براءة
استبرق أحمد
(الكويت)
ساحة مضيئة، الشمس شاحذة سعيرها الحارق ، الفصول متراصة ، النوافذ تثرثر التماعا ، هدوء
قلق ، سيارات تنتظر في الخارج لحظة الانعتاق ببلادة..
و تأتي ولولة الرنين..أخيرا
ننطلق بصخب مدو، تتصادم حقائبنا، عرقنا الطفولي، لمعة ضحكاتنا بالانفراج من سجون..المدرسة.
نركض ، نبحث عن كوفيته البيضاء ، بنطاله الرمادي قميصه الباهت ، نعاله القديم وعربة الدهشة ..
نسمع
صوته الأربعيني مشروخا بالتعب ، نجري إليه ، تبح أصواتنا تلاحق يديه ،
كالحاوي يدخلها في فتحة باردة تتوسط صندوق عربته ، يغترف ، يخرج الألوان
اللذيذة..نصرخ كلما ناكفنا الحظ بخيبة نقول..
_لو سمحت واحد
برّد بوذهب.
_ حجي عطني بربع دينار بّرد برقان.
..نلتصق،كل عن تلبية طلباتنا اللحوحة.
نلتصق ، نحيط بجسده…
مباغتة/اليوم:
حاولت مد خطوتي إليه ، لاشيء تحرك بجسدي الموجوع..
رأيته يلتفت إلي مشجعا بعدما عرفني..
سهوت
متخيلة اللذة التي تحملها يداه، ما تنبهت لظهور دشداشة، تأتي مسرعة بظهرها
العريض، بيد ضخمه تسرع رافعة العقال، تلهث مقتربة من كوفية تعبه مشغولة
بزعيق أصوات بيضاء..
يئن الهواء، تهبط سياط العقال، و تعاود الارتفاع سخطا على بائع الآيس كريم…
يبهت الجميع..
يتراجع البائع مذهولا، محاولا سيطرة لا يجدها..
تنفلت دائرة الصغار هاربة بصيحات الخوف، تستطلع الرعب..
يبتعد البائع يحاول وقف الرجل الصاخب ركلا، ضربا، بصقا، يدفع بقوة، يسقط أرضا
تضيق دائرة الكبار عليهما ،
دائرة فضول تحوقل ، تبسمل ، تستعيذ..
يسمع صراخا قادما..
_سأشكوك للشرطة ، للشركة.. لن تبقى هنا تسمعني؟
_و الله يا رجل لا أعلم عما تتكلم.
_نفتح لكم بلدنا فتملأونها بوساختكم.
_……
_هل تفهم ما أقول؟؟
و ينصت الجميع تعطشا للحكاية.
المواجهة /أمس:
أسررت لأختي…
_يمسح على شعري، تهبط يداه على وجهي المحمر ، يضمني بشدة ، يقارب وجهه وجهي ، ويلثمني مرددا جميلة أنت حبيبتي...
كررت هي ذات الشيء..لدميتها
سمعها أخي نهرها بشدة، أخذها وهي معلقة بالهواء لوالدتي…
و استدعيت..
على جمر كان ينتظر إجابتي المحددة..
_من؟
_لا أحد
توالت صفعاته ،حسمت الأمر..
_بائع الآيس كريم.
شهقت والدتي، تعثرت كلماتها، ناهرا قال..
_لا تتدخلي.
بحرقة عاد يسأل..
_كم مرة؟
_أربع مرات.
_أين؟
ترددت، جذبني من ياقة فستاني المشجر بعنف..
_تكلمي
أجبته جزعه..
_حين آتي مشيا و يراني آخذ السكك البعيدة..
و قرر..
الحوار/قبل ثلاثة أيام:
مقعدي في الصف الملاصق لزميلة تكبرنا بسنوات، تخرج صورة لا أتبين ملامح صاحبها، تضحك لرغبتي برؤية وجهه، تهمس..
_حتى لو كبرت لن تجدي مثله.
لم أرد..
في صالة الألعاب، تخلع ملابسها ترينا ما تدعي أنها أماكن مرت عليها شفاه حبيبها المراهق، توشوش…
_يقول لي: لا أنثى مثلك.
_أبوه غني جدا .
_حلمه أن يصبح عسكريا مرموقا.
نتطلع لبعضنا، نخفي ضحكاتنا بأكفنا الصغيرة..
تكمل مغامراتها معه، تختتمها قائلة…
يقارب وجهه و جهي، و يلثمني أربع مرات مرددا جميلة أنت حبيبتي …