نابغة فريق العمـــــل *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 1497
الموقع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة تعاليق : نبئتَ زرعة َ ، والسفاهة ُ كاسمها = ، يُهْدي إليّ غَرائِبَ الأشْعارِ
فحلفتُ ، يا زرعَ بن عمروٍ ، أنني = مِمَا يَشُقّ، على العدوّ، ضِرارِي
تاريخ التسجيل : 05/11/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | القـصة المـغـربـيـة القـصـيرة روائع القصة العربية عن مصائر تهرول نحو ضفاف سماوية أمين صالح | |
المـغـربـيـة القـصـيرة روائع القصة العربية عن مصائر تهرول نحو ضفاف سماوية
| أمين صالح - 1- المياه التي كانت تشهق آن يمسّها عضل الكائن أضحت تعدو محمومةً في المسرح المائي حيث يتبعثر حطام قارب كان بالأمس يرسو كسرير جذل أو يتهادى قرب شبكةٍ تستدرج الأسماك إلى الكمين. ثمة أسماك تلهو ثمة أفق مرشوش بالأرق يغيّر ألوانه ويتثاءب ثمة صباح يأتي مغمغماً فيما يؤرجح مصباحه الفضي ثمة بحر يتأمل نفسه في مرآة الأزل . هكذا وجدوه : جثة طافية على وجهها، مفرودة الذراعين، والمياه تهدهد الجسم العائم وتؤانس وحدته بخرير يشبه التهويدة. كان كالنائم على فراش وثير، أسير راحةٍ أبدية. وفي البعيد ، تجاه أفق يرخي أطرافه في كسل، كانت العاصفة تمشي وئيداً خلف سفن تشق اللجّ وتحرث الجهات غير عابئة بالأمواج التي تتراكض من حولها في جلبة .. سفن تشفّ عن ربابنة وملاحين لا يكفون عن السفر، وعندما تشاطىء أحداقهم المرافئ الأليفة يراودهم ثانيةً الشغف بالسفر، كأنهم أسرى رحلة أبدية لا تنتهي عند شاطئ أو ميناء. - 2- الغزال الذي تلطخ عنقه بطلاء أحمر يشبه دم طفل ، يتنزه الآن مع عجوز ـ سوف تموت في يوم غائم ـ و يرنو بين الحين والحين إلى حلبات مسيّجة هنا وهناك تأخذ شكل زنازن فتعتريه الرعدة ويجفل لكنه يتابع في حذر مختلساً النظر إلى الحلبات التي ترمقه شَزْراً وتمعن في إرعابه. وعندما ترتقي العجوز عتبات الفراغ لتلهو مع غيوم تتقاذف بالأنداء، يراوده إحساس مقلق بأنه ليس في مأمن، وأن الأحداق التي تحاصره الآن هي شراك فاغرة، وأنه وحيد في مكـان يرجمـه بالعداوة .. لذا يستل ظله مثلما يستل البرق وميضه وينسل عدْواً، صاعداً بشهيقه وعزلته نحو غابة لم يطرقها أحد. وهناك يصطفي عشباً وجدولاً وماءً رقراقاً، ويشحذ أظلافه عارفاً أن الدويّ قادم وأن الفجاءة سوف تغدر به لا محالة و أن الطلقة لن تمهله حتى يغفو. - 3- في غرفة عارية، خاوية تماماً إلا من مرآة محفورة في الحائط، ونافذة مفتوحة مثل أرق أزلي على مدى فسيح تتراكض فيه الرياح، وبضع أزهار من الشوكران انبثقت من شق في الجدار، تدخل امرأة متوشحة بالحيرة، متلفعة بالارتياب، وهي تجهل من جاء بها إلى هنا، وكيف وصلت إلى هنا. تدنو من المرآة كما لو تدنو من ثمرة محرمة لكن مغوية، غير أنها لا ترى نفسها فتظن أن المرآة منزوعة الزجاج. تمد يدها فترتطم أطراف الأصابع بالزجاج الصقيل، وعندئذ يعكس لا ما يوجد أمامه بل ما يوجد ربما خلفه أو في أحشائه، كأنه صار شاشة عرض أو باباً مفتوحاً على زمن آخر، و إذ تمعن النظر في دهشة بالغة، تدرك أن ما تراه ليس سوى تاريخها الخاص المختزل في صور متلاحقة تظهرها طفلةً ثم صبيةً فمراهقة لتتوقف عند مرحلة الشباب.. وكأن المرآة محض ذاكرة شخصية تستدعي ما اختزنته لسنوات في بئر ما اجتاحها نسيان. وما إن تتلاشى الصور حتى تبدأ المرآة في إصدار صوت خافت أشبه بالشهيق والزفير.. كأنها تتنفس ببطء. براحة يدها تتحسس السطح الذي تحول بغتة إلى غشاء من الجلد يخفق وينبض مثل كائن حي. وبعد دقيقة، ينشق الغشاء طولياً كما لو بمشرط خفي، وتنتابها رغبة عارمة، لا يمكن التحكم بها أو السيطرة عليها، في الدخول. وكالمنوّمة تدلف الكينونة النابضة، شاعرةً بنفحة لها عبق غريب لكن منعش ومريح تهب عليها هبوب النسيم على وجه بلّله الندى. وعندما تختفي تماماً ، يلتئم الغشاء ثانيةً ليتحول من جديد إلى سطح زجاجي مصقول يعكس أشياء الغرفة .. في حياد | |
|
الخميس أكتوبر 27, 2011 4:53 am من طرف سبينوزا