سمير الحجاوي
لا يكف نظام الأسد الجاثم على صدور السوريين عن اقتراف الجرائم التي
يندى لها جبين الإنسانية، وفي كل مرة نتخيل أنه وصل إلى استنفاد وسائله
يظهر لنا أن قدراته الإجرامية تفوق المتخيل، وآخر ما تفتق عن عقل الأسد
ونظامه من إجرام هو نشر “الموت الأعمى الطائر” أو “البراميل المتفجرة” بهدف
قتل أكبر عدد من البشر كما حدث في حمص والرقة وحلب ودير الزور وغيرها من
المناطق حيث أدى إلقاء هذه البراميل المتفجرة إلى تدمير الأماكن المستهدفة
وقتل كل من فيها.
هذه البراميل التي يستخدمها نظام الأسد الإرهابي ليست عادية، بل هي
“قنابل برميلية” على شكل قالب معدني أو أسمنتي مزودة بمروحة دفع خلفي وصاعق
ميكانيكي في المقدمة وتحتوي على 300 كيلو غرام من مادة “تي إن تي” شديدة
الانفجار، مع مواد نفطية تضاعف القوة التفجيرية للبرميل وذلك لإشعال حريق
في المكان، وإضافة قطع معدنية في المحتويات تتطاير على شكل شظايا لإيقاع
أكبر قدر ممكن من الأضرار من قتل وحرق وقطع أعضاء وحرق المكان في أكبر
مساحة ممكنة.
نظام الأسد الإجرامي لجأ إلى استخدام البراميل المتفجرة بعد فشله
المتكرر في الانتصار على الثوار رغم استخدامه للطائرات والدبابات والمدفعية
والصواريخ، ومرد هذا الفشل أنه يواجه شعبا بأكمله وثوارا يخوضون حربا
شعبية لا تنجح معها تكتيكات الجيوش النظامية، ولذلك لجأ إلى تعميم الموت
باستخدام “البراميل العمياء” القادرة على قتل أكبر عدد من الناس دون تمييز
سواء كانوا مقاتلين أم طابورا على باب مخبز أو محطة وقود وأحياء سكنية في
حلب وحمص ودير الزور وغيرها من المدن
لجوء النظام الباطني الطائفي الإرهابي إلى استخدام البراميل المتفجرة
المحشوة بالموت يأتي بعد استخدام تكتيكات الحصار والاغتيال والإعدامات
الميدانية والإبادة الجماعية والمجازر وقطع الماء والغداء والدواء
والكهرباء والاتصالات عن مناطق كثيرة وتحويلها إلى ساحة حرب ضد الشعب
السوري، في محاولة لاستعادة زمام الأمور من الثوار الذين يحققون انتصارات
متتالية رغم ما يملكه هذا النظام الدموي من عدة وعتاد وسلاح ومدد من إيران
وحزب الله وروسيا والمليشيات الشيعية العراقية.
السؤال المهم هو: لماذا يصمت العالم على هذه الجرائم الخطيرة التي
يرتكبها نظام الأسد؟ ولماذا لا يتحرك لوقف القتل وبراميل الموت التي تلقيها
طائرات الأسد على الأبرياء؟ الإجابة واضحة وهي أن العالم لا يجد مصلحة
بوقف القتل في سوريا، ولهذا يغض الطرف عن هذه الجرائم التي يمكن تصنيفها
“بجرائم ضد الإنسانية” و”جرائم حرب” و”جرائم إبادة جماعية” يضاف لها طبعا
جريمة “تدمير سوريا” لأن ما يقوم به الأسد ونظامه الإرهابي هو تدمير لكل
سوريا وكل مدنها وقراها وبلداتها، فالإستراتيجية التي ينفذها نظام الأسد
المجرم حاليا هي تدمير سوريا بالكامل وتحويلها إلى خراب وقتل أكبر عدد من
السوريين في أقل وقت ممكن، وخلق حواجز من الدم بين الناس وتفتيت البنية
الديمغرافية والاجتماعية لسوريا وتقسيمها نفسيا وخلق حواجز من الكراهية بين
غالبية السكان المسلمين والمنتمين إلى الديانة النصيرية القرمطية العلوية
بالدرجة الأولى والأقليات التي تسانده في الدرجة الثانية بما يؤسس لعمليات
ثأر ربما تستمر فترة طويلة من الزمن.
بشار الأسد الذي يعيش حالة إنكار كامل يدعي أن “نظامه لن يسقط، وأن
النموذج الليبي لن يتكرر في سوريا”، وإيران تعلن أن الحرب في سوريا هي
حربها، أي أن إيران في حالة حرب مع الشعب السوري، وهذا يوجب على الأمة
العربية أن تحارب في سوريا حفاظا على العروبة والإسلام، لإسقاط الأسد
ونظامه وإسقاط المشروع الإيراني الفارسي الشيعي الشعوبي ضد الأمة العربية
والإسلام، ليس هناك من خيار ولا يجوز ترك الشعب السوري وحيدا في الميدان،
ولا يجوز ترك السوريين يدافعون وحدهم عن وجود العرب والإسلام، فالمعركة
التي يخوضها السوريون هي معركة العرب والعروبة والإسلام، ضد الشعوبية
والطائفية وحكم الأقليات والطامعين، وهي معركة حقيقية لا يجوز التهرب منها
على الإطلاق.
على العرب دعم السوريين لهزيمة النظام السوري وإسقاطه ودحر المشروع
الفارسي ودفع إيران إلى ما وراء شط العرب.. شئنا أم أبينا، نحن العرب، في
حالة حرب وجودية لا يجوز التملص منها وتركها لتتفاقم حتى تتحول على حرب
إقليمية شاملة، والمؤكد هو أنه إذا لم يذهب العرب إلى سوريا لوقف تمدد
“الحلف الشيطاني” هناك، فإن الشيطان سيحضر ويحضر معه العفاريت إلى كل
ديارنا عاجلا أم آجلا.