في رواية (عالم جديد رائع) لم يجد “السيد الهمجي” ما يتمناه في مدينة يوتوبيا التي لا أمراض ولا موت فيها، كره مجتمعه اللندني الذي أجبره على تعاطي المُخدِّرات والجنس، ومنعه من قراءة الكتب والاستماع إلى الموسيقى، فلم يجد “الهمجي” بديلاً للهروب من ذلك الشرك التكنولوجي سوى الانتحار. ولعلَّ “الهمجي” هناك هو المقصود بمقولة (ألْدوس هكْسِلِيAldous Huxley) بأنّ المثقف هو ذلك الذي اكتشف شيئاً أكثر إثارة للاهتمام من الجنس!
كان اليافع (ألْدوس) مثار سخرية أقرانه نظراً لطوله الفارع ونظره الضعيف، لكن هذا لم يكن الشيء الوحيد الذي جعله محط الأنظار؛ فهو سليل أسرة (هكْسِلِي) العريقة، فوالده (ليونارد) كان كاتباً وأكاديمياً مرموقاً، أمّا جده (توماس هنري هكْسِلِي) فقد كان وما زال أحد أهم علماء البايولوجيا الإنجليز وله مجهودات كبيرة في تدعيم النظرية الداروينية، ولم يبالغ القس (صامويل ويلبرفورس) عندما اعتبر مؤلفاته “مفتاح القبول” لأفكار (تشارلز داروين). وقد كان متحمساً لـ(توماس هـ. هكْسِلِي) رغم أنّ الأخير كان ملحداً وله آراء وكتابات تنتقد الكنيسة بقسوة.
لقد أثرت هذه البيئة العلمية والأدبية الخصبة على نشأته، فشقيقا ألْدوس (أندرو وجوليان) كانا من أهمّ علماء البايولوجيا في إنجلترا. عراقة أسرته امتدت إليه من أسرة أمه؛ فخاله هو الشاعر والمؤرخ الإنجيلزي (توماس ماثيو أرنولد) وهو ما شكَّل حلقة من الأقرباء المشاهير والمميّزين ينتمون إلى أسر أرستقراطية متميزة أكاديمياً طوَّقت حياة (ألْدوس)، إلا أن ذلك الأمر لم يجعله مغروراً كسولاً، فقد كان رجلاً متواضعاً ومثقفاً موسوعياً وشخصية اجتماعية مرحة تطلق النكات والقفشات المرحة.
كانت طفولة (هكْسِلِي) قاسية فقد توفّيت أمّه (جوليا توماس أرونولد) وهو في الرابعة عشرة من عمره، وقد كان مرتبطاً بها عاطفياً، فهي التي تولّت تعليمه في المنزل بعد إصابته بمرض التهاب القرنية الذي جعله شبه أعمى، ولحسن الحظ، جعله غير مؤهل للقتال في الحرب العالمية الأولى، وزادت معاناة الشاب (ألْدوس) بانتحار شقيقه (نويل ترافلين) الذي يكبره بثلاث سنوات نتيجة معاناته من اكتئاب حادّ عام 1914م.
تجربة العمى كان لها أثر عظيم على تجربة (ألْدوس هكْسِلِي) و“نظرته” للحياة، فقد كانت تلك التجربة محفزاً له للتفكير في العالم بطريقة مغايرة واكتشافه بالعقل لا بالعين. فقد كتب شقيقه (جوليان) عن تلك الفترة قائلاً: “أنا موقن بأنّ العمى كان نعمة مموهة على هيئة نقمة. لشيء واحد فقط. لقد دفعه ذلك لأن ينتبذ الطبّ كمهنة، فأصالته كانت تطغى على كونيته، لقد كان قادراً على جلب جميع المعارف إليه”.
إعاقة (ألْدوس) البصرية كانت موضوعاً حاضراً في العديد من قصائده ورواياته ومقالاته. أحد أكثر رواياته مبيعاً هي (أعمي في غزة) التي أخذ عنوانها من قصيدة (جون ميلتون)، والرجل المشار إليه في القصيدة هو شمشون “البطل اليهودي” الذي ذكرت التوراة حكايته مع الفلسطينيين الذين أحرقوا عينيه ثم سجنوه في (غزة) وأجبروه على العمل في مطحنة الحبوب مع العبيد، وعندما غدرت به (دليلة) وحاصره الفلسطينيون في المعبد قام (شمشون) بعملية انتحارية وهدم الأعمدة على رأسه وجميع من معه، مات شمشون وهو يصرخ: (عليَّ وعلى أعدائي)!
كتب )هكْسِلِي( عدة مقالات عن تجربة العمى منها The Art of Seeing))، (Lines)، (The Magical and the Spiritual)، ولكن أكثر مقالاته تشويقاً في تفصيل تجربة العمى كان (Heaven and Hell) الذي يحكي فيه عن تجربته مع التأمل الصوفي الذي بفضله استردَّ شيئاً من بصره المفقود، وكانت الصوفية عاملاً مباشراً في التوجه الأدبي والسياسي لـ(هكْسِلِي) الرافض للعنف بكافة أشكاله. وتمثل هذا النهج المسالم بوضوح في كتاب “نهايات ومعاني” الذي يبدي فيه شكوكه العميقة تجاه الدين والتوجهات القومية والتعصب العرقي. تأثر ألْدوس في هذا الكتاب بأفكار (توماس ميرتون) التي قدمها في مؤلفه “تل القصص السبعة”، وامتدَّ التأثير إلى كتابات مثل “موسوعة السلاموية”، “السلاموية والفلسفة” التي كانت في مجملها مدونات نظرية لدعم فكرة مبدأ السلام التي عمل مناضلاً من أجلها وناشطاً فعالاً في منظمة (اتحاد تعهد السلام) التي كانت محل سخط الحكومة الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية بسبب انتقادها اللاذع لضرب الأهداف المدنية في ألمانيا. وخلال الحقبة المكارثية كانت عضوية المنظمة هدفاً للاعتقال والمراقبة بسبب التشكك في أنها “خلايا شيوعية”، وهو الشيء الذي أثار غضب ألْدوس هكْسِلِي المعروف بمواقفه الناقدة للشيوعية، وللرأسمالية كذلك!
موقف هكْسِلِي المناهض للشيوعية الستالينية والرأسمالية الفوردية في نفس الوقت جاء بسبب رفضه لـ(الأدْلَجَة) التي قال منتقداً إياها: “أكثر الناس يُقبل على معركة الحياة فيخوضها بآراء مسبقة عن كل شيء وله فلسفة جاهزة يحاول أن يخضع لها أمور الدنيا بأسرها، وهذا وضع مقلوب، والصحيح أن يمارس المرء حياته أولاً ثم يحاول أن يصوغ فلسفته وآراءه التي تتفق مع الحياة كما عرفها!”.
تبعاً لذلك المبدأ لم يقيد ألْدوس هكْسِلِي نفسه بالآيديولوجيا أو المبادئ أو الأصول والتقاليد الموروثة، فكان ثائراً على المعهود، واضعاً حريته في الرأي فوق استرضاء الجماهير، وهو الشيء الذي جعله مفكراً حرّاً قدَّم فكراً مغايراً للمرحلة التي كان يعيشها، فقال عن الكُتَّاب: “الكُتَّاب يكتبون كي يؤثّروا في القراء والوعَّاظ ومدقّقي الحسابات، ولكن في قرارة أنفسهم يكونون أقرب إلى ذواتهم”.
تأثر (هكْسِلِي) في كتابته للروايات بـ(هربرت جورج ويلز) أحد أساطين الخيال العلمي في إنجلترا. أعماله تميزت بنقد اجتماعي هادف، فكانت كتاباته مختلفة عن بقية هذا النهج من الكتابة التي كانت تعتمد على السرد القصصي المشوق. على هذا الدرب سار (هكْسِلِي) الذي جعل رواياته أشبه بـ“أركان النقاش”؛ إنها مساحات لعرض الأفكار والآراء، قصص لا تهتم بتحليل الشخصيات والصراع الدراماتيكي. كان (هكْسِلِي) شاعراً مجيداً ومجوِّداً لصنعته، وكانت مسيرته في الشعر مغايرة لشعراء عصره الذين هجروا رمضاء الشعر إلى النثر، فأضحت لغته الراقية خير معين له في تدوين أفكار معقدة بلغة بسيطة وشاعرية، ويظهر ذلك جلياً في كتاب (ليمبو).
أعظم روايات(ألْدوس هكْسِلِي) كانت “Brave New World” التي نشرها في العام 1932م وهي الحقبة التي توسطت الحربين العالميتين والتي شهد العالم فيها صعود النازية والفاشية، واحتدام الصراع بين الرأسمالية والشيوعية، فكانت حقبة الثلاثينات فترة سلم نسبي، كان سكونها يشبه هدوء ما قبل العاصفة التي ضربت أوروبا والعالم عقب هجوم (أدولف هتلر) على بولندا عام 1939م، وهذه الرواية كانت الحافز الأكبر لـ(جورج أوريل) في كتابة أحد أهم الروايات في القرن العشرين؛ إنها رواية “1984”.
في رواية (BNW) يدوِّن هكْسِلِي كل مخاوفه وهواجسه من الدولة الشمولية التي لا تتحكم في المواطنين وتوجهاتهم الفكرية فحسب؛ بل يتعدَّى الأمر إلى أن تصبح الدولة “إلهاً” فتخلق البشر في مصانع ضخمة من خلال آلات تشبه “الفقاسات”. (هكْسِلِي) سجَّل ذعره من تصاعد نفوذ العِلم في الحياة للدرجة التي تجعله إلها يُعبد. لقد كان أحد المصابين بالـ(تكنوفوبيا)، فكان متوجساً من التكنولوجيا التي قال عنها (أندرو هيلر) إنها “مثل السمكة، كلما طال بقاؤها على الرفّ كلما قلت الرغبة فيها”.
مسرح الرواية كان مدينة ديستوبياوية، وتهكماً من (هكْسِلِي) أطلق عليها اسم “يوتوبيا”. إنها في الواقع مدينة لندن في العام 2495 بالتقويم الغريغوري الميلادي، أو العام 632 بالتقويم الفوردي؛ و(فورد) المقصود هنا هو رائد صناعة السيارات الأمريكي (هنري فورد) الذي أضحى إلهاً مقدساً في ذلك العهد، فأصبح ربّاً معبوداً ورمزاً من رموز الإبداع والأيقونة الأعلى للقيم والمبادئ! في تلك المدينة الفاضلة كان البشر تخلقهم الدولة الشمولية وتزرع الأفكار في أدمغتهم، الأفكار التي تشاء، فهذا كان أفضل تطبيق للبرنامج السياسي للدولة العالمية التي كان شعارها مُلخَّصاً في ثلاث كلمات هي: (المجتمع، التماثل، الاستقرار).
ومع وضع كهذا لم يكن هناك أي نزاع عرقي أو صراع طبقي أو تضاد ثقافي يمكن حدوثه في ذلك النظام، فالجميع هناك سواسية، ولكن هذه المساواة مشروطة بوجود المواطن في الطبقة التي خُلق من أجلها، وذلك المواطن لن يجد السعادة إلا مع الذين خُلقوا معه في نفس الطبقة، ومن خلال تدريب الأجنَّة يتم زرع برنامج تدريبي صارم في الدماغ يسمى “الوعي الطبقي”! في تلك اليوتوبيا قُسِّم المجتمع إلى خمس طبقات هي: “ألفا وبيتا وجاما ودلتا وإبسيلون”، ومعيار هذا التقسيم لا يستند إلى خلفيات عرقية أو وضع اقتصادي أو تميز ثقافي بقدر ما هو “تصنيف جيني”؛ فكل طبقة يكون أعضاؤها مستنسخين من بويضة واحدة، وهو الشيء الذي يجعلهم متشابهين في أشكالهم، وتلك البويضات يعالجها العلماء بحيث يكون الجنين مبرمجاً على نوعية التعليم الذي يفترض أن يتلقاه! وهذا الحال يطابق مقولة (هكْسِلِي) عن الخبرة التي قال فيها: “الخبرة ليست ما يحدث لك، بل هي الشيء الذي تفعله عندما يحصل لك شيء، إنها تدريس ما هو قابل للتدريس!”.
شعار الدولة العالمية (المجتمع، التماثل، الاستقرار) منتشر فوق كل أركان المدينة الفاضلة وذلك لتذكير المواطنين بأن (المجتمع) ما هو إلا تآلف الناس وتوافقهم لخدمة الدولة فقط، أما (التماثل) فيعني أن كل فرد يجب أن يكون مشابهاً لجميع أفراد طبقته وألاَّ يحاول أن يكون مختلفاً، ولكن فعلياً فإن مواطن اليوتوبيا - بعد خضوعه للتدريب والمعالجة داخل “الفقاسات” - لن يكون بإمكانه القدرة على التمايز والمغايرة، وهو ما يقود بصورة أتوماتيكية إلى (الاستقرار) الذي هو عدم محاولة تغيير بنية الدولة التي تعرف جيداً ما هو الأفضل لكل مواطن في مجتمع لا يسمح بالفردانية. فهناك ما يهم هو السعادة وليس المعرفة، إنها سعادة بدون وعي، سعادة بدون إرادة، ولِمَ الإرادة؟ إنه عالم ينال فيه الجميع كل ما يريدونه بدون عناء، والدولة تقدم لمواطنيها عقار “سوما” الذي يجعلهم سعداء وأسهل انخراطاً في النظام الاجتماعي الذي يحفِّزهم على احتقار كل الفنون والآداب، وفي ذلك العهد تصبح قراءة نصوص شكسبير من المحظورات!
الأجنَّة في الفقاسات من طبقات (دلتا وإبسيلون) يجري تعليمها على كراهية الزهور التي ترتبط عندهم بتلك الصدمات الكهربائية القاسية والضجيج العالي. ففي الرواية يحكي (هكْسِلِي) عن مجموعة من طلاب طبقتيْ (ألفا وبيتا) في زيارة تدريبية لمصنع التبريد والتكييف؛ حيث يُصنع البشر؛ يستفسر أحد الطلاب عن سبب تكييف أجنّة (دلتا وإبسيلون) على كراهية الزهور، فيقوم (السيد فوستر)، مدير المفاقس والإعداد بشرح الأمر من جانبه الاقتصادي: “حبّ الزهور سيقودهم لزيارات متكرّرة للريف والطبيعة البكر عموماً، وهو ما سيقود لاستهلاك الكثير من الوقود والمواصلات، ولكن خلال زيارتهم للريف فإنهم لن يستهلكوا أي شيء آخر، حبّ الطبيعة لا يحافظ على استمرار عجلة الإنتاج ودوران المصانع!”.
الاستقرار: كلمة السر في ذلك المجتمع، وهو ما يمكننا ملاحظته من خطاب للحاكم الفوردي لليوتوبيا (مصطفى موند) الذي يقول فيه: “لا يمكن أن تكون هناك حضارة بدون استقرار اجتماعي، ولا يمكن للمجتمع أن يكون مستقراً إذا كان الناس قلقين. يجب أن يُدرَّب الناس على أن يكونوا راضين بالأمور كما هي!”.
فالمصانع ما هي إلا رمزية للماكينة الاجتماعية التي يجب أن تدور بواسطة أناس مستقرين ومطيعين، تروس ميكانيكية تشدّ بعضها بطريقة لا تسمح لمشاعر الكراهية أو حتى الحبّ أن توقفها، وحتى هذه المشاعر لا يمكن وجودها فعلياً بحضور المُخدِّر المثالي “سوما” القادر على إزالة كل ما يمكن أن يؤثر في عجلة الإنتاج واستقرار المجتمع؛ فهو مُخدِّر لا أعراض جانبية له كالكحول والمورفين والهيروين والكوكايين أو الحشيش، مُخدِّر قادر على إزالة أعراض الاكتئاب والتعاسة، إنه أقوى سلاح للدولة العالمية التي اكتمل نصرها بالانتصار على الشيخوخة، دولة حققت الفوز الساحق والنهائي على الموت نفسه!
الرواية قد تبدو مربكة للبعض، فـ(Brave New World) ليست قصة بالمعنى المألوف، فـ(هكْسِلِي) يجمع فيها المتناقضات في أسطر قليلة مما يجعل كتابتها شيئاً من الغموض، الشيء الذي جعله محل انتقاد البعض خصوصاً من الذين عابوا عليه أفكاره التي لا تقدم بديلاً واضحاً لما يقوم بهدمه من خلال كتاباته بشكل مجمل، فهو لا يرى في السياسة إلا فساداً مقززاً، ولا يرى في رجال الدين إلا مجموعة من المحتالين، حتى الروحانية التي اقترب منها من خلال الهندوسية لم يجد فيها إلا مجرد تخاطر (Telepathy)، والحيوانوية أثارت غثيانه وتقززه، وهو بكتاباته قد دكَّ حصون فكرة المدينة الفاضلة القائمة على العلم والتكنولوجيا، إذن ماذا يريد هذا الرجل؟
لفك بعض غموض الرواية قام (ألْدوس هكْسِلِي) بكتابة رواية مفسرة أسماها (Brave New World Revisited) في العام 1952م وفيها تراجع عن بعض رؤاه السوداوية وأصبح أكثر ميلاً إلى روح التفاؤل. هذه الرواية كانت اعترافاً ضمنياً منه بخطأ توقعاته السابقة، فالعالم الذي نعيشه اليوم أصبح أقرب من العالم الافتراضي الذي تخيله. وعبقرية (هكْسِلِي) تظهر في أنَّ تخيلاته وحدسه في ثلاثينات القرن العشرين قد تحققت بالفعل بعد ثمانين عاماً؛ وأعني هنا “الاستنساخ”، وهو ما يظهر تكاملاً ما بين العمل الروائي في مجال الخيال العلمي والاكتشافات العلمية الحديثة المستجدة، وعليه أصبح الخيال العلمي عنصراً مساعداً أساسياً في علم المستقبل بالرغم من الاختلاف البائن بينهما في أسلوب المعالجة والمنهج والهدف.
لم يقدم (هكْسِلِي) نفسه مصلحاً اجتماعياً، ولم يقدم نموذجاً سياسياً أو فلسفياً للاقتداء به، فهو ينادي بالعودة إلى البساطة وروح الإنسان القديم الذي لم يتشوَّه بواسطة الآيديولوجيا والتلوث الصناعي وجشع الرأسمال، وهو الشيء الذي ظهر بشكل واضح في آخر رواية كتبها قبل وفاته وهي (Island) والتي أظهرت بعض من نهجه “المتشائل” وتعلقه البائن بالهندوسية.
في الفصل الأخير من رواية (BNWR) يقترح (هكْسِلِي) إجراءات لأجل منع تحول الديموقراطية لما يشابه العالم الشمولي الكابوسي الذي تخيله. (ألْدوس) لم يكن مجنوناً أو حالماً، كما إنه لم يكن مصاباً بالبارانويا؛ فالمصاب بجنون الارتياب، كما يقول (وليام بورز)، هو الشخص الذي يعلم القليل عما يجري حوله. (ألْدوس هكْسِلِي) كان يحمل في أسفاره موسوعة المعارف البريطانية فأدرك الكثير من الماضي، وفي الحاضر تنبأ بكابوس المستقبل الذي شاهده من بُعد كزرقاء اليمامة حينما رأت شجراً يسير.
طلال الناير: كاتب وفنان كاريكاتير
أمروابة - السودان