جنون فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 2121
الموقع : منسقة و رئيسة القسم الفرتسي بالمدونات تاريخ التسجيل : 10/04/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4
| | سوء الظن والتقوقع موروث حيواني | |
سوء الظن والتقوقع موروث حيواني rhesusmonky | الشك بنوايا الاخرين والحذر منهم ونشر سوء الظن والعدائية والتمييز على اساس الظن والتقسيم الى " نحن وهم"، ظواهر نراها تتزايد في مجتمعاتنا وعلى الاخص مع صعود التيارات الايديولوجية السياسية بما فيه الاسلام السياسي. وسهولة التسلق على هذه المشاعر ترجع الى انها مشاعر عميقة لدى الانسان وترجع في جذورها الى العصر الحيواني، بما يعني انها خواص بدائية لازالت تلوث انسانيتنا. هذه النتائج توصلت اليها عالمة نفس متخصصة في سلوك الحيوان.
مسألة تقسيم الناس الى مجموعات "نحن" و"هم" ومعروف وغريب كل منا يملك امثلة حقيقية عليها. نحن البشر نملك نوازع عميقة تدفعنا لتصنيف الاغراب وتأطيرهم وإطلاق الاحكام المسبقة عليهم. هذا احد السلوكيات التي تؤثر على قراراتنا ومواقفنا ويترتب عليه نتائج وخيمة تمس قدرتنا على التعايش بسلام مع الاخرين.
يسود لدى البسيكولوجيين وعلماء الاجتماع اتفاق على ان اغلب الصدامات في تاريخ البشرية بسبب تقسيمنا للعالم الى " دارنا" و " دارهم" ، " نحن " و " هم" لنقوم بتقسيم البشر الى امم ومجموعات على اساس الانتماء الاجتماعي او الديني او المذهبي او العرقي او الجنسي او الايديولوجي. لهذا السبب كان البسيكولوجيين مهتمين للغاية بدراسة نزعة الانسان لبناء احكام مسبقة والتعاطي من خلالها، ومعرفة مصادر احكامنا المسبقة وهل لدينا القدرة على تعلم التحكم بهذه النزعة او استصالها.
في السابق كان البسيكولوجيين ينطلقون من ان الحذر من الغرباء عادة مكتسبة حيث ان ردود افعالنا امام الناس من مختلف المستويات الاجتماعية تتأثر ببيئتنا الثقافية والاجتماعية. الان نكتشف ان هذه النزعة تملك جذورا اعمق تعود الى السلوك البدائي.
Neha mahajan | بالذات الانسان ليس الوحيد الذي يملك هذه السلوكية البدائية إذ يشاركنا فيها بعض انواع القرود. صغار القرود من نوع rhesusmonkey تستقبل افراد نوعها من مجموعات اخرى بحذر شديد وشك تماما كما يستقبل البشر الغرباء بعضهم البعض. هذا الامر جرى توثيقه في دراسة من عام 2011 للباحثة البسيكولوجية Neha mahajan, من جامعة ياله الامريكية.
قرود ريهيس التي انفصلت عن الخط المشترك مع الانسان قبل 25 مليون سنة تستطيع التفريق بسرعة بين افراد تنتمي الى مجموعتها وبين افراد المجموعات الاخرى لتظهر سلوكية حذرة ومليئة بسوء الظن مع القرود الاغراب. الباحثة درست سلوك القرود في بيئتها الطبيعية على جزيرة Cayo Santiago خارج بيورتوريكو. المكان نموذجي لدراسة سلوك البدائيات. على هذه الجزيرة يعيش حوالي الف قرد في الحالة البرية وتقوم بنفسها بتكوين جماعات اجتماعية مختلفة. في الدراسة قام الباحثون بجمع معلومات مفصلة عن كل قرد وخصائصه التي شكلت اساس إنضمامه الى جماعه.
في احدى التجارب، لمعرفة الاحكام المسبقة لدى القرود، جرى عرض سلسلة من الصور المزدوجة. جرى تنسيق الامر بحيث إما ان تكون احدى الصور لفرد من افراد القطيع والثانية لفاكهة مرغوبة او لقرد غريب وعنكبوت تخشاه القرود او بطريقة معاكسة. القرود قضوا وقت قصير في التمعن بقرد من جماعتهم الى جانب فاكهة مرغوبة او بقرد غريب الى جانب عنكبوت مكروه مما يعني اهم يرون هذه العلاقة طبيعية، في حين انهم احتاجوا الى وقت طويل للتمعن في الصور المعاكسة حيث يكون فرد من القطيع الى جانب عنكبوت مكروه او فرد غريب الى جانب فاكهة مرغوبة. هذا يعني، بناء على ملاحظات سابقة لطريقة سلوك القرود، ان هذه الصور تتعارض مع قناعات القرود المسبقة عن الاخر. بمعنى اخر فالقردة ليس فقط تمييز بين افرادها و الافراد التي لا تنتمي الى الجماعة بل وانها، ذهنيا، تربط جماعتها بالخيارات الخيرة وتربط الاخرين بالشر.
ومما اثار الدهشة ان افراد الجماعات غالبا مايغيروا انتمائتهم إذ يحدث ان احد الافراد يترك جماعته الاجتماعية وينتقل الى جماعة اخرى بدون اي سبب ظاهر . الافراد الجدد الذين يأتون للانتماء الى الجماعة يجري قبولهم بسرعة في حين ان الافراد التي كانت لسنوات عديدة اعضاء ذات ولاء كامل تصبح على الفور من الاغراب عقب تركها للجماعة مباشرة. ذلك جرى اختباره ليظهر ان ردود فعل افراد الجماعة تجاه المنفصلين عنها يصبح نفسه كما تجاه الاغراب. ذلك يظهر انه وعلى الرغم من تقسيمهم العالم الى دارنا ودارهم الا انهم قادرين ايضا على فصل التاركين للجماعة واخراجهم من جماعة " نحن "وإعتبارهم من دار الاخرين في جماعة " هم"، وهي ظاهرة كان يعتقد انها موجودة عند لانسان وحده، وعلى الاخص في الانتماءات الحزبية والدينية والطائفية ، السلوكيات الاقرب للبدائية.
بنتيجة الاختبارات يظهر واضحا ان تفضيل المماثلين (لاي سبب) والحذر والشك ضد المخالفين الغرباء والتجمع في جماعات متقوقعة على الذات سلوك حيواني موروث يمتد بجذوره الى ماقبل 25 مليون سنة ولازلنا ننازع القرود فيه حتى اليوم. تتساءل الباحثة لاوريس سانتوس:" لو تمكنا ان نطلق قدرتنا على تقبل الغرباء ونقبلهم العالم في جماعتنا لربما نرتفع عن القرود لنصبح عرق لديه احكام مسبقة اقل". | |
|