مقدمة إرشادية
إن هذا البرنامج تراكمي، يعني أني سأقترح كل يوم عملاً، وما أقترحه يمكنك أن تستمر عليه كل يوم حتى نهاية البرنامج، ثم تقرر لو تحب تخفيف التطبيق لكل يومين أو كل أسبوع .. الخ. بعد نهاية البرنامج. خذ كل مقترح بجدية وابدأ بالتطبيق
إن هذا البرنامج للتغيير الذاتي (النفسي)، سيتناول التغيير في الداخل، في النفس، وإن شاء الله، يتبعه برنامج للتغيير الجسدي والروحاني. وبهذه التطبيقات يمكنك أن تنقل حياتك نقلة نوعية. إن التغييرات البسيطة، لكن المستمرة والأكيدة، هي الأكثر أثراً على المدي البعيد. إن جلسة استرخاء 5 دقائق لمدة شهر في الغالب أفضل من جلسة تنويم مع متخصص بارع. طبق بحسب مرحلتك. مثال: مقترح لبدء برنامج شرب الماء اليومي (في البرنامج الجسدي) يعني الالتزام بشرب مجموعة أكواب بالنسبة للمبتدء بقصد الصحة، ولشخص أعلى مستوى قد يشربها بمشاعر امتنان، ولشخص أعلى مستوى من ذلك، يتأمل وهو يشرب، أي يركز فقط على الشرب .. وهكذا، كل بحسب مستواه. اعمل المقترح وفق ما أنت فيه من مستوى. لا يهم، فأنت في كل الحالات ستستفيد، وفي أي مرحلة كنت. أنا شخصياً سأتابع البرنامج مع نفسي كذلك، فما أقوله لك هنا أطبقه كذلك وآلتزم فيه، وهي علامة بدأ الالتزام في المقترح. عندما تقرأ المقترح كل يوم، وتقرر قبوله، والبدء فضع لايك "أعجبني" على المقالة. لا تضع إلا إذا كنت اقتنعت وبأنك ستبدأ الالتزام بالمقترح. بهذه الطريقة تعلن الالتزام في البرنامج لنفسك. بادر وفقك الله
خذ جلسة تأمل
خذ جلسة تآمل واحدة أو اثنتين كل يوم. بكل بساطة افعل التالي
- أوجد مكاناً خال من المقاطعات
- البس ملابساً مريحة
- تأكد من اعتدال حرارة المكان أو الجسد
- اجلس جلسة مريحة، أياً كانت، لكن يفضل أن تكون بطريقة يستقيم فيها الظهر
- ركز على شيء معين في اللحظة: صوت في المكان المحيط، صوت ريح أو مكيف أو سيارات أو ماء
- بعد لحظات من التركيز: راقب التنفس. لا تزيد ولا تنقص، فقط راقب الشهيق والزفير
- كلما سرح فكرك في مكان آخر غير اللحظة الآنية التي أنت فيها ارجع مرة أخرى لمراقبة التنفس. لا تقاوم الفكرة فقط ارجع لمراقبة التنفس
- اصمد في البداية على الأقل 5 دقائق ثم وسعها بتدرج إلى 20 دقيقة مع نهاية الشهر
- لا تضع توقعات للجلسة. تقبلها في نهايتها كما هي
مقدمة
استمر في التطبيق اليومي للتأمل. من 5-10 دقائق على الأقل. دعنا نتابع
مارس أن تكون هنا والآن
إن الحياة = لحظة + لحظة + لحظة .. فإذا كنت في اللحظة هذه تفكر في الأمس، وفي هذه تفكر في الغد، فهل أنت تعيش الحياة؟ أنت فقط متواجد إذا كنت هنا والآن، وإلا فأنت غائب. من يعيش هو من يكون في اللحظة. إن العيش في الغد والعيش بالأمس عززه الفكر التأنيبي والتخوفي، وما ذالك إلا لتنقاد إلى ما يرمون إليه. من هنا رفعنا شعار "لا يغشونك". أنت مغشوش إذا كنت مهوساً في الماضي والمستقبل. أنت منتبه وواعي عندما تكون هنا والآن. مارس اليوم ولليوم أن تكون في اللحظة: هنا والآن. هنا ليس هناك في تفكر في مكان آخر. الآن ليس أمس ولا الغد ولا بعد خمس دقائق. عندما تقوم بعمل شيء اعمله 100%. عندما تأكل كل فقط. لا تأكل وتتكلم بالهاتف وتشاهد بشراهة التلفاز وتتابع النت! كل فقط. عندما تتحدث مع ابنك كن مع ابنك 100%، لا تنشغل بشيء آخر. عندما تكون في فيسبوك كن هنا 100%، لا تفتح الصفحة وتتابع التلفاز وترسل مسجات بالهاتف! عندما تخطط للمستقبل فخطط 100% وانشغل في التخطيط. لو احترفت هذه المهارة فسوف تلاحظ مشاعر وأحداث غريبة في حياتك، أما المشاعر فهي في المتعة، والطمأنينة، والسلام الداخلي، وأما الأحداث فهي في الجذب الصحيح لما تريد. أنت تفكر إذاً أنت مفقود. أنت هنا والآن إذاً أنت تعيش. هاك بعض المعينات
- لاحظ نفسك، كلما غبت عن اللحظة. بشكل تلقائي وسلس قل: هنا والآن، ثم ارجع للحظة
- اسهل طريقة للعودة للحظة هي بالتركيز على شيء موجود هنا والآن، ومنها جسدك، أو التنفس فهما دائماً هنا والآن
- لا تعاتب نفسك ولا تختلق دراما لو لاحظت كثرة تشتتك عن اللحظة. ببساطة عد هنا والآن، دون دراما
- راقب الآخرين وهم في الزمن (ليسوا هنا) واحمد الله على نعمة الوعي
- لا تسابق الزمن. الزمن وهم. كن في اللحظة. أنت السيد على الوقت. الوقت ليس كالسيف. الوقت وهم. أنت السيف
تابع اليوم المهارتين اللتين تعلمتهما في اليومين الماضيين: التأمل وعيش اللحظة. دعنا نتابع البقية
تنفس من كل الرئتين
لا تتفاجأ لو قلت لك أن أغلب الناس لا يعرف كيف يتنفس! لكل إنسان رئتان كبيرتان، لكن أكثر الناس يتنفس باستخدام جزء من الرئة فقط. اعمل هذا التمرين: لاحظ الآن كيف تتنفس. هل بطنك يرتفع أم لا؟ إذا كان بطنك لا يرتفع فأنت لا تتنفس بطريقة صحيحة. اعمل هذا التمرين الثاني كذلك: قف ولاحظ وأنت تقف: هل يقف تنفسك؟ اجلس. هل يتوقف تنفسك؟ اركع أو اسجد ولاحظ. لماذا توقف تنفسك؟! الآن اعمل التمرين: قف، واجلس واركع واسجد وصلي بالكامل لكن تأكد من أن تنفسك لا يتوقف. تحرك مع التأكد من أن تنفسك مستمر. إن هناك أناساً يتوقف تنفسهم حتى عندما يستخدمون الكمبيوتر! إن التنفس يشكل أهم عامل في الحياة حالياً. إن التنفس يدعم الجسم الصحيح والنفسية الصحيحة. هناك بعض الإرشادات المعينة
- خذ أنفاساً عميقة في كل مناسبة تسمح لك في العمل أو المدرسة أو البيت. خصص بعض الوقت لعمل ذلك 3-5 مرات يومياً
- راقب نفسك وأنت تتحرك وتأكد من أن تنفسك مستمراً، لا يحتاج للتوقف
- في الأوقات المتوترة التي فيها خوف أو قلق أو تأنيب ..الخ: تأكد من أن تنفسك عميق
- كلما شعرت بضيقة أو ألم في جسدك فانتهز الفرصة وتعامل مع الضيقة والألم من خلال التنفس بعمق وكأنك ترسل التنفس للمكان
- إذا كنت لا تتقن النفس العميق فضع يدك على بطنك وراقبها وهي ترتفع وتنزل
ارسم جدولاً لمتابعة جلسات التأمل والتنفس والعيش العميق في اللحظة
تابع برنامجك اليومي: التأمل، والتواجد في هنا والآن والتنفس العميق. إن هذه التطبيقات البسيطة التي تتعلمها قد تنقلك إلى نوعية حياة مختلفة تماماً. تذكر أن الأشياء الدائمة ولو كانت قليلة هي التي تؤثر على المدى البعيد. دعنا نتابع
مارس اللاعمل
هناك فرق بين عمل لا شي وبين اللاعمل. الأول يشاهد ويتشكى، وعندما يعمل يعمل من يأس. يشاهد التلفاز شهوراً، ويتحدث في المجالس عن أعمال الحكومة المؤذية أو المحبطة ثم في لحظة يخرج مظاهرات مدمرة. هذا عمل يائس! يجلس في وظيفته سنوات يتشكى من أداء الإدارة والمدير ثم في لحظة يشارك اضراب يتسبب في خسارة الشركة واغلاق معظم اداراتها. هذه أعمال الذين لا يعملون شيئاً، وهم عندما يعملون فإن مضرتهم أكبر. أما الثاني فصاحب رسالة ورؤية وقصد في الحياة. هو مجتهد ومستمتع في عمله أيا كان عمله. هو في بلده مواطن صالح فلما حصلت مسيرة سلمية يعلم مقاصدها بوضوح وربما خطط لها مسبقلاً يشارك بكل هدوء، ولا يستعجل النتائج، لأنه سعيد أصلاً في لحظته، ولا يحتاج تغيير دراماتيكي في حياته ليكون سعيداً. هو يدرك أن السعادة لا تستطيع أن تحققها حكومة ولا إدارة ولا شركة، هو يعلم بعمق أن السعادة في الداخل فقط. هو يعلم أن أولئك الذين يريدون أن يغيروا كل شيء، ويأسلموا كل الناس، ويطبقوا كل المبادئ على البشر، ويهدوا كل البشرية، ويحرروا كل إنسان، هم الى التدمير أقرب منهم إلى الإصلاح. هو يعلم في قرارة نفسه أنه ليس الوصي على الناس، ولا هو المسيح المخلص. إن الفرق بين الأثنين: النية. الأول ليس لديه نية. الثاني لديه نية، والنية هي التي تغير الواقع. هاك بعض الإرشادات المعينة
- اكتب مجموعة من الأمنيات التي تتمنى تحقيقها ربما هذه السنة أو السنوات القادمة
- ارسم منها مخططاً ليناً غير ضاغط
- ركز النية من خلال، مثلاً، النظر في هذا المخطط مرة كل يوم
- كلما كنت في عمل يرمز لأمنية منها أو يقربك لهذا المخطط فاستمتع فيه وعش اللحظة أكثر
- لو فكرت في شيء تريده مما كتبته وجاءتك مشاعر سلبية فاحسم تلك المشاعر، واربط الهدف بمشاعر ايجابية لضمان شعورك الايجابي كلما فكرت فيه أو عشته
- استمر في عيش لحظاتك. لا يغشونك
استمر في متابعة ما تعلمناه حتى الآن: التأمل، وعيش اللحظة، والتنفس العميق، واللاعمل، والذي هو في العمق التفويض والتوكل، أعمق معاني الإيمان، بل هو أعلى قمة الإيمان. بعد الإيمان يأتي موضوع الحفاظ على السلام الداخلي
حافظ على السلام الداخلي
برأيي أن السلام الداخلي هو الأهم بعد الإيمان. والسلام الداخلي عكس المقاومة. إن كل مرض اجتماعي ونفسي وجسدي وراءه مقاومة. إن التشافي الصحيح يحصل فقط بالتسليم. لو كان لديك أي مرض جسدي، مارس التسليم. اقبل. واذا لم تقبل فاقبل أنك لا تقبل! استشعر في هذه اللحظة موضعاً كنت تقاومة فترة، ويقيناً هو متسبب لك في انزعاجات جسدية أو نفسية أو روحية أو اجتماعية. مارس التسليم. فوض أمره لله. دع الأقدار تعيد ترتيب نفسها لتحقق لك ذلك. كل مرض سببه مقاومة وكل تشافي سببه سلام داخلي، تسليم، لا مقاومة. مسيرة سلمية واضحة الأهداف تأتي بتشافي للبلد. مظاهرة هدفها اسقاط النظام قد تسقط النظام لكنها دون هدف! سقط النظام. تحقق المطلوب. بقي المجلس العسكري هو هو من 1952. سقط الرئيس في تونس. بقي نفس المجلس، نفس الحكومة، نفس الوجوه، نفس المشاكل مع زيادة! لا يوجد هدف سلمي، يوجد مقاومة. المقاومة تعمل على المدى القريب، لكنها تأتي بنفس النتيجة. المقاومة هي حل المشكلة بنفس الطريقة التي أوجدت المشكلة! بعد أن دخل مكة أطلق العفو العام "أذهبوا فأنتم الطلقاء" كي لا يترك مجالاً للمخربين ولا المغرضين ولا الإيجو الاجتماعي ولا المنتقمين، بل وجه الجموع للبناء، وجمع بين المسلمين والمكيين، وبدلاً من أن ينشغل الناس في المحاكمات والملاحقات والذم