الذي تشغله المحرقة في الموقف العالمي لليهود المعادين لإسرائيل؟حيز هائل. فمعظمهم يعتقدون، وعلى نحو خاطئ بالطبع، أنّ الضمير الأوروبي المثقل بالذنب بسبب المحرقة هو الذي أوجد إسرائيل. بينما في الواقع وُلِدت إسرائيل، بالرغم من المحرقة التي قتلت قسماً كبيراً من اليهود ذوي النزعات الصهيونية وليس بسببها. ما انفك العديد ممّن يؤمنون بأنّ إسرائيل جاءت إلى الوجود بسبب المحرقة- شأن فينكلشتين وبيتر نوفيتش بالإضافة إلى العديد من الإسرائيليين اليساريين يهاجمون ذاكرتها ويزدرون أيّ يهوديّ يجرؤ على ذكرها. كما يضع البعض اللوم على ذاكرة المحرقة اليهودية ويحمّلونها مسؤولية "التصلّب" الإسرائيلي المزعوم حيال العرب الفلسطينيين ومسؤولية الفكرة الوهمية ( بالنسبة لهم) التي تقول إنّ العرب يريدون أن يمحوا إسرائيل من الوجود. وأما آخرون فيضعون اللوم على تلك الذاكرة لكونها صرفت أنظار اليهود عن القضايا الليبرالية التي وُجدوا في العالم من أجل ترويجها. إذ لا يكتفي جورج شتاينر وهو صاحب مقالة في الكتاب، في مسرحيته سيئة الصيت عن هتلر بتحميل اليهودية مسؤولية المحرقة بل يحكم لصالح حلّ أخير للمسألة اليهودية بوصف هذا الحلّ خطوة في الطريق إلى اليوتوبيا.يرى فينكلشتين أنّ المحرقة في الأساس بناء أيديولوجيّ مكّنت اليهود من ابتزاز المصرفيين السويسريين أو الصناعيين الألمان الذين لا حول لهم ولا قوة. وأما تشومسكي وكما يعرف الجميع، فقد اشترك فعلاً مع من أنكروا المحرقة من الفرنسيين.أو تعتقد بأنّ ثمّة عامل مسيحيّ أو إسلامي عند من يعارضون إسرائيل ويتّهمونها؟على الصعيد الديني، ثمّة رابطة قويّة يمكن للمرء أن يراها عند أشخاص شأن شتاينر أو توني جودت، وهما موضوع لمقالة كتبها بنيامين بالينت، بين التسيّد المسيحي، أي الفكرة التي عبر عنها أوريغون راعي الكنيسة والتي تقول "مع نهاية الزمن، ستنتهي اليهودية" وبين ما اكتشفه اليهود الكارهون لإسرائيل بأنها فرد شاذّ في عائلة الأمم ويجب أن تزال من الوجود. لكنني لست أرى رابطاً دينياً بين من يكرهون إسرائيل من اليهود وبين الإسلام. هناك رابط سياسي قويّ (ولو أنه متناقض). فمن المعروف أنّ الليبراليين اليهود يعارضون وبشدّة " المبادرات التي تقوم على أساس الإيمان" مع استثناء لافت، وهو الانتحاريون الإسلاميون. إنّ الحماسة التي يبديها كارهو إسرائيل اليهود للانتحاريين والتي يجدها المرء عند الكندي مايكل نيومان أو الإنجليزية جاكلين روز، تمهّد لآفاق جديدة لكراهية اليهوديّ لذاته.ما هو التأثير الذي مارسه هؤلاء في أمريكا وأوروبا وإسرائيل؟إنّه تأثير مهول. فأناس شأن الراحل يشاياهو ليبوفيتز وهو فيلسوف إسرائيلي، لم يكونوا معروفين في أوروبا إلى أن بدأ يروّج لنسخته الخاصّة من الرواية الإسرائيلية التي تقول بالتطابق ما بين النازية وإسرائيل. في إنجلترا، بإمكان المرء أن يرى الهجوم الشديد على إسرائيل ما جعل البريطانيين يتفوّقون في كراهيتهم على جميع البلدان الأوروبية الأخرى. نرى ذلك عند أشخاص يهود شأن المسرحيّ هارولد بنتر وغيرهم كثر. إنّ من بدأ المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل هم يهود بريطانيون. فمنذ سنوات مضت كان جويل بينين وهو رئيس تجمّع الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية وأستاذ في جامعة ستانفورد يعبّر عن خيبته النابعة من وجود دولة يهودية على هذا الكوكب. كما عنيت معظم الأقسام أو المراكز التابعة لدراسات الشرق الأوسط التي اعتبرت محو الدولة اليهودية من الوجود هدفاً مهنياً رئيساً على نحو خاص بملء مناصبها باليهود الرافضين لإسرائيل.برأيك ما الذي يكمن خلف الفكرة التي تقول بالتطابق بين اليهودية والنازية والتي يستخدمها أعداء إسرائيل في إدانتهم لها؟ وهل يستخدمون هذا السلاح؟إنها ترفع عن كاهل النازيين والأوروبيين وزر الجرائم التي ارتكبوها بحقّ اليهود. إذا كان اليهود سيّئين بقدر النازيين، أكانت جريمة ضدّ الإنسانية أن يباد اليهود؟ وإذا كان الإسرائيليون نازيين، فسيكون العرب الفلسطينيون هم " اليهود". أما إن لم يكن من تطابق بين النازيّ والإسرائيليّ فيجدر بأشخاص شأن تشومسكي أن يلزموا الصمت.ما الذي يدفع اليهودي لأن ينكر مفهوم النزعة المعادية للسامية؟ ولمََ يشترك هذا اليهوديّ نفسه مع تلك النزعة؟ببساطة هو الجبن. فمن دافع عن أقليتنا المطوّقة لم يكونوا من الجبناء. لكن ثمّة تاريخ طويل لهذا الجبن. وهذا ما يدعو للأسف. انظر مثلاً كتاب ساندر جيلمان اللافت " كراهية الذات اليهودية"5. إن المشكلة الأكبر التي نشأت عن إنكار نزعة العداء للسامية كائنة في القول القديم:"إنّ من يشفق على الظالم سوف ينتهي بغضّ طرفه عن البريء".ما كانت مشاعرك الشخصية عندما حرّرتَ هذا الكتاب؟كانت مزيجاً خاصاً من الألم والغبطة في آن. تألّمت لأنّ قراءة ما يطلقه أشخاص شأن شتاينر أو جوديث بتلر أو مارك إليس أو دانييل بويارين من عبارات تقتضي منا أن نردّ عليهم بما يشبه حذاءً عصرياً. أمّا غبطتي فقد نبعت لأنّني وضعت في ذهني وعلى الدوام قولاً قديماً" في دمار الأشرار ثمّة سعادة". | |
|