تاريخ النشر: الاثنين 06 يونيو 2011
تم التحديث: الاثنين 06 يونيو 2011
تعد الفنانة السورية بثينة علي إحدى الفنانات المعاصرات من جيل الشباب في
البلاد الذين يعرضون أعمالهم على مستوى عالمي. فقد عرضت أعمالها في لبنان،
وبرلين، والقاهرة، وباريس، ودبي، وغيرها، كما تم عرض أعمالها ضمن مجموعات
المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة، ودار الفنون بعمان ومعرض إنريكو
نافارا في باريس.
تظهر أعمال
بثينة علي اهتماما بالغا بمجتمعها والقضايا التي تهم أفراده. وبالإضافة إلى
الاهتمام الذي توليه لمحيطها، هناك أيضا منحى عالمي في أعمالها واهتمام بالأنماط
الإنسانية والوجودية. كما أنها لا تقف أبدا كمتفرج منعزل عن المشهد، بل إنها تندمج
مباشرة مع موضوعها وتختار لكل عمل فني جديد الوسيط الذي تعتقد أنه الأكثر ملاءمة
للتعبير عن أفكارها في شكل متوازن بأسلوب فريد. تعد أعمال بثينة الفنية معاصرة
وعالمية وفي الوقت نفسه فإنها مرتبطة بأصول مجتمعها السوري على نحو كبير. وقد
جعلها ذلك أكثر الفنانين الشباب أهمية في البلاد.
عندما التقيت
بثينة علي في دمشق في أكتوبر (تشرين الأول) كانت قد عادت للتو من اسطنبول حيث عرضت
«لا تصغي إليها، فهي مجرد امرأة» في معرض «مياه مشتركة» في اسطنبول، وهو العرض
الذي كان يرعاه الفنانان من السويد، أولا كاستروب، وماريا أنغكويست كليفير. وقد
تحدثت إلى بثينة حول عملها ووضعها كفنانة شابة من المنطقة العربية على الساحة
الفنية الدولية.
«المجلة»:
في معرض «لا تصغي إليها، فهي مجرد امرأة» رصدت صحبة المرأة وقوة الحمام التقليدي
والحميمية التي ينضوي عليها.. ما هي عناصر القوة التي ترينها في ذلك الشكل
التقليدي للصداقة النسائية؟
-
أتذكر القصص التي أخبرتني بها أمي حول الاستعدادات التي كانت تقوم بها هي
وصديقاتها قبل الذهاب إلى الحمام. فقد أخبرتني حول الأشياء التي كن يعدانها لكي
يأخذنها معهن، السجاجيد، المناشف، ماء الورد، والحنة، بل وحتى الطعام. وكنت أدرك
أهمية المكان بالنسبة لها.. حيث إنه كان يسمح للنساء بقضاء «وقت خاص»، والاسترخاء،
والرقص، وتناول الطعام، وتبادل الحكايات. وعندما تدخل امرأة للحمام، فإن أول شيء تفعله
هو إزالة حجابها، وهو الفاصل الذي يحجبها عن الغرباء من حولها. فهي تزيل ذلك
الفاصل للكشف عن حقيقتها. إن الحمام هو المكان الذي تجد فيه النساء ملجأ مع بعضهن
البعض، ويصبحن أحرارا في التعبير عن أصواتهن، وهو المكان الذي تسنح لهن فيه الفرصة
لأن يصبحن أنفسهن، بحرية في مكان خال من الضغوط التي يمارسها الذكور.
«المجلة»:
«لا تصغي إليها، فهي مجرد امرأة» هو مجرد نموذج لاهتمامك بالثقافة العربية
التقليدية، وفي معرض آخر، «خيمة» (2002) كنت تفحصين الثقافة البدوية المعاصرة ونمط
الحياة بها. وكانت أعمالك تقف عادة في مفترق الطرق بين الحقيقة الحية والتقاليد في
العالم العربي والأسئلة العالمية حول الوجود الإنساني، ومن ثم تصبح عصية على
التصنيف السهل باعتبارها فنا «عربيا» أو «شرق أوسطي». ومن خلال التركيز العالمي
المتزايد على «الفن العربي»، يجد الفنانون أنفسهم في بعض الأحيان في حاجة لموازنة
أعمالهم بين التوقعات الغربية ومشاريعهم الفنية الخاصة. كيف تضعين نفسك كفنانة
عربية داخل المشهد الفني الدولي المعاصر والاستغراق في «الفن العربي» و«الفن الشرق
أوسطي»؟
-
لا أحب أن أصنف نفسي، لا على المستوى الإنساني ولا على المستوى الفني. فالفن لا
ينتمي لمنطقة جغرافية محددة. ومن جهة أخرى، فإن الفنان لا يمكن أن ينعزل عن مجتمعه
ومحيطه. فأنا جزء من تلك المنطقة وعملي يهتم بالقضايا التي تهم بلادي. وعلى الرغم
من أنني لا أنظر لنفسي باعتباري فنانة سياسية، فإنني لا أستطيع أن أنتج أعمالا
خالية تماما من الاهتمام السياسي. فأنا مهتمة بمحيطي، ومجتمعي، وباهتماماتهما. وكل
ذلك يتجلى في أعمالي. ففني يعكس محيطي، حيث أقدم تعبيرا بصريا عن مجتمعي.
«المجلة»:
لقد درست في فرنسا، وعشت في كندا. كيف أثر تنقلك بين الأماكن المختلفة على أعمالك؟
-
في البداية، شعرت بالصدمة عندما اطلعت على فن مختلف، حيث إن الفن الحديث «فن
التجهيز في الفراغ»، وفنون الفيديو، كانت مجهولة تماما بالنسبة لي في ذلك الوقت.
وعندما كنت أدرس في سوريا لم يكن لدينا أي اطلاع على الفن الغربي في ما بعد
بيكاسو. وعندما وصلت إلى أوروبا، اكتشفت أن علي أن أعيد النظر في مفهوم الفن بذاته
والبدء، إلى حد كبير، من جديد. والآن أحاول أن أجمع بين جذوري، والأشكال المعاصرة
للتعبير. كفنان من الضروري أن تعي من أين أتيت وأن تفهم كيف تطورت وسائل التعبير
المعاصرة على حد سواء. وهذان الجانبان يجب أن يسيرا جنبا إلى جنب إذا ما كنت تريد
أن تنتج فنا «ينتمي إلى ذاتك»، فنا يعد تعبيرا حقيقيا عن وضعك الخاص.
«المجلة»:
أنت لست فقط فنانة ولكنك تدرسين أيضا بكلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق. وقد كانت
تجربتك الخاصة المتعلقة بالضياع أمام التقنيات المعاصرة الجديدة مهمة بالنسبة لتطورك
كفنانة. كيف تنقلين رؤيتك لطلابك؟
-
للأسف، الوقت المتاح لدروسي محدود للغاية. كما أنني أدرس التصوير، وبالتالي، يجب
أن تظل التقنيات الفنية الأخرى في الخلفية. ولكنني أحاول أن أكشف عن أكبر قدر من
الفن الدولي المعاصر لطلابي، فيجب على الأقل أن يدركوا وجوده وثراءه. ولذلك، فحتى
إذا ما كنت غير قادرة حقا على جعله جزءا من دروسي، أتمنى أن أكون قادرة على
تشجيعهم على البدء في استكشافه بأنفسهم.