** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 لدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 22) - استبداد الحكام العرب هو مُنتج طبيعى لتراث وتربة دينية خالقة وحاضنة ومُعتنية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمادي
فريق العمـــــل *****
حمادي


عدد الرسائل : 1631

تاريخ التسجيل : 07/12/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

لدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 22) - استبداد الحكام العرب هو مُنتج طبيعى لتراث وتربة دينية خالقة وحاضنة ومُعتنية  Empty
22022011
مُساهمةلدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 22) - استبداد الحكام العرب هو مُنتج طبيعى لتراث وتربة دينية خالقة وحاضنة ومُعتنية

[b]فى تناولى لأحداث ثورة مصر وردت فكرة قديمة حديثة
عن الإستبداد ونشأته وسر تواجده فى المجتمعات الإنسانية ولماذا يحظى العالم
العربى بكل رصيد العالم من الأنظمة الإستبداية الديكتاتورية ؟!..هل هى
صدفة أم أن هناك ظرف موضوعى يُهيئ التربة العربية لإنتاج وإحتضان المستبدين
؟!.
بالطبع يتواجد الإستبداد مع تسلل الخوف فى النفوس وعجز الإنسان عن
تحدى ومقاومة رموز قوية وشرسة , ولكن مع تواجد هذا الخوف سنسأل كيف هذا
والجماهير كثيفة والمستبدين أفراد !..فثورة المصريين والتوانسة والليبيين
تثبت أن الأمور ليست بهذه الصعوبة .. إذن لابد من وجود عامل قوى يسمح
للمُستبد أن يستمرأ فى سطوته وقهره ويجعل الجماهير مشلولة ومنبطحة أمام
إستبداده لعقود طويلة .

نشأة الإستبداد وتواجده هو نتيجة صراع
الحياة الطبيعى ليأخذ منحى باطش من قبل فرد على المجموع محاولا ً مُمارسة
سطوته وقهره عليهم مستخدما ً أدواته القهرية للإستئثار بمصالح خاصة أنانية
ووضع تمايزى .. وفى كل الأحوال يكون المُستبد تعبير عن طبقة أو نخبة تجد
مصلحتها فى الهيمنة من خلال البطش الشديد لشرائح إجتماعية عريضة .
الإستبداد
يبدأ بفكرة تريد الهيمنة على الآخر تخفى وراءها رغبة المُستبد فى إستيلاب
الآخرين حريتهم وحقوقهم متكئا ًعلى العنف والقهر فى تحقيق ذلك لتصبح واقع
يُراد له أن يترسخ من خلال شيوع منهج فكرى يضمن له الإستمرارية والرسوخ
...فعلى سبيل المثال ما الذى يجعل العبيد راضخين للسيد هل لأنه أخذهم عنوة
وقهرا ً.. بلاشك أن هذا كان فى البدايات ولكن ماذا بعد ذلك ؟ لماذا لم
يثوروا ؟ ولماذا لم يثور أولادهم وأحفادهم لعقود طويلة ؟!!
لا يكون
الخوف هو العامل الوحيد ولكن لشيوع أفكار ومناهج فكرية وجدت سبيلها فيهم
لتشرعن للعبودية وتربطها برغبات إلهية فهكذا هى إرادته - ( ايها العبيد
اطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح. 6 لا
بخدمة العين كمن يرضي الناس بل كعبيد المسيح عاملين مشيئة الله من القلب 7
خادمين بنيّة صالحة كما للرب ليس للناس - أفسس، 6 5 ) - وعليه يتم إنتزاع
روح المقاومة والثورة ليحل مكانها روح الإستسلام والخنوع كقدر محتوم ولتسير
الأمور فى المنحى الذى يريده السيد المُستبد .

هكذا أى حدث فى
الوجود يجد الحضور عندما يحيطه سياج من الأفكار تجعل لها تواجد بدون أن
تكون القوة الباطشة هى كل مفراداتها .. فالإنسان تعامل بالإستبداد والقهر
منذ خطت قدمه الأرض وغلف إستبداده بأفكار وأيدلوجيات وأديان يسرت له قهر
المجموع .. فتلمح تَحلى الإستبداد بغطاء دينى فى معظم الأحيان فالطاغية هو
الإله أو ابن الآلهة أو قد تجده يرتدى أيدلوجيات فكرية ذات أثواب كثيرة ما
بين عنصرية وقومية وعرقية وشيوعية .

الإستبداد فى عالمنا العربى
الإسلامى هو نتاج تراث دينى هائل وجد له الحضور فى نفوسنا فخدر قدرتنا على
المقاومة والثورة بل يمكن القول بأن المنظومة والفكر الدينى هى تعبير عن
فكر إستبدادى الهوى والهوية فهو ليس طارئا ً بقدر ما يدخل فى النسيج
الداخلى البنائى للدين .!

* منشأ البذرة الأولى للإستبداد .

الإستبداد
يبدأ بفكرة تتحصن داخل منظومة فكرية تمنحه المدد والديمومة , فلو تأملنا
فكرة الإيمان بالإله الواحد نجدها فكرة إستبدادية فى بنيتها التأسيسية
مقابل فكرة تعدد الإلهة .. فالأولى فكرة إستقصائية مُستبدة والثانية تقبل
الرحابة والتعدد .
بداية ً يَجدر الإشارة بأن فكرة الإله الواحد لا توجد
أدلة دامغة أوإثباتات أو شواهد تؤكدها فأنت لا تستطيع إثبات وجود إله واحد
كحقيقة مطلقة لا تقبل الجدل بل هى لا تتعدى كونها فكرة مبنية على رؤية
ظنية إستنتاجية فقط وجدت حضورها فى ذهن إنسان له وعى ما .. وكذلك فكرة
تعدد الآلهة لا تستطيع بالمثل أن تؤكدها وتعتبرها حقيقة مطلقة .
بالطبع
ليس هى دعوة لتمجيد فكرة تعدد الآلهة بقدر ماهو بحث فى أثر الفكرة على
الإنسان لذا نجد أن الأديان التى سوقت لفكرة الإله الواحد إستبدت بهذه
الفكرة عن المعتقدات التى إعتمدت تعدد الآلهة ..فهى رفضت بشدة وجود أى
آلهة أخرى وأعتبرت أن المؤمنين بالتعدد هم ضالون منبوذون لتبدأ بملاحقتهم
بالنفور والكراهية والإضطهاد وتصل فى أسقفها الأعلى للعداوة والعنف و العزل
من الحياة .

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ
الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا
يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . (الأنفال 39).
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ
الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ
وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا
وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . (التوبة 5).
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا
حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ
وَهُمْ صَاغِرُونَ
(التوبة 29).
وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ
الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ
مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ
وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ
وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا
يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي
عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ. تثنية 20 :
16

ولنسأل هنا حتى لو كانت فكرة وجود الله الواحد حقيقية فلما
الاستبداد بها وما شأن المؤمن بإله واحد بمن يعتقد بتعدد الآلهة ليمارس
عليه النبذ والكراهية بل القهر والعداء !!..ثم ألا يُعتبر ممارسة قهر
الآخر وعدائه هو نسف وتناقض لفكرة حرية الإختيار الموصوم بها الإنسان وعلى
أساسها ستتم المحاسبة فى العالم الآخر فرضا ً.!!

وكنتاج أن فكرة
الإله الواحد فكرة مُستبدة مُوغلة فى إستبدادها فهى تمد دوائرها فلا تقبل
أى صورة مغايرة للإله فى داخل المنظومة الإيمانية التوحيدية فأى دين توحيدى
يستبد بفكرته ورؤيته عن الإله الواحد للدرجة أنه يُكفر أو يُصنف الأديان
التوحيدية الأخرى فى مصاف الأديان الوثنية !!..وتتمادى الفكرة فى
إستبدادها الغريب وتعنتها فتقصى حتى المذاهب والرؤى المختلفة داخل الدين
ذاته . !!!

هنا الإستبداد يتأسس كفكرة مستقصية لأى فكرة أخرى فارضة
هيمنتها وسطوتها لتجد حضورها فى فكر المؤمن إما نفورا ً أو كراهية أو عداء
تجاه الآخر الغير مؤمن ليتأسس فى الداخل الإنسانى منهجية سلوك إستبدادى
مُتعسف بل يتم التعاطى معه كسلوك طبيعي غير مُُستهجن بل قابل للممارسة
خالقا ً للبذرة الأولى لفكر مانح للإستبداد الوجود والتواجد ومتغلغلا ً فى
الوجدان والضمير ليُحول المؤمنين لمشاريع إستبدادية بعيدة تماما ً عن أى
مفردة من مفردات الحرية .

الأديان مارست طوال تاريخها سطوة وإستبداد
على كل مخالفى النموذج المؤطر للإله والدين بل وللمذهب أيضاً والبحث فى
هذا الأمر غير مُرهق مابين نصوص وقصص مقدسة إلى ممارسات مريرة طوال التاريخ
الإنسانى كمشاهد إحراق المهرطقين والسحرة على يد الكنيسة إلى الحروب بين
الكاثوليك والبروتستانت إلى التراث والتاريخ الدموى العبرانى والإسلامى
الطويل الذى لم يخلو ركن فيه إلا أمدنا بثروة هائلة من ممارسات إستبدادية
وقهرية للآخر .

تمنح فكرة الإله الواحد وإطلالتها المستبدة رحابة
للمؤمنين فى أن يُمارسوا الإستبداد على أوسع نطاق فعلى سبيل المثال نأخذ من
التراث الإسلامى حديث أبي الهياج الأسدي قال: عن علي بن أبي طالب قال :
(ألا أبعثك على ما بعثني به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع وثنًا
إلا كسرته ولا صورة إلا طمستها ولا قبرًا إلا سويت.)
ومن التراث
العبرانى نجد آية 2من سفر التثنية :- تخربون جميع الاماكن حيث عبدت الامم
التي ترثونها ألهتها على الجبال الشامخة وعلى التلال وتحت كل شجرة
خضراء...ومن تثنية 7 : 25 - وَتَمَاثِيل آلِهَتِهِمْ تُحْرِقُونَ
بِالنَّارِ. لا تَشْتَهِ فِضَّةً وَلا ذَهَباً مِمَّا عَليْهَا لِتَأْخُذَ
لكَ لِئَلا تُصَادَ بِهِ لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِكَ .
هذا
قطرة من غيث لتراث يهيمن بفجاجة خالقا ً فكرا ً وسلوكا ً مُستبداً وقاهرا ً
للآخر الغير مؤمن ..ليعتدى على رموزه بقهر مُمنهج وغير مُبرر ولكن يجد
حضوره فى نفس بشرية تم إعدادها على ألا وزن لحرية وكرامة الآخر .

* فضاءات الإستبداد .

دوائر
الإستبداد تتسع لتتيح مشاركات إستبدادية متعنتة تشمل أى سلوك غير مرضى
عنه فنجد حديث عن رسول الإسلام : «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم
يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»
هذا الحديث
يتيح لكل مؤمن فضاءات واسعة لممارسة الإستبداد فعلا ً وسلوكا ً ليخلق حضور
قوى فى ممارسات متعنتة إستبدادية فالمؤمن مُكلف بالتعدى على إمرأة غير
محجبة أو مسلم يعزف عن الصلاة أو يفتح متجره اثناء الصلاة أو أى مكان
يتراءى له أنه مُفسد كمحلات بيع الخمور او تداول شرائط الفيديو أوخلافه .
لقد تعلم المؤمنين ان يكونوا مستبدين فلا مجال هنا لمعنى وقيمة حرية الآخرين .

الفكر
الدينى الذى مَنهج الإستبداد أطلق العنان لقطاعات عريضة أن تُمارس
الإستبداد والقهر ويتمثل هذا فى هيمنة ذكورية واضحة السلوك والفعل تجاه
المرأة ..فالتراث الدينى حافل بالإمتهان للمرأة والسيادة المتفردة للرجل
لتتغلغل هذه المفاهيم فى الذهنية وتجد حضورها فى مُمارسة مستبدة واضحة
الملامح تكتسى كل الممارسات فيها بالقبول وعدم الإستهجان !! ..وهنا
الإشكالية فقد تبلد الوعى عن إدراك ملامح الإستبداد والقهر بل وجد سبيله
لممارسة قطاعات عريضة من الرجال .
بالطبع ليس هنا مجال تعديد الصور
البشعة للإستبداد الذكورى فهى واضحة للعيان ولكن يهمنا أن نذكر بأن هناك
فعل وصاية واضحة للرجل على المرأة وإلغاءها وتهمييشها وهو ما يقوم به
الحاكم المستبد الذى هو رجل فى الأساس تدرب على ممارسة إستبداده على المرأة
كأخت وأم وزوجة فلن يكن من الصعوبة بمكان أن يزيد من مساحة إستبداده
ووصايته .

يضاف إلى ذلك فقه الولاية والذى يمارس الإستبداد بشكله
الفج من خلال العزل والإقصاء فلا ولاية للمرأة على الرجل ولا ولاية للكافر
على المؤمن فماذا نتوقع بعد تسلل هذه المفاهيم فى النفس والعقل ألا تخلق
أجيال من المستبدين وتربة قادرة على إنتاج المزيد بل حالة من البلادة
الفكرية يتوه فيها تعريف الإستبداد أو إدراك لقيمة للحرية .

الفكر
الدينى لا يكتفى بخلق المستبدين من خلال منظومته المُشبعة بفكر الهيمنة
والقهر ولكن فى المقابل هو ينتج البشر الذى يتم تهيئتهم لقبول الإستبداد
لتكتمل المنظومة فالمرأة يتم سحقها ويُصدر لها أن مفاهيم أن الإستبداد
الذكورى هو شرع الله لترضخ المسكينة أمام سطوة إستبداد الذكر وإستبداد النص
الذى هو ذكورى فى الأساس ,لتفقد أى قدرة على المقاومة .. وتبلغ المآساة
قمتها عندما نجد إنبطاح وإستعذاب للمرأة لهذا الإستبداد .!!
عندما ترتدى
عشرات الملايين من النساء العربيات النقاب والحجاب رغما ً عنهن تحت
إستبداد الأب والأخ والزوج ويتكيفن على ذلك .. فلا تسأل لماذا نخضع
لمستبدينا ففكرة الحرية غير واردة فى القاموس العربى وتم تجرع القهر منذ
البدء .

عندما نتأمل فى مفهوم الطاعة الذى يتم تأكيده بآية " يا
أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم " سنجد أنه
فتح الطريق أمام المستبدين ليمارسوا إستبدادهم محصنين بمقولة " أولى الأمر "
.. ولكن قد يعترض البعض بأن المقصود بالطاعة هو إلتزام الحاكم بشرع الله
ولكن هذا الأمر يأخذ جدالا طويلا ولا يمكن حسمه فالمُستبد سيجد ما يبرره
بأنه ينفذ شرع الله وسيحضر جيش من الدعاة الذين يبررون موقفه .. وهاهم
الأخوان المسلمين فى إحدى تصريحاتهم يتنازلون عن آية فرض الجزية على
الأقباط بالرغم انها آية قرآنية واضحة المعانى .. ولا تعرف هل هى تقية
منهم أم إنصراف عن شرع الله .

حتى فكرة الشورى والتى يتم الغناء بها
كنموذج للحرية وتعدد الأراء ومنع الإستبداد تحمل فى طياتها نموذج مثالى
لفكر الإستبداد فهى غير مُلزمة للحاكم فمن الممكن أن يصرف النظر عن فريق
الشورى ليصبح غيثهم كله هباء .
فالآية التي أمرت بالشورى:
]وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ[ (سورة آل عمران: الآية 159)، يعقبها مباشرة
قوله : ]فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ[ (سورة آل عمران:
الآية 159)، فمن هذه الآية يتبين أنها غير مُلزمة بإتباع رأي أهل الشورى بل
على ما يراه ليعزم عليه وإذا رجعنا إلى صدر الإسلام سنجد أن الرسول لم
يأخذ بمشورة أصحابه فى حادثة أسر بدر وكذلك أبا بكر الذى لم يأخذ بشورى
الصحابة فى المسألة الشهيرة بقتال المرتدين أو أهل الردة.

وقد
يجد الإستبداد حضوره بالتسليم بالفكر الدينى الذى يقوم على الأقدار
المكتوبة ..فالمُستبد هو قدر من الله وترتيبه بل هو إختبار للمؤمنين على
الصبر والجلد وقد تنحو لجانب تخديرى يُسكن الآلام وينزع من الإنسان القدرة
على المقاومة إنتظارا ً لإنتقام الله من المستبد فى عالمه الأخروى أو
بمصيبة ستحيق به فى عالمه الأرضى .

عندما نجد الإستبداد له منظومته
ومنهجه وأدواته التى تتغلغل فى النفوس تحت مظلة القداسة ثم تتأكد بممارسات
فعليه تمنح الجميع فعل ممارسة الإستبداد وقهر الآخر لتجد حضورها دون
إستهجان بل كسلوك طبيعى تكتسى بمنحى العمل الطيب الصالح بل تنال المديح
والثواب بإعتداءك على معتقدات ورموز الآخر أو تمارس قهر وإستبداد فاشى على
المرأة أو تفرض ذاتها على سلوك وحرية وفكر الآخر أو تؤطر لمفهوم الولاية
والوصاية ..فى ظل هذا المناخ يكون أملنا فى إقتلاع الحكام المستبدين هى
أحلام بعيدة المنال لأن المنظومة الإستبدادية حاضرة متجذرة متغلغلة فى
تلافيف الدماغ إستبدادا ً وخنوعا ً بينما مُعرف وتعريف الحرية غير حاضر
وغير محترم ولا مقدر .

يمكن أن نقتلع مُستبد أغرق فى إستبداده ولكن
ليس معنى ذلك أن نقلع كل الإستبداد والمستبدين لأن التربة سخية لا تنضب عن
العطاء .. وهذا حتى لا نغرق فى الآمال بأن رحيل هذا الحاكم أو ذاك هو نهاية
عهدنا بالإستبداد فالتربة مُنتجة لنماذج أخرى يمكن أن تتلون ولكن لن تنتهى
عن الإفراز طالما هناك معين لا ينضب يستمد سخائه من الحضور القوى للتراث
الدينى فى عقل ونفس الإنسان الذى رضع وتعلم وتدرب أن يمارس الإستبداد لمن
تطوله يده ويتقبل الإستبداد والمستبدين بروح خانعة وعقلية مستسلمة .

لن
نخرج من هذه الكثبان الرملية إلا بنزع تفعيل التراث بمنهجه وشرائعه
وهيمنته وسطوته عن النفس البشرية وذلك بتصعيد الفكر العلمانى الذى يطرح
منظومته و رؤيته للحياة وبشيوع الفكر التنويرى أولا ً .. فأوربا فعلتها
فمتى نفعلها وسنجنى بعد ذلك كل الآمال المرجوة من حريات وديمقراطية وحقوق
إنسان .
قبل أن نفكر فى نزع حاكم مستبد علينا بتجفيف الينابيع التى تنتج
حكام مستبدون والنفوس التى ترضخ وتنبطح لتفقد روح المقاومة ..أن نقتل
الإستبداد كفكر ومنظومة قادرة على الإنتاج والإفراز ..أن نخلق إنسان بسيط
حر لا ينبطح أمام الإستبداد أو يمارسه ويستعذبه .
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

لدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 22) - استبداد الحكام العرب هو مُنتج طبيعى لتراث وتربة دينية خالقة وحاضنة ومُعتنية :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

لدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 22) - استبداد الحكام العرب هو مُنتج طبيعى لتراث وتربة دينية خالقة وحاضنة ومُعتنية

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: