قراءة في خطاب أوباما بالقاهرة:
الكلام الجميل لن
يغيّر الوجه البشع للامبريالية
22 جويلية 2009
وجه باراك أوباما خطابا إلى المجتمعات
العربية والإسلامية من مصر ذات النظام العميل للامبريالية الأمريكية
والمهادن والمطبع مع الكيان الصهيوني والذي ساهم بصفة رئيسية في حصار الشعب
الفلسطيني وشن حرب مدمرة على عليه عبر إغلاق معبر رفح.
وتناولت وسائل الإعلام بالتحليل خطاب
أوباما واختلفت الآراء بشأنه بين من يرى فيه تحولا إيجابيا في سياسة البيت
الأبيض وبين متحفظ ومعارض في انتظار الإنجازات الميدانية والفعلية.
1 – خطاب ذو توجه
دينيغلبت على الخطاب المسحة الدينية
والاستشهاد بالآيات القرآنية وإبراز دور الإسلام في تقدم البشرية عبر
التاريخ، فتحدّث عن البوصلة والجبر والطباعة والأشعار والموسيقى... مبرزا
"المبادئ السمحة للدين الإسلامي" داعيا إلى حق المرأة في ارتداء الحجاب وفي
التعلم والشغل، منوها بالأنظمة الداعية إلى حوار الأديان (تركيا،
الأردن..) دون أن ينسى رفضه للتطرف الديني و"الإرهاب" الذي تمارسه "جماعات
إرهابية" باسم الإسلام.
2 – الدوافع
الاقتصادية للخطابيعيش النظام العالمي الجديد أزمة اقتصادية
هي الأخطر في تاريخ الامبريالية الأمريكية أفلست معها الشركات والبنوك
والبورصات في مختلف أنحاء العالم. كما ساهمت الحرب على العراق وأفغانستان
في إرهاق ميزانية الولايات المتحدة نتيجة الإنفاق على التسلح وصعوبة نهب
ثروات العراق بسبب الوضع الأمني. وهذا ما جعل أوباما يعِدُ في خطابه بسحب
جيوشه من هذا البلد سنة 2012 إذا سمحت "الظروف الأمنية بذلك". كما وعد
الأنظمة العربية بمزيد الدعم المالي والاقتصادي مشيدا بالنظام المالي بدبي
الذي تجاوز الاعتماد على النفط موهما العامل الإسلامي بعدم حيوية حقول
النفط في الشرق الأوسط بالنسبة للاقتصاد الأمريكي متناسيا أن النفط كـان
ومازال السبب الرئيسي وراء الاحتلال والتهديد بشنّ الحرب على إيران.
إن الفشل العسكري والخسائر المادية
والبشرية في العراق بفضل المقاومة أجبرت الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة
أوباما على تغيير خطابها للظهور بمظهر القوة المدافعة عن حق الشعوب في
الحرية والعدالة والتنمية إلى آخر الكلام المعسول محاولا التباين مع سياسة
بوش الفجة المرتكزة على مقولات "صراع الحظارات" و"الحرب الاستباقية"
ومكافحة "محور الشر"، إلخ.
3- الخلفية السياسية
للخطاب:أطنب أوباما في الحديث عن المساواة بين
الشعوب والأمم في المحاور السبع من خطابه معلنا عن بداية جديدة تعتمد
المصلحة المشتركة لأن الخطر المشترك هو التطرف الديني في حين نعلم أن
القاعدة وطالبان هم صنيعة الأمريكان حين اقتضت مصالحهم التحالف معهم زمن
الحرب الباردة لضرب التواجد السوفياتي في أفغانستان.
وفي "سياسته الجديدة" أعلن أوباما دعمه
لحل الدولتين في فلسطين المحتلة محاولا محو الصورة الراسخة لدى شعوب العالم
عن الامبريالية الأمريكية عدوة الشعوب وداعمة الكيان الصهيوني عسكريا
وماديا ومساويا بذلك بين الضحية والجلاد حين تباكى على "الضحايا الأبرياء
بإسرائيل" نتيجة القصف الصاروخي من غزة مذكرا بالمحرقة النازية ضد اليهود
دون أن يذكر الجرائم الصهيونية ضد الفلسطينيين الأبرياء في غزة ولبنان
واحتلالها للجولان وامتلاكها للسلاح النووي مؤكدا على الروابط الثقافية
والتاريخية بين أمريكا وإسرائيل داعيا إلى التسوية عبر صيغة الدّولتين
مطالبا الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان، والمقاومة الفلسطينية بوقف
المقاومة واتباع طريق "السلام" والالتزام بالاتفاقات العربية السابقة أي
التطبيع والقبول بالأمر الواقع. كما جدد أوباما اعتراضه على التعذيب دون
تقديم اعتذار ودون فتح تحقيق في جرائم دولته في عهد بوش في غوانتنامو وأبو
غريب وغيرهما...
4 – الواقع سيكشف
زيف وعود أوباماإن الشعوب المضطهدة بقيادة قواها المناضلة
ضد الامبريالية وخاصة في الشرق الأوسط ستجبر أمريكا وبقية البلدان
الاستعمارية على كشف حقيقة مواقفها لأن مصالحها الاقتصادية تقتضي المراوغة
تحضيرا لشن الهجومات والحروب المدمرة وانتهاك سيادة البلدان. فالامبريالية
لن تكون صديقة للشعوب مهما تجمّلت وتاريخها الحافل بالجرائم يؤكد هذه
الحقيقة. والصراع الطبقي سيدفع بالإنسانية إلى تبني المشروع الاشتراكي
لتجاوز الأزمات الدورية والهيكلية للنظام النيوليبرالي الحالي ولن يتم ذلك
إلا بإسقاط الأنظمة العميلة والفاسدة عن طريق الثورات الشعبية وإقامة أنظمة
وطنية وديمقراطية تقطع مع الامبريالية والصهيونية وتؤسس لنظام عالمي جديد
في خدمة الشعوب.