سماح الشيخ
يتكشف للباحث عن بعض المصطلحات حول
دراسات المرأة والكتابة النسوية وجذورها في لغاتها الأصلية لغطٌ كبير قد
يحدث عند الترجمة خاصة للعربية، فاللغة العربية بتنوعها وسعة مفرداتها تغري
كل مترجم بالتفرد بمصطلح يخصه –وإن كان خطأً- ثم يتم تعميمه، فلا يتبين
للقارئ أو المتابع الفجوة بين المفردتين الأصلية والمترجمة، إلا إذا بحث في
اللغة الأصلية للمصطلح إنجليزية فرنسية أو يونانية..إلخ.
ولا يخفى ما تحدثه فوضى المصطلحات هذه من
تشكل لمفاهيم مغلوطة، واستنتاجات مغايرة تخالف المقصود. فمثلاً
تُترجمgender بـ جندر أو نوع اجتماعي..إلخ. أما Feminism فتترجم نسوية أو
نسائية وغيرها، وكذلك Feminine ترجمت مرة على أنها أنوثيّ ومرة أخرى أنثويّ
وثالثة بـ نسوي!
مبدعات ومبدعون أبدين وأبدوا الآراء حول
الأدب/الإبداع النسوي أو النسائي. هناك الـ (مع) أو من يقول بالضد. لكن
فوضى المصطلحات شملت فيما شملت ما يتعلق بهذا المفهوم أو ذاك، ووجدتني أبحث
عن شكل وإن كان مؤقتاً، يجمع ما يخطر لنا من مصطلحات عربية/انجليزية لا
تتعارض في هذا السياق. وبالتالي ارتأيت أن يكون لكل مصطلح أجنبي مقابل له
ثابت نستخدمه في دراساتنا يقترب من الأصل لأكبر درجة ممكنة ويجعل من القارئ
متابعاً واعياً لا يتوه في متاهة الترجمات المتضاربة والمختلفة.
هناك
بدايةً مصطلح الـجنسانية (Sexuality) الذي يخص كل ما يتعلق بالجنس
البيولوجي والعملية الجنسية، ثم الجنسوية (Sexism) وما يميز جنساً عن آخر،
ويُطلق غالباً على كل ما يتحيز للذكر على حساب الأنثى، فنقول: هذا النص
جنسوي أي منحاز للذكر أو الأنثى على حساب الجنس المخالف. أما الجنوسة فكانت
ترجمة الكاتب كمال أبو ديب لكلمة (gender) بمعناها المعروف وهو النوع
الثقافي المقابل للنوع البيولوجي (sex).
وبالنظر لتقسيمات إلين شوالتر في كتابها
"نحو شعريات نسوية" نستطيع أن نعتمد معها المراحل الأساسية الثلاث التي مر
بها الإبداع الذي أنتجته المرأة:
- إبداع أنوثي (Feminine): حيث تنتج
المرأة ما يكرس المفهوم التقليدي لصورتها، فهي وفقاً لهذه النظرة ضعيفة
رقيقة، متقلبة، عاطفية، بحاجة لحماية الرجل. ويعمل هذا النتاج – وإن كان في
حد ذاته خروجاً عن الدور النمطي لها- على تشييء وتسليع جسدها، ثم تقزيم
وجودها وتبرير عدم إعطاءها حقها الطبيعي.
- إبداع نسوي Feminist : وهو إبداع يدعو
لثورة حقوق المرأة العالمية ويتماشى مع تيار تحرير المرأة ومساواتها بالرجل
في الحقوق والواجبات ككائن اجتماعي كامل من الدرجة الأولى، ويعتبر هذا
الإبداع في حد ذاته نضالاً لمكافحة التمييز ضد المرأة.
- إبداع أنثوي (Female): يُعلي من شأن
الأنثى على حساب الذكر، كردة فعل على عدم حصولها على حقوقها لآلاف السنوات.
ويتجلى هذا الإبداع في حركة التمركز حول الأنثى: فتتمركز حول ذاتها وتصرع
الرجل ثقافياً.
وهذه التقسيمات هي لكل ما تنتجه المرأة من
إبداع أو أدب نسائي (by female) يقابله في ذلك النتاج الرجالي (by male)
الذي ينتجه الرجل. وسواء بيد هذا أو تلك، فالتقسيم الأخير هنا يعتمد على
الجنس البيولوجي ولا علاقة له بالتوجه الفكري، فمن الممكن أن تكون كتابة
المرأة أو إبداعها النسائي أنوثياً يتماشى مع رؤى ورغبات الرجل عن المرأة،
أو نسوياً داعماً لحقوق المرأة، أو أنثوياً ينتصر لها على حساب الرجل..إلخ.
وكذلك نص الرجل قد يكون الأول أو الثاني أو الثالث حسب توجهه وثقافته.
وبما أن الإبداع النسائي (by female)
يقابله الرجالي (by male)، فالإبداع النسوي Feminist يقابله الإبداع
الأنوثي (Feminine) حيث الأول يكرس لنظرة ثقافية تساوي المرأة بالرجل
والثاني يعزز خنوع المرأة ويرسم لها أنوثة سلبية. والتقابل الثالث هو
الإبداع الأنثوي (Female) المضاد للإبداع الذكوري (Masculine) فالأول ينتصر
للأنثى على حساب الذكر أما الثاني فالعكس.
ويتوافق التضادان الأخيران مع مصطلح
التمركز حول الذكر (Androcentrism) ويقابله التمركز حول الأنثى
(Gynocentrism)، وذلك خلق مؤخراً تياراً جديداً هو الخنوثة (Androgynism)
والتمركز حول الخنوثة (Androgynocentrism) فالإبداع أو الأدب الخنثوي
(Androgynist) يدعو لذوبان الجنسين في كيان واحد سديمي، وهو ما يسمى أيضاً
بالواحدية السائلة التي يتماهى فيها الذكر مع الأنثى والعكس حتى تذوب
الفوارق وتتقارب التجارب.
الإثنين أكتوبر 22, 2012 3:38 pm من طرف سوسية