[rtl]
عظم القضيب لأحد قردة المكاك[/rtl][rtl]يعود التطور ليدخل من جديد في مسارات متعرجة، حتى فيما يتعلق بوجود مسبق لعظم القضيب عند الإنسان، فبينما تمتلكه معظم الرئيسيات (الأسلاف والقردة)، نجده قد اختفى كلياََ عند الانسان.
للنظر في الموضوع عن كثب، استطاع باحثون من التوصل إلى تفسير لهذه المرحلة من التطور، والذي بدوره قد يخيب آمال بعض الناس.
عظم القضيب هو واحد من أكثر أنواع العظام غرابة. يتأرجح العظم وحيدآٓ في نهاية القضيب السفلى مع انعدام أيّ اتصال بينه وبين باقي أجزاء الهيكل العظمي.
تمتلك معظم الثديات هذا العظم، فقط الإنسان هو الوحيد الذي لا يمتلكه، أو بالأحرى.. لم يعد يمتلكه! ففي وقت ما من مسيرة التطور فقد الإنسان هذا العظم الاستثنائي.
[/rtl]عظام قضيب لثدييات مختلفة، تتفاوت احجام عظم القضيب من نوع بيولوجي إلى آخر بصورة واضحة – صورة لـZuma/REX [size][rtl]
يعد عظم القضيب مهماََ للغاية؛ فهو يتيح للحيوان الذكر إمكانية الحصول على عملية جماع طويلة مع الإنثى من النوع ذاته. إلى جانب الكلاب والقطط والخفافيش والفقمات ينتمي أيضاََ أولاد عم البشر: الشمبانزي والغوريلا إلى ممتلكي عظم القضيب المحظوظين، ولكن ما يثير الحيرة هو عدم امتلاك الإنسان لجهاز الانتصاب العظمي ذاته.
لتوضيح الأسباب الرئيسيّة لاختفاء هذا النوع من العظام عند الانسان يجيب الباحثان Kit Opie وMatilda Brindle من جامعة لندن عن أهم النقاط المتعلقة بهذا التغيير في دراسة تحت عنوان ”وقائع الجمعية الملكية“ (proceedings of the Royal Society).
[size=36]كلما زادت المنافسة، كلما كان حجم عظم القضيب أكبر[/size]
وفقاََ للدراسة المنشورة من قبل الباحثين فإن عظم القضيب قد تواجد عند الثديات منذ أكثر من 95 مليون عاماََ—أي في الوقت الذي حكمت به الديناصورات الأرض—بل وظهر هذا العظم عند الرئيسيات الأولى (أسلاف البشر) قبل حوالي 50 مليون عاماََ، تتفاوت احجام عظم القضيب من نوع بيولوجي إلى آخر بصورة واضحة، فعلى سبيل المثال يبلغ طول عظم القضيب 5 سم عند قرد المكاك، بينما يبلغ طوله عند قرد البونوبو 8 مم فقط.
[/rtl][/size]
قردة البونوبو [size][rtl]
الباحثان Opie وMatilda توصلا إلى الاستنتاج أن الرئيسيات التي تمتلك عظم القضيب الطويل تدوم لديها عملية الجماع لمدة أطول مقارنةََ مع غيرها من باقي الأنواع، ويعني الباحثان بذلك أكثر من 3 دقائق.
السبب وراء هذا الأمر يعود إلى أن أنثى الحيوان يجب أن تبقى خلال وقت الجماع محمية وبعيدة عن متناول الذكور الآخرين المنافسين، لكي تستطيع نِطاف الذكر المُجامع شق الطريق لتلقيح إحدى البيوض بهدوء وبالتالي ضمان النسل. في تلك الأثناء يعمل عظم القضيب على تثبيت العضو التناسلي الذكري للحفاظ على أطول مدة انتصاب ممكنة. أما في حال انعدام التنافس وعدم وجود الحاجة لابقاء الأنثى بعيدة عن المنافسين الآخرين خلال فترة الجماع؛ يبدأ عظم القضيب وفقاََ للباحثين بالضمور تدريجيا حتى يختفي.
لا يتجاوز عظم القضيب الموجود عند الشمبانزي حجم ظفر يد الانسان. تقوم الإناث في مجموعات الشمبانزي بمجامعة كافة الذكور منها فتتبع بذلك استراتيجية لتحمي صغارها ولتبقيهم بعيدين عن الذكور الأكبر سناََ (في هذه الحالة يفقد الذكر القدرة على تحديد هوية الصغار فيتجنب قتلهم خوفاََ من أن يكون هو والدهم الحقيقي). في حالة الشمبانزي يمكن القول أنه لا يوجد خوف عند الذكور من المنافسين الجنسيين لذلك تكون عملية الجماع عادة قصيرة جداََ لتبلغ فقط بضع ثوانٍ، ولذلك يرجع ايضا سبب صغر حجم عظم القضيب عنده.
[size=36]العملية الجنسية البشرية قصيرة مقارنةََ بما سبق[/size]
[/rtl][/size]
صورة لـRob Lee من موقع فليكر [size][rtl]
أما بالنسبة للإنسان فيرجح سبب اختفاء عظم القضيب لدى الذكور إلى ظهور نوع جيد من أنواع السلوك الإجتماعي لدى الجنسين، الذي بدوره قد قضى على ما تبقى من عظم القضيب الضامر الموجود عند أسلاف البشر القدماء ألا وهو: الإنتقال من النمط المعيشي ذو الزواج المتعدد (polygamy) الى النمط المعيشي ذو الزواج الأحادي (monogamy).
يرجح العلماء أن يكون النمط المعيشي الجديد (الزواج الأحادي) قد بدأ بالظهور قبل حوالي مليوني عام؛ أي عندما ظهر الانسان المنتصب (Homo Erectus)، فبدلآَ من ممارسة الجماع المتعدد قام الإنسان القديم باختلاق مبدأ الإخلاص. وفقا للباحثين أصبح بعد ذلك من المستبعد جدا أن تسلّم إمرأة نفسها لرجل آخر غير زوجها.
في الوقت ذاته لم يعد الاحتياج لحجز أنثى والتنافس عليها موجودا من قبل الذكور، فأصبح امتلاك عظم القضيب لأجل مدة انتصابٍ طويلة أمرا ذو أهمية قليلة.
[size=36]أيعني ذلك الآن أن ذكر الإنسان يحصل على عملية جنسية قصيرة مقارنةََ بأسلافه؟[/size]
نعم! تجيب Brindle: ”تبلغ المدة الوسطية، بدءآٓ من الإيلاج وحتى القذف، أقل من دقيقتين عند الذكور“ مستندةََ إلى تقارير كينسي (Kinsy Reports) في كتابه (السلوك الجنسي عند ذكَر الإنسان)، إضافة إلى العديد من الباحثين من عام 1948. في المقابل وجدت دراسة أخرى سنة 2005 أن العملية الجنسية تدوم في المتوسط 5.4 دقائق في الوقت الحاضر عند البشر.[/rtl][/size]