ولادة صاروخ(*)
هل منظومة الإطلاق الفضائية، التابعة لوكالة الطيران
والفضاء الأمريكية، هي جزء طائر من أموال الكونگرس السياسية،
أم إنها أفضل فرصة لنا لإرسال إنسان إلى الفضاء السحيق؟
باختصار
بعد إلغاء برنامج كنستِليشن الذي كان خلفا لمكوك الفضاء لدى ناسا، قررت الولايات المتحدة الاعتماد على متعاقدين من القطاع الخاص للوصول إلى مدار منخفض حول الأرض، وأخذت على عاتقها بناء صاروخ خاص بها، أي منظومة الإطلاق الفضائية (SLS)ا(1) من أجل إرسال طاقم وحمولة إلى الفضاء البعيد.
ونظرا لاعتماد المنظومة SLS على مكونات المكوك، وبسبب دعمها بحماس شديد من قبل سياسيين من ولايات يمكن أن تستفيد من المشروع، سُمِّيت «صاروخا بلا وجهة(2)»، أي إنها مجرد مشروع وظائف يدعمه الكونگرس من دون هدف، مع احتمال ضعيف للتحليق الفعلي.
إلا أن العمل في المنظومة SLS يسير وفق الخطة والميزانية الموضوعة. وخطة المهام هي قيد الإعداد، وأول تحليق مبرمج سوف يكون في عام 2018. وعلى غرار أي مشروع يدوم عدة عقود من السنين، يعتمد استمرار المنظومة SLS على السياسة المستقبلية؛ فهل يمكن لهذا الجزء من المال السياسي الطائر أن يكون أفضل فرصة لنا للذهاب إلى المريخ؟ |
[rtl]في أعماق داخل منشأة عملاقة، ولكنها شبه مغمورة تابعة لوكالة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا NASA)، تقوم فرق عمل منذ سنوات عدة بتنفيذ مهام فضائية تحاكي مهام حقيقية إلى حد بعيد. وهذه ليست نظرية مؤامرة، بل هي الحكاية البائسة لمنشأة ميتشود للتجميع(3) التابعة لوكالة ناسا، وهي مجمع صناعي يقع في نيو أورليانز حيث بَنَت وكالة الفضاء أكبر صواريخها طوال العقود السابقة.
[/rtl]
[rtl]وبعد آخر تحليق لمكوك الفضاء في عام 2011، أُجِّرَت مرافق ميتشود الضخمة الشبيهة بالعنابر إلى استوديوهات هوليوود، وذلك بغية إيواء بعض أعمال إنتاج فيلم لعبة إندر(4) وغيره من أفلام الخيال العلمي.
[/rtl]
[rtl]إلا أن عددا كبيرا من مهندسي ناسا وغيرهم من العاملين انخرطوا في الآونة الأخيرة في إنتاج مهم جديد هنا يتمثل بمتابعة أعظم أيام الوكالة الخاصة بتحليق فضائي بشري. وعادت منشأة ميتشود إلى صناعة الصواريخ، لتكون مصنعا لأكبر المركبات الفضائية التي يجري بناؤها وأكثرها طموحا على الإطلاق: منظومة الإطلاق الفضائية (SLS)ا(1).
[/rtl]
[rtl]والمنظومة SLS هي صاروخ تأمل ناسا بأن يحمل طاقما من رواد الفضاء من القاعدة Cape Canaveralبفلوريدا إلى سطح المريخ في رحلة تدوم سنة تقريبا، مع شحنة من مهاجع الإقامة والعربات والإمدادات التي سوف يحتاجون إليها للبقاء بضعة أسابيع على الأقل متنقلين عبر الأتربة الصدئة هناك. وما زالت تلك المهمة بعيدة عن موعدها بنحو 25 سنة، لكن من حين إلى آخر، يمكن للـمنظومة SLS أن تحمل أشخاصا إلى قمر الأرض وإلى أحد الكويكبات asteroid، وأن ترسل مسبارا probe للبحث عن حياة, مثلا على يوروپا Europa، أحد أقمار المشتري. إنه مشروع غير مسبوق للترحال بين الكواكب، وهو أكثر المشاريع التي أخذتها ناسا على عاتقها جرأة.
[/rtl]
[rtl]فلماذا يبدو أن كثيرا من الناس يكرهون هذا المشروع؟[/rtl]
|
|
استعملت المحركات RS-25، التي صنعتها الشركة Aerojet Rocketdyne، في دفع مكوك الفضاء، وسوف تُستعمل قريبا لدفع مركبة ناسا التالية في استكشاف الفضاء البعيد، أيْ المنظومة SLS. |
استبدال المكوك(**)
[rtl]بعد النصر المذهل الذي حققه برنامج أپولو Apollo لاستكشاف القمر في ستينات وأوائل سبعينات القرن العشرين، كان من المفترض أن يجعل المكوكُ الوصولَ إلى مدار حول الأرض أمرا رخيصا وعاديا نسبيا. إلا أن متوسط تكلفته بلغت أكثر من بليون دولار للرحلة، ولم يحلق إلا بضع مرات في السنة، ومُني بكارثتين. وفي عام 2004، أي بعد سنة من تحطم المكوك كولومبيا (5) Columbia أثناء عودته إلى جو الأرض ومقتل سبعة أشخاص في ذلك الحادث، أمر الرئيس <جورج بوش الابن> وكالة ناسا بالاستعاضة عن برنامج المكوك ببرنامج مماثل لبرنامج أپولو، يعود بنا إلى القمر ومن ثم إلى المريخ. وقادت المساعي الناتجة، والمسماة كنْستليشن(6)، إلى تصميم صاروخي أريس Ares جديدين، وعربة إطلاق للطاقم، وصاروخ عملاق شبيه بصاروخ الشحن ساتورن Vا(7). لكنه بحلول عام 2011، وبعد إنفاق نحو 9 بلايين دولار، كان كل ما أنتجته كانستِليشن هو كبسولة طاقم أوريون(8) Orion التي صنعتها الشركة لوكهيد مارتين(9)، وصاروخ أطلق مرة واحدة للاختبار. بعد ذلك ألغى الرئيس <باراك أوباما> البرنامج ووجه ناسا إلى تركيز طاقتها في مهمة إلى أحد الكويكبات. وكان على الوكالة الالتفات إلى القطاع الخاص للحصول على خدمة مواصلات مدارية لنقل الحمولة والطاقم إلى محطة الفضاء الدولية.
[/rtl]
[rtl]ومع ذلك، فقد دفع كثيرون في الكونگرس بقوة باتجاه متابعة البحث عن صاروخ شحن ثقيل جديد قادر على إيصال أشخاص إلى القمر والمريخ. وكان الحل الوسط الناتج هو المنظومة SLS، أي صاروخ وحيد كبير لكل من الطاقم والشحن يمكن أن يستغني عن كثير من التقانات الجديدة المخططة للصاروخ أريس، ويعتمد بدلا منها على محركات مكوك الفضاء ومعززات دفعه(10) وخزاناته معظم مدة انطلاقه. أي إن المنظومة SLS هو صاروخ أريس منخفض التكلفة.
[/rtl]
[rtl]ومن البداية، كانت ثمة إصرار على المنظومة SLS، وذلك نتيجة لإدراك أن الكونگرس قد طبخها من أجل حماية الوظائف لدى ناسا والمتعاقدين الرئيسيين معها. فكتب محررو صحيفة الإيكونوميست في الشهر12/2014: «تتميز هذه المركبة بأنها أول صاروخ صممته لجنة من السياسيين بدلا من العلماء والمهندسين.» وسخِر بعض المنتقدين من المنظــومــة SLS معتبــريــن إيــاهــا «صـاروخ مال سياسي» أو «منظومة إطلاق لمجلس الشيوخ». وكان أعضاء الكونگرس الجنوبيون، الذين تمثل ولاياتهم مقرات للمنشآت الكبيرة التابعة لناسا وللمتعاقدين معها، الداعمين الأعلى صوتا للـمنظومة SLS في الكونگرس. فمن المؤيدين لها، على سبيل المثال، السيناتور <R. شيلبي> [من ألاباما] حيث يعمل نحو 6000 شخص في مركز مارشال للتحليق الفضائي التابع لناسا في Huntsville بألاباما، مقر إدارة المنظومة SLS، والسيناتور <D. ڤيتر> [من لويزيانا] مقر منشآت ميتشود التابعة لناسا حيث تنشر شركة بوينگ Boeing، وهي المتعاقد الرئيسي للمرحلة الأساسية من المنظومةSLS، عددا كبيرا من الأشخاص البالغ عددهم 1500 شخص يعملون في المشروع فعلا.
[/rtl]
[rtl]إنه برنامج - وصاروخ - كبير فعلا. ففي البداية سوف تكون للمنظومة SLS مرحلة نواة سفلية تدفعها أربعة محركات RS-25 من محركات مكوك الفضاء التي تستعمل الوقود المعتاد من الهدروجين والأكسجين السائلين. وسوف يلحق بكل جانب من مرحلة النواة صاروخ معزز يعمل بالوقود الصلب يوفر الدفع الإضافي اللازم لوضع الصاروخ الثقيل في الجو [انظر الشكل في الاطار "جدول زمني"]. وثمة مرحلة ثانية فوق الأولى تحل محلها عند ارتفاع 50 كيلومترا تقريبا، وذلك بغية دفع الصاروخ إلى المدار. وتتوضع كبسولة الطاقم أوريون فوق المرحلة الثانية. وسوف يكون الصاروخ، الذي يبلغ طوله 98 مترا، أقصر قليلا وأقوى من الصاروخ ساتورن V الذي حمل جميع المهمات المأهولة إلى القمر، وسوف يحمل شحنة تساوي ثلاثة أمثال الشحنة التي يحملها المكوك. ولم يصمم أي من مكوناته ليكون قابلا لإعادة الاستعمال. وعلى مدى العقد القادم، سوف تتضمن تحديثات الـمنظومة SLSمحركات ومعززات دفع أقوى. ويمكن للـمنظومة SLS النهائية القادرة على الوصول إلى المريخ أن تحصل على طاقة أكبر في مرحلتها العليا تعطيها ضعف الدفع المتوفر في النموذج الأول.
[/rtl]
[rtl]ويوجه المنتقدون تهمة مفادها أنه بتحديد أن تعتمد المنظومة SLS على مكونات المكوك، يكون الكونگرس قد ضمن الربح لمتعاقدي المكوك الكبار من الصناعات الجوية الفضائية. ويقول <P. ويلسون> [المحلل الرئيسي لبحوث الدفاع لدى الشركة RAND]: «مرة أخرى، تعمل شركة بوينگ كاللصوص،» ويزعم آخرون أن طريقة تدوير مواد المكوك سوف تجعل المنظومة SLS مثل صاروخ فرانكن المضطرب مع أجزاء مرقعة من برنامج ميّت. وقد أدى استعمال معززات دفع المكوك فعلا إلى مشكلة تتمثل بفجوات العزل الحراري، على سبيل المثال.
[/rtl]
[rtl]وتتباين تقديرات تكاليف المنظومة SLS النهائية كثيرا. فقد تنبأت ناسا علنا بأنه سوف تكون ثمة حاجة إلى 18 بليون دولار للوصول بها إلى أول إطلاق، منها 10 بلايين دولار للصاروخ نفسه، و66 بلايين دولار لكبسولة طاقم أوريون، وبليوني دولار لتجهيز قاعدة Cape Canaveral من أجل التعامل مع قواذف إطلاق المنظومةSLS (بالمناسبة، يعتبر السيناتور <B. نلسون> [من فلوريدا] مؤيدا قويا آخر للـمنظومة .SLS) إلا أن دراسة داخلية مُسرَّبة خرجت بتكلفة تزيد على 60 بليون دولار على مدى العشر سنوات القادمة. وتنبأ آخرون بأن إرسال طاقم إلى المريخ سوف يكلف ما يصل إلى تريليون دولار. ومع أن هدف ناسا المعلن هو 500 مليون دولار لكل إطلاق، لكن آخرين قدروا تلك التكلفة بما يصل إلى 14 بليون دولار حين تؤخذ جميع تكاليف البرنامج بالحسبان.
[/rtl]
[rtl]ويصر المنتقدون على أن الحكومة والجمهور لن يؤيدا البتة حماسة ناسا لاستكشاف الفضاء بكثير من مئات بلايين الدولارات التي سوف تتطلبها مهمات المنظومة SLS الكبرى. وطرحت عدة تحليلات في هذا الصدد، ومن ضمنها دراسة داخلية أجرتها ناسا، أنه يمكننا الذهاب إلى المريخ والفضاء البعيد من دون صاروخ دفع ثقيل. فقد يكون من الأرخص، وفقا لرأي البعض، الاعتماد على صواريخ أصغر مثل الصاروخ دلتا IVا(11) الذي استعمل طوال نحو عقد من السنين لإطلاق أقمار اصطناعية، ولشحن وقود ومكونات ومواد أخرى إلى مدار منخفض بالنسبة إلى الأرض من أجل بناء مركبات للفضاء البعيد، ومن ثم بناء المركبة الكبيرة هناك. ويقول كثيرون إنه إذا تبين أننا بحاجة إلى صاروخ عملاق، فلماذا لا نُحوّل المهمة إلى ما يسمى الفضاء الجديد(12)؟ فالشركة SpaceXمثلا، التي أسسها <E. ماسك> [رمز وادي السليكون] أبرمت فعلا مع ناسا عقود نقل إلى المدار باستعمال صواريخها الحسنة السمعة مثل فالكون 9(13). ويقول <J. پورا> [رئيس مؤسسة Space FrontierFoundation، وهي مؤسسة دفاع مكرسة لتشجيع استكشاف الفضاء]: «إن المنظومة SLS لا تضيف سوى تحسينات ضئيلة إلى التقانة التي طورت قبل أربعين سنة، وعلى ناسا أن تُعلِم القطاع الصناعي الخاص بنوع الشحنات التي تريد إرسالها إلى الفضاء البعيد، وأن توفر مقدارا محددا من المال لتلك المهمة وتترك أمر بنائها لشركات مثل الشركة .SpaceX» وتقوم هذه الشركة بتطوير صاروخ دفع ثقيل من فئة المنظومة SLS مزود بـ 27 محركا، وتعمل على محركات جديدة أقوى يمكنها، إذا نجحت، أن تسمح لذلك الصاروخ بأن يتجاوز حتى أكبر منظومة SLS منظورة. وتقوم الشركة SpaceX بتصميم جميع مكوناتها الرئيسية بحيث يمكن إعادة استعمالها؛ في حين لا تستعمل المنظومة SLS إلا مرة واحدة فقط.
[/rtl]
|
في وقت مبكر من السنة القادمة، سوف يقوم المهندسون لدى مركز ستنس الفضائي التابع لناسا في ميسيسيبي بإطلاق اختباري لمرحلة نواة المنظومة SLS التي يبلغ طولها 212 قدما (64.6176 متر). |
[rtl]وعلى الرغم من هذه الاعتراضات، ما زال التخطيط لمهام المنظومة SLS قائما. ففي أول تحليق في عام 2018، سوف يُرسل الصاروخ SLS وكبسولة أوريون من دون طاقم إلى مسافة أبعد من القمر. وفي تحليق آخر لم يبرمج رسميا بعد، سوف يكرر الأمر ذاته، لكن ربما بعد بضع سنوات، لإرسال طاقم إلى مسافة من الأرض أبعد من كل ما سبق. وما سوف يحصل بعد ذلك يعتمد في النهاية على قرار الكونگرس والرئيس الجديدين؛ أما الآن، فيجري التخطيط لرحلة مأهولة إلى أحد الكويكبات في منتصف عشرينات هذا القرن، تتبعها مهمة مأهولة إلى المريخ في الثلاثينات منه.
[/rtl]
[جدول زمني]
مركبة فضاء دائمة(***)
خلال العقود التي تلت آخر إطلاق لصاروخ ساتورن V في عام 1973، اختارت ناسا بناء مركبات صغيرة خفيفة غير قادرة على حمل بشر إلى الفضاء البعيد. أما الآن، وبعد أن أصبح المريخ تحت أنظارها، تقوم ببناء منظومة إطلاق فضائية (باللون الأصفر)، وهي سلسلة صواريخ مؤهلة لحمل البشر وتتصف بدفع أقوى حتى من دفع الصاروخ ساتورن V.
|
مَصنَع الصاروخ(****)
[rtl]وتختبر ناسا أكبر صواريخها في مركز ستنس الفضائي(14) الذي يقع ضمن شبكة من البحيرات والأنهار والروافد والقنوات بالقرب من أبعد رأس لنهر الميسيسيبي جنوبا. ولدى تجهيز أنفسنا بقبعات صلبة وقمصان أمان، أخبرني <T. بيرد>، الذي بقي نائبا لمدير ناسا هنا حتى تقاعده في الشهر 1/2015، أن ثمة ثلاثة أسباب لقرب المركز من الماء: فالأعمال فيه تتطلب الوصول إلى عَبّارات بحرية كبيرة وإلى خبرات في البناء البحري وكذلك إلى طريقة جاهزة لتبريد ألواح ضخمة من المعدن تتعرض لدرجات حرارة تصل إلى تلك التي توجد على سطح الشمس.
[/rtl]
[rtl]وتتألف كل منصة اختبار هنا من لوحة ضخمة من المعدن والإسمنت المسلح تبدو كبلاطة عرضانية مأخوذة من منتصف باخرة شحن عملاقة. لقد تسلقنا عبر إحدى المنصات، فرأيت في طريقي غرفةَ تَحكم لم تكن لتبدو في غير مكانها لو كانت في محطة توليد كهرباء سوڤييتية قديمة في خمسينات القرن الماضي، لأن معظمها يتكون من مقاييس ضغط بخارية وأقراص دائرية مدرجة ثقيلة. وعندما سألت عن سبب عدم تحديثها بلوحات رقمية، كان الجواب واحدا وسوف يُبرهن على أنه نوع من التعويذة التي تحمي البرنامج SLS: فقد استغرق تشغيل هذه الأشياء على نحو جيد عقودا على الرغم من المشكلات المستعصية والعوائق التي لا تحصى، فلم العبث بها؟
[/rtl]
[rtl]إلا أنني استطعت أن أرى من أعلى المنصة أن مركز ستنس ممتلئ بالتحديثات. فالقنوات والشوارع عدلت للتعامل مع أحمال كبيرة، ومنصات الاختبار نفسها جددت ودعمت لأن المنظومة SLS سوف تعرضها لإجهادات أكبر مما سببه أي صاروخ سابق، ويشرح <بيرد> قائلا: «إن القوى التي تنشأ هنا أشد من تلك التي تظهر أثناء الإطلاق الفعلي، لأن الصاروخ على منصة الاختبار لا يستطيع الإفلات من سحابة دخانه.» وخلال إشعال اختباري يدوم تسع دقائق تقريبا، تطلق آلاف الفوهات نفثات ماء عالية الضغط على جدران المنصة، ليس للتبريد، بل لتخميد الاهتزازات الشديدة التي لولا ذلك لعملت على تمزيق المنصة. وحتى قبل المنظومة SLS، لم يسمح ببناء منشآت للقطاع الخاص ضمن حدود 13 كيلومترا من المنصات، لأن موجات الصوت الصادرة عن الاختبار وحدها يمكن أن تصدعها. وسوف تولد محركات المنظومة SLS أقوى دفع صاروخي ظهر على الأرض على الإطلاق.
[/rtl]
[rtl]وعلى الطرف الآخر مباشرة من الحدود بين ميسيسيبي ولويزيانا، على بعد بضع ساعات عبر القناة (أو 45 دقيقة بالسيارة في حالتي)، تقع منشآت ميتشود التي زرتها في اليوم التالي. وخلافا لعزلة ستنس، تقع ميتشود في وسط منطقة صناعية على مشارف نيو أورليانز. ومن بعض النواحي، يعتبر موقع ميتشود مصنعا كغيره من المصانع، فهو يحتوي على محطات لحام ورافعات شوكية ورافعات برجية وصناديق قطع تبديل. فكل شيء فيه جاهز، ولكن على نطاق أوسع كثيرا.
[/rtl]
|
|
مقاطع أسطوانية تُجمع وتُلحم معا لتكوين أسطوانة طويلة سوف تعمل كقوقعة لمرحلة نواة المنظومة SLS. ويوجد داخل تلك القوقعة خزانان للهدروجين والأكسجين السائلين اللذين يمثلان وقود الصاروخ. وحاليا يقوم المهندسون لدى منشأة ميتشود للتجميع التابعة لناسا بإنتاج براميل «موثوقة» لاختبار متانة المكونات. |
[rtl]وفي الداخل، تتلألأ ميتشود. فإذا تجولت في هذا المجمع تراه زاخرا بكل أجزائه بعُدد وآليات جديدة: أذرع إنسالة(15) برجية تستطيع أن تتحرك بسرعة خاطفة، ومنصات على دواليب ووسائل مناولة كالرافعات البرجية تنقل برشاقة مكونات تزن عشرات الأطنان من محطة إلى أخرى، ومنظومات ترتيب للقطع تضمن عدم انتهاء المحرك، الذي يتألف من مئات آلاف القطع، بقطعة زائدة أو ناقصة. فعندما تبني آلة قوية كمحرك الصاروخ SLS، يجب أن يكون التفاوت قليلا جدا مع انحرافات التجميع. ويقول <P. ويپس> [أحد مديري ناسا في ميتشود]: «إذا أعلمتنا منظومة تتبع القطع أن واحدة من تلك الحلقات الصغيرة جدا قد بقيت من دون تجميع، أوقفنا العمل برمته إلى أن نجد السبب.»
[/rtl]
[rtl]إن كثيرا من المكونات التي سوف تركب في الصاروخ الذي يُصنع هنا، كانت قد صُنعت لمركبات أخرى. ويقول <W. گرستنماير> [معاون مدير ناسا الذي يقود جهودها البشرية لاستكشاف الفضاء]: «لن تكون لدينا مكونات مخصصة للمنظومة SLS فقط.» ويضيف <ويپس> أن تجهيزات وطرائق التصنيع الجديدة يجب أن تجعل صنع تلك المكونات أقل تكلفة بكثير مما كانت عليه في الماضي. وتتضمن التحديثات آلة لحام بالاحتكاك الدوراني(16) بحجم خزان ماء البلدية البرجي. ويمكن إدخال قطعتين من الصاروخ من خلائط الألومنيوم الضخمة في هذه الآلة الضخمة لتقوم المثاقب بجمعهما معا. إنها أكبر آلة من نوعها في العالم.
[/rtl]
[rtl]إن المنظومة SLS تتجاوز أيضا تقانة المكوك من نواح عدة أخرى. فلتحليل الإجهادات الناجمة فيها عن الارتجاجات الجانبية وغيرها من أوجه عدم الاستقرار الإيرودينامي(17) أثناء الصعود في الجو، استخدمت ناسا آخر ما تم التوصل إليه من برمجيات ديناميك السوائل. فمن دونها، كان على المهندسين إعادة تصميم الصاروخ لتوفير مزيد من مقاومة الإجهاد وتحقيق هامش أخطاء أكبر بكثير. ويضاف إلى ذلك أن إلكترونيات الطيران ووسائل التحكم الرقمي الجديدة، اللتين تعتمدان على شيپات حاسوبية(18) أحدث بعدة أجيال من تلك المستعملة في مكوك الفضاء، سوف تمكنان من تحليق مُؤتمت(19) وتحكم في المحركات يجعلها تستجيب بسرعة تزيد بمرات كثيرة للتغيرات المفاجئة والظروف الخطرة.
[/rtl]
[rtl]وسوف تحلق المنظومة SLS بمحركات متبقية من المكوك في التحليقات الأربعة الأولى، إلا أنه سوف تكون ثمة حاجة إلى صنع نماذج جديدة بدءا من عشرينات هذا القرن. ولتوفير تلك النماذج، تستعمل ناسا آلات سوف تنتج الآلاف من شفرات العنفات(20) التي لا يتعدى حجمها حجم القطعة النقدية، وذلك باللحام الليزري لمسحوق معدني كي يأخذ الأشكال الصحيحة، بدلا من تشغيلها إفراديا، وهذا ما يقلص مدة إنتاج الشفرات التي يحتاج إليها المحرك من سنة إلى شهر واحد. ويقول <گرستنماير>: «إننا نستعمل تحكما حاسوبيا في كل مكان لتقليص تكاليف اليد العاملة وتحسين الدقة.»
[/rtl]
|
ضمن خلية اختبار هيدروستاتية في ميتشود، يضخ المهندسون الماءَ في خزان الأكسجين السائل لفحص التسرب. وفي الصاروخ الكامل التجميع، سوف يتوضع خزان الأكسجين السائل فوق خزان أكبر منه للهدروجين السائل، ويفصل بين الخزانين مقطع يدعى «ما بين الخزانين»(21). |
المنظومة SLS تستحق البناء(*****)
[rtl]عندما يصل برنامج المنظومة SLS إلى أوجِهِ، سوف يكون الهدف إنتاج صاروخين في السنة على الأقل، وقد يصل ذلك العدد إلى أربعة، وهذا إنتاج كمي في عالم الصواريخ. إلا أن ذلك سوف يتعذر إذا لم تستطع ناسا إقناع الجمهور الأمريكي بأن المنظومة SLS تستحق البناء.
[/rtl]
[rtl]ويمكن التعامل مع الاعتراضين الكبيرين، وهما أن مبلغ 18 بليون دولار هو مبلغ كبير جدا ليصرف على صاروخ، وأننا ينبغي أن نصب اهتمامنا على إرسال مسابير probes وإنسالات robots إلى الفضاء لإجراء بحث علمي بدلا من البشر، على أنهما وجهتا نظر. فمبلغ 18 بليون دولار ليس كبيرا جدا على وسائل لإرسال بشر إلى كوكب آخر وإعادتهم إلى الأرض، فتكلفة تحسين تدفق الحركة المرورية في بوسطن من خلال «الحفريات الكبرى(22)» تفوق ذلك المبلغ بمقدار الثلث. وإنه لمن السهل الادعاء بأن ثمة طريقة أخرى لفعل ذلك، إلا أن نجاحات ناسا وسجلات الأمان لديها قد رفعت من سقف الشروط، ومن غير المحتمل للجمهور الأمريكي أن يقبل باحتمالات أعلى لإخفاقات كارثية من أجل تقليص ما يساوي بضعة أجزاء من الألف من الميزانية الاتحادية.
[/rtl]
[rtl]وفيما يخص الاكتفاء المسابير والإنسالات عوضا عن البشر، غالبا ما تطرح مسألة أن الكسب العلمي من المهمات الفضائية المأهولة بالبشر سوف يكون على الأرجح أكبر مما يمكن لمسبار أو إنسالة أن تحققه. غير أن المسوغ الحقيقي للرحلات الفضائية المأهولة هو اتخاذ إجراءات توسع الأرضية التي يمشي عليها الجنس البشري.
[/rtl]
[rtl]إن للمنظومة SLS كثيراً من المعجبين بها فعلا، ومنهم قيادة وكالة ناسا الحالية والعاملين فيها؛ وعدداً من خبراء الفضاء، وشريحة متنامية من الجمهور الأمريكي الذي أعجب كثير منه، في الشهر 12/2014، بالتحليق المداري الخالي من الأخطاء لكبسولة طاقم أوريون التي سوف توضع فوق الصاروخ SLS عندما تتوجه إلى الفضاء البعيد. وباستطاعة الخبراء منهم أن يدحضوا بسهولة دعاوَى المنتقدين، واحدة تلو أخرى.
[/rtl]
عندما يتعلق الأمر بإرسال طاقم من الأبطال إلى الفضاء البعيد على أجنحة انفجار يجري التحكم فيه بشق الأنفس، فإن قدرا معينا من النزعة المحافظة ليس شيئا سيِّئا بالضرورة. |
[rtl]هل نستعمل صواريخ أصغر لإرسال مكونات ووقود إلى الفضاء لتجميعها في المدار؟ ووفقا لحسابات <گرستنماير>، سوف تكون ثمة حاجة إلى نحو 500 طن من المواد لتنفيذ مهمة مأهولة إلى المريخ، وذلك إنجاز يمكن للـمنظومة SLS تحقيقه بأربعة إطلاقات، في حين أنه يحتاج إلى دستين من إطلاقات صاروخ دلتا IV الذي بلغ أقصى ما يستطيع تحقيقه. ويؤكد <گرستنماير> أن كلاًّ من تلك الإطلاقات يزيد من مخاطر البرنامج قليلا، لأن أسوأ الأمور تحصل على الأرجح في الدقائق الأولى من أي مهمة. وإطلاقات صاروخ دلتا عُرضة أيضا للتأخير الذي يتراكم من إطلاق إلى آخر. وكما يقول <گرستنماير>: «لقد استعملنا نهج الإطلاقات المتعددة مع مكوك الفضاء لبناء محطة الفضاء، وكانت النتيجة أنه استغرق عقودا.»
[/rtl]
[rtl]إلا أن أهم عيب محتمل لنهج الإطلاق على دفعات صغيرة برأي <گرستنماير> هو المقدار الهائل من أعمال البناء اللازمة في المدار، ومنها بناء أماكن الإقامة ومركبات التنقل بين الكواكب وخزانات الوقود. وتلك مهمة شاقة في ضوء خبرتنا المحدودة بالعمل الشديد التعقيد للتجميع في الفضاء. ويقول <گرستنماير>: «سوف يكون لديك عدد هائل من عمليات الالتحام؛ وسوف تقوم بالصناعة في الفضاء. وبالتأكيد، لن تعمل بعض القطع على نحو صحيح، وسوف يكون من الصعب إصلاحها هناك. إنها تضيف قدرا هائلا من التعقيد والخطورة.» وسوف يُمكِّن الحجمُ الكبير للمنظومة SLS من تحميلها أحمالا عشوائية كبيرة تصل أبعادها إلى 100 أمتار، مثل لوحات الطاقة الشمسية وصفائف الهوائيات، التي لولا ذلك لوجب أن تطوى على نحو معقد، ومن ثم تكون أكثر عرضة للأذى والتعطل.
[/rtl]
[rtl]وثمة مزية كبيرة أخرى لطريقة الرفع الثقيل، وهي أن بعض الدفع الإضافي للصاروخ الكبير الحجم يمكن أن يحول إلى سرعات أعلى تجعل المركبة الفضائية تصل إلى وجهاتها بسرعة أكبر. وذلك واحد من الاعتبارات المهمة بالنسبة إلى المهمات المأهولة إلى المريخ، حيث يفرض التعرض للإشعاع ومتطلبات الإمداد حدودا عليا صارمة على مدة المهمة. وتستفيد المهمات الإنسالية البعيدة المدى من ذلك أيضا، لأن التخطيط لمهمات المتابعة يجب أن ينتظر وصول بيانات من المهمات السابقة بغية تعظيم العائدات العلمية. وهذا ينطوي على تأخير كبير في حالة تعدد الإطلاقات الخفيفة. ونظرا لأن طاقة المنظومة SLS كبيرة، فإنها تستطيع إرسال مهمات إلى الفضاء البعيد باستعمال وقودها الخاص بها، والاستغناء عن القذف القائم على جاذبية الكواكب الذي اتبع في مهمات ڤويجر Voyagerوگاليليو Galileo.
[/rtl]
[rtl]ويقول <S. هبارد> [الأستاذ الاستشاري للطيران والتحليق الفضائي من جامعة ستانفورد]: «إن المنظومةSLS سوف تقلص المدة اللازمة لزيارة قمر المشتري يوروپا من ست سنوات ونيّف إلى سنتين ونصف. وسوف تشكل عاملا تمكينيا لمهمات علمية مهمة جدا.» أضف مدد الانتقال القصيرة تلك إلى كتل الشحنات الكبيرة وإلى مرونة التحميل، فتجد بين يديك مبررا قويا لصاروخ رفع ثقيل. وهذا يساعد على تفسير السبب الذي يدفع الصين وروسيا إلى العمل على تصاميم من نمط SLS.
[/rtl]
|
يستعمل عمال ميتشود آلة حلقية مؤلفة من عدة مقاطع (أعلى اليمين) لصنع حلقات تربط فيما بين القبب والأسطوانات. ويمكن لـ «علبة الجعة» (أعلى اليسار) أن تُبقي المقاطع الأسطوانية في مكانها لاختبارها. ويرفع العمال لوحة ألومنيوم فوق الآلة التي تجمع غطاء مرحلة النواة الذي يأخذ شكل القبة (أسفل اليسار). وفي أسفل اليمين، توجد آلة تصنع قشرة من ألياف الكربون للكبسولة أوريون التي سوف تحملها المنظومة SLS إلى الفضاء. |
[rtl]وينطبق الشيء نفسه على الشركة SpaceX. لكن القطاع الصناعي الخاص ليس مصدرا طبيعيا لصواريخ الفضاء البعيد كما هو بالنسبة إلى صواريخ النقل بين الأرض ومحطة الفضاء الدولية. فليس ثمة من سوق قائمة أو منظورة لاستكشاف الفضاء البعيد غير بضع المهام التي خططتها ناسا مبدئيا للـمنظومة SLS. وهذا يلغي فرصة الشركة SpaceX لتحميل تكاليف تطوير صاروخ دفع ثقيل إلى عدد من الزبائن التجاريين، على غرار ما حصل مع صواريخها الصغيرة. وكما يقول رائد فضاء ناسا السابق <S. پارازنسكي> الذي يتمتع بخبرات خمس مهمات للمكوك والموجود حاليا لدى جامعة أريزونا الحكومية: «بتجريد الشركة SpaceX من المزايا، فإنها لن تكون في موقع أفضل من موقع بوينگ ولوكهيد مارتين ومتعهدي صناعة الطيران والفضاء الآخرين المعهودين. إنهم متعهدون قادرون جدا، ولست أرى الشركة SpaceX مختلفة كثيرا.»
[/rtl]
[rtl]يمكن للتمسك بما هو مُجرَّب ومُختَبر، بدلا من الابتكار، أن يكون مدعاة إلى الإخفاق في مجال صناعة السيارات والهاتف الخلوي والبرمجيات، لكن عندما يأتي الأمر إلى إرسال طاقم من الأبطال إلى الفضاء البعيد على جناحي انفجار يجري التحكم فيه بشق الأنفس، فإن قدرا معينا من نزعة المحافظة ليس شيئا سيِّئا بالضرورة. لقد عانت الشركة SpaceX عدةَ حوادث انفجارات وفقدان للتحكم في صواريخها الأولى، وهذا أمر طبيعي ومتوقع في تطوير التصاميم الجديدة. ففي الشهر 10/2014 قُتل أحد أفراد طاقم مركبة عندما تحطمت أثناء تحليق اختباري، وهذه المركبة كانت قد بنتها الشركة Virgin Galactic لنقل سياح إلى فضاء دون مداري، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من انفجار صاروخ غير مأهول، بنته الشركة Orbital Sciences، كان متوجها إلى محطة الفضاء الدولية.
[/rtl]
[rtl]وتذكر تلك الحوادث أن العمل بالصواريخ أمر صعب على الرغم من الخبرة المكتسبة على مدى عقود عديدة. فهو ينطوي على مخاطر كبيرة لكوارث حقيقية. وهذا هو أحد الأسباب الذي جعل المسؤولين في مؤسسة المريخ للإبداع(23)، وهي منظمة ذات تمويل خاص تحاول تسيير مهمة إلى المريخ، أن يكونوا من بين أولئك الذين اصطفوا وراء المنظومة SLS بعد تردد أوليّ. وهناك خبراء آخرون بشؤون المريخ يوافقون على ذلك. ويقول <هبارد>: «لقد تعرضت المنظومة SLS للانتقاد منذ اليوم الأول باعتبارها صاروخا لا هدف له. إلا أن لها الآن مهمات واضحة يمكن الدفاع عنها، وقد آن الأوان للجميع ليقفوا وراءها ويفكروا في كيف يمكن أن نكون متيقنين من أن كل شيء سوف يكون محط إجماع.»
[/rtl]
سرعة الانفلات(******)
[rtl]وعلى مدى 500 ثانية في ليلة باردة من الشهر 1/2015، أشعلت اختبارات محرك ضخم في مركز ستنس الفضائي كرةً من النار. لقد كان أول اختبار لمحرك مكوك R-25 منذ عام 2009، وسارت الأمور على نحو مثالي. وإذا استمرت الاختبارات الناجحة بالتتالي، فإن الزمن قد يكون حليفا للـصاروخ SLS. وكلما طالت مدة البرنامج، إذا بقي ضمن الموازنة والخطة الزمنية، كان ذلك أقوى للدلالة على أنه برهان على المبدأ. ففي السنوات الثلاث الأولى، حقق البرنامج تقدما سلسا وسريعا، حيث مَرّ عبر مراجعات للتصميم ودخل خطوات التصنيع الأولى. وذاك إنجاز سريع جدا لصاروخ رئيسي جديد سوف يحمل البشر. ولم تظهر في البرنامج سوى أعطال قليلة، وكانت فجواتُ العزل أسوأها تقريبا، وقد جرى إصلاحها بسرعة بطبقة من مادة لاصقة.
[/rtl]
[rtl]تقول <J. جونسون-فريز> [الأستاذة المتخصصة بالفضاء من الكلية الحربية البحرية الأمريكية]: «يمكن لأي شيء أن يحصل في السنوات القادمة بوجود رئيس وكونگرس جديدين. وربما يحدث إجماع ضمن الحكومة على أننا يجب أن نتخلى عن المريخ حاليا ونركز الاهتمام على إقامة قاعدة أقرب قليلا إلى الأرض.» وتضيف قائلة: «لدى البعض في واشنطن توق غير معقول تقريبا إلى القمر». ويرى آخرون أن على ناسا أن تنسى كلاًّ من القمر والمريخ في الوقت الحاضر وتركز اهتمامها على الكويكبات، لا لأنها يمكن أن تعطي أجوبة عن أسئلة مهمة عن أصول المنظومة الشمسية، بل لأننا يمكن أن نتعلم أيضا كيف نغير مسارها أو ندمر أيا منها يمكن أن يكون متوجها نحو الأرض.
[/rtl]
[rtl]إلا أن سحر المريخ يبقى طاغيا. وقد تنامى ذلك السحر مؤخرا مع إدراك مزيد من الناس لأول مرة أننا يمكن أن نصل إلى ذلك الكوكب الأحمر أثناء حياتهم. ويقول <پارازنسكي>: «إننا جميعا نُحب أن نرى أنفسنا هناك، أما المهمات الأخرى فيمكن أن تكون مضيعة للوقت.» وقد عبّر عن قلقه إزاء المنظومة SLS، لا لأنه يرى أنها طريقة سيئة للذهاب إلى المريخ، بل لأنه يخشى من أن نتخلى عنها قبل الذهاب إليه لأن تكاليفها كبيرة ولا يبدو تحقيقها ماثلا في الأفق.
[/rtl]
[rtl]حاليا ليست ثمة عوائق منظورة أمام المنظومة SLS. وذلك الادعاء وحده الذي لا يمكن أن يُطلق على أي مقترح لصاروخ آخر للذهاب إلى المريخ، يمكن أن يضمن أن المشروع سوف يصمد. فمن المؤكد أن المنظومة SLSبُنيت بتفويض من الكونگرس. ومع أنها تفتقر إلى الحماس الذي يمكن أن ينجم عن خطط منافسة، إلا أن ثمة مؤشرات قليلة إلى أن العمل فيها سوف يجري وفقا للخطة، إضافة إلى أنه قد جرى تمويلها على المدى المنظور. وذاك يجب أن يكون جيدا بقدر كاف لجعلها الصاروخ الذي يأخذنا إلى المريخ. وإذا حصل ذلك، فإن الانتقاد سوف يُنسى سريعا
[/rtl]
[rtl]المؤلف[/rtl] | David H. Freedman |
<فريدمان> محرر مساهم في مجلة ذي أتلانتيك، ومؤلف خمسة كتب أحدثها هو «الخطأ» Wrong الذي يدور حول مشكلات الاكتشافات المنشورة لعلماء الطب وغيرهم من الخبراء. | |