لا
شــــك أن الاستطـــــلاع يعــد مـن أهــــم عناصـــر المعركـة الحديثـــة
المشتـركـــة وخصـوصــا فــي وقتنــا الحاضــــر ومـــا نشاهـــده الآن
علـى السـاحــات الـــدوليــة مـن عمليــات مكافحــة بمــا يسمـــى
بالإرهــاب الــدولي والصــراعات الإقليميـــة والأزمـات الـدوليـة بغـــض
النظــر مــا إذا كــان هـــذا الاستطـــلاع هـــو استطــلاع استــراتيــجي
أي علـى مستـــوى الأمـــن القومــي للــدولـــة أو العملياتــي أو
التعبـــوي كمــا أن مفهــــوم الاستطـــلاع لايشتــــرط بالتحــديــد أن
يجـــري وقـــت الحـــرب أو أثنـــاء العمليــــات الحربيـــة بــل تمتـــد
أكثـــر مــن ذلـــك لتشمـــل أوقــات السلـــم و الهــــدؤ التـــام
ومــواكبــة ما يجــــري ويــــدور حــــول العـــالم بأســــره وهــــو
مـــا يطلـــق عليـــه بالاستطـــــلاع الفضــائـــي أي عبـــر الأقمـــار
الصنــاعيــة وكــذلـك مــن خـــلال نشــــر شبكـــات التجســـس حــــول
العالـــــم .


(( لا يمكن إدارة أي حرب بدون استخبارات مبكرة وجيدة ))
لاسيما
أن المعلومات هي أساس بناء الخطة التعبوية التي يقوم بوضعها الآمر التعبوي
في الميدان وكل ما كانت هذه المعلومات دقيقة وموثوقة كلما زاد احتمال نجاح
الخطة وهذه المعلومات لا تأتي بسهولة وقد تحصل بعض المخاطر في سبيل
الحصول عليها والأمر الناجح هو الذي يهتم كثيرا في الحصول على المعلومات عن
خصمه والأرض التي يقاتل عليها والطقس ليتجنب المفاجآت في المعركة إن
المعلومات تتوارد إلى الآمر من عدة مصادر ومن أهمها معلومات الاستطلاع
الميداني الذي تتضافر فيه جهود مختلفة وأساليب متعددة لتامين معلومات
الاستـــطلاع وتعتبر وسيـــلة الآمر الرئيسية التي يستند إليها في تصميم
المعركة لذا فالاستطلاع فن وعليه لا يمكن إخضاعه للسيطرة المركزية فهو
يستلزم جنود من نوع خاص مدربين وموجهين توجيه معين يقوم على الاستقلال
الفردي والاكتفاء الذاتي .
وكون الاستطلاع فن فقد اعتبر المشرفون عليه
أن فلسفته تتلخص في عين ترصد وأذن تسمع وجهاز يرسل وسلاح يحمي إما ميدانيا
فانه يعرف بالجهود الموجهة في الميدان للحصول على المعلومات على العدو
والأرض والطقس ومنطقة العمليات المستقبلية .

مجموعة الاستطلاع خلف خطوط العدو
بالرغم
من أن وسائل الاستطلاع قد تطورت تطورا كبيرا وخاصة الوسائل الفنية إلا أن
دور فرد الاستطلاع مازال ذو أهمية كبيرة خاصة بالنسبة لتحديد أماكــــن
الأهـداف المعاديـــة و بالذات وسائل ( أ- ت- ش ) وذلك لان الوسائل الفنية
التي تستخدم لإجراء الاستطلاع وسائل سطع جوي لا يمكنها أن تحل محل فرد سطع
الذي يجري سطع في مؤخرة العدو نظرا لما يقوم به العدو من إعاقة لعملها
علاوة على تعرضها لسوء الأحوال الجوية ولنيران العدو المستمرة كما لن
يمكنها تنفيذ سطع بدقة وباستمرار كما يقوم به أفراد مجموعة استطلاع خلف
الخطوط وتتميز مجموعة الاستطلاع خلف خطوط العدو عن وسائل الاستطلاع الأخرى
بأنها لا تحدد إحداثيات الهدف بدقة فقط بل تقوم أيضا بتفهم وتحليل الشواهد
التي تلاحظها وتقدر حالة الهدف وقدرته وكفاءته وطبيعة أعماله كما يمكن
التمييز بين الأهداف الطبيعية والأهداف الهيكلية ويكشف أعمال الخداع التي
يقوم بها العدو لخداع قواتنا وقد استخدمت مثل هذه المجموعات خلال الحرب
العالمية الثانية على نطاق واسع وكان لها أهمية كبيرة في الحصول على
المعلومات عن مؤخرة العدو مما مكن القوات التي أرسلتها من إحراز النجاح.
أنواع المجموعات/
ــ المجموعات الإستراتيجية :
هي
التي ترسل إلى العمق الاستراتيجي للعدو التي تقوم بالحصول على معلومات
لصالح الدولة ويتم تدريبها وإرسالها والسيطرة عليها بواسطة المستويات
العليا في الدولة
.
ــ المجموعات التعبوية:
وهي
المجموعات التي ترسل إلى العمق التعبوي للحصول على معلومات عن النطاق
التعبوي وهي تعمل لصالح قيادة القوات المسلحة بالإضافة لتعاونها مع
المجموعات الإستراتيجية في الحصول على معلومات هامة عن العدو .

ــ المجموعة التكتيكية:
وهي
المجموعة التي ترسل إلى العمق التكتيكي للعدو وحتى عمق 40-50 كم للحصول
على معلومات عن المنطقة التكتيكية للعدو وعادة ما تعمل لصالح قيادات الفرق
والجيوش .

المهام الخاصة لمجموعات الاستطلاع خلف خطوط العدو:
توجيه
الطيران الصديق نحوا أهداف العدو الهامة وتصحيح نيران مدفعية قواتنا ، و
تخريب وتدمير محطات رادارات العدو وصواريخه ، ومعداته الجوية ، وتدمير
منشات مطارات العدو وطائرات وسككه الحديدية وطرق مواصلاته والكباري
والمنشـآت الصـناعيـة والأهـــــــداف الهامة ، و خطف أسرى حرب من الضباط
وكبار القادة واغتيالهم والحصول على نماذج من أسلحة العدو ومعداتـه ،
وإنـقاد الطياريـن الذيـن يهبطون إضطراريا في أرض العدو وكذلك الأســــرى
الذين يقعوا في أيدي العدو ، و تعطيل العمل في مواني العدو ، وأي مهام خاصة
أخرى قد يتطلبها الموقف .
خواص أفراد مجموعات الاستطلاع خلف خطوط العدو:
أولا عند الاختيار :-
ـ يجب ألا تقل أعمارهم عن ( 20 ) سنة وان لا تزيد عن ( 30 ) سنة
ـ الولاء التام والإخلاص للوطن .
ـ اللياقة البدنية العالية والقدرة على التحمل الجسدي والعقلي .
ـ أن تكون لديهم قوة وعزيمة وإرادة .
ـ أن يتصفوا بالأمانة والشرف والثقة
ـ قوة الملاحظة وذاكرة قوية والدقة .
ـ من المفضل اختيار الأفراد ذو الخبرة والتدريب العالي على الاستطلاع ممن تتوافر فيهم هذه الشروط .
ـ أن يكون الأفراد يشابهون في الشكل ولون البشرة للسكان المحليين في المنطقة التي سيعملوا فيها أو يشبهوا أفراد العدو أنفسهم .

ثانيا بعد الاختيار :-
المهارة
في استخدام الأرض وتعيين المحل وتحديد مجلات الأهداف والقدرة على التحرك
في مختلف أنواع الأرض ، والقدرة على تشغيل الأجهـزة اللاسلكية والاتصال في
مختلف الظروف ،و قيادة الدبابات والعربات والدرجات النارية والدواب الخ..
ومن المفضل معرفة خواص واستخدام مركبات العدو المماثلة، وأن يصل مستوى
التدريب إلى الحد الذي يمكن لأي فرد أن يحل محل قائد المجموعة في المواقف
التي تتطلب ذلك ، كما يجيد استخـــدام التصوير ورسـم الكروكيات وإتقان لغة
العدو والإلمام بتنظيمات وتكتيكـات العـدو ، وخـفة الحركـة والمناورة
والقدرة على السير بسرعة من مكان لأخر ولذلك يجب أن تدرب المجموعـة
تدريبـاً عاليـــاً وان يكون حجمها صغير إلا في حالات خاصة ومزودة بأسلحة
صغيرة خفيفة ومعدات صغيرة الحجم مع استخدام أحسن وحدث وسائل معدات النقل
والإســـقاط في نقــــل المجموعة .

طرق دفع مجموعة الاستطلاع خلف خطوط العدو:
الطرق الرئيسية لدفع المجموعة :-
يتم تدفع المجموعات إلى خلف خطوط العدو( براً أو جواً أو بحراً ) .

أولاً الدفــــع بـــــراً :-
ويتم
تدفع هذه المجموعة برا إما سير على الأقدام أو بواسطة العربات أو بواسطة
الإبرار أو بواسطة الدواب وتعتبر الطريقة الرئيسية لإرسال هذه المجموعات
كما أنها تعتبر من أصعب طرق الإرسال نظرا بأنها تتطلب اختراق الحد الأمامي
للعدو وبالتالي قد تتعرض لملاحظته ووسائل نيرانه وان كانت أكثر سهوله من
حيث التنظيم لأنها لا تحتاج إلى وسيلة نقل جوية (طائرات - عموديات ) أو
بحرية (سفن - غواصات - زوارق ) .
ثانيا الدفع جـــــواً:-
غالبا
ما يستخدم النقل جوا للمجموعات التعبوية والإستراتيجية ولكن أحيانا قد
يستخدم للمجموعات التكتيكية ، كما تستخدم ،طائرات النقل والهليوكوبتر في
نقل المجموعة إلى عمق العدو ويتم إسقاط المجموعة أو إنزالها حسب الموقف ،
وإستخدام الطائرات العمودية لقدرتـها عـلى الطيـران المنخفـض وسهولة الوصول
إلى المكان المحدد ويعتبر نقل المجموعة جواً من أفضل الطـرق التـي تدفـع
بـها مجمـوعات الاستطلاع خلف خطوط العدو .

ثالثا الدفع بحراً :-
عادة
تستخدم هذه الطريقة لنقل المجموعات الإستراتيجية و التعبوية وأحيانا قد
تستخدم في نقل المجموعات التكتيكية وذلك إذا سمحت الظروف بذلك ، كما
يجري ينقل المجموعة إلى ساحل العدو عبر البحار والأنهار والبحيرات بوسيلة
نقل بحرية عسكرية أومدنية ويتم اللجؤ إلى هذه الطريقة في الأحوال التالية
:-
أ ـ في حالة وجود مسطحات مائية في مسرح العمليات الدائرة وتفصل مابين قواتنا وأهداف العدو .
ب ـ توفر وسائل النقل البحري .
ج ـ عند صعوبة إرسال المجموعات بالطرق الأخرى .
د ـ عندما يكون نظام دفاع العدو الساحلي ضعيف وبه ثغرات كبيرة به .
هـ ـ في حالة قيام قواتنا بعمليات الإبرار البحري .
و ـ عندما يكون هدف عمل المجموعة هدف ساحلي ( ميناء ..... الخ ) .

ويراعى عند اختيار الأفراد علاوة على الشروط أن يكونوا :
يجيدوا
السباحة لمسافات كبيرة ولايتأثر بدوران البحر ولهم القدرة على التجديف
وتوجيه القوارب والعمل بالبحـــــر وعلى الأرض وإجادة الرمايــــــة من
القـــــارب وإستخدام معدات الغطس وإجادة السباحة تحت الماء لأنه قد يتم
إنزال أفراد خارج المياه الإقليمية ويقوموا بالسباحة حتى الشاطئ باستخدام
معدات الغطس تحت الماء .

أثبتت الحروب السابقة
عبر الأحقاب الزمنية المتتالية أن اغلب المفكرين والمحللين العسكريين غالبا
ما يحملوا فشل القوات وهزيمتها في ساحات المعركة إلى قوات الاستطلاع بحجة
أن المعلومات الاستطلاعية كانت مغلوطة أو غير دقيقة وبهذا الحال فانه لا
يمكن نسب الهزيمة إلى سلاح الضربة الرئيسية ( الدبابات ) أو سلاح اليد
الطويلة ( المدفعية ) .

وفي الجانب الآخر
المناقض لهذا الفكر هو انه في حالة إحراز هذه القوات الانتصار في المعركة
التي هي أساسا مبنية على قدر كافي من المعلومات الاستطلاعية الدقيقة فان
هذا النصر ينسب مباشرة لسلاحي الدبابات أو المدفعية بغض النظر عن المصدر
الذي تحصلت منه عن المعلومات لذا فالاستطلاع كان ومازالا مهما حتى بالرغم
من تقنيات الحرب الحديثة وحروب الفضاء والتكنولوجيا المتطورة بوتيرة سريعة
فانه لا يمكن الاستغناء عن الاستطلاع التقليدي بكافة طرقه وأساليبه حتى وان
كانت بدائية