لقد كتب السيد برهان غليون مقالاً في الحوار المتمدن الغراء تحت عنوان ( في حتمية أنتصار الثورة والتصميم عليه ) وركز فيه مثلما يوحي العنوان على ضرورة تقديم مفهوم الثورة على كل الأعتبارات الأخرى بدون أسثناء لكي ينتصر تاريخ الشعوب على أسياد الظلم والأستبداد .
تعالوا لنشاهد معاً مادونه هذا السيد الفاضل ، ( إن أي تقدم على الأرض وفي الميدان السياسي لن يمكن أن يتحقق من دون إحداث أصلاحات نوعية على أسلوب العمل الذي أتبعته الثورة حتى الآن ، وتجاوز نقاط الضعف الكثيرة التي ميزت سلوك المعارضة السياسية التي تمثل واجهة الثورة ، وسلوك الكتائب العسكرية أو بالأحرى قياداتها وأضعفت أداءها ) .
ويستطرد ، ثمة أتجاهات تميل ( إلى أتهام الدول المؤيدة للثورة بعدم صدقها وأحياناً بالتآمر عليها ، ومنها التشكيك بوطنية المعارضة وأتهام أعضائها ، دون تمييز ، بالفساد أو بالتقصير وغياب المقدرة والكفاءة ، وربما تشكيك الشعب بقيادته هو الأخطر بين هذه الأتجاهات ..) .
ويردف ( لاينبغي أن نسقط في فخ الأعلام الكاذب للنظام . ويسترسل ( ولايزال الجيش الحر، المحروم من الدعم الكافي ، يحقق تقدما مهما كان بطيئاً ، على كل الجهات ) .
ويتابع ( وبالرغم من أنتقادنا الدائم لأصدقائنا وأشقائنا في ما يتعلق بحجم الدعم ونوعيته ، ألا إن ثورتنا لاتزال تحظى بتأييد كبير ... أما الدول العربية ... فهي تعرف إن معركتنا هي في الوقت نفسه معركتها ... لأن بقاء النظام يعني أنتصاراً لسياسة أيران ... ) .
ويؤكد إن ( التحديات الكبيرة التي تواجهها الثورة لاينبغي أن تفت في عضدنا وأن تدفعنا إلى الأحباط أو أستسهال الإتهامات المتبادلة أو الوقوع في مرض النقد السلبي .. ) .
ويدرك أيضاً أنه لامندوحة من ( النقد الإيجابي الموجه للأصلاح وتحسين أداء الثورة والثوار لاسلبهم ثمرة أتعابهم أو التقليل من شأن تضحيلتهم ... ) .
من المؤكد إن هذا الخطاب الساذج لايمكن أعتماده بعد مرور 26 شهراً من الحرب الطاحنة والمميتة والأعمال الإجرامية التي يقترفها النظام الهمجي الشرس ، وكأن هذا موعظة من شيخ جامع في قرية منسية فوق تلك التلال الضائعة ما بين الأظلال وأشجارها .
ورغم ذلك أود أن أركز على النقاط التالية :
النقطة الأولى : لقد كتبت لك خطابين أيام كنت رئيساُ للمجلس الوطني وركزت فيهما على البنود التالية لكنك لم ترد لأستعلائك الخاوي :
البند الأول : إن هذا النظام هو باطني خبيث ، له علاقات حميمية مع معظم المنظمات السرية سيما تلك التي هي أسرائيلية الصنع ، ولديه مجموعة مستشاريين خارج حدود جغرافية سوريا تدير دفة العمليات الحربية والسياسية مهمتها تحويل الثورة الشعبية السلمية ظلماً وأجراماً إلى ( مجموعات أرهابية ) .
البند الثاني : إن هذا النظام سوف يخترق ( الثوار ) ولقد أخترقهم منذ المؤتمر الأول ، وأنه سوف يقوم بتشكيل جماعات ( ثورية ) عسكرية وظيفتها الطعن في المؤتمرات ، والطعن في سمعة الجيش الحر من خلال النهب والسلب وذبح الشبيحة .
البند الثالث : إن هذا النظام هو أداة في مشروع فارسي كبير ، ولن تتركه أيران يتهاوى حتى لو كلفها ذلك التضحية بمشروعها النووي ، فأيران ترى سوريا محافظة أيرنية ، كما أنها تدرك إن أنهيار النظام السوري يعني تماما أندحار ودحر مشروعها إلى الأبد .
البند الرابع : إن هذا النظام سوف يستخدم تنظيمين ، أحدهما كوردي هو من صنيعته أصلاً ، والثاني هو هيئة التنسيق التي كتبت عنها ( بضم التاء ) أنها تخون الثورة ، والتي دافعت عنها أنت في مقال فاشل لايتمتع بأي ميزة سياسية وكنت رئيس المجلس الوطني السوري !!
البند الخامس : إن هذا النظام سوف يستفيد من مسألة الأقليات وعلاقاته المتميزة مع أسرائيل ، ورجوتك أن تسارع في أصدار عدة بيانات تؤكد ، من جهة ، على حقوق الأقليات من خلال حفاظها على ذاتها والتمتع بخصوصياتها ، ومن جهة ثانية ، على حق التعايش السلمي ما بين الشعبين ، الأسرائيلي والسوري . وطلبت منك أن تكون جريئاً بأصدار مثل هذه البيانات وتغدو رقماً أصيلاً في معادلات السياسة الأقليمية والدولية .
البند السادس : إن المجلس الوطني لا يتمتع بأسباب القوة والمناعة لثلاثة أسباب قاتلة :
السبب الأول : إن سيطرة الإسلام المؤدلج لن تجلب إلا عواقباُ غير محمودة ، ولقد نوهت إن السيطرة المحتملة للأخوان المسلمين في مصر ، آنذاك ، سوف يربك المعادلات الدولية في الساحة السورية ، أو على الأقل سوف يوظفها النظام في تأصيل رؤيته .
السبب الثاني : إن المجموعة الكوردية المعتمدة لديكم لاجناح لها ولاجناح عليها ، فهي خارج نطاق الوظيفة التاريخية ، وهي قيد وليست سند ، وهي علة وليست سبب .
السبب الثالث : إن بعض الشخصيات المسيحية تتصرف بصفة أنفرادية ( مثل المجموعة الكوردية ) وتغرد كطيور خارج السرب فلا موازين لها ولاقواعد .
البند السابع : لقد كتبت لك إن أحد أهم أسباب الأشكاليات في المنطقة هو عدم وجود تيار ليبرالي ديمقراطي ، وكأن قدرنا أن نتقاذف ما بين الأنظمة الديكتاتورية ، والتيارات المتشددة . فلو تمكنت المعارضة السياسية منذ البداية تشكيل مثل هذا التيار لأستطاعت أن تتحرك ضمن فضاء أرحب وأكثر منفعة ، لإن المجتمعات الغربية تمقت أن ترى التصارع مابين أتجاهات متطرفة على الحدين .
النقطة الثانية : لو سايرناك في كل ما طرحته وقلنا آمنا برب موسى ( عليه السلام ) ، لكني لا أرى أي منهجية علمية معرفية ولاحتى أي أسلوب يمكن أعتماده لحل المشاكل ، اللهم سوى أن نبتعد عن النقد السلبي ، حسناً لنبتعد ، وماذا بعد ذلك ! ألم تكتب تنسيقيتان قبل فترة هذه العبارة على اليافطات وهي تشتم وتسب المعارضة السياسية ( يا ....شتيمة قوية جداً .... هذه ثورة وليست ثروة ) !! .
النقطة الثالثة : ياترى لماذا لم تتحدث عن مؤتمر القاهرة الأخير مثلاً ! هل أنت راض عنه ؟ وإذا كنت ماهي المقدمات ؟ وإذا لم تكن ماهي الأسباب ؟
النقطة الثالثة : ألم تقل ( ... ومنها التشكيك بوطنية المعارضة وأتهام أعضائها ، دون تمييز ، بالفساد أو بالتقصير وغياب المقدرة والكفاءة ... ) إذن حسب مفهوم ... دون تمييز... وأنت تعترف بذلك ... توجد ضمن مجالس المعارضة شخصيات فاسدة وقاصرة ولاتملك المقدرة والكفاءة !! فهل وضعت خطة للتخلص من هؤلاء مثلاً !!
النقطة الرابعة : قلنا قبل قليل أنه لايوجد تيار ليبرالي حقيقي حتى الآن ، لكن توجد شخصيات تدعي الليبرالية والتي أصبحت معروفة على القنوات العربية ، فهل بمقدورك أن تفسر لنا لماذا هي تحضر كل المؤتمرات وتثب مثل الألكترونات من تجمع لآخر !! هل هي مريضة !! هل هي ليبرالية حقيقية !! هي هي مشبوهة !! مارأيك ؟ أسألك هذا السؤال لأنك كنت رئيس المجلس الوطني ولأنك كتبت هذا المقال من جهة ثانية .
النقطة الخامسة : لقد قلت أننا ننتقد الأصدقاء والأشقاء ( .. فيما يتعلق بحجم الدعم ونوعيته .. ) فياترى ماهي الأسباب الفعلية ، بالنسبة للأصدقاء وبالنسبة للأشقاء سيما إن معركتنا هي معركتهم حسب قولك ، لعدم دعم الثورة والثوار كما ينبغي !!
النقطة السادسة : أتفق معك في مسألة واحدة فقط رغم أنك لم تقلها صراحة وهي إن الثورة السورية سوف تنتصر بطريقة ما لكن ليس بفضل المعارضة السياسية ولابفضل التيارات والمجالس ولابفضل الأئتلاف ، إنما بفضل الثوار الحقيقيين الذين يواجهون آلة النظام الباطشة المجرمة بكل عزيمة وأصرار ، وبفضل هؤلاء تتغير المعادلات الدولية وحتى الرؤيا الدولية ، ولولا هؤلاء ما كان ثمة داع لوجودكم ووجود المجلس والأئتلاف .
النقطة السابعة : أخيراً لنلتزم بمفهوم النقد الإيجابي كما تود ، قل لنا هل مارست النقد الإيجابي تجاه تصرفاتك أنت !! وهل مارسته تجاه زملائك !! ثم ماهي الجهة الوحيدة أو الشخصية الوحيدة التي هي بمنأى عن النقد !! أذكر لنا شخصاً واحداً بما فيهم شخصك الكريم !! أنا سأقول لكم إن الجهة الوحيدة التي تستحق كل التقدير والأحترام وهي صاحبة الثورة الحقيقية ، ماعدا الشعب السوري البطل الأشوس ، هي الجهة التي تناضل تحت راية الجيش الحر