القاهرة تعود لدورها الريادي
ايلي فوادا
2011-02-13
على نحو مفعم بالمفارقة، أعادت الثورة الشعبية مصر
الى مكانها الطبيعي في العالم العربي. مرة اخرى، مثلما كان في الماضي، عيون
العالم والمنطقة تتطلع الى التطورات الدراماتيكية في القاهرة. مرة اخرى
كما كان في الماضي تشكل مصر نموذجا للدول المجاورة وللمجتمعات الاخرى في
الدول العربية. ليست هذه هي الطريقة التي أراد فيها النظام في مصر استعادة
كرامته الضائعة، ولكن هذا هو الواقع.
العالم العربي شهد الكثير من
الانقلابات العسكرية، ولكنه لم يشهد ثورات شعبية. معنى الامر هو أن ليس
لدينا سوابق تاريخية. المرحلة الاولى للثورة تمت مع الاطاحة بمبارك، ولكنها
دخلت الآن المرحلة الاصعب والاهم لخلق نموذج سلطوي آخر.
هذه المرحلة
يمكنها أن تنتهي بالسيطرة التامة للنخبة العسكرية، ولكن من الصعب التصديق
بانه في القرن الواحد والعشرين لا يزال ممكنا خوض انقلابات عسكرية على نمط
الخمسينيات والستينيات. وعليه يبدو اننا سنشهد الآن بداية حوار بين الجيش
واحزاب المعارضة وحركات الاحتجاج حول طبيعة الترتيب السلطوي الجديد. على
هذا الحوار ان يؤدي الى اعادة صياغة شبكة العلاقات بين النظام والمجتمع. في
هذه المرحلة ستظهر أيضا شقوق في حركات المعارضة، التي ستنقسم حسب الاهداف
المتعارضة لزعمائها.
مسألة مركزية يخلقها الوضع الجديد تتعلق بمكانة
الاسلام ودور الاخوان المسلمين. يمكن الافتراض بانه في ضوء الدور المركزي
للجيش وفي ضوء وجود منظمات علمانية ذات وزن، لا يمكن أن نرى في ايران
النموذج المتوقع لمصر. السلام مع اسرائيل لا يوجد الآن امام خطر، وبالتأكيد
طالما يسيطر الجيش. ولكن الثمن من شأنه ان يكون بالفعل سوءا آخر في
العلاقات. ميدان التحرير، الذي رمز في الماضي الى التحرر من الطغيان
البريطاني، يرمز الآن الى التحرر من طغيان مبارك. في المدى القصير ستدخل
مصر في مشاكلها، ولكنها ستعود بفضل الثورة الى دورها الرائد في الساحة
العربية.
' بروفيسور في دائرة الدراسات الاسلامية والشرق الاوسط في الجامعة العبرية
يديعوت 13/2/2011