** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
  آليات قراءة النص الديني I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

  آليات قراءة النص الديني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن عبد الله
مراقب
مراقب
avatar


التوقيع :   آليات قراءة النص الديني Image001

عدد الرسائل : 1537

الموقع : في قلب الامة
تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

  آليات قراءة النص الديني Empty
31072012
مُساهمة آليات قراءة النص الديني

.
نعم سيحدث الأمر الأخير فيما لو
ان ايحاءات النص تلوّح بقرائن
عديدة الى الرمزية والباطنية
دون المعاني المألوفة. ففي هذه
الحالة سيتبادر الى الذهن
المعنى الدال على الظهور الرمزي
والمجال المجازي. وكذا لو كانت
القرائن المنفصلة المنقولة دالة
على حمل الألفاظ على الرمز،
والمجال على المجاز، فان ذلك
سيؤثر على قراءتنا للنص، اذ يمكن
حمله على الرمز والمجال المجاز
وفق القياس والتمثيل.
هكذا يختزن الذهن البشري من
التجارب السابقة ويستجمع
القرائن القبلية مع ما يضاف الى
القرائن الحالية والمقامية؛
ليصبها جميعاً في اطار فهم النص،
فهذه هي ملكة الذهن التي تستجمع
ما امكنها من الآليات المعرفية
المناسبة في فهم ما يراد من النص
بحسب ألفاظه وسياقه. وعلى هذه
الشاكلة يكون تعامل الذهن مع
القضايا الكونية.
سابعاً:
نستنتج مما سبق وجود اربعة انماط
من الظهور اللفظي مع نوعين من
الظهور المجالي، فضلاً عن وجود
السياق. والانماط الاربعة
للظهور اللفظي هي:
1ـ نمط المعنى المشترك العام
للحقيقة اللفظية. ونطلق عليه
الظهور الحقيقي العام.
2ـ نمط المعنى الخاص للحقيقة
اللفظية. ونطلق عليه الظهور
الحقيقي الخاص.
3ـ نمط المجاز الظاهر، او الظهور
المجازي.
4ـ نمط الرمز الظاهر، او الظهور
الرمزي.
وما عدا هذه الانماط فاللفظ لا
يفيد الظهور، بل إما يفيد المجاز
البعيد (التأويل)، او الرمز
البعيد (الباطن). أما الظهور
المجالي فهو عبارة عن كل من
النوعين الحقيقي والمجازي، وان
ما يخالف هذين النوعين نسميه
المجال الباطني.
وبعبارة أُخرى، في النص لفظ
وسياق ومجال، وان اللفظ ينقسم في
المعنى الى ثلاثة انواع، هي
المعنى الظاهري والتأويلي
والرمزي. وان للمعنى الظاهري
اربعة انماط سبق عرضها. كما ان
المجال ينقسم الى ما هو مجال
ظاهر ومجال باطن، وان الاول
يتشعب الى صنفين هما المجال
الحقيقي والمجال المجازي.
فهذه هي آليات المرحلة الاولى من
قراءة النص، ونطلق عليها (الإشارة)،
فهي تنقسم الى حالات ثلاث، هي:
الإشارة الإستظهارية
والتأويلية والإستبطانية او
الرمزية. وعلى هذه المرحلة تتأسس
مرحلة أُخرى نطلق عليها (التفسير).
ولتبيان ما عليه هذه المرحلة
ومقارنتها بالإشارة علينا ان
نتبع ما سيأتي من خطوات..
آليات المرحلة الثانية (التفسير(
قد نتساءل ونقول: ما هي شروط
التفسير؟ او متى يكون النص
مفسراً؟ فمثلاً هل نحصر التفسير
بحدود ظاهر النص؟ أم أن التفسير
يختلف عن الظاهر؟ وماذا لو حملنا
النص على التأويل او الباطن
والرمز؛ فهل ذلك من التفسير ام
لا؟
للإجابة على هذه الاسئلة وغيرها
علينا متابعة النقاط التالية:
اولاً:
لقد سبق ان عرفنا ان ظاهر النص
يتضمن ظهورين، احدهما الظهور
اللفظي والاخر الظهور المجالي،
وقلنا ان هناك اربعة انماط
للظهور اللفظي، احدها يعبر عن
روح المعنى العام للحقيقة
اللفظية، وثانيها يعبر عن
الحقيقة الخاصة، والثالث عبارة
عن الظهور المجازي، والرابع
عبارة عن الظهور الرمزي. ولا شك
ان النمط الاول لا يعطي تفسيراً
بالمعنى الذي يوضح الكيفية التي
عليها اللفظ وسط علاقاته الخاصة
ضمن السياق. فالظهور اللفظي
عندما يعبر عن روح المعنى العام
فانه يخلو من التوضيح، أو على
الاقل يفتقر الى تحديد المعنى
المشخص الذي بدونه لا تتوضح
الكيفية التي يريد النص تبيانها
عبر ما نطلق عليه التفسير، رغم
كون المعنى في هذه المرحلة يعبر
عن الحقيقة المفهومة تبعاً
للسياق، وهي الحقيقة التي تدفع
عنها الحمل على المجاز والرمز.
فمثلاً حينما نقول ان لله يداً
ونزولاً ومجيئاً وغير ذلك من
الصفات والاحوال الظاهرة في
النص لكن من غير تحديد لكيفية
هذه الصفات المثبتة؛ فان قولنا
هذا يشير الى ظاهر النص من دون
تفسير، ومثل ذلك ما ورد عن
الامام مالك حول استواء العرش،
فهو قد حمل ألفاظ النص القرآني
على حقيقتها الظاهرة ولكن من غير
ايضاح للكيفية او التفسير، اذ
قال: «الاستواء معلوم والكيف
مجهول والايمان به واجب والسؤال
عنه بدعة». ومثله ما قاله احمد
ابن حنبل: «استوى كما اخبر لا كما
يخطر للبشر».
كذلك عندما يكون الظهور اللفظي
معبراً عن احد الانماط الأُخرى ،
وهو حمل اللفظ على الحقيقة
بمعناها الخاص، او حمله على
المجاز الظاهر وكذا الرمز
الظاهر، فان ذلك لا يفضي
بالضرورة الى ايضاح الكيفية
التفسيرية للنص، لكنه بلا شك
يُعدّ خطوة اساسية في هذا
الاتجاه، وقد تندك فيه شروط
التفسير التي تستعلم منها
الكيفية الاستبيانية للنص.
فمثلاً لو اننا قمنا باثبات
الصفات الالهية المذكورة
وحملناها على معانيها الحقيقية
الخاصة، كأن نعد لله اليد والعين
والوجه وغيرها من الصفات
ونحملها على معنى ما لدينا من
الاعضاء والجوارح، فاننا قد
خطونا بذلك خطوة التفسير للنصوص
المتعلقة بهذه الصفات، وكذا لو
قلنا ان معانيها مجردة وحددنا
هذه المعاني كالذي لجأت اليه
نظرية المشاكلة او المعاينة او
غيرها، فاننا نكون قد مارسنا
آلية التفسير بايضاح الكيفية
التي عليها معاني ألفاظ النص.
فالتفسير يختص بايضاح هذه
الكيفية من العلاقات اللفظية
التي يتضمنها النص، فان لم تكن
الكيفية متخيلة لدى الارادة
التصورية للذهن فان الأمر يخرج
عن حد التفسير وان دل على حمل
اللفظ الظاهر على حقيقته او على
غيره.
على ان تبيان الكيفية التفسيرية
يستند الى حضور نوعين من العلاقة
المتخيلة للارتباط اللفظي، نطلق
على احدهما العلاقة المفهومية،
وعلى الاخر العلاقة المصداقية.
فالعلاقة المفهومية هي تلك التي
تعبر عن مفاهيم الألفاظ
ومعانيها بالشكل الذي تكون فيه
واضحة المعالم وبينة المقاصد،
بغض النظر عن طبيعة كيفيتها على
الصعيد الخارجي، وقد تندك هذه
العلاقة في الدلالات اللفظية
الظاهرة، كما قد تتمايز عنها
باشكال مختلفة؛ إما لكونها تعبر
عن حالات من المعاني المجازية او
الرمزية، او لكونها لا تعبر عن
ذلك وانما تعطي مزيداً من المعنى
المضاف الذي يثيره ظاهر النص،
كالذي سيمر علينا في بعض الامثلة
البلاغية. أما العلاقة
المصداقية فهي تعبر عن طبيعة ما
تدل عليه المعاني اللفظية من حيث
الوجود الخارجي.
وعليه لا غنى للتفسير عن ايضاح
هاتين العلاقتين. فالحاجة
التفسيرية ما هي الا حاجة لايضاح
طبيعة هاتين العلاقتين معاً. بل
ان الحاجة الجوهرية في العملية
التفسيرية تتمثل في ايضاح
العلاقة المصداقية، ذلك لان
الغرض من قراءة النص هو الكشف عن
الموضوع الخارجي. وما ضرورة
العلاقة المفهومية الا لأنها
شرط لا غنى عنه في تلك العملية من
الكشف، حيث لا تتوضح العلاقة
المصداقية ما لم تنكشف قبلها
العلاقة الأُخرى. فهذه هي طبيعة
التلازم بين العلاقتين في
العملية التفسيرية، وهذه هي
حاجتها.
ومن الناحية العملية نصادف
اشكالاً مختلفة لهذه الحاجة،
فتارة تكون الحاجة لكليهما
معاً، وتارة أُخرى تكون الحاجة
لتفسير العلاقة المفهومية بما
تعبر عن منطوق النص، وذلك لوضوح
العلاقة الأُخرى، وثالثة العكس،
حيث تكون الحاجة لتفسير العلاقة
المصداقية دون المفهومية
لبيانيتها، ورابعة قد تنتفي هذه
الحاجة نظراً لوضوح النص في كشفه
عن عناصره تبعاً لكلا
العلاقتين، حيث يتحدان ويندمجان
في المتخيل الذهني لظاهر النص من
غير تمايز، وذلك للوضوح الناتج
عما تمدنا به بعض القبليات
المعرفية وعلى رأسها الضرورات
الحسية والوجدانية. لكن في اغلب
الاحيان نجد انفسنا في حاجة
لايضاح الكيفية وشرح ما يراد
تبيانه من النص؛ سواء على صعيد
المفهوم ام المصداق ام كليهما.
ويمكن تبيان هذه الانماط
الاربعة كما يلي:
الحالة الاولى:
في كثير من الاحيان يتبادر في
النفس كيفية العلاقة المفهومية
والمصداقية وفق المتخيل الذهني
من غير جهد مضاف الى الحاصل
الوارد في منطوق النص بعلاقاته
اللفظية، نظراً للمخزون الذهني
من القبليات المعرفية التي تعمل
على تشكيل الصورة المتخيلة
لطبيعة العلاقتين الانفتي
الذكر، خاصة فيما يتعلق
بالقبليات الحسية والوجدانية
باعتبارها واضحة غير مجهولة
المعالم. وفيها يبدو اتحاد بين
العلاقتين المفهومية
والمصداقية، او الظاهر
والتفسير، كالذي يتبادر لدينا
من متخيل للعلاقتين عندما نقرأ
قوله تعالى: ((فجاءته احداهما
تمشي على استحياء)) القصص/25، او
قوله تعالى: ((واذ قال موسى لقومه
ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة))
البقرة/67، او قوله تعالى: ((يا
ايها الذين امنوا اصبروا
وصابروا)) ال عمران/200.. ففي مثل
هذه الايات تبدو العلاقتان
المفهومية والمصداقية متحدتين
عند المتخيل الذهني، خلافاً لما
سنرى افتراقهما احياناً، حيث قد
تتبادر الى الذهن احداهما دون
الأُخرى ، او ان احداهما تفترق
عن الأُخرى ولا تتحد معها عند
التبادر، الأمر الذي يستدعي
الكشف عما تحتاجه اي منهما من
الشرح والتفسير.
الحالة الثانية:
في حالات معينة قد يكون ظاهر
الدلالات اللفظية للنص منكشفاً
لدى ذهن القارئ او السامع، لكن
هذا الظاهر لا يفي بحاجة العلاقة
المفهومية لدى المتخيل الذهني،
بحيث يحصل شعور بان الظاهر من
تلك الدلالات يظل ناقصاً ما لم
يدرك الغرض الذي تضيفه طبقاً
لذلك المتخيل. فيصبح من المعلوم
لدى الارادة التصورية للذهن ان
ما ترمي اليه الدلالة النصية هو
شيء اخر غير الظاهر المحصل،
استناداً الى كل من الكناية
والاستعارة والتمثيل. فمثلاً
جاء في قوله تعالى: ((قال ربِ اني
وهن العظم مني واشتعل الرأس
شيباً)) مريم/4، فالدلالة الظاهرة
للمقطع الأخير من النص تعبر عن
كثرة ما اصاب الرأس من الشيب،
لكن غرض النص ليس الظاهر
المذكور، بل التعبير عن حالة كبر
السن والشيخوخة، اذ ان من يصل
الى هذه المرحلة من العمر يبْيضّ
رأسه شيباً. ويمثل البلاغيون على
ذلك بأمثال؛ كقولهم عن الفتاة
بأنها (نؤوم الضحى)، فالظاهر
منكشف وهو وصف الفتاة بانها تنام
في وقت الضحى، لكن ما يريد
المتكلم ان يوصله للسامع هو شيء
اخر، او ان السامع يفهم منه
شيئاً اخر غير هذا الظاهر، وهو
كون الفتاة مترفة مخدومة. وكذا
قولهم: (هو كثير رماد القدر)،
والمعنى انه مضياف او كثير
الضيافة، حيث لكثرة الضيافة
فانه يقوم بتجهيز الطعام باحراق
الحطب ونصب القدور فيكثر الرماد
بذلك .
ومعلوم ان التفسير - هنا - هو ليس
ظاهر الألفاظ، فلو توقف الأمر
على هذا الظاهر من غير ان يكون
هناك متخيل ذهني للعلاقة بين
مضامين النص على صعيد المفهوم،
او ما يريد المتكلم توصيله من
معنى وراء ذلك الظاهر، فسوف لا
يعد تفسيراً بل مجرد ظاهر
وإشارة، بحيث لو قلت هذا هو
الظاهر وهذه هي حقيقة اللفظ لما
اوفى المعنى شيئاً بخصوص
العلاقة المفهومية وتوضيحها كما
يريد ان يبلغها المتكلم. ولا شك
ان ما يساعد على ايضاح هذه
العلاقة هو القبليات المعرفية،
خاصة تلك التي تتمثل بقرائن
الواقع الحسي. فكأننا من خلال
العلاقة المصداقية أمكننا ان
نكشف عن العلاقة المفهومية. إذاً
فحاجتنا العملية للتفسير هي
الكشف عن هذه الأخيرة، فبعد هذا
التشخيص تصبح العلاقة الاولى
واضحة بفضل الضرورة الحسية،
خلافاً لما سنراه في الحالة
القادمة.
الحالة الثالثة:
في بعض الاحيان قد يكون النص
واضحاً من حيث العلاقة
المفهومية تبعاً للظهور اللفظي،
فلا تكون هناك حاجة الى الكشف عن
تبيان طبيعة العلاقة بين
الألفاظ بما هي هي في مرحلتها
المفهومية لوضوحها، وان كان
المتخيل الذهني للعلاقة
المصداقية للنص يحتاج الى الكشف
والايضاح. واقرب مثال على ذلك ما
يتعلق بقوله تعالى: ((وما رميت اذ
رميت ولكن الله رمى)) الانفال/17،
فظاهر النص دال على ان الرمية
التي كانت للنبي هي في الوقت
ذاته منفية عنه ومنسوبة لله،
وهذا هو توضيح ما عليه العلاقة
بين الألفاظ من حيث المفهوم الذي
ينطق به النص، لكنه لا يكفي بشأن
ايضاح الكيفية الخارجية او
المصداق، اذ ما معنى ان تكون
الرمية المنسوبة الى النبي هي في
حقيقتها رمية لله لا للنبي؟
فالمعنى بحسب المصداق ليس
واضحاً او مفسراً، الأمر الذي
يستدعي ان تكون هناك اضافة
تفسيرية تشرح فيه الكيفية التي
عليها طبيعة المصداق الخارجي،
وبدون ذلك لا يكون النص نصاً
مفسراً، انما هو واقع تحت طي
الإشارة والفهم الظاهر فحسب.
ونحن هنا في تفسيرنا لهذه
الإشارة والفهم الظاهر لا غنى
لنا من الاستناد الى القبليات
المعرفية، ومن تلك القبليات
المؤسسة تبعاً للرؤى المنظومية،
كتلك التي تتكئ على نظرية وحدة
الوجود، مثل الذي قام به ابن
عربي في تفسيره لهذا النص، إذ
اعتبر الصورة المحمدية هي ذاتها
عبارة عن صورة الهية في احدى
تعينات الذات القدسية .
ومن الامثلة الأُخرى على هذه
الحالة قوله تعالى: ((وترى الجبال
تحسبها جامدة وهي تمر مرّ السحاب))
النمل/88، حيث ان العلاقة
المفهومية واضحة تبعاً للظهور
اللفظي، لكن العلاقة المصداقية
تحتاج الى الايضاح، اذ كيف يمكن
تصور حركة الجبال التي شُبهت بمر
السحاب؟ فهل نتصور ذلك بحسب
القبلية العلمية التي تؤكد على
حركة كل شيء طبيعي؟ وهل ان
الحركة المقصودة داخلية بحسب
الجزيئات والذرات والجسيمات
البسيطة؟ او ان حركتها خارجية
بحركة الارض في الفضاء؟
يظل هناك عدد كبير من النصوص
القرآنية يمكن اعتبارها واضحة
المعنى من الناحية المفهومية،
لكنها غير واضحة من الناحية
المصداقية.
الحالة الرابعة:
في حالات معينة قد لا يكون النص
واضحاً من الناحيتين المفهومية
والمصداقية، مما يجعل الحاجة
الى التفسير رهينة ايضاح هاتين
العلاقتين معاً، ومن ذلك ما جاء
في قوله تعالى: ((الله نور
السماوات والارض)) النور/35، فما
معنى وصف الله بالنور وما هي
كيفيته المصداقية؟ ومثل ذلك ما
وصف الله نفسه بكثير من الصفات؛
كالمكر والغضب والحب والرضا
والمجيء والاستواء... الخ. فبعض
العلماء لم يفسر العلاقة
الأخيرة للنص واكتفى بايضاح
العلاقة المفهومية، وذلك بأخذ
هذه الصفات على حقيقتها الظاهرة
ولكن من غير تكييف، اي من غير
ايضاح للعلاقة المصداقية، كالذي
عليه ابن تيمية. وبعض اخر زاد على
ذلك بتحقيق ما يتطلبه التفسير
فاعتبرها مأخوذة على حقيقتها
الظاهرة وان لها الكيفية
الخاصة، كالكيفية الجسمية مثل
الذي ذهب اليه الحشوية، او
الكيفية التجريدية (التشاكلية)
كالذي ذهب اليه صدر المتألهين،
او الكيفية (العينية) كالذي ذهب
اليه ابن عربي .
***
هكذا يتحقق التفسير الظاهر بحسب
ما له من علاقة بمستويي الظهور
اللفظي. وبالتالي فهناك مستويات
ثلاثة للظهور بعضها يقوم على
البعض الاخر، كالتالي:
الاول: مستوى الظهور اللفظي
بمعناه الدال على الحقيقة
العامة المشتركة. وهو ليس من
التفسير بشيء وإن كان يعبر عن
حمل اللفظ على الحقيقة.
الثاني: مستوى الظهور اللفظي
بمعناه الدال على المعنى الخاص،
وهو مستوى يتجلى بنواح ثلاث:
احدها حمل اللفظ على الحقيقة
الخاصة المشخصة وذلك كتعبير عن
خصوص الحقيقة العامة المشتركة.
وثانيها حمل اللفظ على الظهور
المجازي. واخيراً حمل اللفظ على
الظهور الرمزي. ويظل هذا المستوى
هو الاخر لا يعبر عن المرحلة
التفسيرية.
الثالث: مستوى تفسير النص، حيث
انه يعتمد على المستوى الثاني،
وخاصيته انه يعمل على ايضاح
العلاقتين المفهومية
والمصداقية معاً. ولما كان
قائماً على المستوى الثاني
وموضحاً له تبعاً لهاتين
العلاقتين فانه يعبر بذلك عن فهم
الفهم ومعنى المعنى.
ثانياً:
عرفنا ان الاخذ بالظاهر لا يعني
بالضرورة تفسيراً، كما ان
التفسير لا يقتضي الاخذ
بالظاهر، فهناك ظاهر بلا تفسير،
وتفسير بلا ظاهر، مما يعني ان
العلاقة بينهما ليست لزومية. بل
ان هذا الحكم يجري على ما تبقى من
انواع الإشارة، حيث لا توجد
علاقة لزومية تربط بين التفسير
والتأويل، او بينه وبين الباطن
او الرمز. اذ يمكن ان تتحقق لدينا
الإشارة التأويلية او الباطنية
وإن لم يثبت التفسير.
والتفسير بهذا المعنى له انماط
مختلفة، فعندما يتأسس على
الظاهر نطلق عليه (التفسير
الإستظهاري)، لكنه عندما لا
يرتبط باي علاقة مع الظاهر فانه
لا يخرج عن نمطين من العلاقة،
فهو إما ان يكون متأسساً على
التأويل فنطلق عليه (التفسير
التأويلي)، او يكون متأسساً على
الرمز فنسميه (التفسير
الإستبطاني او الرمزي).
وعلى العموم لدينا مجموعتان
احداهما تترتب على الأُخرى من
غير لزوم، حيث نطلق على الاولى (الإشارة)،
وعلى ما يترتب عليها (التفسير).
وان الفارق بينهما هو ان الإشارة
تبحث عن المعنى، لكن التفسير
يبحث عن شرح المعنى، او انه
عبارة عن معنى المعنى.
ومن حيث الإشارة لدينا كل من
إستظهار النص وتأويله وإستبطانه.
فإستظهار النص هو ذلك الذي يحافظ
على الظهور المجالي وتكون فيه
الدلالات اللفظية معلومة
بالتبادر. وتأويل النص هو ذلك
الذي يبتعد عن هذه الدلالات
الظاهرة، وإن التزم بالظهور
المجالي. أما إستبطان النص فانه
على خلاف كل من الإستظهار
والتأويل حيث يتصف بعدم
الالتزام بكل من الظهورين
اللفظي والمجالي.
ومن حيث التفسير لدينا كل من
التفسير الإستظهاري والتأويلي
والإستبطاني. وخاصية الاول هو
انه يعتمد على الإشارة الظاهرية
ليكشف عن الكيفية التي عليها
العلاقتين المفهومية
والمصداقية، كالذي مر علينا
تبيانه. كما ان خاصية التفسير
التأويلي هو انه يعتمد على
الإشارة التأويلية بالكشف عن
طبيعة العلاقتين المفهومية
والمصداقية للمعنى. فقد يكون
التأويل محض إشارة من غير تفسير،
وذلك عندما يكون هناك نفي للظهور
اللفظي وحمله على التأويل من غير
ان تتوضح فيه كلاً من العلاقتين
المفهومية والمصداقية.
فمثلاً ان إبعاد المعنى الظاهر
للألفاظ الخاصة بالصفات الالهية
وتأويلها ولو من غير تعيين، او
بتعيين المعنى ولكن من غير ايضاح
لكل من العلاقتين المفهومية
والمصداقية، لا يعد من التفسير
المكتمل للنص. فنحن هنا نواجه
نفس الحال الذي سبق مواجهته مع
حالات الحاجة التفسيرية عند
الإستظهار. ومن ذلك ان العلماء
حينما حملوا اية (استواء الرحمن
على العرش) على خلاف الظاهر، وهو
قولهم بان ذلك يعني استيلاء
الرحمن وغلبته على العرش مثلاً،
لم يكشفوا عن كيفية العلاقتين
المفهومية والمصداقية لهذا
المعنى. فمن حيث العلاقة
المفهومية هو ان الله له الغلبة
والاستيلاء على كل شيء فما جدوى
هذا التخصيص بالعرش؟ وكذا لو قيل
ان معنى الاستيلاء جاء ليدل على
الملكية، وهو ان العرب يقولون
استوى فلان على البلد بمعنى
استملكه، فذلك لا يكفي ايضاً
للتعبير عن الدلالة المفهومية
من حيث تصورنا القبلي عن مالك
الوجود الذي يملك كل شيء اولاً
واخراً. أما من حيث العلاقة
المصداقية فيبقى السؤال وارداً،
وهو: ما معنى هذه العملية
الاستيلائية او التملكية للعرش؟
وبذلك نعد المفسرين الذين ذهبوا
الى هذا المعنى انما حملوا النص
على التأويل ولكن من غير تفسير
مكتمل .
أما خاصية التفسير الإستبطاني
فهو انه يعتمد على الإشارة
الرمزية ليوضح من خلالها طبيعة
العلاقتين المفهومية
والمصداقية للمرموز اليه. فلو
توقف الحال على الإشارة الرمزية
من دون ايضاح الكيفية التي تخص
هاتين العلاقتين؛ فان ذلك لا يعد
من التفسير، رغم تأديتها للفعل
الإستبطاني، وذلك باستبعاد كل
من الظهورين اللفظي والمجالي.
فمثلاً ليس من التفسير بشيء اذا
توقف الحال على اعتبار شجرة ادم
وقصته يرمزان الى امور ليس لنا
العلم بها سوى انها خلاف ظاهر
ألفاظ القصة ومجالها. وكذا ليس
من التفسير بشيء لو حددنا معنى
الشجرة كرمز يشير الى قضية أُخرى
اجنبية لكن من غير توضيح للعلاقة
المفهومية لهذا المعنى بسائر
المعاني الرمزية المستخلصة من
القصة، ومثل ذلك فيما لو كشف عن
هذه المعاني ولكن من دون ايضاح
الكيفية المصداقية لها. ففي كل
هذه الاحوال لا يمكن ان نعد ذلك
من التفسير المكتمل. اذ يشترط في
التفسير الإستبطاني للنص الكشف
عن العلاقة المفهومية للمعاني
المستخلصة من خلال الرموز
اللفظية مع تبيان ما عليه
حقيقتها المصداقية.
فمثلاً ان لابن عربي تصوراً
رمزياً لقصة يوسف، يعتبر فيها ان
المقصود بيوسف من حيث الباطن هو
النفس المؤمنة، وأبيه يعقوب هو
العقل، واخوته هم النفس الامارة
واللوامة، وان امرأة العزيز هي
النفس الكلية وهكذا.. فهو تبعاً
لهذه الاشارات المفهومية يذكر
بأن الله تعالى لما اراد من
النفس المؤمنة ان تسافر اليه
اشتراها من اخوتها الامارة
واللوامة بثمن بخس، وحال بينها
وبين ابيها العقل، فبقي هذا
العقل حزيناً لا تفتر له دمعة،
وذلك بعد ان كان يتنزه في الحضرة
الالهية بوجود هذه النفس، فلما
حصلت الحيلولة بينهما اصابته
الظلمة في بصره من الحزن، وهكذا
.. فهذه التصورات الرمزية تدل على
ابراز جانب من العلاقة
المفهومية، أما العلاقة
المصداقية فهي عبارة عن مصاديق
الرؤية العرفانية التي تشرح
طبيعة العلاقة التراتبية بين
العقول والنفوس وتسخير بعضها
للبعض الاخر.
ثالثاً:
للتمثيل على المقارنة بين
الآليات الست المختلفة للإشارة
والتفسير؛ نتبع ما يلي:
لو أخذنا مثال اليد الالهية كما
وردت في النص القرآني، وقلنا بأن
لله يداً لكنها غير معلومة
الكيفية؛ فكلامنا هذا يعبر عن
حقيقة اللفظ وظاهر النص وان لم
نعين تفسيره بالتحديد إن كانت
هذه اليد جارحة كأيدينا مثلاً او
غير ذلك. فهو بالتالي مجرد إشارة
ظاهرية فحسب.
ولو قلنا بأن هذه اليد معلومة
وموضحة؛ كإن ندعي أنها كأيدينا،
او هي عين هذه الأيدي، او انها
أيدٍ بالمعنى المجرد، فان ذلك
يدخل في التفسير ولا يقتصر على
مجرد الأخذ بالظاهر، وهو ما نطلق
عليه التفسير الإستظهاري.
ولو قلنا بأن يد الله ليست مرادة
على ظاهر اللفظ، لكن لا نعلم
تفسيرها ضمن سياق النص، او أننا
عيّنا معناها ولكن مفهوم النص
الذي يتضمنها غير مكتمل المعنى
والتوضيح، او لاعتبارات تتعلق
بعدم وضوح ما النص عليه من
الناحية المصداقية.. فكل ذلك
يكون تأويلاً من حيث الإشارة لا
التفسير.
ولو قلنا بأننا نعلم المراد
كمفهوم ونتخيل المصداق عبر
المعنى المأول، كإن يكون المراد
عبارة عن القدرة او النعمة او
غير ذلك تبعاً لما عليه مجال
النص، فان الأمر يصبح تفسيراً
بحسب التأويل.
ولو قلنا بأن يد الله ليست مرادة
بحسب الظاهر وانها ترمز الى امر
اخر غير مرتبط بالمجال الذي وردت
فيه الكلمة، وإن كنا لا نعلم
تحديد معنى هذه الكلمة ومجالها،
او كنا نعلم ذلك لكن من دون ايضاح
لكلا العلاقتين المفهومية
والمصداقية، فالأمر يكون عبارة
عن مجرد إشارة رمزية من غير
تفسير.
ولو قلنا بأننا نعلم بتحديد
المعنى مفهوماً ومصداقاً، كإن
نفسر اليد بمعنى العقل الاول وما
شاكل هذا المعنى ونوضح ما يرتبط
بذلك من العلاقات، فالأمر يصبح
تفسيراً بحسب الباطن.
رابعاً:
تبعاً للتقسيم الانف الذكر بين
المجموعتين يتجلى أن لا تلازم
بينهما من حيث الرد والقبول، فقد
يكون المعنى المحدد بحسب
الإشارة متفقاً عليه من حيث
القبول، أما التفسير فهو موضع
الخلاف، اي ليس كل ما يقبل من حيث
الإشارة فان تفسيره يقبل هو
الاخر، وكل ذلك يعود الى اختلاف
ما عليه القبليات، خصوصاً تلك
التي تعود الى الانظمة المعرفية
كما سيأتينا بيانه.
فمثلاً قد يتفق العرفاء مع غيرهم
في فهمهم للإشارة الإستظهارية،
لكنهم مع هذا يفسرون الإشارة
تفسيرهم الوجودي المعهود بما
يختلفون فيه عن الغير، بل وبما
يبتعدون فيه عن اجواء النص
وسياقه، وبما قد لا يستسيغه
العقل والوجدان، رغم انه يقوم
على الإشارة الظاهرية. وفي هذه
الحالة نطلق على هذه العملية (الإستظهار
الجدلي).
وفي الجملة ان ما يعنيه
الإستظهار الجدلي هو ان تكون
الإشارة ظاهرية، في حين يكون
تفسيرها قائماً على المباطنة
والتأويل البعيدين؛ بفعل ما
تتحكم به قبليات الانظمة
المعرفية. وسيأتينا عدد من
الشواهد يبرز هذا النوع من
الإستظهار الذي تفترق فيه
الإشارة عن التفسير افتراقاً
بيناً.
خامساً:
ان مصاديق كل من آليات الإشارة
والتفسير الثلاث تتفاوت فيما
بينها قوة وضعفاً تبعاً
لاعتبارات كل من الظهور اللفظي
والحالة التي عليها سيكولوجية
القارئ واعتباراته القبلية. فقد
تتفاوت حالات الإستظهار من نص
الى اخر لدى القارئ، كما قد
يتفاوت إستظهار النص الواحد من
قارئ الى اخر، بحيث يحصل ما هو
اكثر او اقل إستظهاراً مقارنة مع
الاخر.
وينطبق الحال نفسه بخصوص
الآليتين الاخريتين. فقد يحصل من
التأويل وكذا الإستبطان ما هو
اكثر تأويلاً وإستبطاناً
بالنسبة الى الاخر، سواء كان هذا
الاخر عبارة عن النظير من
النصوص، او النظير من القراء. بل
قد تكون هناك حدود وسطى بين
الآليات الثلاث، ومن ذلك ما
اطلقنا عليه المجاز الظاهر، فهو
لا يخلو من التأويل القريب، لكنه
يعبر في الوقت ذاته عن حالة من
حالات الظاهر بدلالة ما يحصل من
التبادر، وذلك بفعل القرائن
المنفصلة المركوزة في الذهن.
وبالتالي فنحن - هنا - امام حالة
مزدوجة تجمع بين التأويل
والإستظهار، حيث يمكن عدها من
الإستظهار بفعل القرائن
المركوزة في الذهن، كما يمكن
عدها من التأويل بفعل ما فيها من
المجاز اللفظي.
فمثلاً على ذلك قوله تعالى: ((إنّك
ميّت وإنّهم ميّتون)) الزمر/30، اذ
لو عزلنا هذا النص عن اي قرينة
منفصلة، كالقرينة الخارجية
الحسية، لكُنا قد استظهرنا من
النص الدلالة على موت النبي
والاخرين موتاً حقيقياً وقت
نزول الخطاب. فالظاهر دال على
انهم ميتون حقيقة، لكن بفعل
القرينة والضرورة الحسية يتبين
ان الأمر ليس كذلك، حيث يتبادر
المعنى طبقاً لموجهات القرائن
الخارجية، او القبليات
المعرفية، ومنه نعلم ان ظاهر
النص دال على معنى كون النبي
والاخرون سيموتون لا محالة، لا
انهم ميتون فعلاً. وهذا التوجيه
او التأويل القريب هو ليس
كالتأويل البعيد الذي يبتعد عن
سياق النص وحقيقة ألفاظه
ابتعاداً كثيراً.
وينطبق هذا الحال - ايضاً - على
قوله تعالى: ((واسأل القرية))، حيث
يفهم القارئ مباشرة وبحسب ما
لديه من المخزون الذهني
للقبليات الحسية ان المقصود
بذلك هو اهل القرية. وكذا قوله
تعالى: ((فوجدا فيها جداراً يريد
ان ينقض فأقامه))، حيث يتبادر الى
فهم القارئ، تبعاً للقرائن
القبلية المتمثلة بالحس، ان
المقصود من الارادة في النص هو
الميل، وليس تلك الصفة الحيوية
التي تُطلق على الانسان وغيره من
الاحياء.
وعلى هذه الشاكلة هناك عدد كبير
من النصوص تقترب فيها مجازية
النص من فعل الظهور العائد الى
الحقيقة. لكن هناك ما هو اقل من
ذلك ظهوراً وإن لم يبتعد كثيراً
عنه. ومن ذلك ما جاء في تأويل
قوله تعالى: ((يخرج الحي من الميت
ويخرج الميت من الحي)) الروم/19،
اذ قيل فيه ان معناه هو اخراج
المؤمن من الكافر، والكافر من
المؤمن، وكذا العالم الفطن من
الجاهل البليد، وهذا الجاهل من
العالم .
كما هناك ما هو بعيد عن الظهور
اللفظي، مثل الكثير من معاني
الفهم التي وضعها كل من المعتزلة
والاشاعرة ازاء النصوص الدينية،
كما يتبين ذلك في الموقف من
النصوص القرآنية الخاصة بمسألة
القضاء والقدر. اذ قامت المعتزلة
ومن على شاكلتها بتأويل ظواهر
الايات الدالة على التدخل
الالهي في اضلال العباد والختم
على قلوبهم . وعلى الضد لجأت
الاشاعرة الى تأويل ظواهر
الايات الدالة على نسبة الأعمال
الى العباد .
واخيراً فهناك ما هو اكثر بعداً
وايغالاً في التأويل، بحيث يصل
الى درجة التحريف، كما يدل على
ذلك الكثير من الممارسات التي
قام بها الفلاسفة والعرفاء
تبعاً لقبلياتهم الوجودية.
فمثلاً على ذلك ما قام به ابن
عربي في تأويله للنصوص التي تخص
المصير الذي عليه فرعون، حيث
اظهره بانه من الناجين من العذاب
والنار . وكذا ما قام به صدر
المتألهين في تأويله للاية: ((ذلك
بأنه كانت تأتيهم رسلهم
بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا
فكفروا وتولوا)) التغابن/6، حيث
قلب حقيقة الظاهر فيها وعدها
تعني بأن الله قد حكم بكفر من
اعتبر النبي ذا حقيقة بشرية،
بخلاف الظهور اللفظي للاية
وسائر الايات . ومثل ذلك ما قام
به حيدر الاملي والقيصري من
تأويل اية الامانة: ((إنّا عرضنا
الامانة على السماوات والارض
والجبال فابيْنَ ان يحملنها
واشفقْنَ منها وحملها الانسان،
انه كان ظلوماً جهولاًً))
الاحزاب/72، فقد اعتبر الاملي بأن
ما ورد في الاية من وصف الانسان
بالظلم والجهل لا يعد ذماً، بل
هو مدح لا يفوقه مدح اخر . وقبله
كان القيصري يرى ان معنى الاية
هو ان الانسان ظلوم لنفسه مميت
اياها بافناء ذاته في ذات الله
تعالى، وانه جهول لغيره بحيث انه
ينسى كل ما سوى الحق، وينفي ما
عداه بقوله: «لا اله الا الله» .
إذاً فهناك تفاوت في الظهور
والتأويل، وهناك حالات وسطى
للآليتين السابقتين. والأمر
سيان بشأن الآلية الرمزية، كما
يدل على ذلك ما سبق ايراده بخصوص
المجال المجازي.
سادساً:
نخلص مما سبق الى ان تحقيق
الآليات الثلاث (الإستظهارية
والتأويلية والإستبطانية) يتم
عبر عدد من الشروط لها صلة
بالموقف من عاملين، هما: الظهور
اللفظي والمجال. فمن خلال هذين
العاملين تتميز الآليات الثلاث
السابقة، اذ تتعين ماهية كل منها
وفق شكل العلاقة التي يحددها
عامل الظهور اللفظي والمجال،
كما يتبين معنا كالتالي:
1ـ الآلية الإستظهارية
يشترط العمل بهذه الآلية تحقيق
شرطين اساسيين، الاول: أن لا
يخرج الفهم او القراءة عن الظهور
المجالي للنص. أي أن لا يتحول
الفهم من المجال الظاهر الى مجال
اخر مختلف. أما الشرط الثاني: فهو
أن يكون الفهم قائماً وفق الظهور
اللفظي للنص، وذلك بغض النظر عن
ماهية الاسباب والدوافع التي
تعمل على تشكيل صورة هذا الظاهر،
والتي منها الخزين الذهني
للقبليات المعرفية.
إذاً فلهذه الآلية شرطان ينبغي
الحفاظ عليهما، وهما المجال
والظاهر، وان الاخذ بالظاهر
يقتضي الاخذ بالمجال من دون عكس.
2ـ الآلية الإستبطانية
وشرط هذه الآلية التخلي عن كلا
الشرطين من القراءة الإستظهارية
الانفة الذكر، فهي لا تحتفظ
بالمجال كما يطرحه النص، كما
انها تبعاً لذلك لا يمكنها
المحافظة على ظاهر لفظ النص.
فعدم الحفاظ على المجال يفضي الى
عدم الحفاظ على الظاهر من دون
عكس. وخاصيتها الاساسية العمل
ضمن مجال مختلف جديد لا يمت بصلة
الى المجال المطروح. او يمكن
القول انها تعمل على استبدال
المجال الظاهر بمجال اخر، هو ذلك
الذي يتحدث عن (الخبز والشعير!)،
وان مبرر هذه الممارسة قائم على
ما لبعض المنظومات المعرفية من
دوافع اسقاطية عند قراءتها للنص
الديني، فهي بحسب قبلياتها
المعرفية تقرأ النص وفق المجال
الذي تفكر فيه، ومنه يتحول
الظهور اللفظي الى رمز يشير الى
مضامين هذا الفكر. وابلغ من مارس
هذا الدور من الآلية
الإستبطانية هو النظام الوجودي،
سيما منظومته العرفانية وتلك
الموصوفة بالباطنية (الاسماعيلية).
3ـ الآلية التأويلية
تتصف هذه الآلية بأنها وسط بين
الآلية الإستظهارية والآلية
الإستبطانية. فهي تتقوم بشرطين،
احدهما تشترط به الآلية
الإستظهارية، والاخر تشترط به
الآلية الإستبطانية. كما انها في
القبال تتخلى عن شرطين لكل منهما.
فهي تحافظ في قراءتها على الظهور
المجالي دون ان تستبدله بمجال
اخر بعيد، وهو ما يجعلها ت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

آليات قراءة النص الديني :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

آليات قراءة النص الديني

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الإسلاميات التطبيقية وتحليل الخطاب الديني: حفريات تأويلية في آليات تحليل الخطاب الديني عند محمد أركون
» المأزق في الفكر الديني بين النص والواقع
» محمد أركون وقراءة النص الديني الثلاثاء 24 أيلول (سبتمبر) 2013 بقلم: أحمد فري
» محمد أركون وقراءة النص الديني الثلاثاء 24 أيلول (سبتمبر) 2013 بقلم: أحمد فري
» كيف يتشكل المرجع الديني في الفكر الشيعي؟! قراءة في كتاب"بردة النبي، الدين والسياسة في إيران"

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: