سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3149
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | صناعة الطغاة والهويات الأكثر التباسا | |
[b][b][b][b] أخطأ ويخطئ الذين اعتقدوا ويعتقدون أن حراك التغيير والتحولات الديمقراطية في بلادنا، إنما هي في خدمة الولايات المتحدة وبالتالي إسرائيل والغرب عموما، فهؤلاء لا يهمهم من أمر التحولات وإنجازها تقريرا وتطبيقا في واقع المجتمعات والدول والشعوب هنا، سوى البقاء عند حدود التبعية، والتأثير التفاعلي هيمنيا على أوضاعها، وإخضاعها لمنطق واحتياجات "الأمن الإسرائيلي" أولا، بما يتضمنه من بقاء أولوية المصالح الإسرائيلية والغربية عموما، في طليعة ما "تكافح" وتنافح الهيمنة الغربية وأدواتها في هذه المنطقة من العالم؛ من أجل بقائها سيدة الأحكام والتحكم والتحكيم؛ في عالم السياسة، كما وفي عالم الاقتصاد والمال والثروات، كما وأخيرا في التحكم بـ "هندسة" المجتمعات، وضمان وجود وتنمية مصالح قوى مجتمعية وسياسية نخبوية وطبقية، تنحاز إلى خدمة مصالح ممولين ومتمولين يعادون مصالح قوى الشعب الوطنية، فيسعون إلى إبقاء التفتيت المجتمعي سيد السلطة الحاكمة، المعادية لكل مصلحة في ابتناء دولة وطنية؛ تتحوّل على إيقاع التحولات الديمقراطية إلى دولة مدنية مستقلة تعددية وديمقراطية.
من حق شعوبنا في مواجهة الاستبداد السلطوي، أن تصنع تاريخا لها، يؤكد أن مهمة الإصلاح والتغيير السلمي الديمقراطي، هي المهمة الأبرز للثورات الشعبية، في أكثر جوانبها إشراقا، لصنع تحولات تاريخية هامة، تؤسس لديمقراطية سياسية ومجتمعية، تفضي أولا وأخيرا إلى قيام دولة مواطنين أحرار، مدنية وعلمانية؛ تدافع عن مستقبل أجيالها من دون أن ترهن هذا المستقبل، أو حاضر أجيالها الراهن؛ بأي سلطة لا ديمقراطية ولا دستورية، لا تخدم القوانين، بل وتذهب لتفصيلها على مقاس رغبات ونزعات التسلط الاستبدادي المجتمعي والسياسي، النازع على الدوام نحو الإبقاء على دوام الحال، حتى في ظل هيمنة غربية، تجمع أطرافها وأدواتها على الاعتراف بكون إسرائيل كمشروع وظيفي خاص، وكمشروع إقليمي ودولي، هي "الديمقراطية الوحيدة" في هذه المنطقة ولإبقائها كذلك، يتوجب الاحتفاظ بنهج التفتيت والتذرير الطائفي والمذهبي والإثني، للاحتفاظ بأنظمة استبداد سلطوية، أثبتت جدارتها في الشراكة مع إسرائيل في إجهاض التطلعات المدنية المستقبلية لشعوب ومجتمعات هذه البلاد، ومنعت وتمنع قيام أي شكل من أشكال الدولة المدنية الحديثة فيها.
لهذا تخشى إسرائيل ومعها دول الغرب الاستعماري، من نجاح ربيع الشعوب العربية، في إرساء تحولات ديمقراطية على صعيد البُنى القائمة، لا سيما بُنى الأنظمة الحاكمة، مع ما يحمله ذلك من تغيير وإصلاح، واستحداث توازنات جديدة في القوى المجتمعية، وفي اتجاهات تكفل استعادتها وحدة رؤاها الفكرية والثقافية، وتصويبها نحو التصدي للمهام الأساسية في صراع القوى مع كيان اغتصاب استعماري وظيفي، يستمد نسغه ودعمه الأساس ليس من حلفائه الخارجيين في الغرب، بل ومن ضعف وتشتت قوى المشروع النقيض في الفضاء العربي والفلسطيني، ما يحتّم تغييرات وتحولات تاريخية هامة على صعيد إعادة تركيب توازنات القوى، ومن ضمن ذلك الإطاحة بأنظمة استبداد تسلطية، درجت على الحفاظ والاحتفاظ بقوتها من أجل قمع دواخلها الوطنية إن تمردت، وتطمين أعدائها الخارجيين، إلى أنها على الخط ماضية نحو البقاء على العهد، وذلك في حد ذاته مصادرة على روح المستقبل، وما يحمله من آفاق واعدة بالتغيير.
هذه المصادرة لروح الثورات العربية، وما تعد به من إصلاحات تاريخية، ومتغيرات إستراتيجية على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هي بمثابة اشتراك في روح الاستبداد الذي تتشارك فيه قوى سلطوية وقوى أهلوية مجتمعية ودينية، لا تجد ذاتها حتى وهي تصطف – انتهازية منها – مع روح ثورات شعوبها، إلاّ في التماهي مع روح استبدادي آخر؛ هو من نسيج تكوينها وليس مقحما عليها.
لذلك وجدت وتجد في اشتباكها مع انتفاضات وثورات شعوبها، الفرصة سانحة للقفز إلى المقدمة، على أمل قطف ثمار أينعتها أشجار الغير؛ وهي في كل الأحوال لا تمتلك أي عنصر من عناصر الثورة أو الانتفاض، سوى أنها تحاول الظهور بمظهر معاداتها للاستبداد السلطوي الحاكم، لصالح ما يفيد مصالح وتطلعات الناس، فيما هي حقيقة لا تعرف طريقا نحو ذلك، إلاّ في ما يخدم مصالحها المضمرة؛ في استبدال استبداد سلطوي بسلطة استبدادية بديلة، عمادها الثقافي الأيديولوجي تديّن يريد استثمارا متجددا له في السياسة، كقيمة مضافة إلى قيم وروح الاستبداد التي ترنو إلى استعادة نمط من أنماط "الخلافة" أو "الملك العضوض" أو ديكتاتورية الطاغية وهويته و/أو هوياته الملتبسة.
وإذ لا يختلف طغاتنا عن طغاة آخرين عبر التاريخ، وفي أنحاء أخرى من أطلس الخريطة العالمية، فلا يختلف ديكتاتورنا عن ديكتاتورهم، ولا استبدادنا عن استبدادهم. ما يختلف أو اختلفوا فيه هو "المرجعية" أو الثقافة المؤسسة التي أسست لوجود طغاة أو ديكتاتوريين مستبدين، بهذه الدرجة أو تلك من الوحشية، من السادية، أو من كل تلك التمظهرات التي "سمحت" و "تسمح" بوجود أشخاص، أو أجهزة أمنية، أو نخب، أو شظايا طبقات عليا من برجوازية رثة كمبرادورية الطابع، كلها حكمت غيلة، وتحكمت واستحكمت بالحيلة، وتغولت بالإكراه والغلبة، هيمنت وملكت؛ ومن ملكها الأشد خصوصية صاغت هوية الطاغية، ليصيغ هو بدوره هوية الاستملاك الجديد للدولة والمجتمع الأهلوي، من دون الشعب الذي عادة ما يلجأ إلى صياغة هويته الخاصة ومجتمعه المدني وتوجهاته الديمقراطية، بعيدا من تلك المهاوي السلطوية التي انحطت إلى قيعان الفساد والإفساد، الأكثر تأثيرا في صناعة الطاغية وهويته الأكثر التباسا؛ في انسجامها مع العدو الخارجي، وافتراقها أو تنافرها مع ما يفترضه الطاغية من أعداء داخليين، بضمنهم الشعب والمجتمع.. وحتى مفاهيم الدولة التي جرى سرقتها ونهبها واستملاكها أو وراثتها وتوريثها من دون وجه حق.
[/b][/b][/b][/b] | |
|