الحديث عن مقايضات ينقل المشكلة إلى حضن دول
تكاليف
مرتفعة لفرضية إلغاء القرار الظني للمحكمة تترتب على سعي "حزب الله" الى الغاء القرار الظني المنتظر
أن يصدره المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان أو منع صدوره تكاليف مرتفعة
على مستويات عدة محليا وخارجيا. فعلى الصعيد الخارجي يعني تخلي المجتمع
الدولي عن المحكمة وسط مخاوف على استقرار لبنان وانهزامه أمام الأسباب التي
انشئت من أجلها. فهي لم تنشأ بحسب مصادر ديبلوماسية للثأر لاغتيال الرئيس
رفيق الحريري بل من اجل ردع الارهاب. ولا يعتقد احد ان المجتمع الدولي يفكر
في هذا الأمر الذي يعد ادانة لمجلس الامن للمجتمع الدولي. وتاليا فان
الامر لا يعود الى المملكة العربية السعودية وحدها بل الى المجتمع الدولي
كلاً.
والكلفة الثانية يتحملها لبنان والثالثة الرئيس سعد الحريري
باعتبار ان تخليه عن العدالة لن يكون على حساب والده وحده بل سائر الشهداء
الذين اغتيلوا بعده علماً ان المحكمة قامت من أجل أن تضع حداً لمثل هذه
الاغتيالات نهائيا في لبنان. ومنع صدور القرار الاتهامي للمحكمة يعني سيطرة
"حزب الله" على البلد كليا في حين ان التهديد بـ7 ايار جديد هو الوصول
بالبلد الى الخلاصة نفسها وكثر يفضلون في هذه الحال تحميل الحزب مسؤولية اي
مغامرة عسكرية يقوم بها على التسليم له بواقع السيطرة على مقدرات البلد من
خلال انهاء المحكمة. اضف ان خضوع الرئيس الحريري للضغوط في هذا الاطار ايا
تكن الذريعة، وفي حال اخذت المواقف الاسرائيلية التحريضية كمستند ومرجعية
وفق ما بات عليه الامر اخيرا بالنسبة الى مواقف السياسيين في الحزب او
القريبين منه، يعني تخييره بين موقعه في رئاسة الحكومة والعدالة.
هذا
الامر يفتح الباب امام احتمالات عدة في مقدمها السؤال: هل يمكن ان يعمد
المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار الى اصدار القرار الظني الاولي حول
اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل الموعد المفترض في الخريف اي في الاسابيع
القليلة المقبلة؟
السؤل طرحه بعض المصادر افتراضاً أيضاً باعتبار انه في
حال صح كلام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ان القرار الظني
جاهز وينتظر في الادراج منذ سنتين الوقت السياسي المناسب، فان من مصلحة
القيمين على المحكمة ان يكون ردهم على كل ما يجري باستباق الموعد المفترض
واصدار القرار الظني.
ويشدد كثر على ضرورة ان يكون للمحكمة موقف من كل
ما يجري في ظل افتراضات تطالها على اكثر من مستوى بحيث سيكون من الصعب محو
هذه الافتراضات لاحقاً، وخصوصا ان الحملات عليها لن تتوقف ولو انها توقعت
سلفاً ان يكون رد الفعل مماثلا كما توقعت كل الدول المعنية والمتابعة بمعنى
ان هذا السيناريو التصعيدي كان واردا مع الاتهامات السابقة لسوريا يتكرر
الآن مع "حزب الله". وما يتوقع في هذه الحال ان تتهم المحكمة بالتسييس،
وهذه الاتهامات واقعة فعلا ولا جديد فيها، في حين ان صدور القرار الظني
ربما ينقل المشهد فوراً الى المرحلة التالية اي الى ما بعد القرار الظني
بدلا من ترك لبنان يعيش اشهرا من التهويل والتهديد لمنع صدوره.
هل هذا
الامر وارد أم ان المسألة مفتوحة على صفقات او مقايضات معينة؟
لا يعتقد
احد ان تأجيل القرار الظني كخطوة على طريق منعه من الصدور يمكن ان يسري
وفق ايحاءات وشروط مفادها ان الثمن او المقايضة تقضي بحماية الرئيس سعد
الحريري وقوى 14 اذار. فالمجتمع الدولي المعني بالمحكمة لا يقبل بهذه
المقايضة بل سيسعى الى صفقة او مقايضة من نوع آخر وليس بالضرورة مع "حزب
الله". ويشير البعض الى ضرورة العودة الى الصفقة التي عقدت مع ليبيا في
موضوع تفجير طائرة "لوكربي" لكي يتبين للمعنيين ان المسألة ليست بالسهولة
التي يعتقدها البعض وهي غالبا تعقد مع دول. والدول المعنية في هذا الاطار
هي سوريا وايران التي اشار رئيس مجلس الشورى فيها علي لاريجاني ان خطة
"اميركا الحالية تقضي بالضغط على ايران و"حزب الله" حتى تفسح في المجال
للكيان الصهيوني ان يطرح خطة زائفة للسلام". فهل ثمة صلة او تخوف من صلة
بين الامرين ام خشية من ابعاد سوريا عن ايران وفق ما توحي بعض التصريحات
وربما الطموحات على رغم استبعاد الواعين لهذا الموضوع هذا الامر ما لم يحصل
تغير جذري في المنطقة؟
الاسئلة كثيرة والاجوبة عنها ضبابية وغير موجودة
في غالب الاحيان حتى اشعار اخ