** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
خاصية الجمال في الاغتراب الأدبي والفني عزلة المبدع وهم أم بحث عن عوالم افتراضية؟ I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 خاصية الجمال في الاغتراب الأدبي والفني عزلة المبدع وهم أم بحث عن عوالم افتراضية؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نعيمة
فريق العمـــــل *****
نعيمة


عدد الرسائل : 360

تاريخ التسجيل : 14/04/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

خاصية الجمال في الاغتراب الأدبي والفني عزلة المبدع وهم أم بحث عن عوالم افتراضية؟ Empty
09112011
مُساهمةخاصية الجمال في الاغتراب الأدبي والفني عزلة المبدع وهم أم بحث عن عوالم افتراضية؟

خاصية الجمال في الاغتراب الأدبي والفني عزلة المبدع وهم أم بحث عن عوالم افتراضية؟ B22153

علي محمد اليوسف




الاغتراب Alienation هو غير العزلة النفسية self ــ estrangement
كما يحلو الخلط للبعض بين المضمونين . وسواء اكانت العزلة النفسية ــ سوية
(صحية) غير مرضية او كانت عزلة نفسية بعوارض مرضية ــ مثل انفصام الشخصية،
او الذهان العقلي، او العصاب النفسي... الخ فهي لا تمثل شكلا اغترابيا من
اشكال الاغتراب.... وان كان يفترض مسبقا و يشترط ان يكون كل موقف او مظهر
اغترابي تستوطنه، تدخله، تتقمصه عزلة نفسية وان كانت في نظر علم النفس
الطبي و العقلي ان جميع اشكال العزلة النفسية مرضية، الا انها تختلف لدي
الاغترابي او الشخص الاغترابي المبدع في (درجة) و( نسبية ) المرض. والا
انتفت خاصية الابداع الفني الجمالي عنده. فالعزلة النفسية لدي الاغترابي
المبدع، عزلة نفسية غير مغيبة أي بمعني تعي ذاتها وتدرك محيطها وتعرف بواعث
عزلتها، لذا فقد يكون الفرد الاغترابي عصابيا نفسيا من نوع ما وقد يكون
معافي نفسيا . فالعزلة النفسية لدي الاغترابي ضرورية لترك مسافة الرصد
والمعاينة لوعي الذات اكثر ورغبته الاكيدة في التأثر والتأثير .. وهذا ما
لا نجده لدي المصاب المريض بالعزلة النفسية المرضية غير الاغترابية، عليه
لا تكون كل اشكال العزلة النفسية او حالات العصاب النفسي بالضرورة تشكل
ظواهر اغترابية .
والاغترابي، او المبدع بالتحديد ربما لا تكون عزلته
النفسية من وجهة نظر طبية نفسية عقلية تمثل انفصاما شخصيا تفقد صاحبها قدرة
الابداع او التأثر او التاثير بالاخرين و المحيط بينما تكون بعض حالات
العصاب النفسي او الانفصام او الذهان العقلي وغيرها امراضا مصحوبة بعوارض
وعلامات وسلوك وتفكير مريض تفقد صاحبها من التعامل السوي مع المحيط، غير
مدرك (لذاته) ولا يعي (الموضوع) وعيا سليما. والفرق بين الاغتراب والعزلة
النفسية المرضية:
ان الاغتراب ابتعاد او انفصال عن الجوهر الحقيقي
المثالي للذات، او الانفصال عن الموضوع سواء اكان الآخر ام المجتمع ام
المحيط، والاغترابي يستثمر عزلته النفسية بالتأمل ومراجعة الذات والاحتكام
الي معيارية حقيقتها الجوهرية المثلي ومن ثم دراسة بواعث اغترابه الاخري
الموضوعية واستحضار تصورات ومفاهيم ارتدادية للعودة ثانية للمحيط الذي
اعتزله برؤي وابداعات قد تكون فكرية، اجتماعية ادبية، فنية .... الخ. اما
العزلة النفسية المريضة غير المبدعة فقد تكون رد فعل سلبي مبعثه ومسبباته
المحيط او المجتمع والانكفاء نحو الداخل بسلوكية وتفكير منغلق علي الذات
منبت (مقطوع) الصلة بالآخر، مغيب عما يجري في المحيط من حوله.
ويجمع من
لا حصر لهم من اختصاصيين اجتماعيين وعلماء نفس وادباء ان العزلة النفسية ــ
الفصامية هي خاصية المبدعين المتميزين من مفكرين وادباء وفنانين ممن كانت
عزلتهم النفسية غير السوية من وجهة الطب العقلي والتحليل النفسي هي مبعث
ابداعهم ولو احتوتهم شواغل الحياة اليومية والاندماج الطبيعي!!! مع المجتمع
لما اصبحوا مبدعين اساسا. باختصار العزلة النفسية التي هي مبعث ومنشأ كل
انتاجية ابداعية ادبية فنية جمالية انما هي تموضع (أناني) للذات في تمايزها
الاجتماعي . والاغتراب الذي يحتوي العزلة النفسية يكون اغترابي بالمجموع،
بالكل الذي قدرة تأمل الذات ــ المجموع من نصيبه وحده، فالاغترابي ليس
ايديولوجيا تثويريا في المجتمع، لكن جزء من فعاليته الاغترابية هي تلك...
فهو لا يعيش عزلة نفسية تعني وتنشغل بعبادة وثنية للذات حتي في سماتها
المثالية الجوهرية ــ وان كان ليس هناك ذات انسانية بسمات ومواصفات مثالية
كاملة باستثناء مواصفات الذات بمقارنتها معياريا بالكمال الالهي المطلق
اللامحدود اللانهائي، فعند مقارنة الصفات الذاتية الانسانية بالصفات
الذاتية الالهية عندها يمكننا (تصور) فقط انسانية مثلي متمايزة جدا عن بقية
البشر... وهو ما لايتوفر عليه البشر.

صفات الاغترابي
يعي ذاته جيدا، ويتحسس بواعث اغترابه عن موضوعه وحتي
عن الكوني وما وراء الطبيعة. يمتلك تصوراً مسبقاً لضرورات تجاوز اغترابه
واغتراب الآخر.
العودة ثانية الي معترك الحياة في نشدان قهر اغترابه بالاسلوب والمواصفات والمميزات والمؤهلات التي تمكنه من بلوغ غايته.
يذهب
(بلوير) : ( ان واقع العالم الانفصامي قد يكون اكثر صدقا من العالم
الحقيقي، فالمريض يتحدث عن تخيلاته علي انها حقيقية وعلي الواقع انه وهمي
وان امكانية ان يكون الواقع الاجتراري اكثر صدقا من الواقع الحقيقي)(1).
مر
بنا ان العزلة النفسية باستثناء مجموعة من الادباء والفنانين، سواء اكانت
لدي غيرهم حالة انكفاء نفسي مرضي او عقلي او ذهاني، او انفصامي، او حتي لو
كانت حالة طبيعية سوية فليس من شرطها او من جوهر سماتها الابداع والخلق او
تجلي موهبة او نبوغ.
فالعزلة النفسية لدي المصاب باكتآب مزمن او لدي
المنفصم الشخصية الحاد، او صاحب الذهان العقلي، او العصاب النفساني المنكفئ
في رحلة الداخل بلا رجعة للذات ووعي المحيط، وحتي احيانا صمت المجنون او
عزلته وهذيانه، كلها علامات وعوارض لظاهرة سلبية مرضية لا فائدة من ورائها
في كل المقاييس وسيتوضح لنا اكثر في مجال قادم.
ان ما يذهب له (بلوير)
و(فوكو) و(آرتو) و(كرتشمر) و(هولدرين) من تقييم رد اعتباري اخلاقي ــ
انساني ــ اجتماعي للجنون ممن يعتبرون حتي هذاءات المجنون ربما كانت او
بالاحري جازمين انها تعبير صادق عن الحقيقة والذات ومبعث هذا الاتجاه كما
ذكرت عاطفي انساني تعالج الوضع الاجتماعي ومكانته كانسان من حقه ان يعيش
الحياة التي تعيش هي به ولا يعيش هو بها .
ولتوضيح الفرق بين الاغتراب
الطبيعي الابداعي لدي الاديب او الفنان وبين هذاءات المريض الفصامي او
الذهاني او المجنون استشهد بوجهات النظر التالية كتمهيد للدخول في مناقشة
اشمل للموضوع:
1 ــ يشير الاستاذ الدكتور شاكر عبد الحميد في بحثه القيم
(المرض العقلي والابداع الادبي)(2)، ان اخذ الفروق الحاسمة بين التفكير
الابداعي والوقوف فريسة (الذهانية) هو ذلك التحكم الارادي والفرضية الواضحة
في سلوك المبدع بينما يبدو المريض الفصامي مثلا منقادا مدفوعا بواسطة
افكاره .. وان الفنان ينظم افكاره ويشذبها في عملية الخلق الابداعي بينما
تبقي افكار المريض اجترارية ضاغطة مستمرة بشكل ملح غير قابل للتحكم، بينما
افكار الفنان مصاغة وقد تم تشكيلها في قوالب فنية قابلة للتوصيل والتذوق.
2
ــ يقرر الاستاذ الدكتور محمد علي الكردي في بحثه (الجنون في الادب)(3)،
ان الذهان الذي هو انفصام حاد بين الأنا والواقع كثيرا ما يؤدي الي سيطرة
الغرائز والدفعات الاولية علي الأنا واعادة صياغة الواقع بطريقة خيالية
تتلاءم مع هذه الدفعات.
3 ــ في معرض حديثه في ندوة عن الاغتراب يعرف
الاستاذ الدكتور حسن حنفي الاغتراب السوي أي الابداعي بقوله (الاغتراب توحد
الذات بالموضوع في الانسان فيصبح الانسان واعيا بذاته عن طريق الموضوع
والوعي بالموضوع هو وعي بالذات)(4).
4 ــ المفهوم السايكولوجي لتجربة
العزلة النفسية المرضية في حالات الجنون والفصام والذهان والعصاب ... الخ
يختلف عن المفهوم السايكولوجي للاغتراب الابداعي السوي ان هذا الاخير حالة
او حالات عقلية او نمط من الخبرة او التجربة تتوقف علي التناقض بين توقعات
الفرد عن قدرته في التحكم وما يتاح له في الواقع من فرص للسيطرة والتحكم او
هو خبرة ذاتية كما يري (اريك فروم) او خبرة او حالة شعورية طبقا لما يراه
(كينستون)(5)، كذلك يري الاستاذ الدكتور قيس النوري ان مبررات ودوافع
الاغتراب: (انعدام السلطة والانخلاع والانفصال عن الذات والاشياء والتذمر
والعداء والعزلة وانعدام المغزي في واقع الحياة والاحباط)(6).
5 ــ اهتم
(كرتشمر) بحالات الانفصام الشديدة المعبر عنها بتجليات ابداعية تصعيدية
كما في دراسته عن الشاعر الالماني (هولدرين) الذي اصيب بالجنون وقد اطلق
(كرتشمر) علي تلك الحالة الانفصامية (تنويعة هولدرين)(7). وهذه الحالة بحسب
رأيه تتسم بان الفرد الذي يعاني منها يكون حساسا بشكل كبير لبيئته ومن ثم
يتراجع الي الحياة الداخلية الخيالية ... ومن الجدير بالذكر ان تجرية
(هولدرين) مع الجنون وتصدع حياة (آرتو) و(فيرلين) و(لتريامون) و(فان كوخ)
و(ياجنسكي) و(نيتشه) جعلتهم جميعا لا يقدمون أي نتاج ابداعي يضاف لعبقريتهم
السابقة شيئا قبل محنة الجنون.

الخبرة الفردية جنون
متفق عليه
الجنون هو التدمير الكامل للعمل
الفني ميشيل فوكو انا افكر الذي هو نفسي او جوهر منفصل ومنعزل انعزالا تاما
عن العالم فيخته هناك امر واحد سيظل ادراكه مستحيلا الي الابد الا وهو ان
يكون الانسان عاقلا . نيتشه الايمان بالحقيقة هو الجنون بعينه نيتشه اجمل
الاشياء التي يقترحها الجنون ويكتبها العقل نيتشه .
التساؤل الان هل ان
مثل هذه الافكار الاغترابية الفلسفية التي لاتحد تعتبر ضربا من كشف عقلي
غير اعتيادي وفوق الطبيعي لايمكن لكل شخص مهما حاول الوصول اليه!؟ ام انه
ضرب من عبقرية الجنون التي تصاب احيانا ببصمات واضحة من التفكير الاخرق
الجذاب بشكل مدهش لا حدود له!؟
ثمة مدخل للموضوع لاستعراض وجهات النظر
علي جانب كبير من الاختلاف والتباين والتعقيد المتخصص حين يعبر جميع
المهتمين بهذه الظواهر عن هذا اللاتشاكل بين ملكة الابداع والخيال الجامح
غير المسيطر عليه بمعيارية العقل في اعطاء مواصفات جمالية ــ فكرية ــ فنية
للعمل الابداعي تميزه عن المنجز الفوضوي العشوائي المسطح.
بعض من هذه
الآراء تقول ان الجنون ظاهرة فريدة تجمع بين الاضطراب العقلي والنبوغ
الابداعي لافكاك لاحدهما منها ... حيث كان يظن بعض الرومانسيين شعراء الليل
والتصوف والاحلام ان العبقرية الحقة لا يمكن ان تخلو من قدر معين من
الجنون، كما ان هذا اللون الاخير من الجنون يطلق عليه (ميشيل فوكو) (اللا
ــ عقل) ضرب من الدروب المتوهجة او اشعاع خاص من الاشعاع الكاشف لاغوار
النفس والوجود(8).
ويذهب (لانج) قريبا من هذا الفهم المتقدم عندما يعتبر
الجوانب اللاعقلانية واللامنطقية هي الجوانب الحقيقية وحيث الجوانب
العقلية والمنطقية هي الزائفة وينكر (لانج) اية امكانية للفرح الحقيقي او
الانتاجية الابداعية للعقل الشعوري ففي عمله الواعي يظهر العقل الشعوري
احادي الجانب محروما من وظيفته المعقدة كوسيط بين العالم الداخلي للغريزة
والحلم والتهويم(9).
كما تري الاديبة اللامعة غادة السمان في استعراضها
كتاب الدكتور عالم النفس الاديب (لانج) (عصفور الجنة ومبادئ التجربة) في
فصل كتابها : ــ (السباحة في بحيرة الشيطان) تحدثت فيه عن الجنون ... اذ
تتحمس لوجهة نظر (لانج) في رد الاعتبار الانساني و الاجتماعي للمجنون...
فالكاتبة تري ان (لانج) لا يصف علاجا لشفاء الناس من الجنون وانما يبحث عن
علاج لشفائهم من (العقل) ولانج ليس حزينا من اجل المجانين وانما هو حزين
لان الافراد العاديين فخورين بظنهم انهم عاقلون ... وتقول الكاتبة ان
(لانج) لا يتحدث عن المجانين داخل المستشفي وانما عن عالم المجانين خارج
المستشفي ... وهو ليس فخورا كبقية الاطباء عادة بتقديمهم الوسائل العلمية
في معالجة المجانين، فهو يري في جنون التطور العلمي اهم اسباب الجنون
المعاصر... والمجنون بالتالي لا يهدد بقاء المجتمع الانساني وانما هو اول
ضحايا المجتمع اللاانساني المتجه نحو تدمير ذاته... انه صفارة الانذار ليس
المهم اسكاتها كي لا تزعجنا بل الاهم ان نعرف لماذا انطلقت!؟
فالمجانين
كما تقول الكاتبة هم رواد الحقيقة المدفونة في اعماق النفس البشرية هم رواد
عالم الروح ونحن بحاجة اليهم اكثر من حاجتنا الي رواد فضاء ... انهم كهنة
النفس البشرية ولذا اذا استطعنا اقناعهم بالعودة الي عالمنا وقبولهم الحوار
العميق معنا فقد يكون لديهم الكثير من الاسرار التي تهدينا الي يقين ما
... وهكذا فالمجنون الذي يعود الينا ليمنحنا تجربته هو كنصف المبصر الذي
يقود أعمي في مجاهيل الحقيقة الانسانية(10). وتتساءل الاديبة غادة السمان
تري من كان علي حق ؟ الطيار الذي ضغط بزر فأباد وشوه ملايين من البشر في
(هيروشيما) الذي اصيب بالجنون فيما بعد ... أم قرار الاكثرية غير الانسانية
ممثلا في قيادة دولته يومها!؟ أم محكمته الداخلية ــ تقصد الضمير ــ التي
دفعت به الي رفض مجتمعه ذلك المجتمع الذي دفع به الي الجريمة تحت لقب
(الواجب) فكان رفضه لمجتمعه ما نسميه عادة (الجنون) ... وتستنتج ألا يمكن
ان يكون جنون انفصام الشخصية هو احتجاج الأقلية المرهفة الحس والوجدان
الانساني ضد الاكثرية التي غاب عنها صوت الذات الانسانية تحت اكداس الاصوات
المتوارثة عن قيم سائدة ومفاهيم مكرسة مرفوضة سلفا اعادة النظر فيها!؟
صرخة احتجاج تتخذ احيانا صورة الهجرة عن الناس وعن عالمهم.
لنا بعض الملاحظات في الجانب التي تخص الجنون بموضوعنا الاغتراب:
1
ــ لا يمكن لأحد (تعميم) تجربة جنون الضابط الامريكي ان صح جنونه فعليا
مقياسا لتجربة جنون مئات الالوف من البشر لاسباب مختلفة جدا عن مسببات
القاء القنبلة الذرية من قبل الضابط ومروره بمحنة تأنيب ومحاكمة الضمير
الذي قاده الي الجنون فلا يصح محاكمة حالة جنون خاصة بالحكم علي حالة جنون
مختلفة هي جنون مجازي (عامة) كان مسؤولا عنها في حينها (ترومان) رئيس
الولايات المتحدة الامريكية.
2 ــ ان المجتمع، أي مجتمع علي واجهة الارض
هو فعلا في الكثير من جوانبه مهما كان مثاليا اخلاقيا في رعايته حقوق
الانسان الحقة الطبيعية لا يمكن وجوده بل ولا حتي تصوره علي وجه الكرة
الارضية، يمكننا ان نجعله مجتمع ممكن الاحتكام اليه لتبرير اسلوب رفض
الآخرين ومنعهم من عزل، المجنون صحيا واجتماعيا ــ حتي لو لم يكن المقصود
الجنون المرضي العقلي المطبق تماما ــ او بالدعوة غير الواقعية بالتمرد
الفوضوي الجنوني الذي يعيد الامور الي نصابها الصحيح اجتماعيا انسانيا
اخلاقيا!! فالمجتمع الذي ضاعت فيه (السمة) الانسانية الكلية لمجموعه هل يصح
ان يجد فيه (مجنون) انسانيته المضيعة وحقوقه الإنسانية المهضومة متحققة في
ذلك المجتمع!؟ وهل يجمع الماء بالغربال!؟ وهل من المجدي مساعدة المجانين
باكثر من رعايتهم الطبية والاجتماعية النسبية في بحثهم ــ ان كانوا حقا
يبحثون ــ عن إنسانيتهم التي هي اساسا حسب تصور البعض (الأسوياء!!) ليست
مفقودة لدي المجانين وحسب وانما مفقودة في مجتمع بأكمله!!.
3 ــ كيف لنا
التأكد من صحة جمع مستحيلين في وقت واحد وتلازمهما !؟. المستحيل الاول هو
عدم وجود (يوتوبيا) بشرية لا في الحاضر ولا في مستقبل البشرية، مجتمعا
انموذجيا معياريا يكفل للانسان كامل انسانيته ويشبع لديه جميع رغائبة
ومتطلباته بكافة اشكالها وانواعها ويبادل الفرد ذلك المجتمع بكامل التسليم
وكامل العضوية السوية فيه كيف لنا ان نجمع الي جانب هذا المستحيل مستحيلا
آخر هو الترويج لخلق نموذج بشري سوي بمقاييس لانج والكاتبة (مجنون ــ بعقل)
علي اعتبار ان الجنون حالة تقع مسؤوليتها علي المجتمع الذي اودي بالفرد
المجنون الي هاوية الانفصال والانعزال اللاتكيف واللاعودة الشعورية الي
المجتمع ... وان علي (المجانين) طبيا، الاسوياء اجتماعيا ان يعقلوا ضرورة
تحقيق هويتهم الفردية الانسانية الاجتماعية من خلال اندماجهم بالمجتمع كبشر
وافراد وقيمة عليا في الحياة !؟
وأرجو ان لا يفهم من كلامي انني ادعو
ضمنا لا تصريحا لمعاملة المجانين طبيا كمعاملتهم للمجنون في اوربا القرون
الوسطي بالحجر عليهم كمرضي الجذام والطاعون ــ وهو ما يمارس فعلا في بعض
مستشفياتنا مع حالات الجنون!!.
ونخالف الاديبة الكاتبة ــ حتي ان كانت
دعوتها مجازية ــ املتها حرارة العاطفة الانسانية في دعوتها معالجة الجنون
ــ ربما غير الطبي ــ ليس من خلال وعلي ايدي اطباء اختصاص نفسانيين لان من
بينهم لا يمتلكون الرهافة والضمير والحس الانساني والوجداني العاطفي
لمعالجة المجنون والواجب حسب رأي الكاتبة معالجتهم يجب ان تكون من اختصاص
الادباء والفنانين وحاملي القلم ... وهم في غالبيتهم ضحايا ظواهر جنون طبي
... وجنون اجتماعي!!

الهام الحكماء وغطرفة المجانين
يري الدكتور مراد وهبة ان لفظة عبقرية
تعني التميز بقوي عقلية خارقة أي نادرة ولهذا لم يكن من غير المألوف
الترويج للنظرية القائلة بأن العبقرية ضرب من الجنون، فلم يميز القدماء بين
الهام الحكماء وغطرفة المجانين، فلفظة (مانيا Mania) في اليونانية تشير
الي حماس المبدع والي الهياج الذي يعتري المجنون ويذهب المحدثون وفي
مقدمتهم (لامبروز 1891) الي الربط بين العبقرية والابداع ومن مؤيدي هذا
الاتجاه، ربط العبقرية بالجنون والعصاب المرضي كلا من (كاتل) و (بونشر)
فبرأيهما ان العديدين من العباقرة في الماضي عانوا من الذهانية او النزعات
العصابية العنيفة ومن الصعب ان نعتقد ان نتاجهم كان سيتم وبنفس الكفاءة لو
انهم كانوا في حالة نفسية سوية(11).
علي العكس من هذه النظرية كانت وما
زالت هناك نزعة فكرية تؤكد اهمية الجد والاجتهاد والتنظيم والعمل الشاق،
فالسير (فرنسيس جالتون) كان يؤكد دائما ان الانجاز المتفوق يعتمد علي
الحواس والقدرة علي العمل الشاق، وسانده في رأيه هذا (هوجارث) الذي قال
انني لا اعرف شيئا عما يسمونه عبقرية، العبقرية هي العمل و الاجتهاد و
مقولة (توماس كارليل)، بان العبقرية اولا وقبل كل شي هي قدرة متفوقة علي
مواجهة الاضطرابات(12). ويبدو من المحتمل ايضا ارتباط العبقرية بالجنون او
المرض العقلي لم تنشأ فقط من ملاحظة ان بعض المبدعين تكون لديهم اعراض
عصابية او ذهنية اكثر من أي فرد اخر ولكن من خلال الشعور بان كلا من
المبدعين والمرضي العقليين تكون لديهم خبرات عقلية يجد الفرد العادي انه
غير قادر علي فهمها او المشاركة بها(13).
اضافة لما سبق ان المرض العقلي
يتسم بالاضافة الي مظاهر الخلل الداخلي بامكانية وجود عدم تماسك في الكلام
وتداعيات لا يمكن التنبؤ بها وهلاوس وهذاءات طويلة المدي ومستمرة وحتي
عندما تختفي بعض الاعراض المزمنة مثل الهلاوس والهذاءات فيما بين النوبات
الحادة فان الاعراض المتعلقة بشكل ومحتوي التفكير واللغة يمكن ان تستمر
وتكون معوقة للتكيف الاجتماعي للفرد بشكل حاد، فالمريض يبدو غير قادر علي
التفكير الهادف بل يمضي بعيدا ويشتط وينساق لبعض التداعيات الغريبة غير
المالوفة المتعلقة بمنبهات وعناصر تخضع للصدفة ومن ثم يعطي الانطباع
بالغموض والخلط وعدم التماسك(14).
ويجهز الاستاذ الدكتور شاكر عبد
الحميد في نهاية بحثه العلمي الشيق الذي اشرنا اليه اكثر من مرة علي
النظرية التي تربط العبقرية بالجنون او الذهان العقلي او العصاب النفساني
قائلا: (ان ذلك التحالف المدعي بين العبقرية و الجنون ان هو الا تحالف كاذب
او اكذوبة أكبر اطلقها البعض وحاول البعض الاخر الدفاع عنها بينما اثبت
التطور الطبيعي للعلم والحياة والابداع الادبي والفني تهاوي مثل هذه
الادعاءات ... ان أي عضو من اعضاء جسم الانسان عندما يضعف او يختل وظيفيا
او عضويا فان هذا الضعف و هذا الاختلال ينعكسان في قيامه بوظائفه... فلماذا
نستغرب ذلك او نتغافل عنه و نحاول ان نربط بين الاضطرابات الوظيفية او
العضوية المختلفة التي تحدث للمخ و تصيبه وبين اكثر وظائفه المعرفية تطورا و
ارتقاءا وهو الوظائف المتعلقة بالاكتشاف و الابداع(15).

ماهية الوجود
يذهب الفيلسوف الفرنسي (فوكو) في دراسته لتاريخ الجنون
علي ان الجنون لايتوفر له عامل الفكر و الابداع لافتقاده (اللغة) التجربة
التي تمكنه من اقامة (أي صدق مطلق) مع الاخر...
وقال الكاتب الشهير
(انطوان ارتو) وهو يمر في محنة الجنون يحق للمريض المجنون الهذيان، التي
تحاول المؤسسة الطبية اخماده والذي يفجر طاقات كشفية عالية تفضح المجتمع
ومؤسساته القهرية(16). الا ان الحقيقة التي يدركها المجنون في هذيانه
تتجاوز هنا بكثير (تفاهة البشر الجنونية) وتؤكد مقولة لانج (الخبرة الفردية
جنون متفق عليه اجتماعيا) .
ومن ثم اقتناع (فوكو) بهذه المنطلقات التي
تبدو له صحيحة بالذات قائلا :(ان امكانية السؤال عن العقل تتولد من اللاعقل
نفسه، كما تتوفر من جديد امكانية ادراك ماهية الوجود من خلال هذيان يجمع
في صورة وهم مواز للحقيقة بين وجود الواقع ولا وجوده)(17). (ان هذه الحقيقة
النابعة من اعماق التمزق الذي يصيب الانسان الضائع ومن اغوار النفس
البشرية ولغة الهذيان المعكوسة واوهام اليقظة لتشكل اكثر الظروف ملائمة
لقيام مجتمع الظلم ونقيضه الحي . كما ان الوهم الذي يدركه المجنون ببصيرته
المغتربة ليس الا الصورة السرابية البراقة للحقيقة) (18). ان اغترابية
المجنون المغيبة، انما هي اغترابية زائفة لأنها (انفصام ذات المريض بين
الحقيقة والوهم) بعكس اغتراب المبدع الذي هو اغتراب ابتغاء كشف حقائق
ومجاهل النفس البشرية وتطلعاتها وانكسارها بوسائل عقلانية سليمة اكثر منها
مرضية وهمية . وربما كانت وجهة النظر المتحيزة هذه في جانب منها الي الحلم
والوهم باعتبارهما الواقع الحقيقي الصادق والي الواقع الحقيقي باعتباره
الوهم، والكذب والزيف والخداع ومجانبة العقل ..، قد وجدت هذه المنطلقات
الطبية النفسية تأييدها لدي العالم (لانج) الذي مال الي الاخذ باعتبار
الانفصام انقساما او انشطارا بين الذات الحقيقية الخفية و الذات الخارجية
الزائفة والتي تكون عمليات نشاطها الاساسية المحددة من خلال مطالب الاسرة
والمجتمع بأعتبارهما نقاط انطلاقتها.... اما الذات الحقيقية الداخلية،
فتكون مشغولة بالمحافظة علي حريتها وهي تكون متعالية غير متجسدة ومن ثم
تكون هذه الذات غير قابلة للامساك بها او تحديد ملامحها او اقتفاء اثارها
او امتلاكها بشكل كامل(19).
توجد نماذج يتعذر حصرها في التاريخ
والفلسفة والاداب والفنون ممن كان العصاب المرضي، والمرض العقلي ــ النفسي
لديهم من عوامل تحفيز عبقريتهم واطلاق طاقاتهم الابداعية مثل هولدرين و
ديستوفيسكي و كافكا و نيتشه وآخرين كثيرين.
فاغتراب المبدع كشف للحقيقة
الانسانية وان كانت تتم احيانا بوسائل علمية عقلية ابداعية صرفة انما كان
ما يميزها الطابع الجمالي الفني المتناسق بوسائل وابداعات ذات تقنية منظمة
بعيدة عن التفكك والفوضي بمعني توافر زيادة عالية في خصوبة التخيل الابداعي
لما وراء المحسوس المدرك عيانيا او المالوف وجودا طبيعيا، انما يكون
التخيل منظما عقليا حتي عندما يتناول غير المنظور ويستبطن غير المرئي
والمحسوس المباشر ونجد تحقق ذلك في شروط العمل الفني الابداعي الجمالية ذات
الاثر الفاعل المتحقق في المحيط ( في حين يؤكد الباحثون بان المرض العقلي
ــ النفسي الذي يتفرع منه انفصام الشخصية الذي يترجم الي انهيار قدرة الفرد
علي اظهار التزامه بالقيم المشتركة في المجتمع)(20).
(ان المبدع يهدف
اساسا من وراء عملية التواصل مع الآخرين وعمله لا يكتمل في ذهنه الا بحدوث
عمليات التلقي والاستقبال المناسبة عن الاخرين لهذا العمل الابداعي ...
فالابداع عملية تفاعلية قوامها الاحتكاك الايجابي النشيط بين الأنا المبدع
المرسِل، والآخر المتذوق المستقبل وهذه عملية تبدو غائبة شديدة الضعف في
حالات الانعزال المرضي والانفصال الاجتماعي واللجوء الي الاجترار الداخلي
لدي المريض العقلي او المنفصم)(21
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

خاصية الجمال في الاغتراب الأدبي والفني عزلة المبدع وهم أم بحث عن عوالم افتراضية؟ :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

خاصية الجمال في الاغتراب الأدبي والفني عزلة المبدع وهم أم بحث عن عوالم افتراضية؟

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الاغتراب
» العنف خاصية إنسانية
» عزلة الفعل الثقافيّ العربيّ لماذا يعجز العرب عن تغيير أنفسهم؟
» عوالم مو يان الروائية المدهشة
» عزلة الفعل الثقافيّ العربيهل علينا أن نبدأ الطريق من أوّلها؟..

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: