ة
لحركة 'حماس'
رأي القدس
2011-05-23
تتصاعد الضغوط على حركة المقاومة الاسلامية 'حماس'
هذه الايام من جهات عدة للاعتراف باسرائيل كشرط للقبول باتفاق المصالحة،
ومشاركتها في اي حكومة وحدة وطنية ممكن ان تتمخض عنها، وتجري المشاورات
لتشكيلها حاليا بين قطبي المعادلة السياسية الفلسطينية الاكبر، اي حركتي
'فتح' و'حماس'.
الرئيس الامريكي باراك اوباما ايد موقف اسرائيل الرافض
للمصالحة الوطنية الفلسطينية عندما قال في خطابه الذي القاه امام المؤتمر
السنوي للوبي اليهودي الداعم لاسرائيل (ايباك) بانه من غير المعقول ان
تتفاوض اسرائيل مع حركة 'حماس' التي ترفض الاعتراف بوجودها.
وردد الرئيس
التركي عبدالله غل النغمة نفسها عندما اكد في مقابلة مع صحيفة 'وول ستريت
جورنال' الامريكية نشرت امس الاول واعلن فيها اتفاقه الكامل مع الرئيس
اوباما بانه ليس في مقدور اسرائيل التفاوض مع طرف لا يعترف بحقها في
الوجود، وكشف للمرة الاولى انه ابلغ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة
'حماس' اثناء زيارته لانقرة عام 2006 بان على حركته ان تكون 'عقلانية' بشأن
الاعتراف بوجود اسرائيل.
هذه التصريحات التي لا يمكن تفسيرها الا على
انها حملة ضغوط منسقة لدفع حركة 'حماس' للتخلي عن النقطة الاهم في ميثاقها
وهي رفض الاعتراف باسرائيل، تحت ذريعة دفع عملية السلام القائمة على حل
الدولتين الى الامام مجددا.
لا نعرف موقف 'حماس' من هذه الضغوط ومدى
قدرتها على مواجهتها، واذا حكمنا على الظواهر، فان الحركة ترفض في جميع
أدبياتها وتصريحات مسؤوليها اي اعتراف باسرائيل واحتلالها لفلسطين
التاريخية ومقدساتها، ولكنها عرضت في الوقت نفسه هدنة قد تستمر لثلاثين
عاما في حال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعودة
اللاجئين الفلسطينيين، وهذا قمة الواقعية او العقلانية اللتين تحدث عنهما
الرئيس التركي.
منظمة التحرير الفلسطينية تعرضت لضغوط مماثلة ادت في
نهاية المطاف الى اتفاقات اوسلو والاعتراف بالدولة الاسرائيلية ونبذ
الارهاب او الكفاح المسلح وتبني حل الدولتين والمفاوضات السلمية كطريق وحيد
للوصول الى الدولة الفلسطينية المستقلة.
تجربة المنظمة مع المراوغات
الاسرائيلية كانت مخيبة للآمال على الصعد كافة، فبعد حوالي 18 عاما من
المفاوضات على اساس حل الدولتين، ما زالت الدولة الفلسطينية بعيدة المنال،
والاخطر من ذلك ان التغول الاستيطاني في الضفة الغربية لم يترك ارضا تقام
عليها هذه الدولة. فعندما وقعت قيادة المنظمة اتفاق اوسلو في حديقة البيت
الابيض في ايلول (سبتمبر) عام 1993 كان عدد المستوطنين في الضفة 140 الفا،
الان اصبح عدد المستوطنين في الضفة والقدس المحتلة ما يقرب النصف مليون
مستوطن.
المؤلم انه في الوقت الذي تتعاظم فيه الضغوط على 'حماس' من كل
جانب للاعتراف بوجود اسرائيل، من قبل الادارة الامريكية والدول الاوروبية،
كشرط لاشراكها في العملية السياسية، نجد الرئيس باراك اوباما يتراجع عن
معارضته الصريحة للاستيطان، ويتراجع عن الفقرة الاهم الواردة في خطابه
التاريخي حول قيام الدولة الفلسطينية على اساس حدود الرابع من حزيران
(يونيو) عام 1967 ارضاء للوبي اليهودي الاسرائيلي، وامتصاصا لغضبة نتنياهو.
ورقة
الاعتراف باسرائيل هي النقطة الاهم في ميثاق حركة 'حماس' ويجب عدم
المجازفة بها مجانا استجابة للضغوط الامريكية، ومن اجل جلوس بعض المسؤولين
الامريكيين او الاوروبيين مع المسؤولين فيها. انها مصيدة جرى اعدادها
بعناية فائقة لتفريغ ايديولوجية الحركة من عمودها الفقري الاساسي الذي جلب
لها احترام الشعب الفلسطيني والفوز الاخير في الانتخابات التشريعية، خاصة
انه، اي عدم الاعتراف، جرى ترسيخه من خلال التمسك بخيار المقاومة وتطبيقه
عمليا على الارض.
فعندما يرفض نتنياهو حدود الرابع من حزيران (يونيو)
تحت ذريعة ضرورات الامن الاسرائيلي، ويجد في البيت الابيض من يبرر ادعاءاته
هذه ويصدقها، فان الرد الفلسطيني، من حركة 'حماس' او غيرها، بضرورة
الاعتراف بالحق الفلسطيني في العودة وقيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس
وازالة جميع المستوطنات، قبل الانخراط في اي مفاوضات، فمثلما لهم شروطهم
فمن الواجب بل والمحتم ان تكون للفلسطينيين شروطهم ايضا، اما مواصلة تقديم
التنازلات المجانية، وبسبب ضغوط او نصائح هذا الطرف او ذاك فلن تقود الا
الى المزيد من المطالب الابتزازية الاسرائيلية تحت ذريعة الامن او غيرها.
نتمنى
على 'حماس' ان تتعلم من دروس منظمة التحرير المهينة قبل ان تنجر او تقع في
مصيدة الاعتراف ليس باسرائيل فقط وانما بكونها دولة يهودية ايضا.