الغزو الروسي لأوكرانيا: نزعة توسعية دكتاتورية
يُعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 حدثًا تاريخيًا ذا تداعيات بعيدة المدى على الأمن الأوروبي والعالمي. فما هي دوافع هذا الغزو؟ وهل يمكن تفسيره فقط بمخاوف روسيا من توسعه الناتو شرقًا؟
النزعة التوسعية الروسية
يجادل البعض بأن الغزو الروسي لأوكرانيا كان ردة فعل على مخاوف روسيا من توسعه حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقًا. فمنذ تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991، انضمت 14 دولة من دول أوروبا الشرقية إلى الناتو، بما في ذلك دول مجاورة لروسيا مثل بولندا ودول البلطيق.
ويرى هؤلاء أن روسيا تشعر بأنها مهددة من توسعه الناتو، وهو ما يشكل تهديدًا لأمنها القومي. وقد أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى هذه المخاوف في خطابه الذي أعلن فيه عن الغزو، حيث قال إن الناتو يشكل "تهديدًا وجوديًا" لروسيا.
لكن هناك من يرى أن هذه المخاوف لا تستند إلى أي أساس واقعي. فروسيا هي أكبر دولة في العالم، وتمتلك جيشًا قويًا يفوق قدرات أي دولة في أوروبا. كما أن الناتو هو حلف دفاعي، وليس لديه أي نية للهجوم على روسيا.
ويذهب هؤلاء إلى أن النزعة التوسعية الروسية هي ظاهرة متأصلة في النظام السياسي الروسي الحالي. فروسيا تُحكم من قبل نظام ديكتاتوري، يسعى إلى إعادة إحياء الإمبراطورية الروسية. ويرى هؤلاء أن الغزو الروسي لأوكرانيا هو جزء من هذه النزعة التوسعية.
أوكرانيا تهديدًا ايديولوجيا وجيو سياسيا
بالإضافة إلى المخاوف الأمنية، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا كان أيضًا تحركًا سياسيًا وايديولوجيًا. فروسيا ترى في أوكرانيا تهديدًا ايديولوجيا وجيو سياسيا.
فأوكرانيا دولة ديمقراطية، وتسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. وهذا يمثل تهديدًا للنظام السياسي الروسي الاستبدادي.
كما أن أوكرانيا تقع في منطقة ذات أهمية جيوسياسية كبيرة. فهي تقع على حدود روسيا، وتطل على البحر الأسود، وهو ممر مهم لروسيا للوصول إلى العالم الخارجي.
ويرى المحللون أن روسيا تسعى إلى ضم أوكرانيا، أو على الأقل إلى إضعافها، لمنع توسعها كدولة ديمقراطية.
خاتمة
يُعد الغزو الروسي لأوكرانيا حدثًا مأساويًا، تسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة. كما أنه يمثل تهديدًا للاستقرار والأمن الأوروبي والعالمي.
وإذا كانت هناك أسباب موضوعية للقلق الروسي من توسعه الناتو شرقًا، فإن هذه المخاوف لا تبرر الغزو الروسي لأوكرانيا. فالحرب الروسية على أوكرانيا هي تعبير عن النزعة التوسعية الديكتاتورية الروسية.
ولكي يتمكن الغرب من منع تكرار مثل هذه الحروب في المستقبل، عليه أن يتعامل بجدية مع النظام الديكتاتوري الروسي، ويدعم الدول التي تسعى إلى الديمقراطية والحرية.
وفيما يلي بعض التوصيات التي يمكن أن تساعد على منع تكرار الغزو الروسي لأوكرانيا:
تعزيز القدرات الدفاعية لحلف الناتو في أوروبا الشرقية.
زيادة الدعم السياسي والاقتصادي لأوكرانيا.
فرض عقوبات اقتصادية أكثر صرامة على روسيا.
السعي إلى تحقيق الاستقرار في منطقة القوقاز والشرق الأوسط.
وإذا تمكن الغرب من اتخاذ هذه الخطوات، فإنه سيرسل رسالة واضحة إلى روسيا مفادها أن التوسع العسكري والتدخل في شؤون الدول الأخرى لن يكونا مقبولاً.
فخاخ الكلام حرر بتاريخ 6. 9. 2023