الكيان الصهيونى مند احتلاله فلسطين عام 1948 واعلان
دويلته فوق أرضها أستند على العنف والقوة العسكرية لتثبيت اركانه وكان هاجس
الأمن هـو الشغـل الشاغـل للسياسييـن والعسكرييـن الصهاينـة والمتتبع
للفكر العسكرى الصهيونى يرى بوضوح أن مسيرة السلام المزعوم لم تؤخد مآخد
الجد فى الفكر العسكرى الصهيونى، بل أن كل التصورات تندرج فى خانة الحرب
والتوسع وذلك ما حدث فى محاولة اجتياح الجنوب الاخيرة ، بل ان هاجس اندلاع
الحرب مع العرب ومصر بالتحديد لا زال قائماً وقد أشارت الصحف فى وقت قريب
الى عَبّْارة استراتيحية تم التدريب عليها فى اشارة الى امكانية عبور قناة
السويس مجدداً.
وقد وردت إشارات للعقيدة العسكرية الصهيونية في كتابات
مفكرين صهاينة يقول (متان فلنيائي) نائب رئيس الأركان الأسبق أنها مجرد
مجموعة فرضيات تم جمعها في كتاب تحت أسم " السياسة الإستراتجية " عرفت
لـــــدي كثير من المفكرين بـ ( نظرية الأمن ) .
وقد استندت هذه النظرية إلي عدة فرضيات أهمها :
الخوف
الوجودي أي أن هذا الكيان معرض للخطر من المحيطين به إضافة إلي أنه لن
يستطيع حسم الصراع مع العرب بالوسائل العسكرية . كل هذه الفرضيات تصب في
خانة ضرورة أنشاء جيش قوي يملك إستراتجية هجومية بغية الحفاظ على الوضع
الراهـن ( الأحتـلال ) ومنع أي طـرف من هجوم مباغت .
يقـول بـن غور يـون
مـن خـلال تقديـري للموقــف عشيــة الإعـــــلان عـن أقامـة (الكيان
الصهيوني )" ليست لدينا إمكانية حل الصراع نهائياً مع العرب طالما لا يرغب
العرب في ذلك .. لا نستطيع وقف الصراع مع العرب في حين أنهم قادرون .
أراء
المنظرين الصهاينة : كان الزعماء الصهاينـة وعـلى رأسـهم بـن غـور يون
يطمحون بل ويعملون على استغلال النجاحات العسكرية في أي حرب تندلع تحقيقاً
لشعاره القائل " شجرة" شجرة " تلة تلة " وصولاً لتحقيق الهدف الذي أعلنه
عشية حرب السويس عام 1956 م .
إضافة إلي الفرضيات السابقة التي شكلت أساس ما أصطلـح عـلى تسميتـه " نظرية الأمـن الاسرائيليـة " هنـاك فرضيـات أخـري أهمها : -
الاعتـراف
بـأن الكيـان الصهيونـي "نقطة ضعيفة" كمية ثابتة في مجال الموارد وبشكل
عــام ( الطاقــة البشريــة - ألارض - الثروات .. الخ) وفي مجال الطاقات
العسكرية مقارنة مع الدول العربية المحيطة يقول بن غور يون " نحن أقلية
وهم أغلبية حتى لو زادت معدلات الهجرة أضعافاً مضاعفة هذا الفارق لن يتغير
وهذا هو حكم التاريخ والجغرافيا " وبناء على هذه الفرضية فأنه ليس بمقدور
الكيان الآن ولا في المستقبل القدرة على الصمود الطويل , ويتوقف ذلك على
قدرة الشتات اليهودي من الخارج على ارسال المحاربين وقد أستخلص بن غور يون
من هذه الفرضية عدة استنتاجات.طبق كثير منها حددها في الآتي :ـ
1ـ لن
نستطيع الاحتفاظ بجيش نظامي كبير وذلك لطبيعة وتركيبه المجتمع، بل قوة
هجومية تعتمد بشكل رئيسي على سلاح جوي قوي ووحدات متعددة المهام وعمليات
خاصة صغيرة نسبياً لكنها مميزة، مع التركيز على الاحتياطي االجاهز
والمدرب الذي يمكن تجنيده بالسرعة الممكنة .
2- إن تدمير قوة العدو يمنح تفوقاً آنياً لآن موارده البشرية والمادية غير محدودة .
3-عدم وجود العمق الكافي( خاصرة رخوة ) وطول الحدود مع الدول العربية كل ذلك خلق تهديد وخطر على الوجود .
توجد أيضا عده فرضيات أخري تتناول نقطتين أساسيتين:-
ـ نتائج الحرب المطلوبة .
ـ نوعية تدخل الدول العظمي في النزاع .
النقطة
الأولي تستوجب إنهاء كل مجابهة ومحاولـة الوصـول إلـى صلـح مـع الـدول
العربية " يجب أن تكون خططنا الدفاعية موجهة ليس فقط لتحقيق النصر على
العدو بل نصر سريع وبأقل عدد من الضحايا من جانبنا على حـد قول بن غوريون .
أما
شمعون بيريس فيقول " يجب أن يحسم الجيش الحرب بأسرع ما يمكن يجب أن يحطم
رغبة الدول العربية وقدرتها عن طريق تدمير القوات والبنية القتالية حرب
هجومية لتدمير القدرات القتالية في اقصر وقت ممكن وباقل ثمن " لقد تبنى
السياسيين والعسكريين الصهاينة هذه الفرضية وادخلوها في صلب العقيدة
العسكرية وقد مهدت لها التقديرات التالية :ـ
أولاً - إن الــذي يرســخ
قـدرة الـردع ويضعـف العـرب هــو نصـر عسكـرى ساحق وسريع، ذلك يوهن عزيمة
العرب وقـد بـدا ذلـك واضـحاً فــي جــــــــولات الصراع ( 56 19 ف ، 67
19 ف) .
ثانياً - لن يقتنع العرب بالمفاوضات , ما لم يقتنعوا بعقم الخيار العسكري .
ثالثاً - مكانة الكيان الدولية تتعزز بالقوة والوجود القوى .
رابعاً - بنية المجتمع ( مجتمع استيطاني ) يتطلب أن تنهي كل حرب سريعاً .
خلص المفكرين والساسة الصهاينة من الفرضيات السابقة إلي استنتاجين رئيسين :ـ
1 - لا يمكن الاعتماد على الحرب الوقائية والهجوم كمبدأ ثابت في العقيدة العسكرية لأنه قد تسود ظروف سياسية تحول دون ذلك.
2
- عدم التورط في مجابهة شاملة مع العرب ما لم نضمن مساندة كاملة من دولة
عظمى (أمريكا خاصة ) و يمكن لمس ذلك من خلال كل العلميات التي جرت أخيراً
بدأ من العـدوان الثـلاثي عـام 1956 ( بريطانيا وفرنسا )وخلال أعوام 1967 م
1973 حيــث جـــري التنسيـق الكامــل مـــــع (( الولايـــات
المتحــــدة الأمريكيــــــة ))
أجمالاً يمكن القول بأن الكيان حرص على الاحتفاظ بقدرة هجومية تعتمد على جيش نظامي صغير , واحتياطي كبير الحجم
( بنية المجتمع نفسه ) مدرب جيداً على الحشد بسرعة وزجه في المعركة في وقت قياسى .
تقديرالوضع العسكري:توجد عدة فرضيات تتــناول الأساليــب والـــطرق والتكتيــكات القتالية:
- أعتــمد الكيان مبدأ الردع بواسطة العقاب والقدرة على الحسم وتحقيق نصر في كل مواجهة .
-
الهجوم داخل ارض الخصم , وكل هجوم يشمل الدمج بين أحتــلال الأرض وتدمير
الخصم وقد بدأ ذلـك واضحاً في أقوال كل من يغال آلو ن ، وإسرائيل قال :
"
لا يمكن إبادة العدو ودون مبادرة هجومية ، وفي الظروف الجغرافية الآنية لا
توجد طريقة أخري للايادة ألا إذا ُنُقلت الحرب لأرض الخصم .
-القـــدرة على تحقيـــق أهــداف إستراتجية دفاعية بمعركة دفاعية .
-عدم
التكافـوء مـع العـرب ، وعـدم وجـود عمــق إستراتـجي كـل ذلـك لايشجـع
عـلى الدفـاع بوسائـل دفاعـية يقول الجنرال "مئير عميت " لقد توصلنا الى
ميزة مهـمة عرفنا خلالها بأن قواتنا لا تمـــتاز بالدفاع فقط بل بالحــرب
المتحركـــة ونقل الحرب لأرض الخصم .
-عنصر المبادأة بالحرب ، نظراً
للنقص الكمي في كل المجالات من الخطأ الاعتماد على مبدأ " الرد على مبادأة
من جانب العدو كل احتمالات النجاح تكمن في أسلوب الهجوم المضاد المسبق ،
مبادرة ضد تجمعات الخصم الاستيلاء على أهداف هامة " إن القدرة على شن هجوم
مضاد مسبق في كل حالة يتطلب فيها الأمر القيام بذلك يعتبر الضمان العسكري
لمستقبل وجود " الدوله " وبقاءها " . لقد أولي جٌل القادة العسكريين مبدأ
الحرب الوقائية أهمية قصوي حيث بنيت العقيدة العسكرية على ثوابت أساسية :
الردع عن الحرب - نقل المعركة لأرض الخصم - الهجوم المسبق .
العقيدة العسكرية والعدوان الثلاثــــي:عـــــــام
1956عهد إلي مجموعة من كبارا لعسكريين والمفكرين باستخلاص المبادئ والعبر
من حـرب 1948 ف ووضـعها فـي نظـام متكامل لتشكيلات الجيش وقيادته ، وقد
تم وضع الأساليب التعبوية والعقائد بعقلية جديـدة ومنفتـحة ، بعـد أن
أعطيـت لهـم الصلاحيات الكاملة لتحديد بنية الجيش.
كانت حرب السويس (
كما تسمى في الفكر العسكري الصهيوني ) أو العملية " قاديش " بمثابة
اختبار للعقيدة التى تبلورت فى ذلك الوقت وكانت تجربة غنية بالدروس
وضعـت بنـاء عليـها نظريـة ( الحرب الاستباقية ) والهجوم الإجهاضى .
حيث
بدأ أعداد القوات وتطوير حرب الحركة وتطوير أجهزة المعلومــات
(الاستخبارات) وقد وضع المخططون الاستراتيجيون الصهاينة في حساباتهم ملائمة
تلك العقيدة والمعطيات التي أفرزتها تلك المرحلة حيث تمت بلورة أساليب
قتال جديدة، في العمليات الاستباقية ( على طول الحدود مع الدول العربية )
واشتفاق طرائق تعبوية تعتمد على قوة نظامية متحركة وسلاح جوي قوي ، حيـث أن
الاعتماد على " تجميـع مهاجريـن " يتحولـون إلـى مستوطنين مقاتلين وعلى
احتياطي يجرى تجنيـده بسرعـة، وتأسيـساً عـلى تلـك الإستـناجات تم التأكيد
على أحد الثوابت في العقيدة العسكرية الصهيونية" لا يسمح للخصم ان يدير
الحرب على أرض" الدولة " وقد لعب هذا الثابت دوراً كبيراً في رسم معالم
العقيدة الجديدة القائمة على الحسم الاستراتيجي السريع .
حرب
يونيو 1967 وتطبيق العقيدةتأكـد للزعـماء الصهايـنة ( سيأسيـن وعسكرييـن )
أن الخـسارة الأولـى هـى الخسارة الأخيرة وقد جرت حرب يونيو على هذا
المبدأ الحرب الاستباقية للردع .
وقــــد ساهمـت كتابـات ( مجموعة
تقارير) لـ حايم لاسكوف الذي عين خلفاً لموشه دايان رئيس هيئة الأركان عام
1958 فى ارساء دعائم العقيدة العسكرية، كانت أراءه ونظرياته دات تأثيراً
كبيراً على المؤسسة العسكرية وقد أفاد ( لاسكوف ) من خبراته كقائد لسلاح
المدرعات عام 1956 والسلام الجوى عامى 58 , 60 وكان المدافع الأول عن نظرية
حرب الحركة التي تعتمد على اشراك القوات المدرعة مع الطيران , فأصبحت أساس
المرونـة التعبويـة وقـد تـم تطويــر مفهـــوم ( المرونة والقدرة الحركية )
من أجل الاختراق العميق ، استطاع لاسكوف أن يؤُسس مفهوم ( حرية العمل
القيادي ) ليشكل أحد الأسس العملية فى العقيدة العسكرية، مما ترك تأثيراً
كبيراً على تطور اسلوب القيادة "مُنح قادة الألوية والكتائب حرية اتخاذ
القرارات التعبوية أثناء سير العمليات الحربية , مع الاحتفاظ بحق التدخل
لقادة الفرق والمناطق ومن في حكمهم من أجل توجيه التحركات في مستوي الوحدات
في ميدان القتال " وقد تم التركيز على تيار المعلومات من الأمام للخلف (
من القوات إلي القيادة حتى لو كانت سيئة ) .
وقد تم مواكبة حرب الحركة بنظام أمداد لوجستى متطور .
كان
العامل الجغرافي ولا يزال يشكل هاجساً للكيان الصهيوني حيث تطوقه دول
عربية برياً إضافة إلي إمكانية الحصار البحري في حالة الحرب , وقد شكلت
اراء العديد من المفكرين الصهاينة ، (الامن الراهن موشيه دايان) ، (
الحدود الأمنة يغال آلون ) , ( استراتيجية الأمن اسحق رابين) , (خارطة
المصالح الأمنية موشيه ارينز) و ( الخطوط الحمراء ، شارون) , شكلت غالبيتها
جوهراً واحداً عبر عنه يغال الون بشكل بليغ " إن الحدود الحقيقية لدولة
إسرائيل " تتحرك وتتشكل مع حركة وموقع حارث الأرض , ولا يمكن الدفاع عن
الدولة دون الاستيطان " .
تم اعتناق مبدأ الحرب الوقائية كعنصر مهم
وفعال في أطار النظريات العسكرية القتالية وادخل القادة العسكريون
الميدانيون تغيرات شاملة على العقيدة العسكرية تمثلت في اعتماد خطوط
دفاعية ثابته ( قناة السويس ، خط بارليف ، نهر الأردن ) واعتبار هضبة
الجولان عمقاً استراتيجياً من الناحية العسكرية ، وتم بناء التحصينات على
هذا الأساس ( خط بارليف الشهير ) .
بانتهاء حرب يونيو عام 1967 تمت
اعادة تنظيم شامل ، وجرى التركيز على عنصر الحركة فى الدرع والمدفعية ،
وقوة جوية تعبوية مع قدرات الهجوم الليلى والدفاع الجوى، أى أن ما تم
استخلاصه من دروس خلال حرب يونيو هو تطوير حرب الحركة والتركيز على الهجوم .
العقيدة
العسكرية بعد حرب أكتوبر 1973بدأ القادة الصهاينة إعادة رسم للخطوط
الأساسية للعقيدة العسكرية للمرحلة القادمة بناء على نتائج حرب أكتوبر ,
حيث لخص اسحق رايين ذلك بقوله " إن السياسة والأمن في ظل الظروف الحالية
مقابل التهديد الوجودي تعتمد على مبدأ الردع ونقل المعركة لأرض الخصم ,
كانت قدراتنا على الردع غير كافيةيجب حسم المعركة بسحق قوات الدولة
المهاجمة من خلال تحقيق مكاسب إقليمية ( أراضى ) بأكبر قدر ممكن "هذه
الأقوال متطابقة تماماً مع أقوال سلفه بن غور يون مع الفارق الزمنى بينهما .
الانهيار
الذي حصل في أكتوبر في المفاهيم الأساسية للعقيدة أدي إلي مراجعة شاملة
وإعادة النظر في كثير من الثوابت عقدت الندوات وشكلت لجان متعددة درست
التنظيم والتدريب بشكل عام وقد خرجت التوصيات بضرورة تبنى مبدأ تحريك
القوات ( مؤللة ) تحويل القوة كلها إلي آلية بما في ذلك المدفعية والهندسة
والإمداد والخدمات مع دعـم كامـل بالمدفعـية والسـلاح الجـوي وتوجيه ضربات
للعمق ألاستراتيجيي وإعـادة تنظـيم الاحتيـاط وتخفيـض مـدة الإنـذار لحـشد
القــوات مـن(72) ساعة إلي( 24 ) ساعة والتركيز على القوات المحمولة جواً
والمروحيات للدعم المباشر والإسناد والاعتـماد عـلى الأسلـحة ( رادارات
وصواريخ بعيدة المدى ) مع تطوير الحركة والتوغل وتجنب المعارك الجبهوية و
أعداد المؤخرات القوية، والتأكيد على الحرب الحاسمة والقصيرة .
وبالرغــم
مـن التبـدل الكلـى فـي الموقـــف ( توقيع معاهده الصلح ) إلا أن ذلك لم
يمنع من تعديل واستنتاج الدروس، وتم الوصول إلي أنه يجب عدم اختيار الحرب
الوقاتية كوسيلة ناجحة لتحقيق أهداف سياسية وأن اعتبرت معقولة إلا إذاضمنت "
إسرائيل " التأييد والدعم المطلق سياسياً وعسكرياً من قبل دولة عظمي (
أمريكا ) وهو ما حصل لاحقاً في غزو لبنان واحتلال الجنوب، وقد تم التنسيق
الكامل مع الولايات المتحده فيما عرف بـ" وثيقة التعاون الاستراتيجي
الأمريكي الصهيوني " غاؤوت " لقد خلصت الدراسات إلي أن الحرب الوقائية غير
ذات جدوى وقدظهر ذلك واضحاً في العديد من الكتابات والتحليلات التي تناولت
المرحلة لاحقاً .
تأثيرات حرب الخليج واجتياح العراق أدت الإحداث
التي هزت المنطقة من حرب الخليج الأولى إلي احتلال العراق إلي خلل هائل.في
موزاين القوي لصالح الصهاينة ومع ذلك فقد جر أوضاعاً صعبة على الكيان تمثلت
في انتفاضة عارمة في الأرض المحتلة أدت إلى مواجهات يومية استنزفت الكيان
وجيشه ، وخلقت وضعاً نفسياً متأزماً للجميع أثر العمليات الاستشهادية التي
تنفذ داخل الأرض المحتلة . يقول جنرال الاحتياط ( إسرائيل طال ) في كتابه
"الأقلية في مواجهة الأغلبية" يجب أن يعاد صياغة نظرية الأمن وفق الأحداث
والمستجدات التي تشهدها المنطقة حيث أصبحت هذه النظرية قديمة ولا تتوافق مع
الوقع الجديد . حاول أن يدخل على الفرضيات الثابتة تعديل ينسجم مع
الـواقـع الجديــد ضمـن " العدد الصغير - إلي العمق الاستراتيجي المحدود -
وهناك فرق بين القدرة على توجيه الضربات والصمود لفترة طويلة .
مفهوم
العمق الاستراتيجي يجتازتغيرات التعويض التقني في مجال الصواريخ البالستية
بعيدة المدى والأقمار التجسسية ورادارات تحرس العمق , كل هذه المعطيات أدت
إلي تشكيل لجنة من مائة خبير متخصص أوكلت أليهم مهمة إعداد مشروع ورقة
مكتوبة وموثقة للعقيدة العسكرية تأخذ على عاتقها تقديم الردود الملائمة
للمرحلة المقبلة في ضوء انتشار أسلحة الدمار الشامل والصواريخ البالستية
بعيدة المدى استناداً إلي معطيات جيو سياسية . يجري الحديث على كافة
المستويات لتهيئة العقيدة العسكرية للمتطلبات الجديدة على الساحة ويشمل ذلك
الأخذ بمعطيات التطور التقنى للأسلحة والإمكانيات الاستخبارية( تجسس ،
تصوير عن بعد ) وإعطاء دور أكبر لسلاح الجو والمنظومات الذكية . تتحدث
الصحف عن خطة قدمها الجيش تسمي ( عيدان 2010 ) وضعت استجابة لتحديات التقدم
التقني في المجال العسكري وضمن تقديرات واقعية لمصادر الكيان المستقبلية
ومن ضمن .التسريبات لهذه الخطة : تشكيل فرق إضافية , التركيز على الأسلحة
الذكية والإنذار المبكر ، وأنظمة باتريوت ، وتشكيل فرق خاصة لمواجهة
الاضطرابات الداخلية وتطويـر أساليـب قتالـية فـي أطـار الخبرات المكتسبة
في حرب الخليج .
وبالرغم من المستجدات التي على الساحة ألا أن المحللين الصهاينـة يفترضـون العديــد مـن الاحتمالات منها :
إن
الحرب تندلع فجأة، والأنظمة التي تبدو مستقرة قد تنهار دون سابق إنذار
والمشكلة أن هذا موجود في المنطقة ، الآمر الذي يزيد من احتمالات بروز عنصر
المفاجأة .
وقد حدد بعض المحللين أن عملية التغيير التي تمر بها نظرية الأمن الصهيوني تشتمل على العناصر إلا تيه :
الرد والحسم - احتواءالجيران بمعاهدات وتطبيع ، ولكن من الضروري أيجاد توازن بين مقومات القوة .
التسليح
المتطور -الصواريخ -القذائف الذكيــــة - القــوات المدرعــة والمؤللـــة
كـل ذلــك يتعلــق بالمقــولات التــي تقـــول بــ " الهجوم مقابل الدفاع ،
والنيران مقابل قدرة المناورة .
يحدد باراك مرتكزات العقيدة العسكرية التي يتوجب بلورتها في:
- إن ما يواجه إسرائيل في المرحلة الراهنة هو " تهديد ين وجوديين ونصف "
- هجوم تقليدي من تحالف عربي بمشاركة دول مجاورة .
- وجود قنبلة نووية بأيدي دولة عربية .
- هجوم مكثف على الجبهة الخلفية بسلاح كيماوي " وصفـه بأنـه( نصف تهديـد) لأنه لا يعرض وجود الدولة للخطر " .
ويرى
أن الرد يمكن في ، بقاء الجيش جيل آخر على الأقل الأقوى في المنطقة ،
ويؤكد أنه حقق نظرياً هذه الغاية خلال زيارته لأمــــــريكا وحصوله على
تعهدات بتعزيز الجيش ودوام جعله الأ قوى وهو ما يلاحظ بوضوح من خلال الدعم
الكامل والتغطية لكل المشاريع والبرامج الصهيونية فى مجال الصناعات
العسكرية والتقنية .
تسويات مع العرب تستيدل خلالها الأرض بترتيبات
أمنية تزيل صواعق التفجير , وهو ما حاول الكيان تأكيده من خلال مفاوضات مع
أطراف عربية كل على حدة وأخرها المفاوضات مع سوريا، ويضيف تهديد آخر يسمية (
الأصولية الإسلامية ) أو القوس الأصولي الذي يشمل المنظمات الفلسطينية
المعارضة ،وحماس والجهاد ومنظمات آخري في، الأردن والسعودية، وحزب الله ,
وصولاً إلي إيران ،ويرى أن التسويات مع الدول العربية تعطي أفضلية لمحاربة
ومواجهة هذا القوس .
وقد نشرت مجلة جينس الأسبوعية مقال عن مشروع(
عيدان 2010 ) "العهد" أن اللجان المشكلة من شخصيات بارزة عسكرية وسياسية
التي أعدت هذه الخطة ,تري أنه حتى لو تم التوصل إلي سلام دائم مع العرب
سيظل هناك تهديد من دول خارج الطوق , وأن منظومات الأسلحة غير التقليدية
تظل التحدي الأساسى للمؤسسة العسكرية وليس لديها منظومة موثوقة وفعاله بشكل
مطلق تمنع هذا التهديد اضافة إلي أن منظومات الباتريوت ،والسهم لها عيوب
تتمتل في أن ثمنها مليون دولار، مقابل صاروخ سكود الذي يكلف مائة ألف
دولار فقط , وهذا يعنى أن ،النظام الدفاعي يكلف عشرين ضعفاً، ولكن المشكلة
ليست مالية فحسب بل أمكانية غلق الاجواء بشكل مطلق . ويذكر إسحاق موردخاي
أن " بمؤازرة العملية السلمية لا يمكن إنكار تطور أخطار جديدة في الشرق
الأوسـط ، والواضـع مـن كلامـه أن هـذه النظرية كانت تهدف إلي إجبار العرب
على القول بوجود الكيان والتعامل معه، وعندما حققت هذه النظرية أهدافها بات
من الواجب تطويرها بحيث تفى بمتطلبات المرحلة الجديدة، ويسجل الكيان أعلي
موازنات الدفـاع فـي المنطـقة حيـث تشـكـل مـــن 25-40 % من الناتج العام .
تركز
العقيدة الجديدة كما يقول ( ألون بن ) على تدمير القوة المعادية بدلاً من
احتلال الأرض، فكل من يهاجم سيتلقى الضربة بتحطيم أهدافه العسكرية والمدنية
وكافة قواعد إمداده، وهذا يعزز قدرة الردع في أشارة إلي الدرس الذي نتـج
عـن حـرب لبنـان الأخيرة أو ما يسمي ( الورطة الاستراتيجية ) والذي ابقي
المجتمع في سجال مفتوح لا ينتهى عن أسباب الفشل وسقوط نظرية الأمن .
ويأتي العدوان على غزه وأصبح الدمار كشاهد على تطبيق هذه الأفكار الهمجية .
يمثـل
عنـصر الأمـن هاجـساً دائـماً وذلـك لطبيعة الوضـع الجغرافـي وحقائـق
التاريـخ فمع ازدياد التسليح تزدادالإخطارالمحدقة وينعدم الشعور بالأمن ،
وهو آمر طبيعي لكيان مغتصب قائم على العنف والاحتلال وبالرغم من التوسع في
احتلال الأرض والإله العسكرية والتقنية التي يمتلكها ويطورها باستمرار إلا
انه عجز عن توفير الأمـن لافـراده فأصبحـت العمليـات الاستشهادية
والانتفاضة بمثابة جرح مفتوح وقفت أمامه نظرية الأمن عاجزة وكذلك كل
التقنية العسكرية , وثبت أنه بامكان المقاتل البسيط الذي يمتلك الإرادة أن
يقف نداً لآله متقدمه تملك من النيران ما يدمر البنية التحتية كاملة , لكنه
يقهرها آخيراً ولعل حالة انعدام الأمن التى تعرض لها المجتمع من جراء
الصواريخ الأخيرة أعطت مثالاً آخر عــلى أنــه يمكـن عكـس النتائـج فـي
حالـة الاستخدام الصحيح للأساليب القتالية وكل هـذه الحقائـق كانـت غائـبة
عـن نظريـة الأمـن الصهيونيــة .
هناك خلل كبير في موازين القوي بين
العرب والكيان الصهيوني وهو ليس آمراً حتمياً ، حيث أن موازيـن القـوي
متغيـرة وديناميكية ، يمكن التدخل فيها وتعديلها ونحن نعتقد أنه ليس في
المعدات وحسب , بل بالقدرات العلمية وطريقة الاستخدام وأنه عندما يتم
الاستخدام إلامثل وفق أسلوب علمي يراعي حقائق الصراع كاملة يمكن ان نحقـق
تفوقاً ونحطم ما اصطلح على تسميته ( بالتفوق ) الصهيوني والأسلحة الذكية
وغيرها , وقد حصل هذا في تجربتين في تاريخنا المعاصر اتسمت بقليل من التنسق
الجزئي وليس الكامل والتوظيف الصحيح للقدرات والإمكانيات وذلك خلال حرب
1973 ، ولبنان الأخيرة وهما جديرتان بالدراسة .
نستطيـع أن نواجـه
عدونـا باستخدامنـا لوسائطنا بأعمال نوعية مبتكرة واستراتيجيات متحركة
وليست جامدة تنطلق من رؤية عربية موحدة، وحد أدني من التضامن نستطيع به
مواجهة المشروع الصهيوني الذي يستهدفنا كافة وجوداً وحضارة